الأربعاء، مايو 23، 2012

الوطن وطننا ولا مرحبا بـ"روس" !


مما لا شك فيه أن المغاربة الذين توحّدوا تاريخيا حول شعارهم الخالد "الله، الوطن، الملك"، لم ولن يتفرّقوا إلى أبد الآبدين عندما يساومون في أرضهم التي يشهد التاريخ والجغرافيا بحدودها، ولا تستطيع حسابات الطامعين والراغبين في التنغيص عليهم والنيل من تراب هذه الأرض الطيبة والطيب أهلها، مهما أوتوا من قوة ومكائد.
وكم يُحس المرء بالفخر والاعتزاز عندما يبحر في الشبكة العنكبوتية العالمية، وخاصة في مختلف المواقع الإليكترونية العملاقة، وفي صفحات شبكات الاتصال الاجتماعي كـ"الفيس بوك" و"تويتر"، والـ"يوتوب"، ويجد العشرات بل والمئات، أو فلنقل بأدنى تحفظ، الآلاف من جيوش الشباب المغربي، الذين أخذوا على عاتقهم الدفاع عن مقدسات بلادنا بطرقهم الخاصة؛ فلا يترددون ولا يدخرون جهدا في التصدي لأعداء وحدتنا الترابية، من خلال تعليقاتهم التي تحمل في ثناياها الإيمان بقُدسية هذا الوطن الغني بأهله وترابه، وليس بشيء آخر يُباع ويُشترى، والذي يجعل حتى الأشقاء المجاورين يُنَصبون أنفسهم خصوما لَذوذين لنا تحت يافطات "حق تقرير" المصير المفترى عليها.
ولا تكاد مقالة منشورة هنا أو هناك، وبهذا الموقع أو ذاك، وتتعلق بالقضية الأولى وطنيا، أن تخلو من تعاليق "أنترنوت" مغاربة يخوضون حروبا لا هوادة فيها، سواء مع أزلام افتراضيين لعصابة البوليساريو، أو مع عناصر تحركها خيوط تمتد إلى مخابرات الدولة الجارة التي لا تخفي معاكستها لأرضنا ومصيرنا.
إن هؤلاء جنود الاحتياط المغاربة المرابطين في مختلف منصات/قلاع هذا العالم الافتراضي، والذين وإن اختلفوا مع سياسيينا حول طريقة تدبيرهم للشأن العام الوطني، فإنهم لا يقبلون المساس بحدود الوطن الطبيعية الممتدة من طنجة إلى الكويرة، من أية جهة مهما كانت دولة أو عصابة، فتجدهم ينشرون ويردون على مختلف التعاليق بالحجة والدليل على مشروعية وعدالة قضيتنا المقدسة، وعلى زيف وادعاءات الخصوم والمناوئين لنا.
وفي عدد من المناسبات تجد هؤلاء الخصوم الافتراضيين المسخرين من طرف خصومنا الواقعيين لا يستطيعون الاستمرار في المواجهة مع شباب مغربي تسلح بمقدساته، وهو ما يعري عورة هؤلاء المرتزقة بصكوك تقرير المصائر، لغايات الاغتناء وتلهية الشعوب عن قضاياها الحقيقية والطبيعية.
ويبدو أن الحروب القادمة لن تشم منها رائحة بارود أو دم، ولكنها ستكون، وهذا ما أثبتته الدراسات الحديثة، في بحور الشبكة العنكبوتية، ليكون الأقوى فيها هو القادر على التمكن من خيوط هذا العالم الافتراضي، وجعله في متناول شعبه بالشكل الذي يصبح فيه استعمال الإنترنيت مجالا للابتكار والتربية على مقومات الوطن والتعريف بها والذود عليها، لا أن يكون مجرد أداة للترفيه وتمضية وقت الفراغ.
ولعل النصيحة التي قدمها المرشح للرئاسة المصرية "أبو الفتوح" إلى المسؤولين المغاربة -وإن كنا لا نتفق معه بشكل كبير على الأقل من حيث جعل النصيحة هنا مبررا- حول ضرورة التكثير من تحميل خرائط المغرب على الإنترنيت، بعدما سقط العاملون في حملته الانتخابية في خطإ فادح وحمّلوا خريطة للمغرب غير مكتملة، لعلها (النصيحة) تحمل العديد من الدلالات، بحيث يعتبر الاستعمال المكثف لهذه الشبكة سواء من خلال تحميل الأشرطة والصور والخرائط، من طرف الشعوب، شكلا آخر من أشكال، ليس فقط التعريف ببلدان هذه الشعوب وعادات هؤلاء وتقاليدهم ومقدساتهم، ولكن أيضا وهذا هو الأهم، جبهة لحرب الدفاع عن كل ذلك؛ وإنها لدعوة ملحة أيضا إلى الفاعلين في مجال الاتصال ببلادنا لتكريس وتسريع وثيرة نشر استعمال الإنترنيت على أكبر مستوى، وتسهيل الولوج إليه من قبل المواطنين، فليس المهم أن يبلغ عدد الهواتف النقالة بالمغرب أكثر من عدد السكان، كما أعلن مسؤولو الوكالة الوطنية لتقنين وسائل الاتصال (ANRT)، مؤخرا فقط، مادام أن استعمال غالبية هذه الهواتف النقالة لا يمتد أثره، لظروف مختلفة، إلى ما وراء الحدود الوطنية، ولكن الأهم هو انتشار استعمال الإنتريت وتربية الناشئة على كيفية استعماله، وهي دعوة أيضا للأسرة والمدرسة للقيام بذاك الدور التربوي الذي يضمن الانفتاح على الآخر والحفاظ على الثوابت؛ فكلنا جنود للذود عن الوطن ومقدساته.
نورالدين اليزيد
عمود "نافذة" منشور بموقع مسارات على الرابط:
      
  

الجمعة، مايو 18، 2012

صاحبة "العيون السود" و"في يوم وليلة"..وردة..تقطفها المنية هذا اليوم


توفيت مساء اليوم الخميس أميرة الطرب العربي الفنانة وردة الجزائرية إثر سكتة قلبية مفاجئة ألمت بها أثناء نومها في منزلها بالقاهرة، عن عمر ناهز 72 سنة.
وأكد التلفزيون الرسمي الجزائري خبر وفاة الفقيدة، في بيتها بالقاهرة، مودعة الحياة بعد مسيرة فنية حافلة بالروائع الغنائية.
وكانت وردة فتوح، وهو الاسم الحقيقي لهذه الفنانة المتميّزة، قد ولدت في فرنسا عام 1939 من أب جزائري وأم لبنانية تنتسب لعائلة بيروتية تحديدا٬ وقد دخلت عالم الغناء في فرنسا مقدّمة أغاني الفنانين المعروفين في ذلك الوقت، مثل أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، قبل أن تعود مع والدتها إلى لبنان وتشرع في تقديم مجموعة من الأغاني الخاصة بها.
وقال الإعلامي المصري وجدي الحكيم إنه تم التنسيق مع السفير الجزائري في القاهرة وابنها رياض في الجزائر على أن تبدأ مراسم الجنازة بعد صلاة الجمعة من مسجد صلاح الدين في حي المنيل بالقاهرة، حيث تؤدى الصلاة عليها ثم يتوجه الجثمان إلى مطار القاهرة في طريقه إلى الجزائر لتدفن هناك.
الراحلة حلّت بمصر سنة 1960 بدعوة تلقتها من المنتج والمخرج حلمي رفلة، وكانت لها أولى بطولاتها السينمائية في فيلم "ألمظ وعبده الحامولي" الذي كان فاتحة إقامتها المؤقتة بالقاهرة.
بحلول العام 1972 عادت وردة الجزائريّة إلى مصر، وتزوجت من الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية ناجحة استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979. فكان ميلادها الفني الحقيقي في أغنية "أوقاتي بتحلو" التي أدتها ذات العام في حفل فني مباشر، وهي من ألحان الموسيقار سيد مكاوي٬ في حين كانت أم كلثوم تنوي تقديم هذه الأغنية لكنها ماتت قبل أن تؤديها.
كما تعاونت وردة الجزائرية مع الملحن محمد عبد الوهاب٬ وقدمت مع الملحن صلاح الشرنوبي العمل الشهير "بتونس بيك"٬ وشاركت في العديد من الأفلام مع عدد من رواد الزمن الجميل في السينما العربية.. ومن الأغاني الخالدة لوردة الجزائرية "بلاش تفارق" و "في يوم وليلة" و "أكذب عليك" و"اسمعوني" و "روحي وروحك حبايب" و "شعوري ناحيتك" و"بتونس بيك" و"لولا الملامة" و"العيون السود".
وسادت حالة من الحزن العميق إثر إعلان وفاة أميرة الطرب العربي بين محبيها سواء الجزائريين أو العرب، وظل خبر وفاتها مثار جدل منذ أيام، حيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاتها، غير أن مصادر من عائلتها بالجزائر نفت الأمر ووصفته بـ"الشائعة".
وكان آخر عمل بارز لدى جمهور وردة بالجزائر تأديتها أغنية "مازال واقفين"، وهي أغنية دعائية تم بثها على نطاق واسع قبيل الانتخابات البرلمانية.
وقبل ذلك، أعلن نجل الفقيدة وردة أنها تستعد لتسجيل "فيديو كليب" جديد في الجزائر، سيكون مفاجأة لجمهورها في جميع أنحاء الوطن العرب بكل المقاييس.
وكالات-أطلس أنفو

السبت، مايو 12، 2012

كتاب يرصد أسماء العائلات المغربية والأندلسية التي هاجرت إلى أرض الكنانة


صدر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب "العائلة و الثروة .. البيوت التجارية المغربية في مصر العثمانية" للدكتور حسام محمد عبد المعطي، الذي تناول في مؤلفه الجديد تواجد العائلات المغربية المهاجرة بمصر و التي اشتغلت بالتجارة إبان العصر العثماني.
ويتناول المؤلف في الفصل الأول أسباب هجرة هذه العائلات إلى مصر، و كان أول تلك الأسباب، بحسب ترتيبه، طرد المورسكيين من الأندلس؛ كما تناول في الفصل الثاني أسماء أهم العائلات ومواطنها الأصلية ومناطق استقرارها في مصر، مقسماً إياها إلى طرابلسية وتونسية وجزائرية ومغربية (مراكشية) وأندلسية.
كما تناول في الفصول التالية جوانب اجتماعية و اقتصادية متعلقة بالموضوع. كما تناول الفصلان الأولان نصوصاً تلقي بعض الضوء على الوجود الأندلسي في مصر العثمانية.
ويؤكد المؤلف من الفصل الأول من ص18 إلى ص 21 صعوبة تحديد أعداد هذه العائلات القادمة من المغرب، والتي استقرت بأرض الكنانة واشتغلت بالتجارة على عهد العثمانيين، حيث يقول المؤلف؛ (وجدير بالذكر أن المصادر لا تحدد أعداد المورسكيين المهاجرين إلى مصر، ويوضح المقري وهو نفسه مورسكي هاجر إلى مصر أن عدداً منهم هاجر إلى مصر فيقول: "ووصل جماعة إلى القسطنطينية العظمى و إلى مصر و الشام و غيرها من بلاد الإسلام".)
وعلى الرغم من قلة المصادر التي تتحدث عن هذا الموضوع، إلا أن الوثائق تشير إلى أن مصر كانت واحدة من أهم الأقاليم التي استقبلت الهجرة المورسكية، ولذا يجب محاولة فهم طبيعة حديث الوثائق عن هؤلاء المورسكيين، و كيف أن لقبين هما الأندلسي والقطوري كانا هما اللقبين اللذين لقب بهما المورسكيون في الوثائق، وكلمة القطوري من المصدر يقطر [هكذا] أي يتتبع و يلحق، و توجد أدلة عديدة من خلال الوثائق على ارتباط هذا اللقب بالعائلات المورسكية، منها أن عائلات عديدة نعرف جيداً أنها مورسكية كانت تلقب بهذا اللقب؛ فالشيخ الشهير أحمد بن محمد المقري مؤلف نفح الطيب، تلقب الوثائق عائلته بالقطوري حيث أقامت عائلة المقري فترة طويلة بالإسكندرية إلى أن انتقل عدد من أفرادها إلى القاهرة. ومن الغريب عند تسجيل تركة الشيخ أحمد أن تلقبه الوثائق بالتلمساني، وهو ما يعكس المحاولات المستمرة من جانب المورسكيين للتخلص من الماضي الذي كان يعتبره العامة في المجتمع نوعاً من الكفر أو التنصر.
وفي طولون أيضاً أنشأ المورسكيون درباً عرف بدرب القطري، وفي بولاق حوش القطورية.
إن المنطقة الشمالية من الدلتا الواقعة في شمال إقليم الغربية (محافظة كفر الشيخ الحالية)، كانت أكثر المناطق التي تركز فيها المورسكيون، حيث كانت منخفضة الكثافة السكانية أو معدومة، حيث أنشأ المورسكيون عدداً كبيراً من القرى في هذه المنطقة، وبالتالي أطلقوا عليها أسماء أقرب إلى أسماء مدنهم في الأندلس. ويمكن ذكر أسماء بعض القرى التي على الأرجح أن مؤسسيها هم المورسكيون: كالحمراء، والحمراوي، وإسحاقة، وأريمون، ومحلة موسى، وسيدي غازي، وكفر الشيخ، وكلها تتبع مركز كفر الشيخ، وسد خميس، وأبو غنيمة، والحدادي بمركز سيدي سالم، والناصرية بمركز بيلا، وقطور بالغربية، والمنيل، ومحلة دياي وكفر مجر بمركز دسوق.
وفي الإسكندرية استقر المورسكيون شمال المدينة القديمة وعمروا جزءاً رئيسياً من المنطقة التي تطلق عليها الوثائق (الجزيرة الخضراء)، ويطلق عليها المؤرخون (المدينة التركية). وكان الوجود القطوري مهما جدا في رشيد أيضا، كما شهدت مدينة طنطا هجرة واسعة من جانب المورسكيين بوصفها معقلاً لأحد أهم المشايخ المغاربة ألا و هو السيد البدوي.
