الخميس، مايو 28، 2009


في حوار مع الباحث الاقتصادي عمر الكتاني

يجب على الدولة نهج سياسة تقشفية وتشجيع الاستثمار الذي يخدم المجتمع

هل صحيح أن حصيلة الاستثمارات في ظل الحكومة الحالية كانت إيجابية، كما جاء على لسان الوزير الأول ؟

إيجابية على أي صعيد؟ هذا كلام عام لا يُؤخذ به، لأنه إذا كان معدل النمو ببعض الدول الأسيوية فقط هو 30 بالمائة من الدخل الوطني، بينما عندنا لا يتجاوز 6 إلى سبعة بالمائة، مع شرط نزول الأمطار، فعن أي نمو في الاستثمارات يتحدث الوزير الأول وحكومته، إذا كان المغرب لازال يخرج سنويا 100 ألف حامل للشهادات دون أن تتاح لهم إمكانية الاندماج العملي. أنا أستغرب حديث المسؤولين المغاربة بمثل هذا الكلام، في الوقت الذي لم نصل فيه حتى إلى مستوى بعض الدول السائرة في طريق النوم، كالسودان مثلا التي حققت 11 بالمائة من نسبة النمو، رغم أنها تعتبر في مصاف الدول الفقيرة، لذلك يجب على المسؤولين التحلي ببعض الموضوعية.

جاء في التصريح الأخير للوزير الأول أيضا أن انعكاسات الأزمة المالية كانت محدودة على الاقتصاد الوطني ألا ترون، كخبراء اقتصاديين، نفس ما تذهب إليه الحكومة؟

لا يستطيع أحد نفي التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية على مختلف مكونات الاقتصاد الوطني، خاصة في السنتين المواليتين، وذلك راجع بالأساس إلى ارتباط الاقتصاد المغربي بشكل كبير بالاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية المشتركة، التي يقر الجميع أنها تأثرت بفعل الأزمة المالية العالمية، ولذلك فإنه من الطبيعي أن يتأثر اقتصادنا الوطني وعلى صعيد مختلف القطاعات. ولذلك فإنه من اللازم على المسؤولين المغاربة إعادة النظر في نظام الاقتصاد، وفي عدد من الأمور، ومن ذلك بالأساس إعادة النظر في نظام الخوصصة الذي يعول على عائدات ريعية جراء تفويت المؤسسات العمومية للخواص، كما ينبغي عدم الاعتماد بشك كبير على ريع النظام الضريبي، للحفاظ على التوازنات المالية من هنا لا بد من نهج سياسة تقشفية من لدن الحكومة والحد من تبذير المال العام، وتشجيع نوع من الاستثمار الاجتماعي الكفيل بالمساهمة في تنمية البلاد على كافة الأصعدة اجتماعيا واقتصاديا، لا أن يكون هناك استثمار يحافظ على مسافة بينه وبين المجتمع، ويضع نصب أعينه فقط الربح المادي.

ما هي الوسائل الكفيلة بجلب استثمارات تخدم الاقتصاد الوطني بشكل فعال؟

هناك لازمة تقول بالارتباط الوثيق بين ما هو سياسي واقتصادي، لذلك فإن أي حديث عن تطور اقتصادي لا بد أن تواكبه عملية إصلاح شاملة للمجال السياسي في بلدنا، والتي أصبحت مطروحة بشكل أكثر إلحاحا. لذلك فإن الضرورة تقتضي الإسراع بإصلاحات سياسية قمينة بتشجيع الاستثمار الإيجابي القادر على إحداث تغيير في اتجاه تطور المجتمع، لا بشكل ينعكس سلبا على الوطن. كما أن الحديث عن تشجيع الاستثمار لا يستقيم في ظل قضاء لا يواكب التطور الذي يشهده العالم في ظل العولمة واجتياز الحدود، وهو القضاء الذي يجب أن يكون قضاء مستقلا وقادرا على لعب دوره كاملا في التنمية، بدل ترك الآلاف من الملفات في رفوف المحاكم دون البث فيها. كما أن إصلاح التعليم يصبح الأولوية الأكثر إلحاحا خاصة على ضوء مقارنة بلدنا ببلدان أخرى قريبة منا، على مستوى جودة وحجم إمكانيات التعليم، بحيث في الوقت الذي نتفاجأ فيه مثلا بوجود 64 جامعة ببلد كالسودان و50 جامعة بالجارة الجزائر، فإننا لا نتوفر إلا على 15 جامعة بالمغرب لثلاثين مليون نسمة، وهو شيء غير معقول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق