الأربعاء، سبتمبر 05، 2012

حرب الطرق تحصد المزيد من الأرواح والربّاح ينشئ لجنة أخرى..فأين اختفت أم اللجان المعنية؟


لقي 43 شخصا مصرعهم وأصيب 24 آخرون بجروح٬ في حادث انقلاب حافلة للركاب وسقوطها في منحدر٬ اليوم الثلاثاء٬ بإقليم الحوز بحسب السلطات المحلية.
والحصيلة المؤلمة التي أودت بحياة 43 شخصا و25 جريحا بعضهم حالته حرجة نجمت عن حادث انقلاب حافلة للركاب كانت قادمة من زاكورة في اتجاه مراكش، عبر مدينة ورزازات، في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين، بمنطقة "تادارت" بتراب الجماعة القرية "زرقتن" بإقليم الحوز.
وحسب بعض الناجين من الحادث، فإن الحافلة كانت قادمة من مدينة زاكورة في اتجاه مراكش، عبر مدينة ورزازات، وقد عاين بعض ركابها السائق وهو يغفو ويضع رأسه على مقود الحافلة لحظات قبل انقلابها بأحد المنعرجات الخطيرة بهذه المناطق الجبلية الواقعة على الحدود بين إقليمي ورزازات والحوز.
وأعلن وزير التجهيز والنقل٬ عزيز الرباح٬ اليوم الأربعاء بالرباط٬ عن إحداث خلية مهمتها الانكباب على بحث السبل الكفيلة بمواجهة إشكالية حوادث السير، لاسيما من خلال اتخاذ تدابير ذات طبيعة استعجالية في أقرب الآجال٬ وأخرى هيكلية تتعلق بتكريس مهنية القطاع٬ وذلك في أفق جعله قطاعا استثماريا تنافسيا يقوم على الجودة والإمتثال لمختلف معايير السلامة.
ويتساءل كثير من المتتبعين عن جدوى إحداث خلية أو لجنة جديدة في حين أن هذه الإستراتيجية لم تزد طرقنا إلا المزيد من إهدار الدم؛ ويسيق هؤلاء كنموذج عن عدم فاعلية هذه الهيئات الموازية لعمل السلطات التنفيذية والمحلية اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، التي رغم كل الملايين التي أنفقتها طيلة أزيد من عشر سنوات من عملها، فإن حصيلة حرب الطرق مدمرة بكل المقاييس.
وأوضح الرباح في تصريح للصحافة٬ عقب انعقاد اجتماع اللجنة الإستعجالية المكلفة بتدارس التدابير المزمع اتخاذها من طرف الحكومة لمواجهة إشكالية حوادث السير٬ برئاسة رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران٬ وذلك على خلفية الحادث المأساوي الذي وقع يوم أمس بإقليم الحوز موديا بحياة 42 شخص٬ أن هذه الخلية ستنضاف إلى كل من اللجنة الوزارية المشتركة التي يرأسها رئيس الحكومة٬ واللجنة الدائمة للسلامة الطرقية برئاسة وزير التجهيز والنقل.
وأضاف الوزير أن التوجه العام يسير حاليا نحو فرض المهنية داخل قطاع النقل٬ لاسيما من خلال احترام المعايير التقنية التي تحتم سحب كل حافلة لا تحترم هذه المعايير من الأسطول إلى جانب تكثيف المراقبة٬ بما في ذلك المراقبة التقنية التي يشرف عليها أطر وزارة التجهيز والنقل ومراكز الفحص التقني٬ خاصة على مستوى المحطات الطرقية ومخارج ومداخل المدن٬ وكذا المراقبة على مستوى الشركات التي ستفضي إلى منع كل حافلة لا تخضع لمعايير السلامة المطلوبة من الاشتغال.
وتتمثل باقي الإجراءات التي سيتم اتخاذها في هذا الصدد - يضيف الرباح - في تكثيف المراقبة التي تقوم بها مصالح الدرك الملكي والأمن الوطني٬ إلى جانب إلزام شركات النقل باحترام شروط اشتغال السائقين٬ بما في ذلك احترام مدة السياقة التي لا ينبغي أن تتجاوز ثمان ساعات٬ مشيرا إلى أنه سيتم كذلك٬ بحث ضوابط مدونة السير التي تحتاج إلى تعديل فوري٬ وذلك على ضوء الملاحظات التي سبق إبدائها من طرف المهنيين.
وأكد وزير النقل أن الحكومة منكبة أيضا على تحيين وتعزيز البرنامج الاستعجالي للسلامة الطرقية (الفترة ما بين 2011 و2013)٬ والذي تم التعريف بأهدافه ومختلف آلياته في أكثر من محطة٬ سواء في لقاءات مع المجتمع المدني أو خلال اليوم الوطني للسلامة الطرقية٬ فضلا عن لقاء تحسيسي نظم في شهر رمضان مع بعض الفاعلين من علماء وفنانين ورجال إعلام.
كما تتجه الحكومة - يضيف الوزير - نحو اجتثاث مختلف النقاط السوداء والمقاطع الطرقية السيئة٬ إلى جانب المعابر السككية التي رصدت لإلغائها 400 مليون درهم إضافية٬ مشيرا إلى أنه يتم كل سنة إنجاز خريطة لحوادث السير تظهر النقط السوداء التي تتطلب تدخلا فوريا٬ لاسيما تلك التي تعزى خطورتها إلى البنية التحتية.
من جهة أخرى أكد عزيز الرباح٬ أن الحادث الذي وقع يوم أمس بإقليم الحوز موديا بحياة 42 شخصا وإصابة 24 آخرين بجروح٬ "يؤول حسب استنتاجين ثابتين إلى الحمولة الزائدة والحالة الميكانيكية السيئة للحافلة".
وذكر الوزير في سياق متصل أن السبب الرئيسي وراء 80 بالمائة من حوادث السير التي تشهدها الطرقات بالمغرب يتمثل في العامل البشري بينما تعزى 20 بالمائة من الحوادث إلى عوامل مرتبطة بالحالة الميكانيكية والبنية التحتية الطرقية.
يشار إلى أن اجتماع اللجنة الاستعجالية المكلفة بتدارس التدابير المزمع اتخاذها من طرف الحكومة لمواجهة إشكالية حوادث السير عرف٬ على الخصوص٬ حضور كل من وزير الداخلية امحند العنصر٬ ووزير الصحة الحسين الوردي٬ والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي.


الحادث المفجع كما تناوله الإعلام الغربي

الأربعاء، يوليو 04، 2012

"فيسبوكيون" فلسطينيون يؤسسون "جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية"

بمبادرة من فلسطينيين ومغاربة تم تأسيس المجموعة  الفيسبوكية "جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية"، التي تعتبر منبرا حرا لمواطني البلدين الشقيقين، فلسطين والمغرب، لمتابعة أخبار البلدين، ولاسيما القضايا المشتركة بينهم وعلى رأسها القضية العربية الأولى، التي بحسب أصحاب المجموعة يلعب فيها المغرب دورا رائدا، ولذك ينبغي التذكير بهذا الدور التاريخي للمغرب الرسمي والشعبي
 نورالدين اليزيد

يعتبرون أن للمغرب دورا رائدا في القضية الأولى عربيا
يبدو أن الدعم المغربي، الشعبي والرسمي، للقضية العربية الأولى وهي القضية الفلسطينية، لا يحتاج إلى تذكير لمن يريد الذكرى، وإن كانت القاعدة تقول "وذكِّر لعلّ.."؛ فالتحركات الرسمية التي ما فتئت الدولة المغربية، وعلى رأسها جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، وكذلك الشعبية، حيث لا يتردد الشعب المغرب في الخروج إلى الشوارع في مسيرات مليونية، كلما تمادى المحتل الإسرائيلي في التضييق على الشعب الفلسطيني صاحب الحق المشروع في إقامة دولته على أراضيه وعاصمتها القدس الشريف؛ كل هذه المواقف المشهود لها للمغرب، جعل العديد من الفعاليات الشبابية الفلسطينية والمغربية، لا يترددون في إنشاء مجموعة افتراضية على الشبكة الاجتماعية الشهيرة "فيسبوك"، للتعريف والتنويه بهذه المواقف المعبرة عن "نفوس طموحة" لشباب فلسطيني ومغاربة أبوا إلا أن يسخروا هذا الاستعمال الافتراضي من أجل قضية واقعية ينبغي فيها التعاضد والتكافل بين الإخوة.      
ولا تقف هذه المبادرة الشعبية عند الانخراط في تبادل ونشر الأخبار والتحركات التي تهم القضية العربية المصيرية، بل إن المشرفين على المجموعة أرادوها أن تكون مشروع أرضية من أجل تأسيس "جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية"، وهو الاسم الذي حملته أيضا هذه المجموعة الافتراضية؛ وكم يجد المرء نفسه منبهرا أمام هذه المبادرات الافتراضية التي استطاعت أن تُوحّد بين وجهات نظر الشعوب، رغم أن حواراتهم ولقاءاتهم لا تتعدى كونها نقرات على أجهزة حاسوب كهربائية. لكن وعندما تصبح القضية من حجم القضية العربية الأولى، فإن تلكم المبادرات تصبح تكتسي أهمية قُسوى، ليس فقط لدى مؤسسيها ومطلقيها، بل وكذلك عند الخصم الذي يخشى بكل تأكيد مثل هكذا أسلحة بعيدة كل البعد عن رائحة البارود والدم، لكنها أكثر تأثيرا.    
وفي مفتاح المجموعة (A propos)الذي يعرف بها وبأهدافها نقرأ ما يلي؛ "نبعت فكرة تأسيس جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية من نفوس طموحة، رائدة، وقلوب مخلصة، وذكريات ماضٍ جميل حمَل كل معاني المودة والإخلاص بين الشعبين المغربي والفلسطيني؛ حيث حملت هذه المعطيات ثلَّة من أبناء محافظات الوطن الفلسطيني، تربطهم علاقات وطيدة لإنشاء هذه الجمعية".
ويواصل مؤسسو مجموعة "الصداقة المغربية الفلسطينية" شرحهم لدوافع هذه المبادرة الفيسبوكية ذات الأبعاد الإنسانية والسياسية، بتذكيرهم بالتاريخ المشترك بين الشعبين الفلسطيني والمغربي، مؤكدين أن الفكرة "نبعت كذلك من الترابط الاجتماعي والثقافي والعلمي بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والمغربي، ومن العلاقة الممتازة بين المملكة المغربية وفلسطين المحتلة، والمواقف الداعمة والرائدة للمملكة المغربية التي تتمثل بلجنة القدس وبيت مال المقدس" (يقصدون وكالة بيت مال القدس الشريف التي تأسست في سنة 1998 بمبادرة من الملك الراحل الحسن الثاني رئيس لجنة القدس وقتئذ، وتهدف إلى دعم الشعب والقضية الفسطينيين).
وفي إطلالة سريعة للإسهامات التي يشارك بها منخرطو المجموعة نجد مدى التزام هؤلاء بالروابط التاريخية والحضارية بين الشعبين العربيين المغربي والفلسطيني، وكذا حرص هؤلاء على التتبع المستمر لمستجدات الساحتين الفلسطينية والمغربية، سواء تعلق الأمر بأخبار القضية العربية الأولى، أو بأخبار متنوعة تطال بالإضافة إلى الجوانب السياسية والدبلوماسية، الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها بالبلدين الشقيقين.
في ذات السياق المتعلق بالمواد المنشورة لن يستغرب الزائر للمجموعة، وهي بالمناسبة مجموعة مفتوحة (ouvert)، إذا ما وجد طابقا منوعا وكذلك عادلا من الأخبار والمستجدات على هذين الساحتين العربيتين، وكأن بالمشرفين على المجموعة يعملون وِفق ميثاق شرف مهني، يغيب وجوده للأسف حتى في بعض المنابر الإعلامية؛ وهكذا بينما نجد في آخر مساهمة فلسطينية تنشر دعوة لمجموعتها تحثُّ على جمع مليون عضو منخرط، فإننا نجد منخرطا آخر ينشر قصاصة إخبارية جديدة تهم القضية المغربية الأولى، بحيث نقرأ "المغرب يرحب بمصادقة مجلس الأمن الدولي وبإجماع أعضائه على القرار رقم 2044 المتعلق بقضية الصحراء المغربية"، وهو القرار الذي "يقر بجهود الرباط لتحقيق الحل السياسي المنشود على أساس مبادرة الحكم الذاتي، التي تظل وجيهة وواقعية كما تظل الإطار الوحيد الذي يمكن من التوصل إلى هذا الحل"، كما يقول مندوب المغرب الدائم بالأمم المتحدة، محمد لوليشكي، بحسب ما تم نشره في المجموعة نقلا عن وكالة المغرب العربي للأنباء.
وبين ثنايا مثل هذه الأخبار ذات الطابع السياسي الساخن، يطالعك من حين لآخر منخرط من هنا أو هنالك بمساهمة في شكل فيديو غنائي مثلا، كما هو الشأن بالنسبة لشريط محمول من الموقع الشهير يوتوب لأغنية تراثية للمغني العربي الذائع الصيت، مارسيل خليفة، بعنوان "الحلوة دي تعجن.."، وكأن المنخرطين بالمجموعة يريدون التنبيه إلى أن التزامهم بالقضية لن ينسيهم حقهم في الترفيه على النفس، وفي نفس الوقت التذير بثقافة وحضارة هذا الشعب العربي الأبي؛ فكم هي رحبة ومفيدة هذه الصفحات الافتراضية التي نحلق على أثيرها إلى فضاءات التاريخ، ونلتزم بها وعلى إثرها بواقعنا وقضايانا وهمومنا.  

دعُوا الشباب يعْمل..


نورالدين اليزيد

توقّفت كثيرا عند بعض الردود غير المرَحِّبة بالمبادرة الشبابية الطموحة التي أطلقها مؤخرا خيرة من شباب هذا الوطن العزيز، والتي أسموها "حكومة الشباب الموازية"، وهي فكرة جمعوية بسيطة لكن لها من الدلالات ما يجعلها تؤسس لنوع آخر من العمل الجمعوي الجاد والملتزم بقضايا الوطن الحقيقية، لا بقضايا البحث عن الدعم المادي أو تسلق الدرجات أولا وأخيرا.
المبادرة التي أطلقها منتدى الشباب المغربي، وهو جمعية شبابية وطنية وضعت منذ وقت غير يسير نصب أعينها العمل لأجل الشباب ومن أجله، وهو ما جعلها تترافع عن قضايا الشباب المغربي في مناسبات مختلفة وعلى كافة الأصعدة المحلية والوطنية والإقليمية والدولية، أثارت حسد البعض وغضب بعض آخر، فاستل هؤلاء فؤوس الهدم والتخريب؛ بما يدل على أن هناك مَن لا يريد لهذا الشباب المغربي أن يكون مبدعا، وأن يظل بعكس ذلك قابعا إما في زوايا الكسل والخمول، أو وراء فئة من الناس يعظون بالنواجذ على الكراسي والمناصب الجمعوية والحزبية والمهنية، ويضعون على أعينهم وعلى أسماعهم جدارات الإسمنت المسلح، غير مبالين بما تشهده بلادنا من تغيير انخرطت فيه أعلى سلطة بالبلاد وكل أطياف المجتمع، بما فيها أطراف معارضة ظل أكثر المتفائلين، إلى حدود الأمس القريب، لا يُرشحها إلا لتحمل حقيبة أو حقائب وزارية محددة، إن هي وصلت إلى الحكم، فإذا بها تحظى بترأس الحكومة عشية المصادقة على دستور يوسع كثيرا من صلاحيات الممارسة الحكومية ببلادنا.
وكم وجدتُني أتساءل، خاصة عندما قرأت مقالات صحفية وتتبعت تدوينات على المواقع الاجتماعية المختلفة، كلها تحامل وهجوم غير مبرر على أصحاب تلك المبادرة المدنية غير المسبوقة ببلادنا، عن مدى قدرة هؤلاء الذين أخرجوا كل أسلحة التدمير والإبادة في وجه هذه المبادرة المدنية الفتية، على تقديم بديل أو نموذج يحاكي المبادرة التي قدمها شباب "منتدى الشباب المغربي" وشباب آخرين غير منتمين بالضرورة للمنتدى، ولكنهم منتمون لفضاء أوسع وأرحب اسمه "الوطن".
ويبدو أن غياب أية إمكانية لمقارعة مؤسسي "حكومة الشباب الموازية" لدى هؤلاء الذين يهاجمونها، وافتقادهم إلى حس وروح السجال البناء الهادف إلى إغناء المبادرة، إنْ رأوا فيها ما يحتاج إلى تقويم وإثراء، وكذا ظهور البعض من هؤلاء كأنهم ينافحون عن قلاع محصنة، لا أخالها إلا قلاعا لمنظمات عشعشت فيها العناكب، من كثرة غياب مظاهر الحياة بها؛ كل ذلك يجعلنا نتساءل، بكل أسف، عن مآل هذه الدعوات المتكررة من ذوي النيات الحسنة بضرورة أخذ المبادرة والإسراع بتداول المسؤوليات ليس فقط على مستوى الإدارات العمومية والمجالس المحلية، ولكن أيضا وبالضرورة، على مستوى السلطات داخل مختلف المنظمات المدنية والحزبية والنقابية والمهنية.
صحيح أن هناك مجالا للنقد ينبغي أن تتسع له سعة صدر أصحاب مبادرة "حكومة الشباب الموازية"، على غرار باقي المبادرات الأخرى سواء السياسية منها أو السوسيواقتصادية والمدنية، لكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يكون ذاك النقد المغلف بمعاول الهدم وإبادة الأفكار ذات السبق، وإلا فإننا سنحكم على هذه الفئات الشابة بالبقاء دوما خلف أشخاص لا يريدون لهذه البلاد التأسيس لمرحلة التغيير الحقيقي، وهم بذلك يدعون بالنتيجة إلى التقليد وقتل روح الابتكار والإبداع؛ فدعوا الشباب يُبدع.. !                                

الأحد، يونيو 24، 2012

مُرسي: أول رئيس شرعي يخرج من صناديق الاقتراع بمصر


قال إنه سيكون رئيسا "لكل المصريين بدون تمييز"

أخيرا تنفس عشرات الملايين من المصريين الصعداء بعد إعلان لجنة الانتخابات المصرية عن فوز مرشح الإخوان المسلمين للرئاسيات المصرية، محمد مرسي، ليهزم مرشح المؤسسة العسكرية الفريق أحمد شفيق، ولو بفارق ضئيل.

وأَعلن محمد مرسي أول رئيس منتخب لمصر منذ الإطاحة بحسني مبارك بداية 2011، مساء الأحد، أنه سيكون "رئيسا لكل المصريين" بلا تمييز، مشيدا بتضحيات الشهداء وبدور الجيش والقضاء في الثورة والانتقال الديموقراطي في البلاد.
وعاش المصريون منذ حوالي الأسبوع على أعصابهم بعدما تضاربت الأخبار حول صحة النتائج التي تم إعلانها من طرف هيئة الحملة الانتخابية للمرشح مرسي، والتي أكدت فوز مرسي في الانتخابات، قبل أن يخرج المرشح المافس شفيق ليؤكد هو الآخر أن "المعطيات" المتوفرة لديه تشير إلى فوزه على خصمه، وبأنه سيكون "رئيس مصر الشرعي"، فيما ازدادت شكوك المصريين حول فرضية "تدخل أطراف" لتغيير النتائج لفائدة من يصفونها "مرشح المؤسسة العسكرية وبقايا النظام السابق" أحمد شفيق.
وتبلور القلق المصري الشعبي على أرض الواقع عندما تهافت العشرات من الآلاف على ميدان التحرير وسط القاهرة معلينين عزمهم مواصلة الثورة خاصة في ظل إقدام المجلس العسكري الأعلنى على إصدار البيان الدستوري القاضي بإحداث تعديلات دستورية أثارت الجدل، وإقدامه أيضا على حل البرلمان (مجلس الشعب)، بدعوى وجود خروقات في انتخاب العديد من النواب.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر فوز محمد مرسي، مرشح حركة الإخوان المسلمين، في انتخابات الرئاسة بنسبة 51.73 بالمائة وسط فرحة غامرة بين أنصاره، ليصبح بذلك أول رئيس يصل إلى سدة الحكم في البلاد في انتخابات ديمقراطية.
فقد حصل مرسي على 13230131 صوتا، بينما حصل منافسه الفريق أحمد شفيق على 12347380 صوتا من أصل 26240763 ناخب أدلوا بأصواتهم، وعدد أصوات صحيحة بلغ 25577511 صوتا.
وقال مرسي في أول كلمة يوجهها عبر التلفزيون للشعب بعد إعلان فوزه بعد ظهر اليوم في الانتخابات الرئاسية "إنني اليوم رئيس لكل المصريين دون أدنى تمييز" مشيدا بـ"الدماء الزكية لشهدائنا" التي أتاحت هذه "اللحظة التاريخية" وكذلك بدور المؤسسة العسكرية والجيش في حماية الثورة والانتقال الديموقراطي.

وحبس المصريون أنفاسهم اليوم لمدة 50 دقيقة تعتبر هي الأطول في تاريخ مصر، انتظاراً لإعلان اسم الرئيس الفائز في الانتخابات الرئاسية عصر اليوم.
وتسبب طول حديث المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في انصراف البعض لممارسة هواياتهم للبعد عن التوتر والقلق قبيل إعلان اسم الرئيس المنتخب.
واستغرقت كلمة سلطان رقماً قياسياً 50 دقيقة و18 ثانية.
وأعرب الكثير من المصريين في جميع أنحاء العالم عن إحباط شديد بسبب طول البيان الرسمي الذي ألقاه سلطان، وهو يشرح لحظة بلحظة العملية الانتخابية منذ بدأت بانتخابات مجلس الشعب والشورى وما عانته لجنة الانتخابات والقضاة المشرفون عليها من تحديات كبيرة.
وأعرب مصريون وعرب وهم ينتظرون إعلان النتيجة بفارغ الصبر عن غضبهم من تأخير إعلان النتيجة واستغراق سلطان في الحديث، وقارن بعضهم بين سلطان والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والذي كان يعرف بطول خطاباته بشكل فريد.

ودعا مرسي الشعب المصري إلى تقوية الوحدة الوطنية للخروج من المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.
وقال: "إنني في هذه اللحظة التاريخية أدعو الشعب المصري العظيم إلى تقوية وحدتنا الوطنية وتمتين الأواصر بيننا وتقوية وحدتنا الوطنية الشاملة".
كما تعهد مرسي بالحفاظ على "الاتفاقيات المصرية مع دول العالم".
وقال مرسي "سنحافظ على المعاهدات والمواثيق الدولية، لقد جئنا برسالة سلام إلى العالم" مضيفا "سنحافظ على الالتزامات والاتفاقيات المصرية مع دول العالم".
واعتبر في كلمته أن "قدر مصر هو أن تكون قائدة لأمتها رائدة في عالمها"، مشددا على أهمية إقامة علاقات "متوازنة" مع دول العالم.
واحتفل ملايين المصريين، مساء اليوم الأحد، بفوز مرسي ونزل مئات الألوف منهم إلى مختلف الميادين في المدن المصرية وخاصة بميدان التحرير في القاهرة تعبيرا عن فرحتهم بإعلان مرسي أول رئيس للبلاد بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
ومع إعلان المستشار فاروق سلطان، رئيس اللجنة العليا للانتخابات في مصر، عن النسبة التي حصل عليها شفيق، علت أصوات الفرح بين أنصار مرسي، الذين كانوا قد ملأوا ميدان التحرير وسط القاهرة، حيث أدركوا تلقائيا فوز مرشحهم بالرئاسة حتى قبل أن يعلن سلطان عن عدد الأصوات أو النسبة التي فاز بها.
وكان الآلاف من أنصار مرسي قد ملأوا ميدان التحرير قبل ساعات من بدء المؤتمر الصحفي المتلفز للإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية.
وفور معرفة النتيجة انطلقت الاحتفالات بين أنصار في ربوع مصر بفوز مرشح حزب الحرية والعدالة المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين التي ظلت محظورة لسنوات قبل الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 11 فبراير/ شباط من عام 2011.
وهنأ المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري مرسي بالفوز، كما تلقى مرسي تهاني من مفتي مصر علي جمعة ورئيس المخابرات ووزير الداخلية. بينما صمت المرشح الخاسر الفريق أحمد شفيق رغم تأكيده أنه سيكون أول مهنئي مرسي بالفوز إذا أعلنت لجنة الانتخابات ذلك.
 كما تقدم سفير تركيا في القاهرة حسين عوني بتهانيه للشعب المصري باسم الشعب التركي "لنجاحه في اجتياز اختبار الديمقراطية"، وقال إن مقعد مصر على طاولة الديمقراطية وانضمامها لعائلة الدول الديمقراطية أصبح جاهزا.
ودوليا هنأ وليام هيغ وزير خارجية بريطانيا مرسي بالفوز ودعاه لمراعاة حقوق كل المصريين، وكتب في تغريدة على تويتر "آمل أن يظهر الرئيس الجديد لمصر قيادة مبكرة فيما يتعلق بالإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية وحقوق كل المصريين رجالا ونساء".
وفي إسرائيل أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو احترامه لنتيجة الانتخابات ودعا السلطة الجديدة في القاهرة للمحافظة على معاهدات السلام بين البلدين.
وأضاف نتنياهو في بيان أن إسرائيل تتوقع استمرار التعاون بين البلدين على أساس المعاهدات بينهما التي تصب في مصلحة الطرفين والاستقرار في المنطقة.
أما عربيا فرحبت دولة الإمارات العربية بفوز مرسي وأكدت وزارة الخارجية في بيان أن الإمارات تؤكد "احترامها لخيار الشعب المصري الشقيق في سياق مسيرته الديمقراطية وتأمل أن تتكاتف الجهود الآن نحو تأمين الاستقرار والتآلف والتعاون بين الجميع".
وعلى مستوى الجماعات والحركات أشادت جماعة الإخوان المسلمين بفوز مرشحها وقالت إن العالم يشهد الآن أن أكبر دولة عربية أثبتت أنها يمكن أن تختار زعيمها بحرية.
وأعربت حركة التحرير الفلسطيني (فتح) أنها مع خيار الشعب وقال أمين سر المجلس الثوري للحركة أمين مقبول "نتمنى للشعب المصري كل التوفيق والاستقرار وما يقبله الشعب المصري نحن معه".
كما احتفل قطاع غزة بفوز مرسي وسمعت أصوات الرصاص احتفالا بالفوز، ويقول الفلسطيني حمدان عطية (56 عاماً) "كيف لا نوزع حلويات ونحن نعيش لحظات الأمل بعد أن عانينا كثيراً من النظام المصري السابق، فذاكرتنا لم تنس الحرب والتواطؤ والحصار".
وقد أجرى رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية اتصالا بمرسي وهنأه على فوزه، ووصف المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري فوز مرسي بأنه نقطة تحول في تاريخ مصر والقضية الفلسطينية.
وفي ليبيا هنأت جماعة الإخوان المسلمين نظيرتها في مصر وقال مسؤولها بشير الكتبي إن الشعب المصري بانتخابه مرسي رئيسا له قد انحاز إلى ثورته.
وكالات-أطلس أنفو

الثلاثاء، يونيو 19، 2012

نعم للتكافل الأُسري...لكن !


 نورالدين اليزيد

الدراسة التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط مؤخرا، والتي همت شريحة مهمة من مجتمعنا، هي فئة الشباب، بقدر ما تُطمئننا، نحن المغاربة، بأن مجتمعنا مازال بخير، وما زال التكافل الأسري، يحتل مكانة في حياة أمتنا ذات التقاليد والثقافة المتجذرة، بقدر ما تدق ناقوس الخطر أيضا تنبيها إلى ضرورة الاهتمام أكثر بهذه الفئة العمرية الحيوية، التي تشكل، ولله الحمد والشكر، القاعدة العريضة من النسيج الاجتماعي الوطني.
المعطيات تشير إلى أن أكثر من نصف الشباب المغاربة، أي ما يعادل 54 بالمائة، يعيشون ببيوت أسرهم؛ وإذا كان نصف الكأس المملوؤة يدعو إلى الاطمئنان، ويعلنها صراحة أن أسرنا لا تضيق ذرعا بتحمل تكاليف شبابها البالغ من العمر سن النضج الطبيعي والسوسيواجتماعي، وهو ما لا يمكن وجوده إلا في دول محددة، إلا أن النصف الآخر من الكأس تدعو إلى إعادة قراءة جد متأنية للواقع الحالي لشبابنا المغربي، بقصد الإجابة عن مختلف الأسئلة التي تجعل غالبية هذا الشباب لا تتوفر على مصدر كسب، وبالتالي، تفتقد إلى الاستقلالية وبناء أسرة صغيرة.
صحيح، نعم للتكافل العائلي، بما يتماشى ومبادئ ديننا الحنيف الذي يدعو إلى التعاون والتعاضد والتآزر، مكانة خاصة في آدابنا وأخلاقنا وحياتنا المعاشة عموما، لكن لا ينبغي، بأي حال من الأحوال، أن يكون ذلك مبررا لجعل أكثر من نصف شبابنا عالة على أسرهم، وبالنتيجة، قتْل كل ملكة للإبداع والعمل لدى هؤلاء الشباب.
ويبدو أن المسؤولين ببلادنا باتوا، أكثر من أي وقت مضى، أكثر استشعارا بمدى خطورة واقع الشباب المغربي، الذي لا يمكن إحداث أي تغيير أو تقدم في مسار التنمية ببلادنا دون الالتفات إلى وضعيته الاجتماعية والاقتصادية الفردية، أولا وأخيرا، قبل أي حديث عن مدى تعاطيه مع المجال السياسي ومدى قدرته على الاندماج في المنظمات السياسية. ولا أدل على ذلك من أن مؤسسات حيوية، بالإضافة إلى المندوبية السامية للتخطيط مثلا التي ترصد المعطيات الدقيقة والإحصائية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي أصدر قبل أيام فقط دراسة قيمة تروم تقديم إجابات عن طرق إدماج الشباب في المجتمع، ومن ذلك، كما جاء في توصيات المجلس، إدماجهم عن طريق الثقافة؛ علاوة على مؤسسات أخرى، كوزارة الشباب وغيرها؛ كل هذه المؤسسات، أصبحت تعطي أهمية خاصة لرصد هموم وآمال فئاتنا الشبابية، محاولة الإجابة عن مختلف الإشكالات التي تحُول دونهم والتأسيس لاستقلالية في الحياة تضمن لهم الحفاظ على الكرامة، والمساهمة بشكل فاعل في أي حراك، من أي نوع، يقود البلاد إلى مصاف الدول المتقدمة.
وعلى ضوء هذه الدراسة، كمْ يجد المرء نفسه عاجزا عن إيجاد إجابات لواقع العشرات وربما المئات من الشباب والشبابات، من ذوي وذوات الشهادات العليا ببلادنا، الذين اتخذوا من الشارع الرئيسي لعاصمة المملكة مجالا لاحتجاج متواصل مطالبين بالشغل والتوظيف الفوري؛ وهو ما لا تستطيع الحكومة الحالية، كما صرحت بذلك صراحة، تلبيته رغم أن الحكومة السابقة كانت شرعت في تنفيذ توظيف مباشر يهم هؤلاء المحتجين، قبل أن تتراجع الحكومة الحالية، بدعوى عدم شرعية ما أقدم عليه المسؤولون سابقا.
وإذ نتقبل مبررات وحجج الحكومة الحالية في الدفع بعدم شرعية قرار سابقتها، وإصرارها على فسح المجال لجميع الفئات الحاملة لشواهد عليا من أجل ولوج مباراة شفافة ونزيهة للتوظيف، فإننا نأمل أن تكون هناك إجراءات اعتبارية تطبيقية لهؤلاء الذين تم وعدهم سابقا بالتوظيف، ولم يوظفوا إسوة بزملاء لهم جمعتهم أيام عسيرة من الاحتجاج افتقدوا فيها غير يسير من ماء الوجه؛
ولا أظن أن تخصيص نسب معينة ومحددة من التوظيف، لهؤلاء المحتجين، يخل بتطبيق القانون وخاصة منه القانون الأسمى (الدستور)، مادام أن الأخير قد نص صراحة على تخصيص نسبة محددة (كوطا) من المقاعد في مجلس النواب للشباب، ومادامت أيضا عدة قطاعات وزارية تعلن بوضوح في إعلاناتها بقصد التوظيف عن تخصيص نسبة محددة لذوي الاحتياجات الخاصة، ولمكفولي الأمة.
لذلك وقياسا على ما سبق، لم لا تفكر الدولة في السير على هذا النهج، وتخصص نسبة معينة لهؤلاء الشباب الذين أفنوا زهرة عمرهم في الدراسة، وهم اليوم يطرقون الأبواب من أجل مصدر رزق يكفل لهم عيشا كريما فيما تبقى لهم من أجل؛ وليشفع لهؤلاء أنهم أبناء هذا الوطن الذي درّسهم هذا النظام التعليمي غير القادر، في الغالب، على إدماج الشباب بيُسر في مجال التشغيل.