وفي القاهرة تركز المورسكيون في منطقة بين القصرين، وفي منطقة باب الشعرية، وهو ما سوف يعزز هذا الحي سكانياً فتتسع مساحته، ولا يزال هذا الحي يحتفظ بحارة مهمة تسمى حارة المغاربة.
وفي الفصل الثاني، وتحديدا في الصفحة 113، وضع المؤلف قائمة بأسماء أهم العائلات الأندلسية المهاجرة ومواطنها الأصلية وأماكن استقرارها في مصر، وزمن هجرتها. ومن تلك العائلات؛ يذكر المؤلف عائلة الرويعي التي هاجرت إلى مصر في القرن 15 واستقرت بالقاهرة، وعائلة العليج المهاجرة في سنة 937هـ /1530م ;واستقرت بالقاهرة أيضا، وعائلة الشاطبي التي هاجرت في سنة 945هـ 1538م إلى الإسكندرية، وعائلة العادلي التي هاجرت إلى القاهرة في سنة  945هـ/ 1538م، وعائلة الصباغ المهاجرة في القرن 16 واستقرت بالقاهرة، وعائلة المقرئ التي هاجرت من قرطبة في  1030هـ/ 1620م واستقرت بالإسكندرية، وهعناك عائلة الهجان المهاجرة من غرناطة في سنة 1036هـ/1626، والتي استقرت بالقاهرة، وغيرها من العائلات ذات الأصول الأندلسية والمغربية التي استقرت بأرض الكنانة على عهد حكم العثمانيين.
وقد ذكر المؤلف أن عدداً كبيراً من العائلات الأندلسية الآتية إلى مصر استقرت فترة في المغرب ثم انتقلت إلى مصر، لكن المؤلف لم يذكر مواطنها المغربية في القائمة التي أوردها مؤلفه.وقد فصل القول عن عائلات ابن مسمح والصباغ والبرجي وديلون تفصيلاً.
ورغم أن المؤلف لم يتتبع تاريخ هذه العائلات حتى وقتنا الحاضر، إلا أن ذلك سهل لتوافر الوثائق الرسمية العثمانية الخاصة بتلك الفترة، لأنه اعتمد للوصول إلى العائلات الأندلسية على وثائق أقدم منها، خاصة أن بعض العائلات لا تزال تحمل هذه الأسماء كالصباغ والهجان والعادلي والمعاجيني.
وفي الصفحة 88 يورد صاحب الكتاب قائمة لأسماء أهم العائلات المراكشية (المغربية) المهاجرة إلى مصر، ومنها؛ عائلة ابن الأمين التي هاجرت من مدينة فاس في اتجاه القاهرة في القرن 16م، وعائلة المراكشي التي غادرت مراكش لتحط الرحال في القرن 11هـ/ 17م   بمدينة الإسكندرية، وعائلة الشرايبي التي هاجرت في سنة1040 هـ/ 1630م من مدينة فاس واستقرت بالقاهرة، وعائلة بن يحيى التي غادرت فاس في 1040هـ/ 1630  متجهة إلى القاهرة، وعائلة التازي من مدينة  فاس واستقرت بالقاهرة في حدود سنة 1124هـ/ 1712، وعائلة بن جلون التي غادرت أيضا فاس في سنة  1124هـ/ 1712م لتستقر بالقاهرة، وعائلة بنونة التي غادرت هي الأخرى فاس في 1124هـ/ 1712م، واتجهت إلى القاهرة، وعائلة الحلو  التي توجهت من فاس إلى القاهرة في سنة 1124هـ/ 1712م، وعائلة جسوس التي ودعت فاس في 1124هـ/ 1712م متوجهة إلى القاهرة، وعائلة زاكور  المغادرة في نفس السنة مدينة فاس إلى القاهرة، وكذلك الشأن بالنسبة لعائلة السقاط، وعائلة الشاوي، والقباج، والمنجور، والهنداز، وبن شقرون، والتهامي وغيرها من العائلات التي غادرت في نفس السنة مدينة فاس متوجهة إلى العاصمة المصرية القاهرة. بالإضافة إلى عائلات أخرى غادرت لاحقا، ومنها عائلات الفاسي، ومولينا، والكوهن، والقصري، والنبار، والساكت، وابن الحاج، وبن كيران، والعرايشي، والعلمي، واللبار، وبن مشيش، وبرادة، وغير ذلك من العائلات المغربية التي رحلت إلى بلاد الكنانة في أوقات مختلفة من الحقبة العثمانية.
ولا تزال العديد من هذه العائلات تحمل تلك الأسماء، كالحلو والبيطار والساكت والقصري والعلمي وبرادة فضلاً عن عشرات العائلات الأخرى التي تحمل لقب (المغربي)، والتي لاتزال تعيش بمصر إلى غاية يومنا هذا.
نورالدين اليزيد- منقول بتصرف عن منتديات

الخميس، مايو 10، 2012

السحيمي..أيقونة الصحافة المكتوبة يرحل عنّا دون ضجيج


في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء 24 أبريل انطفأت شمعة من الشموع التي ظلت منذ أزيد من نصف عقد من الزمان تضيء سماء الصحافة والثقافة الوطنيين، وتملأ فضاءات هذين الحقلين اللذين كانا في حاجة إلى مثل هذا القلم الباذخ في وقت كان المغرب للتو يرسم ملامح خارطة طريقه بعد فترو استعمار خدشت هويتنا.
وكغيره من الأقلام الصحافية ببلادنا -إن سمح لي زملاء المهنة بقول ذلك- فقد كانت الانطلاقة من محراب أم الصحف الوطينة (العلم)، منذ النصف الثاني من عقد الخمسينيات، في البداية محررا ثم رئيس تحرير فمديرا بهذه المدرسة الإعلامية الرائدة، التي لولاها لما انشقت من رحم هذه البلاد هذه الصحف وهؤلاء الصحافيون الذين يشاغبون اليوم بنقل الخبر في هذه الظروف المغايرة تماما لظروف النشأة الأولى لصحافيين من طينة السحيمي.
وبحسب مجالسيه وزملائه فالسحيمي اعتبر وحده مدرسة بداخل مدرسة "العلم"؛ مدرسة اختلط فيها الإنساني بالمهني والمبدع، فكان بحق أيقونة الصحافي المغربي المجتهد والمواظب، ليس فقط على الحضور وحسب في قبيلة الصحافيين، ولكن لحضور من أجل تبليغ رسالة حبلى بالمعاني السامية والحوار والحب والسلم، بعيدا عن روح إقصاء الآخرين وادعاء الأستاذية؛ فوحدها الصحافة والعمل الصحفي تنتفي فيهما الذاتية، ووحدها الصحافة يمكن للمرء من خلالها أن يكون مواطنا خدوما لوطنه على رؤوس الأشهاد، وعندما تتوفر لهذا الصحافي ملكة الكتابة الإبداعية، فإنك تصبح رسولا للمحبة والسمو والنبل، وكذلك كان دأب الراحل عنا في هدوء الزميل السحيمي.  
وفي مختلف المحطات التي بصمها ببصمته المهنية الصامتة من شدة تواضعها، عبر مذكراته في ثنايا صحيفة صفحات (العلم)، سواء من خلال كتاباته بمثابة سير ذاتية كـ"الليالي"، و"خواطر طائرة"، و"بخط اليد"٬ وكذلك عبر الملحق الثقافي، هنا نستشف ما بين الأحرف روح مبدع وإنسان وفنان وضع نصب أعينه الدفاع عن مقدسات الإنسان وهي حرية التعبير والحق في الاختلاف، وهي لعمري المبادئ الأولى التي لا يمكن تلقينها في مدارس التعليم، وإنما تنتزع من خلال الحفر في الصحف، ومن خلال تقديم الحجية على عدم إمكانية التخلي عن تلكم القيم الإنسانية، التي لولاها لما تحرر الإنسان، ولولاه لما تحررت الأوطان؛ إنها المدرسة التي كان من أنجب تلامذتها عبد الجبار السحيمي، والذي سار في ما بعد أستاذا تخرج على يديه صحافيون شتى تحفل بهم المنابر الإعلامية ببلادنا اليوم.  
لقد كان السحيمي نعم المواطن ونعم الإعلامين ونعم المبدع والأديب، وهو ما جعل أعلى السلطة في البلاد، جلالة الملك محمد السادس وبعد الإشراف مباشرة على حالة الراحل الصحية وهو طريح الفراش، يعرب عن تقديره السامي "لقيمة الراحل الإنسانية والإبداعية٬ وللمثل والمبادئ الوطنية والأخلاقية التي كان يدافع عنها٬ وهي القيم التي لم يكن يستند في الدفاع عنها إلى نزعة مذهبية ضيقة أو نزوع منفعي ما". إنها القيم التي توقفت عندها رسالة التعزية التي وجهها جلالة الملك إلى أفراد أسرة الراحل٬ والمتمثلة على الخصوص في "غيرة وطنية مشهود بها٬ والتزام بمقدسات الأمة٬ ومن تشبث بمبادئ الصدق والوفاء والجهر بالحق٬ والالتزام بالمهنية الصحافية العالية٬ مساهما بكفاءة وتفان ونكران ذات٬ في بناء الصرح الإعلامي عقب الاستقلال".
فقدان السحيمي، هذا القلم المغربي الأيقونة، ترك آلاما ليس فقط لدى أسرته وذويه بل وكل الزملاء والمغاربة، وهو ما عبرت عنه رسالة نعي لاتحاد كتاب المغرب٬ التي أشارت إلى أن الراحل كان مدافعا عن "قيم الاختلاف والتجديد والالتزام، وتأسيس الرأي الحر النابع من ضرورات الدفاع عن هوية منفتحة على الواقع وعلى الآخر، دون استلاب أو مواربة كما عبرت عن ذلك أعمدته المؤثرة في جريدة العلم وتدخلاته ومواقفه الكثيرة".
وعلى نفس إيقاع الحزن والأسى سارت رسالة نعي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي أعربت هي الأخرى "عن حزنها وآساها لرحيل الفقيد عرفانا لما أسداه للمجال الإعلامي، حيث كان من بين رواد العمل الصحافي في الستينات٬ وتدرج في جريدة العلم٬ هذه المدرسة الوطنية٬ لكي يتحمل في السبعينيات مهام رئاسة التحرير(...)، إضافة إلى إنتاجاته الإعلامية ترك الفقيد لجمهوره من القراء الكثيرين سيرة طيبة سيذكر بها لدى الجميع٬ إنتاجا أدبيا وروائيا غزيرا لا يزال يستهوي الجمهور".
وبالإضافة إلى إرساء دعائم صحافة حرة وملتزمة بقضايا الوطن في إطار احترام مبادئ المهنية، فإن الفقيد ساهم الفقيد في تطوير تطوير القصة القصيرة بالمغرب مستندا إلى منزع أدبي أصيل منفتح على مختلف أساليب الكتابة الصحفية والإبداعية الحداثية التي لا تتنكر للأصالة الأدبية وعتاقتها.
وصدر للفقيد كتاب بعنوان "بخط اليد" عن منشورات شراع بطنجة٬ في إطار سلسلة "كتاب الشهر". وساهم أيضا في كتاب جماعي بعنوان "معركتنا العربية ضد الاستعمار والصهيونية"، الصادر عن مطبعة الرسالة بالرباط٬ عام 1979.
كما أصدر الأديب الراحل رفقة الأستاذين محمد العربي المساري ومحمد برادة٬ مجلة "القصة والمسرح" سنة1964، وكما كان مديرا لمجلة 2000، التي صدر عددها الأول الوحيد منها في يونيو 1970، فضلا عن اشتغاله رئيسا لتحرير جريدة "العمل" ومديرا لها قبل أن تتوفاه المنية.
نورالدين اليزيد- نُشر في موقع مسارات