الاثنين، مايو 16، 2011

محكمة الجنايات الدولية تطلب رأسي القذافي ونجله سيف الإسلام

"اتهمتهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية"

وكالات العربية نت

قال مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، اليوم الاثنين، إنه طلب إصدار أمر اعتقال بحق الزعيم الليبي معمر القذافي ونجله سيف الإسلام، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وأضاف أوكامبو في مؤتمر صحفي إنه طلب أيضا إصدار أمر اعتقال بحق رئيس جهاز المخابرات الليبي عبد الله السنوسي بسبب الحملة العنيفة على المحتجين في فبراير.

وكان أوكامبو قال الأحد إنه "جاهز تقريبا لإجراء محاكمة" في شأن الجرائم المرتكبة في النزاع الليبي، لافتا إلى أن أجهزته جمعت أدلة "جيدة ومتينة" تسمح بتحديد المسؤولين الرئيسيين عن هذه الجرائم سيكشف هوياتهم الاثنين. وقال مورينو اوكامبو في بيان حصلت فرانس برس على نسخة منه "إننا جاهزون تقريبا لإجراء محاكمة".

وأضاف إن "مكتب (المدعي العام) جمع أدلة جيدة ومتينة لتحديد من يتحملون المسؤولية الأكبر، لا المسؤولية السياسية بل المسؤولية الفردية عن الجرائم المرتكبة في ليبيا".

وأودع مورينو أوكامبو اليوم الاثنين طلبا إلى قضاة المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق الأشخاص الثلاثة المذكورين بوصفهم يتحملون برأيه "المسؤولية الأكبر" في الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في ليبيا منذ منتصف فبراير والذين سيكشف عن هوياتهم.

من جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي لدى استقباله المبعوث الخاص للأمم المتحدة عبد الإله الخطيب أن النظام الليبي على استعداد لوقف إطلاق نار فوري يتزامن مع وقف الحلف الأطلسي قصفه لليبيا، متهماً الحلف بارتكاب "تجاوزات وانتهاكات" في ليبيا.

وكان عبد الإله الخطيب أجرى مباحثات في طرابلس مع البغدادي المحمودي، ووزير الخارجية عبد العاطي العبيدي بهدف وقف إطلاق النار بين الكتائب الموالية للعقيد معمر القذافي والثوار أعقبتها مكالمة هاتفية أجراها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع عبد الإله الخطيب، حسب ما ذكرت الأمم المتحدة.

وفي الأثناء، نقل التلفزيون الليبي أن موجة جديدة من القصف نفذتها مقاتلات الأطلسي استهدفت مدينة الزوارة (غرب طرابلس) المتاخمة للحدود مع تونس.

ونقلت وكالة الأنباء التونسية أن القصف الجوي استهدف قوات حكومية وأنظمة رادار في المنطقة الحدودية التي تجمع فيها مئات الآلاف من اللاجئين ممن فروا من جحيم المعارك في ليبيا.

ولم تشر التقارير إلى سقوط ضحايا في القصف الذي تنفذه طائرات الناتو بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1973 القاضي "باتخاذ كافة التدابير الضرورة لحماية المدنيين" من حملة قمع دموية أطلقها القذافي لاجتثاث دعوات تنادي برحيله بعد أكثر من أربعة عقود في الحكم.

على صعيد آخر نقل موقع العربية نت عن مراسله بمدينة مصراتية الليبية أن أحد الشباب بالمدينة عثر على مذكرة سوّدت أغلب صفحاتها بيوميات سجلها أحد الجنود الذين استقروا أعلى بنايات الشارع.

ولم يذكر الجندي اسمه في المذكرات، وإن كان أورد بعض أسماء رفاقه، وفي هذه الظروف لا تعني الأسماء شيئاً، فالجنود كلهم شخصية نمطية ذات بُعد واحد ووجه واحد وزي واحد أيضاً.

وتقع اليوميات في 84 صفحة، تغطي تفاصيل ما وقع لمحررها منذ انطلاقه مع رفاق رحلته من طرابلس إلى مصراتة، عبر الطريق الساحلي ظهر الجمعة 1-4-2011، حتى الأحد 10-4-2011، حيث كتب التاريخ ولم يكمل بعد ذلك، إذ لعله قتل أو أسر أو لاذ بالفرار تحت وطأة هجمات الثوار، ولم يسعفه الوقت ولا النار فيما يبدو، ليحمل يومياته معه.

الكاتب والصحافي الليبي عبد الله الكبير قال لـ"العربية.نت"، بعد أن قرأ المذكرات: الجندي صاحب المذكرات من طوارق "أوباري" ويبدو من خلال ما سطره أنه على قدر لا بأس به من التعليم والثقافة، لكن ذلك، لم يدفعه إلى إعادة التفكير في جدوى وشرعية الحرب التي يخوضها بعيداً عن موطنه. ومن بين السطور يتجلى إيمانه المطلق بالديكتاتور وخطبه، فهو يصف الثوار بالجرذان ومتعاطي المخدرات والزنادقة، ولم يهتز هذا الإيمان إلا عند سماعه التكبير يعلو من المساجد، ولكنه لم يتبع شكوكه اللحظية باحثاً عن شاطئ اليقين.

ويتضح من هذه المذكرات، بحسب الكبير، أن صاحبها لا يدرك معنى الحرية والكرامة، فهو لا يهتم إلا بالماديات، يتجلى ذلك في لومه الشديد لأهل مصراتة على إفسادهم لمدينتهم الجميلة والنظيفة كما يقول. وفيما يصر على إظهار تدينه ومداومته على الصلاة في كل وقت ومهما كانت الظروف، يناقض ذلك بحديثه عن الغنائم والمسروقات التي ينهبها هو وأصحابه من المحال القريبة من مكان تمركزهم.

ويرشح من كلام الجندي على قبائل الطوارق ومعرفته الجيدة لهم، غياب معنى الوطن عنده، فهو لم يذكر ليبيا مطلقاً لا بشكل مباشر، ولا غير مباشر. ويظهر أيضاً أن القذافي وعد الجنود المقاتلين معه بوعود سخية كما يقول صاحب المذكرات: "وعدنا القائد بأشياء كثيرة بعد أن يتم التحرير".

ويظهر أيضاً، أنهم وجدوا مقاومة عنيفة من قبل الثوار، بعد تمركزهم على أسطح البنايات، فهو يكتب عن تنقله بين العمارات، أنه يتنقل وهو في وضع محنيّ خوفاً من قناصة "الجرذان"، حسب تعبيره، وكذلك بحديثه عن مجموعة من أصحابه، ثمانية أشخاص، نزلوا لنهب أحد محال أجهزة المحمول ولم يعد منهم إلا ثلاثة.

الأحد، مايو 15، 2011

محمد السادس يعطي الضوء الأخضر للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي

"فيما الجزائر استغربت من دعوة الخليجيين"

أطلس أنفو

قالت جريدة الاتحاد الإماراتية، في نشرتها الإليكترونية، إن وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أبلغ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، "شكر وتقدير" صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب، لدولة الإمارات "على الدعوة الصادقة والأخوية في بيان القمة التشاورية لمجلس التعاون بشأن انضمام المغرب إلى منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي من شأنها تقوية أوجه العلاقات المتميزة".

وتسلم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رسالة خطية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة، تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك.

جاء ذلك خلال استقبال رئيس دولة الإمارات في قصره، ظهر اليوم الأحد، الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية والتعاون المغربي، الذي يزور البلاد حاليا في إطار جولة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في أعقاب دعوة هذا التجمع الإقليمي العربي للمغرب للانضمام إليه.


وقال الوزير المغربي إن العلاقات بين دولة الإمارات ودول المجلس عموما ترتقي إلى مستويات متقدمة، "نظرا للتنسيق والتعاون الأخوي الذي يجمعنا مع هذه الدول منذ زمن طويل على كافة المستويات، ويؤهل لمستوى أرفع من العلاقات في ظل توجه قياداتنا وتحقيق مزيد من النمو والاستقرار في دولنا، من خلال خلق شراكات واعدة ومستقبل مشرق من التطلعات والآمال المرجوة".

في سياق ذلك نقلت وكالة الأنباء الفرنسية "ا.ف.ب" عن وزير خارجية المغرب الطيب الفاسي الفهري، قوله أن الرباط "عازمة بقوة" على الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى "ضرورة إتمام ذلك بشكل تدريجي".

وأضاف الطيب الفاسي أن "المغرب تجاوب مع الدعوة الخليجية بشكل ايجابي، ومن الضروري أن تتم بحسب رؤية تدريجية، آخذين في الاعتبار كل الاختيارات، وعزيمتنا قوية للدخول".

وأوضح أن الانضمام "يحتاج إلى وقت، ولم تتحدد حتى الآن فترة زمنية للبدء في ذلك، كما أنه يحتاج إلى دراسة متينة وعميقة"، برأيه، لأن "المغرب لديه مع دول المجلس الرؤية المشتركة ذاتها بالنسبة للتحديات التي تواجه العالم العربي".

ودعا الفهري إلى "حوار سياسي عميق واستراتيجي وتعاون اقتصادي ومالي عميق بين الخليج والمغرب، وربما هي خطوة ستتبعها خطوات أخرى، نرى أن ما تم عبارة عن خطوة إستراتيجية موفقة".

وفي خطوة مفاجئة ستشكل، في حال نجاحها، تغييرا مهما في المشهد السياسي في الشرق الأوسط، أعلنت الدول الخليجية الست تأييدها انضمام المغرب والأردن إلى صفوفها، وذلك إثر انتهاء قمتها التشاورية في الرياض الثلاثاء الماضي.

وكان منظرا أن تخلف دعوة الخليجي إلى كل من الأردن والمغرب للانضمام إليه ردود فعل متباينة إن لم تكن "رافضة" للدعوة، من قِبل بعض القوى الإقليمية، في سياق ما يبدو أنها عودة إلى سياسة بناء المحاور على الصعيد العربي.

وفي هذا السياق سارعت الجزائر إلى إعلان "استغرابها" من دعوة دول مجلس التعاون الخليجي للمغرب إلى الانضمام إلى هذا التجمع الخليجي.

وقال عبد العزيز بلخادم وزير الدولة والممثل الشخصي للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، والذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أحد أضلاع التحالف الرئاسي الحاكم، "أستغرب طلب مجلس التعاون الخليجي من المغرب الانضمام إليه"، مشيرا إلى أن "الطبيعي هو أن يأتي الطلب من الدولة التي ترغب في ذلك"، بحسبه، قبل أن يضيف، "يتعين على هذا المجلس أن يغير اسمه بالنظر إلى موقع كل من الأردن والمغرب، واصفا طلب الأردن بغير الجديد و"أن الجديد هو التوقيت متسائلا لماذا الآن؟".

ويرى متتبعون أن من شأن انفتاح دول مجلس التعاون أكثر على المغرب أن يعطي للأخير وكذا لدول الخليج زخما جيوإستراتيجيا كبيرا، بالنظر إلى موقع المغرب بالقرب من الاتحاد الأوروبي، وبالنظر أيضا لعمقه الإفريقي ولعلاقاته المتميزة مع عدد من التجمعات الإقليمية الأخرى والدولية.

إلى ذلك تعتبر الدعوة الخليجية إشارة قوية على انتصار الدبلوماسية المغربية في حربها المعلنة مع نظيرتها الجزائرية حول ملف الصحراء، والذي لا تنفي الجزائر تحيزها الفاضح إلى جانب الانفصاليين الداعين إلى إقامة دولة مستقلة في الأقاليم الجنوبية للمغرب.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن انضمام المغرب إلى دول مجلس التعاون الخليجي، الذي من المنتظر أن يتم تغيير اسمه، سيؤدي لا محالة إلى تغير موقف قطر "غير الواضح" إزاء الوحدة الوطنية للمغرب، حيث تمر العلاقات بين البلدين بنوع من الفتور كان من أبرز مميزاته إغلاق مكتب قناة الجزيرة بالرباط، بسبب ما رأت السلطات المغربية أنه "تحامل وتحيز" ضد الوحدة الترابية للمملكة.


السبت، مايو 14، 2011

هل تعتبر محاكمة الفرّاع بداية "حملة تطهيرية" حقيقية لناهبي المال العام؟

رغم أن البعض يعتبرها بداية لـ"حملة تطهيرية" جديدة إلا أن محاكمة الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، محماد الفراع، اعتبرها البعض لا تنسجم وما تتطلبه المرحلة من حزب لمحاربة ناهبي المال العام ووقف نزيف نهب الثروات الوطنية، مما يستوجب الإسراع بمنح القضاء سلطة مستقلة كفيلة بالضرب على أيدي العابثين بمالية الشعب


"عدم متابعة بعض المسؤولين يثير الاستغراب"

يتساءل المرء بحرقة عما إذا كانت محاكمة الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، محماد الفراع، نهاية الشهر الماضي، بداية محاكمة ناهبي المال لاسيما أن المحاكمة جاءت في وقت يشهد فيه المغرب حراكا سياسيا واجتماعيا غير مسبوق بسبب انبثاق حركة 20 فبراير من رحم الشبكة العنكبوتية على غرار حركات أخرى عربية مطالبة بمحاربة الفساد ومحاكمة ناهبي الأموال العامة. إنها الحركة الشبابية التي رفعت ضمن ما رفعته من شعارات في مظاهراتها الاحتجاجية المتواصلة، عدم الإفلات من العقاب، والفصل بين السلطة والمال وعدم استغلال النفوذ، وهي الشعارات التي تفاعلت معها إيجابا أعلى سلطة بالبلاد إلى درجة أذهلت كل المراقبين، عندما خرج ملك البلاد في خطاب 9 مارس مبشرا بـ"ثورة" حقيقية على الدستور الذي ظل جامدا منذ سنة 1962، وليعلن عن رزنامة إصلاحات على رأسها تمتيع القضاء بسلطة مستقلة وتفعيل مبدأ الحكامة الجيدة ومعاقبة المتورطين في سرقة المال العام.

حملة تطهيرية لكن..

حكم غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، يوم الخميس 31 مارس، على الفراع بعقوبة أربعة سنوات سجنا منها 30 شهرا نافذا وموقوفة التنفيذ في الباقي وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم، بقدر ما جعل البعض يبدي تفاؤله بكون القضاء اتخذه مجراه أخيرا في اتجاه الضرب على أيدي العابثين بمال هذا الشعب الفقير، بقدر ما أدى إلى مفاجأة كثيرين واندهاشهم من الحكم بالنظر إلى ما أسموه "تساهلا" غير مبرر مع أحد أكبر ناهبي المال العام، بحيث في الوقت الذي تقدر فيه الأموال المنهوبة أو المختلسة من التعاضدية بأزيد من 117 مليار سنتيم، لم تحكم المحكمة على الفراع إلا بإعادة مليار واحد، في حين أن دفاع التعاضدية طالب المحكمة بأداء المتهم

مبلغ 117 مليارا و75 مليون سنتيم لفائدة التعاضدية التي كان يرأسها، وتعويض قدره 50 مليار سنتيم.

تخوف الفريق الثاني يكاد يجد له ما يكفي من المبررات خاصة أن الجهات القضائية ظلت في منأى عما يحدث من نزيف ميزانيات مؤسسات الدولة وكأنها غير معنية تماما بما يقدمه المجلس الأعلى للحسابات من تقارير سنويا، تثبت بما لا يدع مجالا للشك تورط العديد من المسؤولين ومدراء مؤسسات عمومية مهمة، على غرار تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008 الصادر قبل أزيد من سنة، والذي أبان عن اختلاس وتبذير ما يزيد عن 600 مليار سنتيم من ميزانية المكتب الوطني للمطارات، على عهد المدير العام السابق عبد الحنين بنعلو، الذي رصد قضاة المجلس للحسابات إلى أي حد كان هذا الشخص يستهتر بالمال العام في سبيل إرضاء فقط حبه وتطلعه إلى امتلاك بعض الكماليات، حيث أورد تقرير المجلس أن بنعلو لم يتردد في اقتناء سجائر كوبية وعطور وحقائب من ماركات عالمية مختلفة، من محلات تجارية بمطار محمد الخامس معفاة من الضريبة، بقيمة مالية تجاوزت 60 مليون سنتيم، دفعها المكتب باعتبارها مشتريات للمؤسسة. كما اشترى المدير السابق أيضا 239 مليون سنتيم من الهدايا الفاخرة عبارة عن حقائب للكولف وسلع فضية وأخرى من البورسلين و الكريستال.

وبحسب هذا الرأي الأخير فإنه يبدو أن قضاءنا لا يريد تحريك هذه البركة الراكدة إلا في مناسبات بعينها ليكتسي طابع "التطهير" صفة الموسمية، لاسيما أن إثارة ملفات عدة من الفساد الإداري والمالي على مختلف محاكم المملكة، جاءت متزامنة بما يعرفه الشارع العربي والمغربي، خصوصا، من غليان أدى إلى الإطاحة بأنظمة سياسية لم يكن حتى أكثر الناس تفاؤلا يتوقع انهيارها بتلك الصورة، وهو الانهيار الذي لم يأت من فوهات البنادق أو نتيجة انقلابات بيضاء بل فقط نتيجة ترديد أفواه المتظاهرين؛ "كفى فسادا".

القضاء..فقدان الثقة..

تحرُّك محمد الناصري، وزير العدل المغربي الأخير، الذي وجه مذكرة إلى الوكلاء العامين بمحاكم المملكة للتعجيل بالمساطر الإجرائية فيما يخص ملفات الفساد المالي، لم يأت نتيجة اقتناع المؤسسة القضائية ببلادنا بجسامة وخطورة هذه الملفات التي تفوح منها رائحة الفساد والتي ظلت منذ وقت ليس باليسير تنتظر القول الفصل للعدالة، يقول المشككون في طريقة التناول القضائي لملفات الفساد الإداري والمالي، ولكنه تحرك أملته الظرفية الحالية والموجة العاتية من انتفاضات الشعوب العربية -والشعب المغربي منها طبعا- ضد "الحُكرة" والفقر والتهميش بسبب غياب تقسيم عادل لثروات البلاد، واستشراء الفساد في ظل قضاء غير مستقل وغياب تام لمحاسبة كبار المسؤولين. ليتساءل هؤلاء المشككون هل أن دعوة وزير العدل للوكلاء العامين بالتسريع في النظر في هذه الملفات، سواء تلك التي سبقت أن أحيلت عليهم مباشرة، أو من خلال المجالس الجهوية للحسابات، وتلك التي بقيت متراكمة، إما لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أو لدى الشرطة القضائية المحلية، هل هذه الإجراء سيذهب إلى أبعد حدود العدالة النزيهة وإماطة اللثام عن طرق تبذير المئات من ملايير هذا الشعب المعدوم، أم أن الأمر يتعلق فقط بخطة عمل تطلبتها المرحلة، مما يقتضي الإطاحة ببعض رؤوس الفساد دون قطف كافة الرؤوس التي لا يستطيع قضاة محاكم المملكة الشريفة استدعاءها للتحقيق معها، وهو ما سبقته إشارات "قوية" تجلت إحداها في فصل قضاة عن العمل، في إطار الصراع الذي يخوضه لوبي الفساد الذي لا يريد إصلاح القضاء؟

وفي الواقع فإن الحذر والشك الذي أبداه العديد من المتتبعين في طريقة تعاطي القضاء مع ملفات الفساد، وخاصة عند النطق ابتدائيا في ملف التعاضدية، يجد له ما يبرره خاصة في ظل حديث متواصل، حتى قبل خروج حركة 20 فبراير إلى الشارع و"خروج" الملك في 9 مارس، أي منذ أزيد من عقد من الزمن عندما رفع العهد الجديد، شعارات من قبيل "الحكامة الجيدة" و"محاربة الفساد". كما يجد لذلك التبرير الكافي والأكثر مدعاة إلى الشك والريبة، في هذا التلكؤ في التسريع بإصلاح جهاز القضاء، الذي تؤكد كل التقارير الحقوقية وغير الحقوقية، الوطنية والدولية، على عدم نزاهته، وهو ما يترجم بشكل لا يدع مجالا للشك فقدان المواطن ثقته في هذا القضاء، الذي تشير معطيات لا تكاد تحصى مدى تسخيره كأداة لخلخلة المشهد السياسي الوطني، كما جرى مؤخرا فقط عندما تم استعماله للزج بالمستشار الجماعي والقيادي في حزب العدالة والتنمية، جامع المعتصم، في السجن بسبب ما قيل أنه تورط في ملفات فساد عقاري، قبل أن ينكشف الأمر ويتضح أن حزب الأصالة والمعاصرة، هو من كان وراء "تلك الطبخة" في مطبخ قضائنا، بعد تدخل أطراف من سلطات القرار على الخط، وهو ما تجلى من خلال الإفراج عن المعتصم، لا بل وتوجهه مباشرة بعد خروجه من سجن الزاكي بسلا إلى القصر الملكي بالرباط لتسلمه ظهير تنصيبه عضوا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وليُطرح السؤال الطبيعي، ما قيمة ودور ذاك القاضي وأمثاله مِمَن يوعز إليهم بالتعليمات بتلفيق التهم إلى أمثال المعتصم، قبل أن يأمروا بالإفراج عنهم؟ وهل في ظل مثل هذه التصرفات غير المحسوبة يمكننا محاربة ملفات فساد تنوء من ثقلها الجبال؟

الدعوة إلى اللانتقائية..

الشك والريبة يكادان يذبان في أوصال كل متتبع هذه الأيام، أولا بسبب فقدان الثقة في قضائنا، وثانيا في التأثيرات السياسية التي تعصف بكل محاولة في اتجاه وضع سكة القضاء في مسارها الطبيعي والصحيح؛ والبعض يضرب كمثال على هذا "التهاون" أو لنقل "التردد" في تطبيق القانون ومبادئ العدالة، هذا التباطؤ في التعامل مع تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008، الذي تطلب مرور أزيد من سنة على صدوره قبل أن يحرك التحقيق في تلك الملفات، رغم أن المجلس الأعلى للحسابات أحال على وزارة العدل عددا من الملفات من أجل مباشرة المتابعة بشأنها، وأحالتها بدورها على النيابة العامة، لكن وبفعل "فاعل" فإن بعض الملفات لم يكتمل فيها التحقيق بعد، كما هو الشأن بالنسبة لملف المكتب الوطني للمطارات، الذي أحيل على النيابة العامة منذ شهر يوليوز سنة 2010، ومازال يراوح مكانه ولم ينته التحقيق بعد فيه.

فهل يمكن القول أن الإشارات التي جاء بها الخطاب الملكي في 9 مارس الماضي كانت كافية لمحمد الناصري لكي ينفض الغبار على العشرات من ملفات الفساد التي ظلت في رفوف المحاكم تنتظر النظر فيها؟

البعض يرى أن وزير العدل المغربي محمد الناصري، كما هم سابقوه، أبانوا عن قدرة هائلة للتفاعل السياسي مع الأحداث الجارية ببلادنا، بل وانخراطا في صراعات حزبية غير مبررة بحكم إشرافهم على جهاز مفروض فيه الاستقلالية التامة. لكن الظرفية الحالية، كما يرى جانب متفائل من المتتبعين، هي غير كل الظرفيات والمناسبات، يقول هؤلاء، فالمرحلة التي تجتاز فيها المنطقة العربية ظروفا صعبة أدت إلى تغيير أنظمة سياسية ظلت جاثمة على صدور مواطنيها بقبضة حديدية، بينما أنظمة أخرى في طريقها إلى زوال، هي مرحلة تحتاج إلى أكثر من مجرد تقديم وعود للاستهلاك الخارجي ومغازلة تقارير المنظمات الدولية ولاسيما منها النقدية والمالية، الداعية إلى إصلاح الإدارة والقضاء. إنها مرحلة ينبغي لها حقا، على مستوانا الوطني على الأقل، أن تبلور على أرض الميدان إلى واقع ما ظل "العهد الجديد" يرفعه من شعارات. ولعل ذلك ما جعل وزارة الناصري تسارع إلى تفعيل ما بدأته في سنة 2010 عندما أمرت الوزارة بأن يأخذ 11 ملف فساد مسارهم الطبيعي في التقاضي، من بينهم ثمانية في التحقيق التمهيدي وثلاثة أمام قاضي التحقيق ومن ضمنهم ملف المكتب الوطني للمطارات، الذي أثار جدلا واسعا في السنة الماضية؛ حيث أكد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات وجود اختلالات في تسيير وتدبير هذه المؤسسة. وفي نفس السياق توصل الناصري بملف من الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات بخصوص مؤسسة القرض العقاري والسياحي، والذي حوله بدوره إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عن طريق الوكيل العام للملك.

لكن مسطرة الإحالة يشوبها عيب إجرائي ينبغي تداركه، كما يرى ذلك، رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب طارق السباعي، في إحدى تصريحاته، بحيث "يجب أن تكون مسطرة الإحالة فورية ومن الوزارة الوصية، أي وزارة الداخلية دون انتظار تعليمات وزير العدل باعتباره رئيسا للنيابة العامة، لتجنب البيروقراطية العقيمة والاعتبارات السياسية والتخفي وراء الحصانات الظاهرة منها والخفية"، ولتفادي أيضا "الانتقائية في الإحالة" التي تظل السمة الغالبة في تناول هذه الملفات، في ظل "تماطل الحكومة في محاربة الفساد وتفعيل آليات الحماية، وإصلاح القضاء وإعلان التصريح بالممتلكات، واتخاذ تدابير صارمة في مجال المراقبة القبلية والبعدية للمال العام وتفعيل مؤسساتها".

أراضي صدويا..الوزيعة!

أثارت عملية تفويت أراضي الشركتين الفلاحيتين، "صوديا" و"سوجيطا"، الكثير من الأسئلة حول مدى احترام شروط ومساطر تفويت المرفق العام، خاصة بعد ردود الفعل الاجتماعية الخطيرة التي خلفتها عمليات تفويت الأشطر الثلاثة الأولى، التي شُرع في تنفيذها قبل أزيد من خمس سنوات. هذه النتائج الاجتماعية التي تجلت بالخصوص في فص المئات من العمال الزراعيين من عملهم، في وقت تنص فيه بنود دفاتر تحملات التفويت على عكس ذلك، أي تشغيل مزيد من اليد العاملة وتحسين الأوضاع الاجتماعية، فمن المسؤول عن هذه الأوضاع الاجتماعية المتردية، بحسب ممثلي العمال، التي خلفتها عمليات التفويت التي تمت لحد الآن؟

اللائحة التالية، التي أعدتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، تكشف عن أسماء لا علاقة لها بعالم الفلاحة، لكنها استفادت من توزيع الآلاف من هكتارات أجود الأراضي الفلاحي؛

- علي بلحاج - حزب رابطة الحريات 450 هكتارا

- المحجوبي أحرضان - حزب الحركة الشعبية 328 هكتارا

- رحو الهيلع - حزب التقدم والاشتراكية سابقا والأصالة والمعاصرة حاليا؛ 609 هكتارا

- بودلال بوهدود - حزب التجمع الوطني للأحرار 380 هكتارا

- عبد الرزاق مويسات - حزب الاتحاد الاشتراكي 200 هكتارا

- محمد تلموست - حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية 123 هكتارا

- ميلود العلج - حزب الاستقلال 138 هكتارا

- عبد السلام البياري - الاتحاد الدستوري 165 هكتارا

- مولاي البشير بدلة - التجمع الوطني للأحرار 77 هكتارا

- عياد بنعلي - حزب الحركة الشعبية 302 هكتارا

- خالد برقية - حزب الحركة الشعبية 1082 هكتارا

- محمد برقية - حزب المؤتمر الوطني الاتحادي 88 هكتارا

- لحسن بوعود - حزب الحركة الشعبية 816 هكتارا

- طارق القباج - حزب الاتحاد الاشتراكي 339 هكتارا

- بوعمر تغوان - حزب الاستقلال 153 هكتارا

- مولاي إسماعيل العلوي - حزب التقدم والاشتراكية ضيعة بالغرب تقدر بالعشرات من الهكتارات.

خسارات بالملايير..

هذه لائحة لعدد من الاختلاسات المعلن عنها رسميا؛ والتي أقرتها مختلف أجهزة الدولة منذ سنة 2000، بعد تحقيقات وجمع معطيات للجن تقصي الحقائق؛

+ صندوق الوطني للضمان الاجتماعي: بـ 115 مليار درهم.

+ المكتب الشريف للفوسفاط: 10 مليار درهم

+ شركة كوماناف: 400 مليون درهم

+ المكتب الوطني للنقل: 20 مليون درهم

+ الخطوط الجوية الملكية: قضية مدير عام سابق للخطوط الجوية الذي اختلس مليار سنيتم، إضافة إلى تبذير مبالغ مهمة على صيانة الطائرات بالخارج.

+ مكتب التكوين المهني؛ فقد تم الاحتيال على مبلغ 7 ملايير سنيتم في إطار برنامج العقود الخاصة للتكوين.

+ وكالة المغرب العربي للأنباء: 1.76 مليون درهم

+ المطاعم المدرسية: 85 مليون درهم

+ جمعية مطاحن المغرب: اختلاس مليار و900 مليون سنتيم.

كذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الوطني للتعاونيات الفلاحية المغربية، الذي أكدت بخصوصه المفتشية العامة للمالية وجود اختلالات خطيرة في تقرير الإفتحاص رقمIGF/3342، والذي أنجز بطلب من وزارة الفلاحة في ماي 2002.

الخميس، أبريل 28، 2011

14 قتلا على الأقل في انفجار "إجرامي" بمراكش


ذكر بلاغ لوزارة الداخلية المغربية أن تحليل المعطيات الأولية المستقاة من مكان الانفجار، الذي وقع اليوم الخميس بأحد مقاهي مراكش، يؤكد "أطروحة الاعتداء".
ويذكر أن هذا الاعتداء الإجرامي خلف 14 قتيلا و20 جريحا من جنسيات مختلفة.
وأضاف المصدر أن النيابة العامة بمراكش فتحت تحقيقا لمعرفة أسباب هذا الاعتداء على وجه التحديد.
وكان مسؤول أمني قد أكد في وقت سابق لـ"العربية" احتمال أن يكون وراء التفجير "مخطط إرهابي".
وفي حصيلة جديدة، ارتفع عدد ضحايا الانفجار إلى 14 قتيلاً و20 جريحاً من جنسيات غالبيتها أوروبية.
وقال مصدر طبي إن "القتلى هم ثلاثة مغاربة و11 أجنبيا، ولا يسعنا الآن تحديد جنسيات جميع الضحايا بدقة".
وأفاد مسؤول كبير في وزارة الداخلية المغربية، نقلا عن موقع العربية، أن "تحقيقا بدأ لتحديد ظروف هذا الانفجار".
ووقع الحادث في مقهى "أركانة" وسط ساحة جامع "الفنا الشهيرة التي يتردد عليها الكثير من السياح.
وفي وقت سابق، أكد مصدر رسمي مغربي أن الحادث وقع نتيجة انفجار أسطوانات غاز، كما أفادت بذلك وكالة رويترز.
ويأتي انفجار اليوم الخميس في الوقت الذي ستحل فيه يوم 16 ماي المقبل الذكر الثامنة للتفجيرات الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في هذا التاريخ من سنة 2003، وخلفت 40 قتيلا على الأقل والعشرات من الجرحى.

كما يأتي انفجار مقهى "أركانة" في ظل حراك سياسي وانفراج قياديين سياسيين كانوا معتقلين في ملف المعتقلين على خلفية قانون الإرهاب، في ما بات يُعرف بملف "بلعيرج". وهي الأجواء التي أعقبت خطاب الملك محمد السادس الذي وجهه إلى الأمة يوم 9 مارس المنصرم وأعلن فيه عن حزمة من الإصلاحات الدستورية، ما تزال اللجنة المكلفة بصياغتها تجري اتصالات مع الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين بشأنها.
كما يأتي هذا التفجير "الإجرامي" في وقت طالب فيه قادة حزب العدالة والتنمية بإعادة فتح تحقيق في أحداث 16 ماي 2003، والذي أعقبه صدور قانون الإرهاب يرى الـ"بيجيديون" أنهم صوتوا لفائدته في مجلس النواب تحت "الإكراه".

الخميس، أبريل 21، 2011

من يوقف طموحات صقور المربع الذهبي بقصر المملكة الشريفة؟

صراعاتهم التي وصلت أصداؤها إلى الصحافة الوطنية، جعلت المواطن المغربي العادي قبل المهتم يطرح أكثر من سؤال حول الحصانة التي يحظى بها هؤلاء أصدقاء الملك، الذين يتولون مناصب مهمة ترهن مستقبل البلاد والعباد، وليتساءل كل المغاربة الذين يحق لهم السؤال عندما يتعلق الأمر بملفات حساسة يتولاها هؤلاء، عن السر وراء وقوفهم وراء حروب "خطيرة" ضمن ما يسمى دسائس القصر، وصل دخانها إلى المنابر الإعلامية، دون أن تطالهم "غضبة" من تلك الغضبات التي عودنا بها محمد السادس

"يخوضون حروبا وصل لهيبُها إلى صفحات الصحف الوطنية"

لم يكن يعتقد أولائك الأطفال الأبرياء الخمسة عشرة، الذين كانوا يصطفون أمام عدسات الكاميرات في سبعينيات القرن الماضي، بداخل المدرسة المولوية بالمشور السعيد بالرباط، ليأخذوا صور تذكار الطفولة البريئة، بأنهم سيصبحون اليوم "الساسة" الأوائل الذين تتوجه إليهم الأنظار في مغرب العقد الثاني من الألفية الثالثة، وقد توزعت عليهم أدوار حيوية مختلفة لتسيير شؤون البلاد والعباد؛ بداية من إدارة أبرز وأضخم المؤسسات المالية والاقتصادية، ومرورا برسم خارطة السياسة والسياسيين المستسلمين لـ"قدر" هؤلاء الذين يفعلون بهم ما يشاؤون، ثم وصولا إلى إحصاء وعَدّ أنفاس المواطن المغربي تحت يافطة حماية أمن البلاد والعباد.

إنه قدر الزمان الذي جمع أبناء أسر متوسطة الحال بـ"سيدي محمد" الأمير وولي العهد في ذاك الوقت، ليكونوا زملاء له في مشواره الدراسي، لا بل ومساره العملي أيضا، في ما بعد، في تسيير دواليب حكم المملكة الشريفة. وبعكس زملاء الملك الراحل الحسن الثاني، الذي كان أترابه في حجرات الدراسة من أبناء نخب المغاربة والمنتمين لأسر عريقة أو إقطاعية، ومن أبناء القواد والباشاوات والأعيان، وممن يحسبون على "دار المخزن"، فقد اختار الحسن الثاني زملاء "سيدي محمد" بالمدرسة المولوية من أبناء معلمين وأشخاص بالكاد ينتمون إلى ما يمكن تسميتها بالطبقة الوسطى. ليشكل هؤلاء جيلا آخر من أجيال المدرسة المولوية التي تأسست في عهد الاحتلال الفرنسي سنة 1942، لتقديم تكوين وتربية نموذجيين لأبناء القصر، والتي كان يحرص الملك الراحل محمد الخامس على أن يكونان نابعين من تقاليد المغرب الضاربة جذوره في عمق التاريخ، والمرتكزة بالأساس على دين المغاربة الإسلام، وعلى المكون الثقافي واللغوي العربي الأمازيغي، دون إغفال التعليم العصري المنفتح على ثقافات ولغات عوالم البلدان الأجنبية، وهو ما تجلى من خلال اعتماد محمد الخامس على ولي العهد آنذاك مولاي الحسن ليكون لسانه في حديثه إلى ممثلي ومسؤولي تلك البلدان. جيل "سيدي محمد" بالإضافة إلى أنه نشأ على احترام نفس المرجعيات الثقافية والدينية، وتلقين مبادئ ومقومات الشخصية الوطنية، فقد كانت بصيرة الراحل الحسن الثاني واعية بما يجري ويدور في البلدان المتقدمة، من اهتمام مضطرد بالعلوم الحديثة وخاصة في ما يتعلق منها بمجال التدبير المقاولاتي؛ إنه الاهتمام بمجال الثروة على حساب التفقه في أداة الثورة وهي السلاح؛ فالحسن الثاني لم يكن يشأ، في سبعينيات القرن الماضي وإلى غاية آخر رمق من حياته، يتذكر المحاولتين الانقلابيتين في سنتي 1971و1972، اللتين كان من ورائهما أشخاص في بزات عسكرية ظلوا منذ السنوات الأولى من الاستقلال يُسوقون له صورة "خدام الأعتاب الشريفة" المخلصين؛ لذلك فالصورة القاتمة التي ظلت ترتسم في مخيلته دفعته إلى توجيه زملاء "سيدي محمد" إلى تلقين وتعلم أسس ومبادئ "الثورة" الناعمة لعلهم يخدمون هذا المغرب تنمويا، عندما سيصبحون، وقد أصبحوا، ساسة البلاد الأوائل، فهل حققوا آمال الراحل الحسن الثاني؟

الهمة..جرّار الملك الذي يعيد الحرث

يمكن القول، انطلاقا من المعطيات المتوفرة للعموم، أن أبرز أصدقاء الملك محمد السادس، الذين تتلمذوا إلى جانبه عبر تسلق درجات التعلم بداية من المدرسة المولوية ومرورا بالكوليج الملكي ووصلا إلى كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قد أُدمجوا مباشرة بعد تخرجهم الجامعي، بـ"أم" الوزارات (وزارة الداخلية) على عهد الوزير الراحل إدريس البصري للتعمق في شؤون الإدارة الترابية وأسرار الأجهزة الأمنية والإستخباراتية، وللاحتكاك بالعارفين ببنية التنظيمات السياسية المتواجدة على الساحة. وتبرز الأحداث التي نعيشها اليوم، في المشهد السياسي المغربي وتحديدا المشهد الحزبي، الدور الذي بات صديق الملك الأول، فؤاد عالي الهمة، يلعبه في رسم خارطة طريق "العهد الجديد"، لاسيما بعد تأسيسه حزب الأصالة والمعاصرة، وهنا نستحضر إشارتين ساطعتين تبرزان بما لا يدع مجالا للشك قدرة هذه "الصديق" الملكي على إحداث تغيير في المشهد السياسي؛ حيث بين عشية وضحاها يجعل "قياديا" اتحاديا (إدريس لشكر) يُغير موقفه بدرجة 180 درجة، ويتعرى من مبادئه الحزبية كلية من أجل "خلوة غير شرعية"، على الأقل بالنظر إلى ما ظل يرفعه من شعارات مناوئة لـ"الوافد الجديد"، لنيل حقيبة وزارية، ولكي يغير الموقف المناوئ لـ"البام" ولشخص الهِمة صوب حزب العدالة والتنمية. نفس الانقلاب، وإن كان يختلف في الطريقة، ذاك الذي أطاح بمصطفى المنصوري من على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، وكذا من رئاسة الغرفة الأولى للبرلمان، لفائدة كل من صلاح الدين مزوار وعبد الواحد الراضي، على التوالي، لمجرد أن الرجل أبدى تضايقا في أحد مجالسه الخاصة، من هذا الـ"فؤاد".

فؤاد عالي الهمة، هذا الشخص الذي رصدته المذكرات المنشورة في موقع "ويكيليكس"، حيث ذكرته بعض مذكرات وزارة الخارجية الأمريكية بأنه شخص"مهم" ويحظى بمكانة خاصة لدى الدوائر العليا بالبلاد، استطاع أن يثير زوبعة سياسية على الساحة الوطنية، بعدما تمكن من حصد مقاعد مهمة بالانتخابات الجماعية والمهنية لسنة 2009، لا بل جعله دوره البارز على الساحة، نقطة قصف حتى من لدن المربع الذهبي المحيط بالملك. وبالرغم من المؤاخذات العديدة التي ظل يجابه بها منذ بروزه كسياسي حزبي مقرب من الملك، إلى درجة تشبيه حزبه بجبهة "الفديك" على عهد الحسن الثاني، وهو ما جعل البعض يتهمه بإفساد اللعبة السياسية وتدخله في الشؤون الداخلية للأحزاب بل ورسم خارطة المجالس المحلية وخاصة بكبريات المدن على المقاص الذي يريد، فإن بعض المتتبعين يجدون العذر للرجل حين يبررون دوره بأنه يستند إلى تجربة عملية بكواليس الداخلية، يتمنى كل سياسي له طموح أن ينال قسطا يسيرا منها، هذا إضافة إلى تكوين الهمة القانوني، وامتياز ثقة الملك به، وهو ما جعل أبواب المعلوم تشرع في وجهه من لدن كبار المسؤولين، الذي بات الأمر مختلطا عليهم، فلا يميزون بين ما هو قانوني وما ينتمي إلى قاموس التعليمات، حين يتعلق الأمر بقضاء "حاجة" لـ"السي فؤاد". الهمة برصيده "الترابي" نسبة إلى ما حققه من اكتساح على مستوى الانتخابات الجماعية، وإلى علاقاته بدهاليز الداخلية التي تمتد إلى سنوات خلت، تمكن من دحر حسن أوريد أكثر من مرة، كما وجه الكثير من الضربات لكل من رشدي الشرايبي وياسين المنصورين ومنير الماجدي. ويبدو أن علاقة الهمة الوطيدة بأجهزة الداخلية ولاسيما المخابرات الـ"ديستي" ورئيسها عبد اللطيف الحموشي، بدت رائحتها تفوح في الأيام الأخيرة، من خلال إحدى الصحف اليومية(المساء)، التي أصبح مديرها لا يخفي "ولاءه" و"دفاعه" المستميت على كل من مدير "لادجيد" (المخابرات الخارجية) ومنير الماجدي الذراع التي تدير ثروة الملك محمد السادس. لكن فؤاد عالي الهمة، وبحسب المراقبين، فإنه يعتبر أكثر شخصية في المربع الملكي استثمرت الإعلام العمومين وإلى حد ما بعض الغعلام الخاص، لصالحها، لذلك لوحظ "انحراف وزيغ" للموالين له داخل الوكالة الرسمية للأنباء والقنوات التلفزية العمومية، والذين يفبركون صناعة الأخبار وتوجيه التحليلات والتعاليق وتسريب المعلومات. تمحورت إستراتيجية الهمة حول شعارات ديمقراطية براقة، واستقطب بذلك عدد من الصحافيين واليساريين البارزين، وأُطرا من الحقوقيين والفاعلين المدنيين والمثقفين، في سياق اشتغاله على قضايا حساسة، كملف الصحراء وانفصاليي الداخل وهيئة الإنصاف والمصالحة، وإعادة تشكيل الحقلي السياسي والإعلامي.

الماجدي..الذراع المالية للمملكة الشريفة

في الوقت الذي حمل فيه شباب الـ"فيسبوك" لافتات تضم جنبا إلى جنب كلا من فؤاد عالي الهمة ومنير الماجدي، بما يوحي أن الرجلين على جبهة واحدة، تبرز الأحداث المتسارعة في داخل المربع الذهبي أن احتكاكا آخذا في التصعيد بين الرجلين بدا يطفو على السطح، وتقوم بعض الصحف بتصريف هذه "الحرب" بالوكالة عن الرجلين. الصراع بين الماجدي والهمة، يدخل ضمن ما يمكن تسميته بـ"صراع السلطة والمال"؛ فالهمة الذي أحدث رجة كبرى في المشهد السياسي، ودك أحزابا بـ"جراره" (رمز حزب الأصالة والمعاصرة )، يحتاج إلى مزيد من الدعم والمساندة من الرأسمال، وإلى متنفسات ثقافية واجتماعية (الرياضة والمهرجانات). هنا يبدو دور الطرف الآخر في "اللعبة الكبرى" بالمربع الذهبي، حيث يتربع منير الماجدي، على سلطة من نوع آخر مستغلا في ذلك مؤهلاته في تدبير الثروة وهيكلة قطاع المال والأعمال. حيث بالإضافة إلى امتلاكه لـ"إمبارطورية" إشهارية، باتت تسيطر على الواجهات الإشهارية المنتشرة بمختلف مدن المملكة، فإن طموحه أصبح بدون حدود، ويمتد إلى الرياضة من فريق الفتح الرياضي الرباطي إلى أكاديمية محمد السادس لكرة القدم عن طريق بعض المحسوبين عليه، في الوقت الذي تشير بعض المصادر إلى أن عين الرجل على اللجنة الوطنية الأولمبية، بعد أوعز له، في وقت سابق، بعدم خلافة الحسني بنسليمان على رأس جامعة كرة القدم. هذا بالإضافة إلى سيطرته على أبرز وأشهر مهرجان فني بات ينظم بالمغرب. فحينما يصول عالي الهمة ويجول في مختلف أنحاء المغرب، مؤكدا "سطوته" و"سلطته" في تدبير خارطة التراب الوطني والمجالس المحلية والجهوية، هامسا في آذان المقربين منه بأن له "الضوء الأخضر" ليفعل "ما يراه مناسبا"، يكون "ابن الرحامنة" بانتصاراته تلك يوج الرسائل بل والضربات وأحيانا تحت الحزام لخصوم المربع الذهبي. لكن المتتبع لمهرجان موازين بالرباط الذي يقام سنويا، والذي يحضره أمراء القصر، يبرز مدى قدرة الماجدي على تلبية متطلبات الجانب الترفيهي للامراء والأميرات؛ وحينما كانت الأميرة للا سلمى تبتسم منتشية بالعروض الفنية التي كانت تقدمها المغنية الأمريكية "ويتني أوستون" فوق إحدى خشبات مهرجان موازين، في إحدى دوراته، كان هذا الموقف يعني أن محمد منير الماجيدي، صديق الملك وكاتبه الخاص ورئيس جمعية "مغرب الثقافات" المنظمة للمهرجان، عرف كيف يحول هذا المهرجان إلى حدث فني كبير يستقطب النجوم العالميين كما يستقطب أيضا الأمراء والأميرات، وهو ما يجعل الماجدي يكسب بشكل سنوي نقطا إضافية في مباراة الملاكمة التي يخوضها ضد الخصم اللدود الهمة.

لقد كانت الصدفة عاملا حاسما في إدخال الماجدي إلى المربع الذهبي للسلطة، فقد كان محمد السادس يحتاج في وقت من الأوقات إلى كفاءة عالية في التدبير المالي، والتفت يمينا وشمالا إلى المحيطين به من أصدقاء الدراسة، لكنه لم يجد من يشفي غليله من هؤلاء الذين تدربوا على الإدارة المحلية والأمنية أكثر من أي شيء آخر، بحكم التكوين القانوني والسياسي والإداري، الذي تلقوه ، وفي سياق تقديم الديوان والمستشارين لعدد من لي"C.V"، إلى الملك، برز اسم منير الماجدي كمرشح لقيادة تسيير وتنمية ثروة الملك، ولإحداث دورة حيوية في المجال الاقتصادي.

المنصوري..العين اليقظة

بالرغم من جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه في حماية الأمن الخارجي للبلاد وقيادة إدارة التجسس خارج الحدود فإن الملك أوكل هذا المنصب لصديق الدراسة الكثوم والهادئ بسبب خجله، ياسين المنصوري. الرجل كثير الإصغاء، له علاقات خاصة جدا بالكتب والرقاءة، وهو ما سمح له بالتوفر على أدوات تحليل المواضيع التي تطرح عليه، وعندما يكون الأمر يتعلق بمجال اشتغاله فإن نظرته الثاقبة للأمور تجعله رجل إستراتيجية بامتياز، كيف لا وقد تمكن من أدوات عالم الاتصال والإعلام، منذ زمن عندما أوكلت له إدارة مؤسسة إعلامية من حجم الوكالة الرسمية للأنباء، التي يتحسر زملاء بها وموظفوها كثيرا وهو يقارنون مالا يقارن بين مدراء لاحقين لهذه المؤسسة وآخرهم بوزردة وبين المنصوري، ليخلصوا إلى أن هناك فرقا شاسعا بين الطرفين؛ لأن المنصوري طيلة الفترة التي قضاها على رأس الوكالة، اعتُبر رجل تواصل بامتياز مع العاملين بها، ويدير الوكالة ليس بمنطق المغرور الذي حظي بمنصب سام، ولكن من منطلق رئيس إدارة يصغي بتواضع إلى كل الموظفين دون تمييز، ولم يكن موقعه المقرب من الدوائر العليا إلا ليزيد في وداعته الطفولية البريئة، التي لم تكن لتلغي بداخله صفات المسؤول الصارم مع المتهاونين في أداء مهامهم.

كثمانه الطبيعي جعله يتوفر على أولى وأهم خصال رجل المخابرات الأول الذي يؤتمن على أسرار أمن البلاد والعباد. وتواضعه الذي اتصف به منذ سنواته الأولى بداخل المشور السعيد وبرفقة ولي العهد "سيدي محمد" ثم برفقة الملك محمد السادس، لم يُلغ يقظته وحذره من "ألغام" الطرق المتشعبة في ما وراء أسوار القصر، ولعل ذلك ما يفسر ابتعاده عن ضجيج وصخب الصالونات الرباطية وغير الرباطية التي يكثر من الحضور إليها العديد ممن يحظون بالقرب من محمد السادس؛ وأبرزهم عالي الهمة الذي فرض عليه ارتماؤه على الساحة الحزبية الحضور المتكرر في اجتماعات حزب "البام" وكذا اللقاءات "الخاصة" التي تُرتب لتشكيل الخارطة السياسية والحزبية. إن حرصه على سرية معلومات الدولة، على مستوى الأمن الخارجي للمغاربة، وتكليفه بإدارة ملف القضية الأولى للمغاربة (ملف الصحراء) الذي انتُزع من براثين أم الوزارات، مع ما خلّف ذلك من "ردود غير ودية" من طرف الابن الشرعي لـ"دار ليوطي"، (فؤاد علي الهمة)، كلها عوامل لم تزد المنصوري إلا إصرارا على مزيد من رفع التحدي؛ كثمان قليل وانفتاح متزايد على مختلف الشرائح الحزبية والمدنية من أجل ممارسة الهواية التي لا تتوفر لأي كان؛ الإصغاء. ولذلك فقد أعطى انطباعا لدى السياسيين ومناضلي الحقل المدني المغاربة بأنه محاور جيد؛ وبعكس ما هو معروف لدى غالبية المهتمين من أن فؤاد الهمة هو من كان من وراء إعطاء الضوء الأخضر لليسار للالتفاف حول "المشروع الحداثي" للعهد الجديد، الذي جسده عمليا حزب "الجرار"، يشير رأي غير منتشر كثيرا بأن المنصوري يعتبر أحد الذين وافقوا على وجود اليسار الجذري قانونيا، خاصة رفاق الحريف، والكل يتذكر هنا صورة ياسين إلى جانب القيادي الشيوعي أبراهام السرفاتي لحظة عودته من المنفى إلى أرض الوطن. والمسألة، بهذا الشأن، لا تتعلق بمحظ صدفة، بل إن أحد أفراد عائلة المنصورين وهو شقيقه، كان من نشاط الحركة الماركسية اللينينية "إلى الأمام"، بالإضافة إلى احتكاك هذا الرجل أثناء محاضرات كلية الحقوق بأكدال مع "رفاق" الحركة الطلابية.

في المرحلة التي قضّاها إلى جانب الهمة وبنيعيش والشرايبي بوزارة الداخلية، لم تطله نظرة "الريب" التي عُومل بها زملاؤه من طرف رجل الحسن الثاني القوي، إدريس البصري، وبدل ذلك فقد نالت يقظته وطابعه الكثوم رضا البصري وهو ما جعله يوصي به خيرا، بداية من نهاية الثمانينات، صقور جهاز الـ"ديستي" كعلابوش وبن حربيط، ذاك الصدى الإيجابي اخترق أسوار القصر ليصل إلى علم الراحل الحسن الثاني، وهو ما جعل البصري، الذي كان يسترق "الفرص" يسارع إلى تعيين الرجل في منصب رئيس ديوانه فترة من الزمن. بعد هذا المسار الحافل تقرر إرسال ياسين المنصوري إلى الولايات المتحدة عام 1992 ليتلقى تكوينا في الـ"FBI" (مكتب التحقيق الفيدرالي)، قبل أن يعود إلى مكتبه بوزارة الداخلية. أول اختبار حقيقي للرجل ارتبط بأحداث العيون في يوليوز 1999، عندما قرر انفصاليو الداخل القيام بمسيرة جابت شارع محمد الخامس وكانت تقصد المشور السعيد، ورفعوا فيها شعارات خطيرة. المناسبة الاستثنائية جعلت محمد السادس يكلف صديقه بإعداد تقرير مفصل حول هذه الأحداث. التقرير الذي أنجز في وقت قياسي جاء في خضم صراع الأجهزة الأمنية بالصحراء، أكد وجود "ثغرات وأخطاء" أمنية على مستوى خطير شمل ضلوع حتى اعلى هرم الداخلية، مما جعل محمد السادس يسارع إلى إقالة إدريس البصري وعلابوش، ليعين مباشرة بعد ذلك، أي في 16نونبر1999 مديرا عاما لوكالة المغرب العربي للأنباء، وهو ما اعتبره البعض مكافأة للرجل على مهمة أمنية قام بها في ظرف عصيب وقياسي. وبالإضافة إلى الزخم الذي اكتسبه في مسؤوليته على رأس الوكالة الرسمية، إلا أن أحداث 16 ماي 2003، اعتبرت منعطفا حاسما في مسار ابن أبي جعد، إذ عينه الملك في مارس 2003 على رأس المديرية العامة للشؤون الداخلية، للتحضير للانتخابات الجماعية،وهو ما مكنه من التقرب أكثر من زعماء مختلف الأحزاب والاطلاع عن قرب على طريقة تفكير هؤلاء وعلى رؤيتهم لمستقبل البلاد. لكن ابتعاده عن الأضواء كان فقط من أجل توسيع دائرة معارفه وعلاقاته، حيث امتدت اهتماماته إلى مختلف المجالات الحيوية، بحكم خبرته بوزارة الداخلية؛ فمن قطاع الصيد البحري إلى ملفات المخدرات والهجرة السرية والإرهاب ثم الصحراء، كلها انشغالات جعلت صديق الملك الكثوم يحظى بـ"الثقة" المولوية لترأس "لادجيد" في فبراير 2005، رغم أنه شخصية مدنية في حين ظل العرف يمنح المنصب لأصحاب البذلات العسكرية، وهو ما أثار "غضب" بعض أطراف القوات المسلحة. وليواصل ياسين مسلسل نجاحاته، رغم الدسائس التي مافتئ بعض زملائه في الدراسة مع الملك، ولينال ثقة الأمريكيين والأوربيين على السواء، من خلال تحركاته المكوكية على المستوى الإقليمي والدولي، والتي رصدتها مذكرات وزارة الخارجية التي نشرها موقع "ويكيليكس" العالمي، الذي رصد أيضا تحركات "الشخصية المقربة جدا من الدوائر"، والمقصود عالي الهمة.

الشرايبي.. "فينيق" أسوار القصر

اعُتبر رشدي الشرايبي، ظل الملك الجديد الذي يشتغل بالديوان، بمثابة الحاجز الذي تصطدم به طموحات زميله في الدراسة فؤاد عالي الهمة، لذلك استعمل هذا الأخير كل الأوراق لإزاحته من طريقه، مستعملا في ذلك العديد من الوسائل وخاصة منها الآلة الإعلامية.

هو ابن عبد المجيد الشرايبي، المعلم بالمدرسة المركزية بورزازات والمتفقد للكتاتيب القرآنية، صاحب الخط الجميل. تمتد أسرته العريقة في أعماق المجتمع المغربي؛ فجدته سوسية، وخاله مراكشي وأعمامه من أهل الشاوية. كان اسم الشرايبي هو رشيد الذي ولد بورزازات عام 1963، لكن الحسن الثاني أطلق عليه اسم رشدي، لأن هناك أميرا بالقصر اسمه مولاي رشيد، كان ذلك أشبه بعملية تبني، كما يرى بعض المراقبين، لهذا الفتى الذي سيصبح أقرب مقربي الملك، وأقوى رجالات العهد الجديد، رغم دسائس القصور والصراعات المتأججة يوما عن يوم.

في يناير 2002، حين عين الملك محمد رشدي الشرايبي إلى جانب حسن أوريد ومزيان بلفقيه وعبد الوهاب بنمنصور في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، اعتقد الرجل الطموح (الهمة)أن الكثير من أوراق السلطة سيجني أرباحها ويقطف ثمارها صديقاه في الدراسة لوحدهما(الشرايبي وأوريد)، وهنا سيتأجج الصراع بين الاثنين من جهة، وبين ابن ابن جرير، سيكون من نتائج الصراع أن تم "تهميش" الشرايبي لبعض الوقت ما بين 2002 إلى 2004، قبل أن يعود إلى الواجهة من خلال لائحة تعينيات الولاة في يونيو 2005 وما تلاها.

عاد طائر "الفينيق"، كما يشاء البعض أن يطلق عليه، إلى مهامه في الديوان الملكي، وطار إلى عدة عواصم عربية ودولية من أجل مهام خاصة ابتداء من فبراير 2005، وهو ما كان يعتبر بمثابة محاولة إبعاد هذا المقرب من الملك عن دائرة الدسائس التي لم تخمد، والتي أبى فؤاد عالي الهمة إلا أن يسرب بعض فصولها إلى الصحافة، من خلال ما عرف بـ"الغضبة الملكية" على الشرايبي. ومع ذلك فإن رشدي الشرايبي ظل في أجندة الدوائر العليا التي عينته على رأس مؤسسة ورزازات الكبرى للتنمية المستدامة، قبل سنة ونيف، في ما يعتبر بداية التمهيد لتطبيق نظام الجهوية الجديدة من خلال تقسيم التراب الوطني إلى مناطق تديرها مؤسسات على رأسها أسماء قريبة من السلطات العليا، كمؤسسة الرحامنة كذلك.

الجمعة، أبريل 08، 2011

شركة النقل العمومي "ستاريو" تطالب بالملايير لإنقاذها من أزمتها المالية

بعد سنتين من بدء تسييرها لمرفق النقل العمومي بالعاصمة الرباط والنواحي تعيش شركة "ستاريو" أزمة مالية جعلت مسؤوليها يُقرون بكونهم تسرعوا في مباشرة التدبير المفوض حتى قبل إعدادهم لمخطط عمل لائق، بينما "تُورط" مصادر من الشركة السلطات الولائية وتحديدا الوالي العمراني في الدفع بالشركة إلى البدء في العمل قبل الأوان، والنتيجة أن الشركة اليوم لم تف بما اتفقت مع السلطات عليه، وبعد سنتين من العمل لم تستطع توفير إلا 200 حافلة جديدة بدل 400

"الشركة لم توفر إلا نصف عدد الحافلات المتضمن في دفتر التحملات"

في شهر أبريل المقبل تكون شركة التدبير المفوض للنقل الحضري بالعاصمة الرباط والنواحي "ستاريو" قد أمضت سنتين، بالتمام والكمال، على بداية "تدبيرها" لهذا المرفق الحيوي، بأسطول جديد من الحافلات، كما وعد بذلك مسؤولوها ووقعوا عليه في دفتر التحملات، وهو ما لم يتم احترامه من طرف مسؤولي هذه الشركة الفرنسية، التي تمر حاليا بأزمة مالية "خانقة" يُنتظر أن يتم الحسم فيها من قبل مجلس مدينة الرباط، في الأيام القليلة المقبلة.

الأزمة التي تتخبط فيها الشركة الفرع في المجموعة الفرنسية العملاقة "فيوليا"، جعلتها لا تفي بمقتضيات دفتر التحملات الذي أمضاه مسؤولوها في فبراير من سنة 2009، لنيل التدبير المفوض لمرفق النقل العمومي، كما أشار إلى ذلك تقرير أعده أحد مستشاري المجلس المحلي للعاصمة، والذي (التقرير) من المقرر أن يثير "نقاشا ساخنا" في الأيام المقبلة، ويزيد بالتالي من "أعباء ومحن" عمدة مدينة سلا التجمعي نورالدين الأزرق -الذي تُوجه إليه هذه الأيام أصابع الاتهام في ملفات فساد أخرى- باعتباره المسؤول عن السلطة الموكول إليها السهر على تتبع تطبيق مقتضيات دفتر تحملات التدبير المفوض للنقل الحضري بالعاصمة الرباط وسلا وتمارة والنواحي.

ويلاحظ زائر العاصمة الرباط هذه الأيام عودة طوابير المواطنين الذين ينتظرون حافلات الشركة التي تتأخر عن مواعيدها، وحتى إذا أتت فإنها تكون مكتظة في الغالب، هذا إذا توقفت في مختلف محطات العاصمة الرباط أو تمارة أو سلا، لأنها في الغالب لا تتقيد بضرورة التوقف بمحطات الوقوف، ليظل المواطنون منذ سنتين يعانون من حرق الأعصاب، ومن تأخر في الالتحاق بمقار عملهم أو من أجل قضاء حوائجهم في الوجهات التي يأمونها، وليبقى السؤال بالتالي مطروحا؛ متى ستتم محاسبة "المتورطين" في تمرير صفقة التدبير المفوض للنقل العمومي بعاصمة المملكة؟

صفقة "مشبوهة"

تشير مصادر مطلعة إلى أن التقرير المتداول حاليا لدى البعض من مستشاري مجلس العاصمة، والذي كان من وراء إنجازه رئيس مقاطعة جماعة اليوسفية والمستشار بمجلس الرباط، إبراهيم الجماني، وصاحب شركة "الكرامة" للنقل العمومي الذي ترك قبل سنتين، إلى جانب شركات أخرى، مهمةَ تدبير مرفق النقل لـ"ستاريو"، يتضمن (التقرير) "صك اتهام" للشركة ومستشارين جماعيين بل ومسؤولين من إدارة التراب الوطني، حول "تورط" هؤلاء في "صفقة مشبوهة"، تصف مصادر مطلعة، ما تزال تثير الكثير من الغموض حول طريقة تفويت تدبير هذا المرفق المهم، في الوقت الذي كانت فيه أزيد من 7 شركات محلية تلبي طلب المواطنين. بل إن من هذه الشركات من كانت شرعت في تجديد أسطولها، كما هو الشأن بالنسبة، لشركة الكرامة المملوكة لإبراهيم الجماني، التي كانت تسلمت، عشية بدء شركة "ستاريو" العمل، بمقر شركة إيزيزار IRIZAR بمدينة الصخيرات، الدفعة الأولى من حافلات فولفو B7 RLE ذات المواصفات الدولية والبالغ عددها الإجمالي 150 حافلة، في سياق "انخراط شركة الكرامة، للنقل الحضري، الكامل في سياسية التنمية الاقتصادية للمغرب التي أعطى انطلاق أوراشها العظمى الملك محمد السادس"، كما صرح في حينه مدير الشركة الجماني، قبل أن يفاجأ هذا الأخير بكون الشركة الفرنسية "ستحتكر" تدبير مرفق النقل العمومي بالعاصمة الرباط.

رائحة "الطبخة"/الصفقة "المشبوهة" التي تم تمرير تدبير القطاع إلى "ستاريو" بدأت رائحتها تفوح منذ أن شرعت هذه الأخيرة في العمل، في أبريل سنة 2009، حيث أصيبت العاصمة والنواحي بشبه شلل في حركة نقل المواطنين، بسبب غياب أو قلة الحافلات. وتم تنظيم وقفات احتجاجية هنا وهناك، زاد من تأجيجها انضمام المستخدمين المطرودين إلى قوافل المحتجين على الشركة الجديدة، بسبب ما رأوه وقتها بأنه "تراجع وعدم التزام" مسؤولي الشركة بما التزمت به في دفتر التحملات الذي تم توقيعه في فبراير من تلك السنة مع ولاية الرباط وشركة "فيوليا" الفرنسية للنقل، بمقتضى عقد يمتد إلى 15 سنة.

مشروع على ورق..

التزمت الشركة الفرنسية بأنها ستضخ أزيد من ملياري درهم، متعهدة بتجديد الأسطول وإعطاء الأولوية لتشغيل عمال القطاع، حسب احتياجات الشركة، والتي كانت تصل في بداية انطلاق المشروع إلى 3200 فرصة عمل، حسب ما جاء في أول ندوة صحفية لمسؤولي الشركة إلى جانب والي العاصمة، أعطيت الأولوية لـ1800 أجير أمضوا عقودا للعمل داخل الشركة الجديدة، كدفعة أولى من المستخدمين في انتظار التحاق زملاء آخرين بهم. الشركة التي ساهمت فيها مجموعة "بوزيد" بنسبة 28.06 بالمائة ومجموعة "حكم" بنسبة 20.90 بالمائة، بينما مجموعة "فيوليا" الفرنسية عاد لها نحو 51.40 بالمائة من أسهم هذه الشركة، وعدت بتشغيل حوالي 3200 مستخدم، وهم العمال المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من بينهم حوالي 370 مستخدما من الوكالة المستقلة للنقل الحضري، في الوقت الذي يقول فيه ممثلو شغيلة القطاع بأن عددهم يبلغ نحو 5 آلاف عامل، منهم حوالي 1500 أجير غير مصرح بهم، والذين كان مصير جلهم التشريد.

مسؤولو الشركة ووالي ولاية الرباط حسن العمراني كشفوا للصحافة الوطنية المختلفة، المكتوبة والمرئية، وعبر المناشير الإعلانية عن أن اتفاقية تدبير النقل المفوض تقتضي أن تضم شركة "ستاريو" 543 حافلة جديدة في أفق السنوات الأربع الأولى، بما في ذلك 400 حافلة، خلال سنة ونصف من الاستغلال، لكن الواقع الحالي هو عكس ذلك تماما بشهادة حتى المسؤولين عن الشركة، كما صرح بذلك المسؤول التجاري بشركة "ستاريو"، سامي البغدادي، في الأسبوع الأخير، أمام مستشاري مجلس العاصمة، حين أكد على وجود "خصاص" في أسطول الحافلات، محدِّدا كموعد للحد من هذا الخصاص أجلا أقصاه شهر ماي المقبل عندما سيتم استقدام 111 حافلة جديدة، في أفق تغطية ما يفرضه دفتر التحملات وهو 400 حافلة، وهو السقف الذي كان مفروضا أن يتم الوصول إليه قبل ستة أشهر من الآن، كما ينص على ذلك دفتر التحملات. إنها أزمة كشفت عنها رسالة مؤرخة بتاريخ 28 أكتوبر 2010، من المدير العام للشركة وصف فيها الوضعية المالية بـ"الصعبة"، والناتجة بحسب مصادر مطلعة عن "سوء التدبير"، رغم ما استفادت منه هذه الشركة من قروض وامتيازات "مالية خيالية". بل لم تكتف "ستاريو" بذلك وتمادت رغم ضعف جودة الخدمات التي تقدمها إلى المطالبة بضخ المزيد من الملايير لإنقاذها، كما نقلت ذلك مصادر عن المستشار بمجلس الرباط، إبراهيم الجماني، الذي كشف خلال تدخله أثناء بداية انعقاد دورة فبراير العادية، قبل أيام، أن الشركة تطالب بتعويضات "غير قانونية" تناهز 30 مليار سنتيم استنادا إلى الاتفاقية الموقعة بينها وبين رؤساء المجالس.

حلول ترقيعية..و"تواطؤ" السلطات

في انتظار ذلك يظل الأسطول الحالي للشركة، بحسب التقرير الذي تم تسريب بعض مضامينه، لا يضم إلا 200 حافلة جديدة، تم استقدامها من السوق الصينية، التي التجأت إليها الشركة، رفقة نورالدين الأزرق كما أوضح ذلك شريط ادعائي مصور عُرض على الصحافة قبل أن يُبث لبعض الوقت بداخل تلك الحافلات الجديدة. بينما لم يتم احترام عدة مقتضيات من دفتر التحملات، ومن ذلك ما التزمت به الشركةمن بناء تجهيزات وبنيات تحتية، وعدم التزامها بوضع نظام عصري لآلات وتجهيزات صرف التذاكر، كما تم التنصيص على ذلك عند التوقيع. واكتفى المسؤولون، بدلا عن ذلك، بوضع علامات تشويرية يصعب حتى على الإنسان القارئ فك طلاسمها بأحرى بالنسبة للمواطن الأمي. وفي ظل "تخبط" الشركة الجديدة، تكشف مصادر مطلعة، في مجموعة مشاكل داخلية أفضت إلى "انسحاب" العديد من أطرها وتقديم استقالتهم أمام تزايد ضغط مسؤولي الولاية والمنتخبين وكذا المستخدمين، الذين نفذوا سلسلة إضرابات كان آخرها الإضراب الذي كان مقررا أن يستمر من 7 مارس الجاري إلى التاسع منه، قبل أن يتم تدخل سلطات الولاية فضغطت على مسؤولي الشركة للاستجابة لمطالب الشغيلة، وتجنيب العاصمة مزيدا من الاحتجاجات المتصاعدة هذه الأيام، في هذه الظروف التجأت "ستاريو" إلى حلول "ترقيعية"، لتغطية عجز أسطولها من الحافلات، عندما استنجدت بالشركة الأم بأوروبا "فيوليا" التي أرسلت لها عددا من الحافلات المستعملة. بالإضافة إلى إعادة استعمال عدد من الحافلات المتهالكة المتبقية من حظيرة شركة "بوزيد" الشريك الوحيد لـ"ستاريو" بعد انسحاب باقي الشركات الأخرى التي كانت تنشط قبل مجيء الشركة الفرنسية.

مصادر "ما وراء الحدث" أكدت "باستغراب" على أن والي جهة الرباط سلا زمور زعير حسن العمراني "يحرص" بشكل كبير على الوقوف إلى جانب هذه الشركة التي تسير على طريق إعلان "إفلاسها"، وفي هذا الصدد تدخل لدى بعض أرباب الشركات المنسحبة من أجل بيع حافلات مستعملة لشركة "ستاريو" من أجل حل أزمة النقل التي تزداد سوءا يوما بعد يوم بالعاصمة والنواحي. وهو ما يتناقض مع مقتضيات دفتر التحملات، الذي ينص على ضرورة أن تكون الحافلات ذات جودة عالية، وتتوفر على شاشة تلفاز ووُلوجيات لذوي الاحتياجات الخاصة ومكيفات هوائية، كما ينص على ذلك دفتر التحملات الذي وافقت عليه الشركة الفرنسية. بعض المستشارين بالمجلس المحلي للرباط، وفي غياب "تضامن جدي"، تصف مصادرنا، من طرف زملائهم، ما فتئوا يحملون العمراني مسؤولية إلزام الشركة بتنفيذ بنود دفتر التحملات كاملة، على اعتبار أنه الآمر بالصرف، وأنه يعتبر بمثابة جهاز تنفيذي، على مستوى تراب العاصمة في الوقت الذي يعتبر فيه المستشارون ممثلين بالجهاز التشريعي المحلي. العمراني يحمله المسؤولية أيضا على ما آلت إليه أوضاع الشركة، حتى مسؤولو هذه الأخيرة، حيث أعلن أحد أطرها في إحدى اللقاءات الصحفية بأن الوالي هو من كان السبب في التسريع بالشروع في العمل قبل "الاستعداد الجيد". ولعل هذا الكلام يجد له الصدى في ما تم التصريح به أيضا مؤخرا من قِبل المدير التجاري لشبكة "ستاريو" للنقل الحضري، سامي البغدادي، في لقاء دعت إليه مقاطعة اليوسفية التي يترأسها الجماني. وبالنسبة للبغدادي فإن سبب التأخر في استكمال حظيرة الحافلات مرده إلى كون شركته "أدت ضريبة الانطلاق مبكرا" قبل إنجاز أرضية مناسبة لها من أجل الاشتغال. البغدادي تطرق أيضا في ذات اللقاء، في ما يشبه محاولة التقليل من حجم تشكيك وتذمر المواطنين الذين حضروا للاستفسار عن أسباب استمرار تفاقم مشكل النقل، إلى ما أسماها "مشاكل" المستخدمين التي سيتم حلها، مؤكدا في ما يخص حرية العمل النقابي داخل الشركة بأن هذه الأخيرة "تعتز بشريكها النقابي الفدرالية الديمقراطية للشغل"، والذي كان شريكا في تصفية كل الملفات العالقة للعمال. كما أعلن البغدادي وبخلاف اتهام الشركة بنهج سياسة التسريح، بكون الإدارة الجديدة ستعمل على إدماج أكثر من مائة مستخدم جديد، للعمل بالحافلات المنتظر تسلمها في قادم الأيام. المناسبة أيضا كانت فرصة للحديث عن التغييرات التي طالت الشبكة فيما يتعلق بالمسار والمحطات، حيث أوضح بأن ذلك يندرج في إطار الملاءمة مع الوضع الجديد، وكذا في إطار تنسيق الحركة مع شبكة الطرامواي المنتظر إعطاء الانطلاقة لبداية اشتغاله في الأسابيع المقبلة. نفس تسليط الضوء حظي به قطاع الطلبة الذين يشكلون شريحة كبيرة من المتنقلين بين العاصمة الرباط وسلا والنواحي، حيث تعهد البغدادي بإعطائهم حق التنقل الحر على متن سائر الخطوط ابتداء من السنة المقبلة، بعد أن يحصلوا على بطائقهم من أكثر 40 شباكا مخصصا لهذا الغرض.