الجمعة، أغسطس 26، 2011

اندحار المرتزقة والدبلوماسية الجزائرية أمام عاصفة ثوار ليبيا

أطاحوا بـ"العقيد" وبحكام قصر المرادية الذين أرسلوا الدعم والمرتزقة إليه

صَمتٌ رهيب ذاك الذي يخيم على قصر المرادية هذه الأيام، بعد الثورة المظفرة التي قادها أحفاد عمر المختار منذ 17 فبراير الماضي، والتي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي الذي جثم على صدور الليبيين حوالي 42 سنة.

وبينما تناقلت وسائل الإعلام الجزائرية أخبارا متضاربة حول ما إذا كانت الجزائر ستعترف بالمجلس الانتقالي، الممثل الشرعي للشعب الليبي، أم لا، فإن الدبلوماسية الجزائرية تنتظر ردود فعل الحكام الجدد لطرابلس، مرسِلة من حين لآخر، عبر وسائل إعلامها ما يشبه بالونات اختبار لجس نبض المجلس الانتقالي الليبي، ومن ذلك إطلاق "إشاعة" تفيد باشتراط الجزائر على المجلس التعهد بمحاربة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

ولم تمر ساعات على إعلان مصدر في الحكومة الجزائرية أن بلاده لن تعترف بالمجلس الانتقالي في ليبيا ما لم يتعهد بمحاربة القاعدة في شمال المغرب، حتى جاء الرد على لسان الناطق باسم جيش الثوار، أحمد الباني، الذي اتهم الجزائر بتدبير شيء ما ضد الثورة الليبية، وبأنه كان من الأجدى لها أن تحارب الإرهاب على أرضها، وأن لا تفرض شروطاً على الثوار لكي تعترف بهم، مكررا اتهام الثوار للجزائر بـ"دعم نظام القذافي".

وتشهد العلاقات بين المعارضة الليبية والحكومة الجزائرية توتراً كبيراً منذ اندلاع الثورة الليبية، حيث اتهم الثوار الجزائر بدعم حكومة القذافي وإرسال مرتزقة لدعم كتائبه।

وكانت الجزائر قد اشترطت في وقت سابق اعتذار المجلس الانتقالي الليبي مقابل "تطبيع سريع" للعلاقات مع ليبيا.

ونفت خارجية الجزائر تقارير نشرتها وسائل إعلام غربية مفادها أنها مستعدة للاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي إذا تعهد بمحاربة القاعدة.

وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة عمار بلاني لوكالة الأنباء الحكومية اليوم الجمعة "أفند بشكل قطعي هذا الخبر الذي لا أساس له من الصحة والذي لا يعكس موقف ولا وجهات نظر الحكومة الجزائرية".

وعكس المغرب وتونس ومصر، لم تعترف الجزائر بعدُ بالانتقالي في ليبيا، وإن بارك حزب بالتحالف الرئاسي الحاكم فيها هو حركة مجتمع السلم (إخوان) نجاح الثورة هناك.

وكانت وكالة رويترز نقلت عن مسؤول حكومي رفضت كشف هويته قوله أمس "نريد أن نتأكد من أن الحكام الجدد في ليبيا يشاركوننا الحرب ضد القاعدة في منطقتنا، هذه مسألة أساسية في العلاقات الجيدة".

وتحدث هذا المصدر الحكومي عن "متشددين ليبيين" باتوا طلقاء الآن، وانضم بعضهم إلى المعارضة.

وقال إن الجزائر لا تعترف بالانتقالي لأنه مؤسسة انتقالية "لذا فإننا سنعترف فقط بالممثلين الشرعيين للشعب الليبي بمجرد أن يختار بنفسه زعماءه"، وهو أمرٌ حدث -كما قال- مع تونس ومصر.

كما طالب المسؤول الحكومي الانتقالي بالاعتذار عن اتهامه للجزائر بدعم القذافي. ورد الانتقالي سريعا بأن قال على لسان المتحدث العسكري أحمد باني "على الجزائر أن تحارب القاعدة على أراضيها أولا قبل أن تفرض شروطا على الليبيين".

وتقول الجزائر إن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تستغل الفوضى والكميات الكبيرة من الأسلحة التي تتداول ليبيا.

ويرفض الانتقالي الليبي مقولةَ إنه مخترق من القاعدة أو "متشددين إسلاميين".

إلى ذلك نقلت صحيفة الخبر الجزائرية عن الأمين العام المساعد للجامعة العربية أحمد بن حلي قوله "إن الاعتراف من اختصاص الدول وصلاحياتها، لأن الأمر يتعلق بسيادة هذه الدول".

من جهته نفى مصدر جزائري مسؤول، بتصريح لصحيفة الشروق الجزائرية، دخول قوات جزائرية مدينة غدامس الليبية المتاخمة للحدود الجزائرية، كما ذكرت بعض وسائل إعلام دولية.

ونقلت الصحيفة عن بعض سكان غدامس قولهم إن الأوضاع مستقرة جدا، وإن قوات القذافي لا تزال تسيطر على مقر المعبر الحدودي، والعلم الأخضر ما يزال يرفرف فيها.

وبهذا السياق، ذكرت صحيفة الخبر بعددها الصادر يوم الأربعاء أن الجزائر تشترط اعتذار الانتقالي الليبي مقابل "تطبيع سريع" للعلاقات مع ليبيا.

وذكرت الصحيفة الجزائرية نقلا عن مصادر حكومية قولها "إن وزارة الخارجية شرعت في ترتيب شروط لأي تطبيع مستقبلي بالعلاقات مع ليبيا، يكون أساسه تجاوز مرحلة الخلاف التي تسببت فيها الاتهامات التي وجهت للجزائر، بأن يعتذر الانتقالي، ويتم تحديد المسؤول عن تلك الاتهامات".

وكشف مصدر مسؤول بالخارجية في تصريح مكتوب وزع على بعض وسائل الإعلام، أن الجزائر ليس لديها أي تحفظات بخصوص الانتقالي، وقد فتحت مع ممثليه قنوات اتصال، مشددا على أن بلاده مازالت منشغلة بالقضايا الرئيسية مثل الأمن والاستقرار الدائم بليبيا، وعلى وحدتها والوضع الديمقراطي بها وتأثيراتها المحتملة عليها.

وأضاف المسؤول أن الجزائر ستتكلم عن الوضع بليبيا في "الوقت المناسب".

جذير بالذكر أن نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، عبد الحفيظ غوقة، كان قد أعلن في وقت سابق أن المجلس لديه "معلومات موثقة ومستندات" تدين الجزائر في دعمها للقذافي.

وأكد غوقة أن الجزائر أرسلت مرتزقة، رغم تأكيده أن العلاقات بين الجزائر والمجلس الانتقالي ستصبح "أقوى" في الأيام القادمة.

وقال غوقة، في مقابلة نشرتها صحيفة الشروق الجزائرية، "نحن لدينا معلومات موثقة ومستندات تفيد بأن طائرات عسكرية تنتمي إلى الطيران الجزائري قامت برحلات يومية إلى أربعة مطارات عسكرية منها مطار سبها ومعيتيقة وبنينة".

وتساءل "ما الذي كانت تفعله تلك الطائرات في أوج وذروة الأحداث الليبية؟".

وتابع "نحن لدينا قتلى جزائريون معروفون بالاسم، كانوا ضمن كتائب القذافي يقاتلون الشعب الليبي، وكذلك أسرى ضمن آلاف الأسرى من مختلف الدول العربية والمجاورة".

ونفت الجزائر مرارا عبر وزارة الخارجية هذه الاتهامات واتهم رئيس الوزراء أحمد أويحيى المغرب بترويجها، ما جعل العديد من المتتبعين ينظرون بعين الريبة إلى اتهامات حكام الجزائر للجارة الغربية لهم، بالنظر إلى أن المغرب كان من بين السباقين إلى الاعتراف بالثوار الليبيين، وهو ما جعل الحكام الجزائريين يتوجسون من دور مؤثر للمغرب في المنطقة بعد الإطاحة بنظام القذافي الذي لم تكن علاقته بالرباط مستقرة.

ويعتبر مشكل الصحراء واحدا من بين أهم الأسباب التي جعلت الجزائر تتخذ هذا الموقف "العدائي" اتجاه المغرب، يقول خبراء، بحيث لا يخفي حكام قصر المرادية دعمهم للبوليساريو المطالبة باستقلال أقاليم الصحراء عن الجنوب المغرب، وهو نفس الدعم الذي لطالما تلقاه انفصاليو البوليساريو من العقيد القذافي، وكان يلوح به في مختلف المناسبات، وهو ما كان يقلق الرباط.

وقال أحمد أويحيى إن "اللوبي الرسمي لجيراننا في المغرب، يقيم قيامة، في واشنطن بأننا نرسل مرتزقة وأسلحة نحو الجارة ليبيا".

وردا على ذلك قال غوقة "نحن لم نصدق ادعاءات مغربية مهما كان نوعها، ولا نعتمد على أي معلومات تأتي من المغرب أو أمريكا، بل نملك مستندات حول دخول سيارات رباعية الدفع من الجزائر لمساندة كتائب القذافي، طائرات عسكرية، أسرى... لا نفتري على أحد".

العربية نت، الجزيرة نت، وكالات، أطلس أنفو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق