الاثنين، يناير 17، 2011

حكومة تونسية جديدة ضِمنها أسماء من النظام المُطاح به


تخوف الشارع التونسي من استمرار نظام بن علي

كما كان متوقعا، أُعلن اليوم الاثنين، في تونس عن التشكيلة الحكومية الجديدة، برئاسة الوزير الأول السابق محمد الغنوشي، الذي أسماها حكومة "وحدة وطنية"، وتضم 22 وزيرا و15 كاتبا للدولة، من بينهم ثلاث سيدات.

ومن أبرز سمات هذه الحكومة، التي تعتبر حكومة انتقالية، مهمتها الأساسية تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها في فترة لا تتجاوز 60 يوما، دخول شخصيات تنتمي لثلاثة من أحزاب المعارضة "الرديكالية" ذات التوجه اليساري، بالإضافة إلى الإبقاء على عدد من الوجوه البارزة التي كانت تشغل حقائب في الحكومة السابقة، بعضهم أعضاء قياديين في التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا، مثل كمال مرجان الذي احتفظ بحقيبة الخارجية وهو عضو في الديوان السياسي للتجمع.

واحتفظ وزراء من الحكومة السابقة بمناصبهم، وهم كمال مرجان في الخارجية، وأحمد فريعة للداخلية، ومحمد رضا شلغوم للمالية، بينما أسندت حقيبة التعليم لأحمد إبراهيم، أمين عام حزب التجديد المعارض.

كما تقلد المرشح الرئاسي السابق مصطفى بن جعفر، زعيم حزب التكتل من أجل العمل والحريات وزارة الصحة، وأحمد نجيب الشابي -القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي- وزارة التنمية الجهوية.

وستتولى المخرجة السينمائية مفيدة التلاتلي، وزارة الثقافة، والطيب البكوش وزارة التعليم وحبيب مبارك وزارة الفلاحة.

وأسندت حقائب وزارية لشخصيات أخرى شغلت مناصب وزارية سابقا، بينهم محمد جغام لوزارة التجارة والسياحة، ومحمد النوري الجويني لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، ومنصر رويسي لوزارة الشؤون الاجتماعية.

وقد أعلن الغنوشي، في ندوة صحفية بمقر الوزارة الأولى، أن مهمة الحكومة الجديدة تكمن في السهر على إصلاح المنظومة القانونية، خاصة المتصلة منها بالانتخابات، إلى جانب السهر على تدبير الفترة الانتقالية إلى غاية تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها.

كما أعلن الوزير الأول التونسي عن تشكيل ثلاث لجان وطنية، تهتم الأولى بالتحقيق في "التجاوزات" المتصلة بالأحداث الدامية الأخيرة التي عرفتها تونس وأسفرت، حسب وزير الداخلية، عن مقتل 78 شخصا وإصابة 94 آخرين، إلى جانب مقتل العديد من رجال الأمن، ويرأسها الرئيس السابق لرابطة حقوق الإنسان التونسية توفيق بودربالة.

أما اللجنة الثانية فستنكب على الإصلاح السياسي ويرأسها عياد بنعاشور، وهو شخصية حقوقية مستقلة، فيما تتمثل مهمة اللجنة الثالثة في التحقيق في قضايا الرشوة والفساد، ويرأسها الخبير الدولي التونسي في مجال حقوق الإنسان عبد الفتاح عمر.

في ذات سياق الإصلاح الذي باشرته الحكومة التونسية الجدية، أعلن الوزير الأول عن إطلاق سراح جميع الموقوفين المحكوم عليهم من أجل أفكارهم أو مواقفهم السياسية، بالإضافة إلى الاعتراف بجميع الهيئات السياسية والجمعيات الحقوقية، التي كانت تعمل بدون ترخيص قانوني، فضلا عن سن قانون جديد حول العفو العام. كما أعلن أيضا عن "رفع التضييقات"، عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وتمكين جمعية القضاة التونسيين الممنوعة من النشاط بكامل الحرية والاستقلالية، كما قال الغنوشي، الذي أشار إلى فصل العمل الحزبي بشكل كامل عن الدولة، في إشارة إلى التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا، والذي كان يرأسه رئيس الدولة ويشغل منصب كاتبه العام الوزير الأول.

ويبدي الشارع التونسي مزيدا من الترقب المشوب بالحذر حول مدى التزام الحكومة الجديدة، بالتزاماتها وإقامة انتخابات حرة ونزيهة تجنب البلاد حكم دكتاتورية جديدة على غرار نظام بن علي المنهار، نتيجة انتفاضة شعبية استمرت زهاء الشهر. ومما يزيد من تخوف الشارع التونسي وجانبا من المراقبين، كون "صقور" كثر من النظام المطاح به، ممثلين في الحومة الجديدة، مما لا يستبعد استمرار هؤلاء في الحكم والتخلي عما وعدوا به عشية فرار الرئيس التونسي السابق. غير أن العديد من المتتبعين لا يجدون مبررات التخوف من هؤلاء على اعتبار أن المرحلة محتاجة إلى تدبير سياسي يقتضي استمرار هؤلاء في تناول أبرز الملفات الحيوية، وتجنب، بالتالي، الفراغ السياسي، علاوة على أن هؤلاء لم يكونوا هم صانعو القرارات السالفة، وإن كانوا مشاركين في صياغتها لكن تحت إمرة رأس النظام المطاح به، زين العابدين بن علي.

ويقول الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي المحظور، حمة الهمامي، ورئيس حركة النهضة الإسلامية المحظورة أيضا راشد الغنوشي، إنه لا سبيل للتعامل مع رموز النظام المنهار، ويدعوان إلى تصفية كل مؤسساته بما في ذلك الدستور والبرلمان، وإنشاء مجلس تأسيسي يسنّ دستورا وقوانين انتخابية تؤسس لمناخ ديمقراطي، وترسي قواعد دولة قانون حقيقية.

وشدد الهمامي والغنوشي، في تصريحات لموقع الجزيرة، على أن السماح باستمرار شخصيات من النظام المنهار بما فيها الرئيس المؤقت فؤاد المبزع، والوزير الأول محمد الغنوشي, ورئيس مجلس المستشارين عبد الله القلال الملاحق دوليا بتهم -منها التعذيب- يكرس استمرار الحالة السابقة.

وفوق هذا فإن دعوات تصدر الآن إلى تصفية حزب التجمع الدستوري الذي هيمن على مؤسسسات الدولية، وتغلغل في كل نواحي الحياة العامة.

وعلى أثر اجتماع طارئ عقده السبت بتونس العاصمة، دعا المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل إلى الحل الفوري للشعب المهنية (الهياكل القاعدية) للتجمع الدستوري التي من خلالها تحكم هذا الحزب في دواليب الدولة.

وفي حين أن رموزا معارضة، مثل الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي، ورئيس حركة النهضة ترفض أصلا الانخراط في العملية السياسية الحالية، وتؤكد على عدم شرعية المؤسسات القائمة، تبدي شخصيات أخرى قدرا أقل من التشدد.

ويؤكد مؤسس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين المعارضة، أحمد المستيري، في تصريحات للجزيرة، أنه يتعين القطع مع نظام بن علي، إلا أنه أبدى في المقابل تأييده إشراك بعض العناصر النزيهة التي عملت في ذلك النظام.http://www.aljazeera.net/NEWS/KEngine/imgs/top-page.gif

وكالات

وكالات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق