الأربعاء، مايو 13، 2009

أجمعوا على ضرورة دعم الطبقة الوسطى

باحثون يعتبرون الطبقة الوسطى صمام أمان لاستقرار وأمن المجتمع

نورالدين اليزيد

اختلف عدد من الأساتذة الباحثين، خلال ندوة دراسية، حول إمكانية وجود تعريف واحد وموحد لمفهوم الطبقة المتوسطة بالمغرب، وما إذا كانت فعلا هذه الطبقة موجودة في هرم التركيبة الاجتماعية للمجتمع المغربي، الذي عرف بالأساس سيطرة طبقة بورجوازية فاحشة وأخرى فقيرة، كرستها وضعية ما بعد الاستعمار التي سمحت بتطور اقتصاد الريع وبإصلاحات عدة في القطاع التعليمي لم تأت أكلها، لتظل الطبقة المتوسطة بالمغرب تعاني التهميش، هذا إذا لم تكن عرضة لمحاربتها من قبل أصحاب رؤوس المال الذين يتحالفون مع السياسيين لأجل نفس الغرض، يقول باحثون شاركوا في الندوة.
وكادت كل التدخلات أن تجمع على ضرورة وجود عناصر أساسية تؤطر كل تعريف للطبقة المتوسطة، وهي تقليص الفوارق السوسيو-اقتصادية بين شرائح المجتمع، وتقارب أنماط السلوك والعيش بين هذه الشرائح والنمو العددي للفئات السوسيو-مهنية المتوسطة.
واعتبر الباحث الجامعي والوزير السابق عبد الله الساعف أن الطبقة المتوسطة بالمغرب، هي تلك الطبقة التي لا تقبل أن تَستغِل أو تُستغَل، مشيرا إلى أن بعض الدراسات المقارنة بين التجربة المغربية ونظيرتها التونسية، لم تأخذ بعين الاعتبار بعد التطورات التي حدثت على التركيبة الاجتماعية المغربية منذ الاستقلال؛ حيث كانت الطبقة المتوسطة، في وقت من الأوقات، تمثل عدوا للدولة، قبل أن تعرف هذه الطبقة بعض الانتعاش، خاصة بعد سياسات الخوصصة ولبررة السوق، ولو أن إمكانية رقي بعض الفئات من المجتمع إلى الطبقة الوسطى ظلت محدودة لصعوبة الوصول إلى الرأس مال، ولكون موارد الأفراد المالية ظلت محدودة في ظل تجميد الأجور، مشيرا إلى أن الطبقة الوسطى طبقات، بحيث يمكن أن نجد طبقة وسطى سفلى وأخرى عليا، مع احتمال الصعود والنزول إلى الطبقة الغنية أو الفقيرة.
وشارك عدد كبير من الأساتذة الباحثين، في اليوم الدراسي المنظم يوم الأربعاء بالرباط، من طرف كل من رابطة الأساتذة الجامعيين الاستقلاليين والجمعية المغربية للعلوم السياسية.
وفي معرض تدخله نيابة عن الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة نزار البركة، الذي اعتذر عن حضور الندوة، اكتفى مستشاره يونس السحيمي بالتذكير بخطاب العرش للسنة الماضية، الذي لفت إلى ضرورة العمل على وجود طبقة وسطى في المجتمع المغربي، للمساهمة في تطوره، لما لهذه الطبقة من قدرة على المبادرة والخلق، وهو ما استجاب له الوزير الأول على الفور من خلال خلق لجنة يرأسها شخصيا، مكلفة بالبحث في سبل تفعيل الخطاب الملكي، قبل أن يشير مستشار الوزير إلى بعض برامج الحكومة، ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، ومن ذلك برنامج مقاولتي، الذي أكد على أنها ساهمت في توسيع حجم الفئات التي تتوفر على دخل قار.
واختلف المتدخلون، في الندوة التي حملت عنوان "الطبقة المتوسطة والسياسات العمومية بالمغرب"، حول تحديد الامتداد التاريخي للطبقة الوسطى بالمغرب، حيث في الوقت الذي أشارت فيه جل التدخلات إلى فترة بداية الاستقلال، حينها اعتبر أفراد الحركة الوطنية، النواة الأولى لهذه الطبقة بالمغرب، انبرى متدخلون آخرون إلى الرجوع إلى القرن الثامن عشر وقت كان الحسن الأول يحشد نخبة القوم والأعيان حوله لمساعدته على تسيير شؤون سلطنته، وكان هؤلاء يتكونون بالخصوص من رجال العلم وبعض الصناع التقليديين الكبار وكبار قواد جيشه.
إلى ذلك اعتبر عبد السلام المصباحي كاتب الدولة لدى وزير الإسكان والتنمية المجالية المكلف بالتنمية المجالية، أن للفئات الوسطى بالمجتمع المغربي مؤشرات سوسيو-اقتصادية تدل على وجودها ضمن باقي مكونات المجتمع الأخرى؛ حيث نجد أن هناك 2.4 مليون أسرة بالحواضر مداخيلها السنوية تتراوح ما بين 36 ألف و180ألف درهم؛ ومن هؤلاء نسبة تملك سكنا وتصل إلى 67 بالمائة، بينما 72 بالمائة تقطن بمساكن فردية، مع الاعتماد أساسا على الادخار الذاتي، بحيث أن نسبة التمويل البنكي هي ضعيفة عند المنعشين والأسر ولا تتجاوز24 بالمائة. وأشار كاتب الدولة، في مداخلته، إلى أن هدف الحكومة الاستراتيجي، في مجال السكن، هو دعم القدرة الشرائية لأسر الفئات الوسطى، وذلك بالتحكم في النفقات المرتبطة بالسكن حتى لا تتعدى عتبة 40 بالمائة من الدخل، وتكثيف وتنويع العرض السكني وإيجاد صيغ جديدة لولوج السكن.
في سياق ذلك تساءل الباحث الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط، تاج الدين الحسيني، حول حدود التمييز بين هذه الطبقة أو تلك ضمن التركيبة الاجتماعية، ليشير إلى أن الدراسات تركز أحيانا في تحديد الدخل بالنسبة لهذه الفئة على مبلغ 6 آلاف إلى 10 آلاف درهم، وأحيانا أخرى تشير إلى ضرورة تحديد المبلغ في ما بين 14 إلى 18 ألف درهم كدخل شهري لتحديد المنتمين للطبقة الوسطى، مشيرا إلى أن سياسة التقويم الهيكلي التي اتبعتها الدولة، شكلت خطأ جسيما في حق كل طبقات المجتمع ومنها بالأساس الطبقة الوسطى، بالإضافة إلى أن ظهور "عناصر طفيلية" تشتغل بالخصوص في مجال التهريب والمخدرات والدعارة، شكلت هي الأخرى منافسة غير مشروعة لمزاحمة فئات المثقفين والنخبة على تمثيل طبقة وسطى، أضف إلى ذلك الخطر الداهم الذي تمثله القروض على هذه الفئة، داعيا إلى تدخل الدولة لحماية هذه الطبقات من جشع البنوك، قبل أن يخلص الحسيني إلى أن الطبقة الوسطى تشكل صمام أمام بالنسبة لاستقرار المجتمع وأمنه، محذرا من عطالة أصحاب الشواهد، التي قد تشكل خطرا محذقا بمستقبل البلاد
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق