الأربعاء، مارس 16، 2011

السلوك المدني هو الحوار واحترام الآخر والشعور بالانتماء للوطن

يرى الخبراء في مجال التربية وعلم الاجتماع السوسيولوجي أن مفهوم "السلوك المدني" يحيل مباشرة على الأخلاق و"الإيتيقا"، أو ما يفسره الفلاسفة بنوع من التفكير الذي يستعمل عناصر التعقل والنقد الذاتي والتروي في التخاطب والحوار مع الآخر، وهو ما يضفي على الفكر الذاتي بُعدي الالتزام والمسؤولية.

"يجب أن تشارك في تنميته مكونات المجتمع من أسرة ومدرسة وإعلام"

نورالدين اليزيد

يصبح السلوك المدني، بالمعنى المشار إليه أعلاه، ذا مفهوم محوري واسع يشمل في طياته العديد من المفاهيم، التي تحيل في مجموعها، على التمدن والتحضر، أي على مجتمع الديمقراطية والمواطنة والتربية على احترام حقوق الإنسان، وكلها خصائص مجتمعية يتم اكتسابها والوصول إليها عبر صيرورة تاريخية، وتداخل وتحول في القيم الإنسانية، تساهم فيه عوامل مختلفة منها بالخصوص؛ الأسرة والنظام التعليمي، والإعلام، والمجتمع ككل، فما هو دور كل من هذه العوامل في خلق سلوك مدني قويم ومواطنة صادقة؟

الأسرة..المدرسة الأولى للمواطنة!

سبقت الإشارة إلى أن السلوك المدني، في أحد أبعاده، هو معنى من معاني المواطنة، التي تساهم عدة مؤسسات في تلقينها إلى الأفراد؛ أولها الأسرة التي ينبغي عليها أن تشارك، إلى جانب المؤسسات الأخرى الرسمية وغير الرسمية، في تلقين أفرادها وإكسابهم القيم والأخلاق والتوجهات الاجتماعية التي تسهم في تربية المواطنة، أي المساهمة في عملية التنشئة الهادفة إلى تنمية شعور الفرد بانتمائه إلى المجتمع والوطن، وإلى قيمه ونظامه وبيئته وثقافته، وجعله يشعر بدوره في الدفاع عن هذا الوطن وعن مؤسساته ومكتسباته، ويتفاعل إيجابيا مع باقي أفراده بشكل يسهم في تكوين مواطنين صالحين متضامنين في وجه ما قد يتهدد وطنهم من مخاطر.

ويُلخص علم الاجتماع مجال التربية على المواطنة والسلوك المدني، في أنها "عملية يتم من خلالها نقل ثقافة المجتمع إلى الأطفال". من هنا فإن الوالدين يصبحان المعلمين الأولين، والأسرة تصبح هي المدرسة الأولى التي تعلم وتلقن الأبناء كيفية انخراطهم في المجتمع بما يخدم الصالح العام؛ وذلك بتربيتهم على الأخلاق والقيم الدينية الصادقة، وإثارة انتباههم إلى مختلف القضايا الوطنية، وحضهم على الالتزام بالواجبات؛ ومن ذلك الانخراط في العمل الجمعوي الاجتماعي والتضامني مع باقي أفراد المجتمع، وخاصة منه العمل التطوعي من خلال تنظيف الشوارع والأزقة وتبييض الأرصفة والجذران وغرس الأشجار، وهذا ما يساهم في تنمية روح المسؤولية والحفاظ على الممتلكات العامة. وكذا الاستجابة لنداء الوطن في مختلف المناسبات، ومن ذلك الاستحقاقات الوطنية السياسية، حيث ما أحوج الوطن إلى أبنائه للانخراط في المجال السياسي، والمساهمة في تدبير الشأن المحلي، لقطع الطريق على السماسرة والذين لا يريدون الخير للوطن.

ولتعزيز السلوك المدني وتربية المواطنة الصالحة في نفوس أبنائها، يوصي الخبراء والمهتمون الأسرَ بضرورة التركيز على ربط الطفل بالمقومات الروحية والمادية للشخصية الوطنية، وتنشئته على التمسك بها وبقيم مجتمعه، والربط بينها وبين هويته الوطنية، وتوعيته بالمخزون الثقافي لوطنه.

المدرسة..فضاء لتكريس السلوك المدني!

في تقرير له، في يوليوز سنة 2007، أشار المجلس الأعلى للتعليم إلى أن دور المدرسة في تنمية الحس المدني وترسيخ قيم المواطنة في وجدان وسلوك المتعلمين، يتأكد من خلال استحضار وظائفها المتعارف عليها، المتمثلة في التعليم والتكوين والتأهيل، ولاسيما في التربية والتنشئة كوظيفة تجعل مسؤولية المؤسسة التعليمية مركزية ودورها راهنيا وحاسما في هذا المضمار؛ ذلك ان الغاية المثلى من التربية على السلوك المدني هي تكوين المواطن المتحلي بالأخلاق الحسنة، المعتز بالثوابت الدينية والوطنية لبلاده في احترام تام لرموزها، المتمسك بمقومات هويته بشتى روافدها، المتمتع بالحقوق والكرامة والحرية في احترام لحقوق الآخرين، الملتزم بالواجبات والقوانين والقواعد المتعاقد حولها، المسهم في الحياة الديمقراطية لبلاده، والمكتسب للمناعة تجاه السلوكات اللامدنية. ولذلك ينبغي أن تكون المدرسة فضاء يكرس كل تجليات السلوك المدني، ويتصدى بالمقابل لمختلف المظاهر السلبية المنافية له.

وبالنسبة لخبراء المجلس الأعلى للتعليم، الذين أعدوا التقرير المشار إليه، بعد قيامهم بإجراء أبحاث مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في الحقل التربوي، محليا ووطنيا ودوليا، فإن الاهتمام بدور المدرسة في تنمية السلوك المدني يأتي على ضوء سياقات دالة أهمها؛ حتمية ترسيخ قيم المواطنة وفضائل السلوك المدني في الممارسات اليومية للأفراد والجماعات والمؤسسات، ولا سيما في خضم التحولات العميقة التي تشهدها في العصر الراهن المنظومات القيمية والثقافية، سواء في المجتمع المغربي أو غيره من بلدان العالم. ثم الدينامية التي ما فتئ يحركها إصلاح منظومة التربية والتكوين في واقع المدرسة ومحيطها، والوعي المتنامي بالدور الحاسم للمدرسة في توطيد مجتمع المواطنة المسؤولة والديمقراطية والتضامن والتنمية، والعمل الحازم لإجراء قطيعة مع كل مظاهر الإخلال بالقانون والتعصب والتطرف والانغلاق. وفي سياق، كذلك، البرامج والمبادرات التي تعرفها المدرسة المغربية في التربية على قيم المواطنة وحقوق الإنسان، وفي تنمية السلوكات الإيجابية.

لكن المكتسبات التي حققها المغرب في مجال التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، التي واكبت دينامية الإصلاحات المجتمعية، وخاصة منها إصلاح المنظومة التربوية الوطنية، لم تبدد الضرورة الملحة، يقول تقرير المجلس الأعلى، للتصدي الحازم والعاجل لكل تجليات السلوك اللامدني التي أضحت تواجهها المؤسسات التعليمية ولاسيما؛ مسألة العنف بشتى أشكاله، والغش بمختلف أساليبه، وعدم احترام الأدوار وسوء المعاملة، والمساس بنبل الفضاء المدرسي والجامعي، وتراجع الالتزام بالأنظمة الداخلية للمؤسسة التعليمية، والإضرار بالملك العام والبيئة. بالإضافة إلى ذلك، فهناك إشكاليات تعترض تنمية السلوك المدني في المدرسة، سواء على مستوى علاقته بالممارسة، أو على مستوى مقاربته البيداغوجية والمنهجية، وتكريسه في الحياة المدرسية والجامعية؛ فعلى مستوى الممارسة يكمن الإشكال في الهوة المتنامية بين الخطاب حول القيم والحقوق والواجبات وبين الممارسة الفعلية لها، كما ترتبط بتراجع الانضباط لقواعد وأنظمة المهنة، والالتزام بما تقوم عليه من واجبات. وفي ما يتعلق بالإشكالات البيداغوجية والمنهجية، فتتمحور حول قضايا عدة، نذكر منها؛ كيفية ترسيخ منظومة بيداغوجية للحياة مع الآخرين تعتمد إعطاء القدوة الحسنة في السلوك والمعاملة، ويكون أساسها القيام بالمسؤولية والتمتع بالحقوق في التزام تام بالواجبات. ومدى تحقيق المدرسة لوظيفتها التربوية في التنشئة الاجتماعية عبر أساليب المناهج والبرامج التكوينية بجوانبها الإنسانية والاجتماعية والنفسية. والآليات الكفيلة بتنظيم العمل المشترك في الفضاء المدرسي والجامعين وغير ذلك من الإشكالات البيداغوجية التي تعترض المؤسسة التعليمية في القيام بدورها في تنمية السلوك المدني للفرد. من هنا فإن المجلس الأعلى للتعليم يوصي بعدد من الإجراءات التي ينبغي اتخاذها بشكل عاجل لمساعدة المؤسسة التعليمية على القيام بدورها كاملا في التنشئة على المواطنة والسلوك المدني، ومن هذه الإجراءات؛ التحديد الواضح للمسؤوليات بضبط الاختصاصات التربوية والإدارية لمختلف الفاعلين في فضاء المدرسة. واعتبار أن الارتقاء البيداغوجي بالسلوك المدني في مسالك التكوين لا يمكن أن يتم بجعله مادة تخصص دراسي، بل هو مهمة تتولاها مختلف المواد والتخصصات. واعتماد مبدأ التدرج في ملاءمة المناهج والبرامج، ومراعاة الفئات العمرية للمتعلمين، تبعا لأسلاك المتعلمين مع الأخذ بعين الاعتبار أن تنمية السلوك المدني يجب أن تتم بشكل مبكر، ابتداء من التعليم الأولي. وفتح نقاش حول إطار تربوي تعاقدي للسلوك المدني بارتباط مع القوانين الداخلية للمؤسسات التربوية، وإطلاق أوراش بيداغوجية ميدانية يشارك فيها مختلف المعنيين، بإعداد برامج مبتكرة لنشر ثقافة الاستحقاق والحوار واحترام الغير وتوطيد الممارسة الديمقراطية وصيانة الملك العام والمحافظة على البيئة، وبالتفكير الجماعي، وغير ذلك من الإجراءات التي تفرض نفسها بإلحاح، في سبيل تربية سليمة على سلوك مدني ومواطنة صالحة.

أي دور لمكونات المجتمع؟

يعتبر المجتمع مزيجا من العوامل والمؤسسات الرسمية المتبادلة التأثير في ما بينها (تأثير وتأثر)، وبقدر ما تكون هذه العملية في إطار التزام متبادل بقواعد متفق عليها داخل مجتمع معين، من أجل خدمة هذا الأخير والرقي به، بقدر ما يتأثر الفرد بذلك، إنْ إيجابا أو سلبا. ويحدد جانب مهم من الخبراء مكونات المجتمع، بغض النظر عن المؤسسات الرسمية، في عدد من المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية غير الرسمية، ذات كيانات قانونية وتنشأ من قبل المواطنين. ويرتبط نشاط هذه المؤسسات، وهي تحديدا الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والنوادي الرياضية والثقافية، بفلسفة المجتمع المدني الحداثي المتحضر، المنفتح على تنوع الأفكار واختلافها، بعكس المجتمع ذي المرجعية القَبلية الضيقة. مما يحفز الأفراد على العمل الجماعي والتخلي عن الأنانية، والتشجيع على المساواة، بما في ذلك دعم حقوق المرأة، واحترام الغير والتعدد في الانتماء والأفكار، ونبذ العنف في مقابل التشجيع على الحوار وإدارة الاختلاف بطرق سلمية، مما يُسهم في نشر ثقافة السلم والتسامح. وتستند هذه المؤسسات المجتمعية، من أجل أداء دورها كاملا في تنمية السلوك المدني، إلى مرجعية المجتمع الدينية والثقافية والوطنية، التي ينبغي احترامها من طرف الجميع، وبكيفية متساوية، في جو ديمقراطي لا تمييز فيه بين هذا أو ذاك إلا بقدر ما يقدمه خدمة للوطن، من هنا فإن تعدد هذه المؤسسات دخل الوطن، يعتبر دليلا على مدى احترامه لقواعد الديمقراطية والانفتاح على مواطنيه.

إعلام مواطن..لسلوك مدني

لا يخفى على أحد في عصرنا الحالي، حيث وسائل الاتصال تعرف طفرة هائلة، مدى الدور الكبير والخطير الذي يلعبه الإعلام، بمختلف ألوانه، ولاسيما منه الإعلام السمعي البصري، في خلق رأي عام وتوجيه المجتمعات وتمرير الخطابات التي لا تخدم دائما أفراد المجتمع. من هنا فإن المراهنة على هذا الجانب من وسائل الاتصال والإعلام، والذي يسخر آخر ابتكارات التكنولوجيا الحديثة، من أجل تكوين وتنشئة المواطن على المواطنة الصالحة والسلوك المدني السليم، تقتضي توخي الحذر من لدن الساهرين على مؤسسات الإعلام، الخاصة منها والعامة، وضرورة تشبثهم هم أولا بمبادئ المواطنة الصادقة، التي تلزمهم بالالتزام بمبادئ المهنة وتقصي الحقائق وتقديمها كما هي، دون محاباة هذا الجاني أو ذاك، وبعيدا عن الإثارة والتضليل والانتهازية. ولا يمكن أن يؤدي الإعلام رسالته المُثلى في المساهمة، من جانبه، في تنمية السلوك المدني لدى المواطن، إلا بالقيام بدوره المنوط به، كسلطة رابعة، كما هو متعارف عليه في الحضارات والأمم التي بلغت شأنا في الديمقراطية والحكامة الجيدة، ولن يتأتى ذلك سوى بأن ينفتح هذا الإعلام على كافة أصوات المواطنين، وبأن يكون قنوات بين الحاكم والمحكوم، وليس حاجزا بينهما، أو بوقا دعائيا لجهات معينة من أجل خدمة مصالحها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية و غيرها، بمعنى أن يكون إعلاما مواطنا منفتح على جميع مكونات الوطن، ولاسيما أبنائه من غير أصحاب الجاه أو المال والنفوذ.

الأحد، مارس 13، 2011

سحاقيات المغرب "يناضلن" من أجل اعتراف المجتمع بخصوصيتهن

لا يجدن حرجا، في مواقع الإنترنيت، للتعبير عن خصوصيتهن وعن حقهن في الحياة الآمنة، نظرا لأنهن لم يشأن أن يكن سحاقيات أو مثليات، بل سُنة الكون هي من شاءت ذلك، ولذلك فإن المِثلية يجب أن تحظى بحقها في الحياة وفي الاختيار، كما يقلن، وكما يردن أن يناضلن في إطارهن الجمعوي، الذي يضم العديد من "الأسماء الاعتبارية" التي لا تريد الكشف عن هويتها

"يتخذن من منتديات "الشات" وسيلة للتعارف والدفاع عن وضعهن"

(أنا لست سحاقية..منذ وقت بعيد كنت لا أطيق أن أسمع تلك الكلمة.. ذات الوقع الثقيل السيء على أذني.. سحاق.. سحاقية... ومنذ وقت قريب عرفت معنى الكلمة.. و أدركت أني لست سحاقية.. وكلمة "سحاق" هي الفعل الذي قد تقوم به أنثى مع أخرى من سحق أو حك أجسادهما معا.. ويبدو أن أصحاب هذا الوصف قد دفعتهم مخيلتهم لتخيل الوضع أو العلاقة الحميمية كيف تكون بين امرأتين، فانتهى خيالهم إلى أن الوصف يعني أن النساء يقمن بسحق أو حك صدورهن...وهناك كلمة إغريقة تحمل نفس معنى "سحاق" أو هي الترجمة الحرفية لسحاق ولكنها غير مستخدمة الآن..أما أنا فلا أعمل كذلك...إذن فإني لست سحاقية، وأرى أن من الغباء اختصار علاقة حب و مودة بين امرأتين ووصفه بأنه سحاق..حك الأجساد من أجل لذة كهاته يمكن أن تقوم به أي واحدة، وأي أحد لا يعرف شيئا... ولكنه يريد أن يجرب..كلمة سحاق لا تعبر عن أي توجه جنسي أو حسي..إذن فالكلمة لا تعبر عن المِثليات..مِثلي.)

بهذه الكلمات التي نشرتها كإحدى خواطر مدونتها الشخصية، تحاول "إنسانة" جاهدة تفنيد معنى "سحاق" و"سحاقية" من كونهما يدلان على المثليات من بنات حواء، دون أن تعطينا الشرح الضافي والشافي لهذه الكلمة، والاكتفاء فقط، بمفهوم المخالفة، بالقول أن "كلمة سحاق لا تعبر عن أي توجه جنسي أو حسي"، ما يُفهم من سياقه بأن كلمة "المثلية" هي من تعبر عن ذلك..بحسبها.

"إنسانة" كما اختارت أن تطلق على شخصها، في هذا العالم الافتراضي، وجدت أخيرا هذا المتنفس للتعبير عن أحاسيس ظلت لسنوات حبيسة دواخلها..ولتنتقد كل ما يُكتب من "قذف" و"ذم" في حق من اخترن نفس جنسهن للتأسيس لعلاقات عاطفية...بل وبفضل هذه النافذة والنوافذ الإليكترونية، استطاعت أن تخلق علاقات متعددة، قبل أن تعثر "على توأم روحها" كذلك، بعد التقائها بإحدى الفتيات التي اكتشفت هي الأخرى فقط مؤخرا أنها تميل إلى مثيلاتها من الجنس..فأسستا علاقة ما تزال مستمرة إلى اليوم، بعد أزيد من سنة على لقائهما الأول، الذي "كان رائعا بكل المقاييس..".

في ثنايا مقالاتها، أو خواطرها، التي تحرص على أن تكون بمثابة يوميات "تُوثق" لحياتها الخاصة، تأبى "إنسانة" إلا أن تحطم حاجز الصمت، هذا الذي يطوقها به الآخرون، تحت يافطة كبيرة اسمها "التقاليد"..إنه "الطابو" الذي يضاف إلى كثير من الطابوهات التي ابتليت بها بلادنا هذه الأيام، وكل البلاد العربية، والتي تجعل كل فتاة تريد أن تعبر عن خصوصيتها، والكلام لـ"إنسانة"، "تكون عرضة لوابل من الكلام الجارح، والقذف غير المبرر، بينما كل إنسانة مثلي..هي إنسانة يجب أن تحظى باحترام الآخرين مادامت تبادلهم نفس الاحترام، فطبيعتها جعلتها تحب نفس جنسها..وميولاتها المِثلية لا تنقص من أنوثتها، بل ومن واجباتها كزوجة إن هي تزوجت يوما من رجل"،"حقيقة ليس كل المثليات يحبن الجنسين معا..فهناك صنف ممن تهوى لعبَ دور الذكر، في العملية الجنسية، من لا تحب الذكر إلى درجة الكره..لكن هذا اختيار على كل حال ويجب احترامه.."

تبدو "إنسانة" واثقة مما تخطه في مدونتها الشخصية، وترفض رفضا قاطعا إلى حد الاستماتة في الدفاع عن رأيها، القول بأن الإنسان المثلي مريض نفسيا، أو أنه معتوه أو معتوهة..بل العته هو في هذا المجتمع، "الذي يعجز عن التواصل مع كل فئات شعبه، في ظل غياب سافر لقانون حريات يضمن الحق في الاختلاف".

مسؤولات..مِثليات

الواقع أن لجوء منجز هذا التحقيق إلى الشبكة العنكبوتية للخوض في عالم المثليات بالمغرب، جاء بعدما كشفت له إحدى الزميلات عن عنوان إحدى المدونات المثليات، التي اعتبرتها "صديقة حميمة"، وبعدما نبهته إلى أن "لا يذهب تفكيره بعيدا، وأن يشك فيها (الزميلة) بأنها مِثلية" كذلك..الزميلة ذاتها كشفت له عن "صدمتها" ذات يوم، عندما تعرفت على مسؤولة إعلامية كبيرة معروفة في التلفزيون، وتبادلت وإياها حديثا هاتفيا، من أجل إعداد مادة صحفية، شيء لها أن تبدأ على الخط الهاتفي وتنتهي بمكتب المسؤولة، ثم ليتجدد اللقاء، بعد إلحاح المسؤولة على الصحافية الزميلة بشرب قهوة، وهو ما لبّته..لتكشف المفاجأة؛ حيث اتضح للصحافية بما لا يدع مجالا للشك بأن المسؤولة مثلية، وهو ما لوحظ من خلال اختيار زاوية المقهى أولا ذات الضوء الخافت، الكائن بحي الرياض بالعاصمة الرباط، وثانيا استغلال القرب بينهما على الأريكة الوثيرة، ثم ثالثا، من خلال تكرار لمس المسؤولة ليدي الصحافية بشكل مثير، وهي تتحدث إليها في ما يشبه، حديث الرجل إلى أنثى عندما يخوض وإياها في أحاديث تهم العلاقات والماضي وما إلى ذلك..مما جعل الصحافية، التي تجاوزت العشرين ربيعا من عمرها تستأذن في الانصراف..بعدما أقنعتها بأن "اللقاء معها ممتع، وبأنها ستكون سعيدة إذا تجدد مرة أخرى"، وهو ما ردت عليه المسؤولة، التي هي على مشارف عقدها الخامس، بحماس زائد مخبرة الصحافية، بأن اللقاء القادم سيكون عندها في شُقتها.."إن شاء الله"، قالت الصحافية، وخرج الاثنتان من المقهى، وامتطيتا سيارة المسؤولة، قبل أن تفترقا في حي أكدال، وتطبع المسؤولة قُبلة على فيه الصحافية، التي بدت مذعورة خاصة أنها كان سبق لها أن فاتحتها في موضوع طلبها الذي قدمته إلى المؤسسة التلفزيونية التي تعمل بها المسؤولة منذ مدة، من أجل التوظيف، إلا أن لا جواب جاءها على الطلب، ووعدتها خيرا بعدما تجدد طلبها وتعطيه إياها تودعه هي شخصيا لدى الجهات المعنية..

ليست هي المرة الأولى التي ألتقي فيها بمِثلية، تقول زميلتي، "بل سبق لي التعرف على أخريين في المعهد العالي للإعلام والاتصال، واللتين كانتا على علاقة عاطفية، كانت حديث كل الفتيات، والعديد من الذكور، لأنهما لم تكونا تخفيان ذلك، ولا تُحسان بمركب نقص بسبب اختيارهن لتلك العلاقة "الشاذة"، على الأقل من وجهة نظر جانب من المجتمع.."كما تعرفتُ على العديد من المثليات، عن طريق (الشّات)، تقول الزميلة، وتبادلت وإياهن أحاديث طويلة ذات شجون، عبرن فيها لي عن أسباب اختيارهن ودوافع ميولاتهن الجنسية، وكن في الغالب يرفضن وصفهن بالشذوذ أو المرض"، "ألا تعرف أيها الصديق، أن المثليات ببلادنا أنشأن جمعية في السنة الماضية؟" سألتني زميلتي، وكأنها تريد إفهامي أن الموضوع اتخذ أبعادا تجاوزت المغامرات وراء أسماء مستعارة من خلف حجاب العالم الافتراضي، إلى واقع مجتمعنا هذا الذي ما يزال فيه قسم مهم يحرم حتى الحديث عن هكذا مواضيع، فبالأحرى تمتيع هؤلاء الناس بما يسمونه هم أو هن بـ"الحق" في الاختيار..وأي اختيار..شريك الجنس.

"منّا وفينا".جمعية السحاقيات المغربيات

كانت زميلتي تقصد جمعية "مَنَّا وْفينا" للمثليات المغربيات، التي أثار تأسيسها في السنة الماضية الكثير من القيل والقال، وأسالت حبرا كثيرا، وأججت نقاشا مجتمعيا لا يكاد يختفي حتى يظهر من جديد، وعلت كالعادة الأصوات الرافضة لـ"هذه الزمرة من السلاكط والسلكوطات"، كما لا يتردد كبار سياسيي الإسلاميين في نعتهم بذلك، متهمين الجرائد والمجلات التي تفتح لهم صفحاتها، بأنهم "يشجعون على الرذيلة والانحلال"، ومحذرين من أوخم العواقب على مجتمع المحافظ بثقافته ودينه.

الجمعية، كما جاء على لسان، سمير بركاشي، رئيس جمعية "كيف كيف" للمثليين المغاربة في حوار مع أسبوعية "الأيام"، تشكل الذراع النسوي لجمعيته، وتشتغل داخل إطار الجمعية الأم "كيف كيف"، وهي جمعية ليست مستقلة تماما عن الخط العام الذي تسير عليه هذه الجمعية الأم التي تضم مجموعة من المواطنين المغاربة من المثليين والمثليات، يقول بركاشي، ثنائيي ومتحولي الهوية الجنسية المغاربة".

وتكاد تكون تصريحات زميلتي التي التقت مع المسؤولة "المثلية" تجد لها بعض أوجه التشابه مع ما كشف ويكشف عنه رئيس جمعية "كيف كيف"، المقيم باسبانيا، في كل "خرجاته" الإعلامية، من أن المثليات المغربيات اللائي تقفن وراء تأسيس "منا فينا"، يحتلن مراتب اجتماعية مهمة وراقية بمجتمعنا، ومنهن "أسماء نسائية كبيرة" في ميادين ومجالات مختلفة، وحفاظا على صورهن وأوضاعهن الاعتبارية داخل مجتمع محافظ، لا يردن الظهور حتى بـ"التلميح"، و"إن كن في منتدياتهن الخاصة جدا يعشن حياتهن بكيفية طبيعية". بركاشي يقدر عدد اللائي اتخذن مبادرة التأسيس الجمعوي، غير المعترف به رسميا بطبيعة الحال بالمغرب، بأزيد من 100 مثلية عضو بالجمعية، منهن أستاذات جامعيات وفاعلات جمعويات ومناضلات حقوقيات وناشطات إسلاميات، حسب شهادة بركاشي، وأسماء وازنة في الساحة المغربية، "يتحركن في واجهة الدفاع عن المرأة لكنهن لا يستطعن الدفاع عن ميولاتهن الجنسية، ولا يستطعن الدفاع عن المثليات المغربيات من النساء لأن ذلك قد يعصف بهن وبوضعهن المهني والاعتباري في مجتمع محافظ لا يؤمن بالاختلاف في الهوية الجنسية وحاجات المثليات والمثليين".

عالم..آخذ في الاتساع

بالعودة إلى الحديث مع الزميلة، التي استَشفيت بأن لديها الكثير مما تقوله عن موضوع المثليات حاولت استقراء رأيها في دواعي وخلفيات اختيار الأنثى لهذا التوجه الجنسي؛ فانبرت تشرح بانسياب مستفيض..إنه حب الاكتشاف تارة، وتارة إشباع الرغبة لدى المرأة المتزوجة التي لا يُشبعها زوجها لذة الممارسة الجنسية التامة، لكن في مرات عدة يكون حب الفتاة إلى مثيلها الجنسي رغبة تكبر معها منذ أن اكتشفت عالم الجنس عند بلوغها..

زميلتي كانت متعاونة معي كثيرا، وأبت إلا أن تدلني على "مفتاح" مرور (مُو دو بّاس) إلى عوالم المثليات، عندما كشفت لي "غرفة" بمنتدى "شات" عمومي، ونصحتني بأن أنشئ حسابا باسم أنثى مستعار، وألصق صورة توحي بالمثلية.. ليس بالضرورة أن تكون صورة فتاتين تُقبلان بعضهما البعض أو شيئا مثل ذلك، ولكن فقط أن توحي الصورة بذلك، كأن أستخرج من "غوغل" صورة تبرز ساقين نسائيين وسط ساقين أخريين، أي متشابكين، أو ما شابه ذلك..لأن إلصاق صورة مثيرة على "البروفايل"، لا تعطي مصداقية لصاحبته وتجعل الأخريات يوحى لهن كأن الزائرة إنما هي "متلصصة" على عالمهن، تقول زميلتي..التي نصحتني أيضا بأن أتحدث مع المخاطَبات كأنني أفعل ذلك من مقهى للإنترنيت، وليس من حاسوب شخصي، لئلا يطلبن مني الكشف عن وجهي أو صوتي، عبر "الويب كام والمايك"، على الأقل لأنه يمكن التذرع بأن جهاز حاسوب نادي الإنترنيت لا يتوفر على ذلك، وكذلك فعلْت بعد سويعة من افتراقي مع الزميلة..

بسرعة الباحث عن شيء مفقود فتحت حاسوبي الشخصي بعدما انزويت في إحدى المقاهي المتوفرة على خدمة "ويفي" وسط العاصمة..ولجت "الحاج غوغل" أولا لاختيار الصورة ذات المواصفات التي أرشدتني زميلتي بها، ثم بعد ذلك، وبنقرة واحدة ثم ثانية..كنت أخوض في أكثر من حوار مع من يُفترض أنهن مثليات..بدأت في حوار مع الأولى والثانية ثم الثالثة..التي وقع عليها اختياري بعدما كشفَت لي أنها في الثلاثينات من عمرها، وتعمل أستاذة جامعية..واسمها "حسناء"..بمجرد ما بدأنا الدردشة وقدمتُ لها نفسي على أنني فتاة موظفة في وزارة الصحة، في السابعة والعشرين من عمري، مخطوبة لزميل، وفي الصيف المقبل سأُزف إليه لكنني حتى طلبتْ مني صورة شخصية، فأقنعتُها في الحال بأن ذلك سيكون بعد تعرفنا أكثر، قبل أن تبادر هي بأنها مستعدة لإرسال صورتها الشخصية حالا، وهو ما فعلته بعد هنيهة قصيرة...أكدتُ لها توصلي بالصورة، وأبديت لها إعجابا مبالغ فيه..ورغبة في ربط علاقة معها..أجابتني بأنها ستكون سعيدة بذلك، وطالبتني برقم هاتفي، وهو ما كنت أنتظره، لذلك أعطيتها رقم خطي الهاتفي الثاني، الذي لا أستعمله إلا نادرا، وطلبت منها أن لا تهاتفني في الحال بمبرر أن جهاز الهاتف معطوب ويوجد عند تقني للإصلاح، وقبل أن أدعها تشك في موقفي، بادرت إلى "إغرائها" بأني سأربط بها الاتصال ليلا ونتحدث طويلا "أو على راحتنا" مادمنا نحن الاثنتين نتوفر على خدمات نفس فاعل الاتصالات، وبإمكاننا استعمال خدمة تسمح لنا بالتخاطب طويلا وبسعر معقول..وقبل ذلك وعدتها أيضا بأني سأرسل لها صورة بل صورا شخصية لي حال ما أدخل غدا إلى مكتبي لأن كافة الصور التي أملك أحفظهم بحاسوب مكتبي.. تقبّلت العرض وبدت سعيدة، قبل أن تبدأ بسؤالي عما إذا بإمكاني تقديم شخصي إليها، الطول ولون البشرة..وغير ذلك..ففعلتُ..كذِبا. وسُررت لأنها بادرت هي بالسؤال..حيث مكنني ذلك من أن تجيبني عن كثير من الأسئلة، التي كانت تراودني، دون أن أطرحها..ومن ذلك كيف بدأتْ حياتها الجنسية المثلية، ومع من، ومتى، ولماذا؟ وغيرها من الأسئلة التي كنت ما أحوجني إلى سماع أجوبة عنها..كانت صريحة أكثر مما توقعت..وأخبرتني بأنها تحس بميولاتها إلى مثيلاتها من الجنس منذ صغرها، واشتد هذا الميول عندما بلغت سن المراهقة..ثم اشتد أكثر عندما تعرفت على إحدى الصديقات وزميلات الدراسة في الثانوية، التي بادلتها "الحب الحقيقي"، تقول، لكنها سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما أُجبرت على الزواج من ابن عمها الذي يعمل هنالك..بعد ذلك.."خُضت في علاقات عابرة دون أن أعثر على ذاك الحب الحقيقي.."، "صعب علينا أن نعيش حياتنا كما نشاء..فماذا نفعل؟"، تساءلت ..بعدما كتبت كلمات تدل على ما يفيد حسرتها وأملها من واقع مفروض عليهن..شِئن أو أَبين..

أحسستُ أن "حسناء" لا تفكر في الزواج يوما، وبأن أملها الحالي يتجسد في العثور على "إنسانة تبادلها الحب نفسه". كما عبرت لي عن مدى تذمرها من "تنكر" المجتمع لهن، وعدم احترام ميولاتهن، بعكس الدول المتحضرة وخاصة منها الأوروبية، التي سمحت لها زيارة عدد منها، خلال العطل السنوية، بالتعرف على صديقات بكل سهولة، من خلال زيارة مقاه ونواد خاصة معروفة يرتدْنها..

زوجة مسؤول..سحاقية

حاولت أن أختم الحوار العاطفي، هذا الذي وجدتني متورطا فيه ومتقمصا دور فتاة، وأية فتاة..مِثلية..كم كانت تجربة فريدة ودورا غير يسير، لاسيما عندما يتعلق الأمر بسبر عالم لا تسمح كل القواعد المجتمعية بالاقتراب منه..رغم أنها عالم يستحق أكثر الخوض فيه وكشف كنهه بالنظر إلى تزايد عدد المنتمين والمنتميات إليه، إلى درجة بات لهن صوت جمعوي جهوري.. لكنه عالم يصبح أكثر عُرضة لـ"الهجوم"، ليس فقط من طرف فقهاء الدين وبعض الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، ولكن حتى من طرف الجنس الآخر، لا سميا المتزوجين منهم، الذين منهم من اكتشف أن زوجته تخونه مع مثليات جنسيا، بحسب الشهادات التي تمكنا من استقائها..حيث روت إحداهن أنها مرتبطة بزوجة أحد المسؤولين بإحدى الوزارات.. والتي رغم أنها متزوجة منه لأزيد من عشرين سنة، ولها منه ابنان مراهقان، إلا أنها تفضل معاشرة منتمية إلى جنسها لأنها تحس بأنوثتها أكثر معها، على عكس مضاجعة زوجها لها، والتي يغلب عليها دائما طابع التسرع والقذف السريع، وهو ما يضايقها أكثر، ويحرمها، إلا نادرا، من "رعشتها" تلك التي تبحث عنها الراغبة في لذة الحب وليس فقط لذة الرغبة العابرة..مع الجنس المثلي، تقول، "حسناء" يمكن للإنسانة أن تُحلق في فضاء عالم غير منتهي من اللذة والسعادة..وأن تنأى بنفسها عن أفعال "الأمر والنهي"في الفراش، التي يتخذها غالبية أزواج مجتمعنا قاعدة لحياتهم الزوجية الحميمية.. وبدل ذلك فإن الفتاة والمرأة تصبح فاعلا ومفعولا، تُعطي وتُعطَى اللذة والإحساس بالأمان، بعيدا عن الأنانية..وبعيدا عن فعل"الاغتصاب" الذي تتعرض لها الآلاف من النساء كل ليلة تحت مبرر "الزوجة" التي تحافظ على أسرتها، أو وراء يافطة "حشومة" التي تخفي وراءها جرائم، لا تعد ولا تحصى..تقول هؤلاء اللواتي، استطعنا إلى عالمهن سبيلا.

"عزيزتي..

نحن مسلمون طبعا، لكن ليس بيدنا أن نكون مِثليات أو لا

هكذا أنا و سأبقى أنا ... مسلمة ومثلية..

"عزيزتي أريد أن أسالك هل أنت مغربية.."؟، قالت "سحاقية"، وهو الاسم المستعار الذي اختارته صاحبة مدونة عنونتها بـ"مذكرات امرأة مِثلية"، موجهة كلامها إلى إحدى زائرات المدونة التي أطلقت عليها اسم "صابرينا"، والتي بدأت في حوار معها على صفحات المدونة بقولها؛ "شكرا لك صديقتي على زيارتك، جوابا على سؤالك أنا جزائرية، أقيم حاليا في فرنسا.. صحيح لم نختر أن نكون مختلفين.. هكذا خلقنا الرحمان الرحيم.. أتدرين قرأت يوما في أحد الصحيحين، وأعتقد حديثا للرسول صلاة الله وسلامه عليه، في حديثه عن علامات يوم القيامة الصغرى..أنه لا تذهب الدنيا حتى يستغني الرجال بالرجال والنساء بالنساء.. فإذا كنا هكذا لحكمته، لماذا هذا الازدراء الذي يرانا به الدين وخاصة رجاله؟"؟. ثم تتدخل ثالثة في الحوار، محاولة هي الأخرى التوصل ما أمكنها ذلك، إلى ما يطمئنهن قليلا، ويقلل من حدة الهجوم الذي يتعرضن له من طرف مجتمعهن؛ "شكرا لك على مدونتك الجريئة..لقد آن الأوان لكي يتوقف الناس عن معاملتنا كمنحرفين، وأن يحترموا أن الله لحكمته خلقنا كما نحن.."، قبل أن تحيلهم على رابط للمثليين والمثليات قائلة؛ "تفضلوا بزيارة موقعنا... وهو موقع مخصص للمثليات العربيات، وكل من يريد أن يبني حوارا إيجابيا مع المثليين والمثليات.. لدينا مقالات ومنتديات وقائمة مدونات مثليين ومثليات..".

موقف الشرع..لا نص..

لقد اتخذت مسألة انتشار منتديات المثليين والمثليات أبعادا باتت أكبر من أن يتم تطويقها بمجرد مناهضة هذا التيار السياسي أو ذاك، أو فقط لأن فقيها في الدين أصدر فتوى بتحريم ذلك، رغم أن العديدين ممن يُقرون بغياب نص ديني صريح يحرم ممارسة الجنس بين أنثيين..هكذا أصبح يفكر مثليو ومثليات المغرب، بل إن منهم من لا يتردد في تقديم مواقف فقهاء كعبد الباري الزمزمي، يؤكدون على أنها مواقف "ضعيفة". والواقع أنهم كانوا يقصدون تصريحات الزمزمي للصحافة، التي أدلى بها عند الكشف عن تأسيس الجناح الأنثوي لجمعية "كيف كيف"، أي "منا فينا"، والتي قال فيها حرفيا؛ "في النصوص الشرعية ليس هناك أي حكم خاص بهذا الصنف من الشذوذ عند النساء، أي ما يسمى بالسحاق، ليس هناك حكم لا في القرآن ولا في السنة النبوية.. ومن باب القياس تقاس على الشذوذ عند الرجال، لأن المؤدى والعلة والغاية واحدة في المسلكين..لأن من طبيعة المرأة وفطرتها أن تميل للرجل، وبالتالي من باب القياس المعتمد في الشريعة الإسلامية يكون مسلكا محرما لأن العلة فيه هي العلة في تحريم الشذوذ بين الرجال". نفس التصريحات آخذ فيها الزمزمي على مبادرة مثليات "منا فينا" خروجهن إلى العلن والمجاهرة بما يفعلن صحيح أن بعضهن لم يخترن هذه الميولات طواعية، ونحن لا ننكر أن لكل واحد انحرافات، والكلام للزمزمي، يجد نفسه ميالا إليها، نحن نقول كما تقول الحكمة والحديث "من ابتلي منكم فليستتر" نحن لا نلوم هؤلاء، لكن نلومهن على المجاهرة، أما الإنسان في سريته فليفعل ما يشاء وأمره إلى ربه عز وجل".

ولا يتردد البعض في تأويل ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه بأنه "ضوء أخضر"، لكن ظروف المجتمع تجعل القائلين بذلك، لا يعبرون عنه صراحة، ولذلك فإن على المثليين والمثليات وحدهم "النضال من أجل انتزاع حقوقهم وحقوقهن"، ولذلك فإن جمعية "منا فينا" أطلقت جمعية موقعا على شبكة الإنترنيت من أجل الدفاع عن حق المثليات في العيش بحرية. ولأن المبادرة يقف وراءها "مجموعة مثليات وثنائيات ومتحولات الجنس، وأحرار الجنس المغربيات"، فإن الموقع "مكرس لمجتمع المثليات ويقدم أخبارا باللغة العربية، كما يضم دردشة ومنتدى حوار هدفه توفير مجال اتصال ونقاش آمن، وحر ومفتوح بين المثليات المغربيات"، في سبيل إحقاق حق يرونه مهضوما من طرف هذا المجتمع.

هؤلاء يجدون الدعم من طرف وطنية، لا تريد الكشف عن هويتها، كما يصرح بذلك الساهرون على إطلاق الإطار الجمعوي لـ"كيف كيف"، نظرا لمكانتها الاعتبارية والاجتماعية وحتى السياسية. كما يَلقون الدعم أيضا حتى منى الجهات الأجنبية، وكلنا يتذكر، في هذا السياق موقف منظمة "هيومان رايت ووتش" الداعي إلى "إلغاء الأحكام الصادرة جرّاء السلوك المثلي"، وكانت تقصد الأحكام الجنائية الصادرة ضد ستة رجال محكومين بالسجن "جراء انتهاج السلوك المثلي" بمدينة القصر الكبير في سنة 2008، مؤكدة على أنه يجب "أن تنحى الأحكام جانبا وأن يتم إطلاق سراح الرجال"، هذا في الوقت الذي لا يتردد كل السياسيين المغاربة، وأولهم الإسلاميون، في رفض المثلية، لفي الوقت الذي يختفي فيه الحقوقيون وراء ستار، ولا يكاد يظهر لهم موقف واضح، اللهم بعض "المواقف" غير الصريحة.

الجمعة، مارس 11، 2011

"تسونامي" وزلزال قويين يضربان اليابان..

"تسونامي" مُدمر يجتاح اليابان بعدما ضربها زلزال قوي..الأرقام الأولى تشير إلى وفاة المئات من الأشخاص...والآلاف من المفقودين

الخميس، مارس 10، 2011

خطاب الملك محمد السادس لـ9مارس

خطاب الملك محمد السادس لـ9 مارس، الذي يرسم خارطة طريق لإصلاح دستوري حقيقي..السؤال الذي يطرح ما موقع عباس الفاسي، الذي طالعتنا الصحافة مؤخرا بأنه يجري مشاورات مع قيادة الاتحاد الاشتراكي بشأن رفع مذكرة مطالب بشأن الإصلاحات...عباس الفاسي دائما يأتي متأخرا، ويفهم متأخرا أيضا...إليكم خطاب محمد السادس الذي تفاعل مع 20 فبراير الشبابية..

محمد السادس يرسم خارطة طريق جديدة لمغرب الحاضر والمستقبل، فهل أنتم مُبصِرون يا أعضاء الحكومة؟

في خطاب غير عادي، جاء في ظروف غير عادية يمر بها المغرب والمنطقة العربية، أبى الملك محمد السادس إلا أن يتفاعل مع مطالب شباب 20 فبراير الذين رفعوا مطلب الإصلاح الدستوري، في الوقت الذي ظل فيه السياسيون، خاصة منهم المشاركون في الحكومة ينأون بأنفسهم عن الاحتجاجات التي أعلن شباب الإنترنيت البدء في خوضها، حتى تتم محاربة الفساد ويتم إصلاح الدستور.

جواب الملك محمد السادس جاء أكثر تفاعلا إذن مع الشارع المغربي، بينما ظلت حكومة عباس الفاسي قابعة في قصرها العاجي تردد لازمة الاستثناء المغربي البعيد عن احتجاجات بدأت لا تبقي ولا تذر في عدد من الدول العربية.

الرد الملكي كذلك سحب البساط من تحت أقدام قيادات حزبية عاجزة حتى على التجرؤ على التصريح في ما إذا كانت رفعت مذكرة الإصلاح الدستوري إلى الملك أم لا، وكلنا يتذكر تملص "قيادات" الاتحاد الاشتراكي، الذين رفضوا –إلا لاحقا- الإقرار بتقديمهم لمذكرة الإصلاح، بمبرر احترام الجهة الموجهة إليها المذكرة. إنها الرسالة الملكية، التي تؤكد مرة أخرى أن لا قدرة لسياسيينا على اتخاذ المبادرة، كما يرى عدد من المتتبعين، ولتتأكد أحقية الشباب الذين رفعوا شعار "الإصلاح بالملك ومعه".

خطاب 9 مارس جاء إذن ليرسم خارطة طريق جديدة أكثر وضوحا لمغرب الحاضر والمستقبل، في منطقة تميز المغرب دوما بالريادة فيها، وذلك ما حرص الملك على التأكيد بشأنه على "التزامه الراسخ بإعطاء دفعة جديدة لدينامية الإصلاح العميق، أساسها وجوهرها منظومة دستورية ديمقراطية".

وكشف الملك محمد السادس، في خارطة الطريق هاته، على تشكيل لجنة لتعديل الدستور ستقدم خلاصة عملها خلال أقل من ثلاثة أشهر، وهو "التعديل الشامل" الذي يستند إلى سبعة مرتكزات أساسية، والتعبير للملك؛

1- التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة، دون استثناء.

2- ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية، ولاسيما بدسترة التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة، والالتزامات الدولية للمغرب.

3- الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه.

4- توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، من خلال:

- برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة، مع توسيع مجال القانون، وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية.

- حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب.

- تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي، الذي تصدّر انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.

- تقوية مكانة الوزير الأول، كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي.

- دسترة مؤسسة مجلس الحكومة، وتوضيح اختصاصاته.

5- تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين، بتقوية دور الأحزاب السياسية، في نطاق تعددية حقيقية، وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية، والمجتمع المدني.

6- تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة.

7- دسترة هيآت الحكامة الجيدة، وحقوق الإنسان، وحماية الحريات.

+++++++++


نص الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك إلى الأمة يوم الأربعاء 09 مارس 2011

"الحمد لله وحده،والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

شعبي العزيز،

أخاطبك اليوم، بشأن الشروع في المرحلة الموالية، من مسار الجهوية المتقدمة، بما تنطوي عليه من تطوير لنموذجنا الديمقراطي التنموي المتميز، وما تقتضيه من مراجعة دستورية عميقة،نعتبرها عمادا لما نعتزم إطلاقه من إصلاحات جديدة شاملة،في تجاوب دائم مع كل مكونات الأمة.

ونود في البداية، الإشادة بالمضامين الوجيهة لتقرير اللجنة الاستشارية للجهوية،التي كلفناها،منذ ثالث يناير من السنة الماضية، بإعداد تصور عام لنموذج مغربي للجهوية المتقدمة; منوهين بالعمل الجاد، الذي قامت به، رئاسة وأعضاء،وبالمساهمة البناءة، للهيآت الحزبية والنقابية والجمعوية، في هذا الورش المؤسس.

وتفعيلا لما أعلنا عنه في خطاب 20 غشت 2010، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب،ندعو الجميع للانخراط في مواصلة إنضاج ما جاء في هذا التصور العام،في نطاق نقاش وطني واسع وبناء.

لقد اقترحت اللجنة،في نطاق التدرج، إمكانية إقامة الجهوية المتقدمة بقانون، في الإطار المؤسسي الحالي، وذلك في أفق إنضاج ظروف دسترتها.

بيد أننا نعتبر أن المغرب، بما حققه من تطور ديمقراطي، مؤهل للشروع في تكريسها دستوريا.

وقد ارتأينا الأخذ بهذا الخيار المقدام، حرصا على انبثاق الجهوية الموسعة، من الإرادة الشعبية المباشرة،المعبر عنها باستفتاء دستوري.

لقد قررنا، في نطاق الإصلاح المؤسسي الشامل، الذي عملنا على توفير مقوماته،منذ اعتلائنا العرش، أن يقوم التكريس الدستوري للجهوية، على توجهات أساسية،من بينها :

+ تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور،ضمن الجماعات الترابية،وذلك في نطاق وحدة الدولة والوطن والتراب،ومتطلبات التوازن،والتضامن الوطني مع الجهات،وفيما بينها;

+ التنصيص على انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع العام المباشر،وعلى التدبير الديمقراطي لشؤونها.

+ تخويل رؤساء المجالس الجهوية سلطة تنفيذ مقرراتها،بدل العمال والولاة ;

+ تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن الجهوي خاصة،وفي الحقوق السياسية عامة ; وذلك بالتنصيص القانوني على تيسير ولوجها للمهام الانتخابية ;

+ إعادة النظر في تركيبة وصلاحيات مجلس المستشارين، في اتجاه تكريس تمثيليته الترابية للجهات.

وفي نطاق عقلنة عمل المؤسسات،فإن تمثيلية الهيئات النقابية والمهنية،تظل مكفولة بعدة مؤسسات،وعلى رأسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ويظل هدفنا الأسمى إرساء دعائم جهوية مغربية،بكافة مناطق المملكة،وفي صدارتها أقاليم الصحراء المغربية. جهوية قائمة على حكامة جيدة،تكفل توزيعا منصفا وجديدا،ليس فقط للاختصاصات،وإنما أيضا للإمكانات بين المركز والجهات.

ذلك أننا لا نريد جهوية بسرعتين: جهات محظوظة،تتوفر على الموارد الكافية لتقدمها،وجهات محتاجة،تفتقر لشروط التنمية.

شعبي العزيز،

حرصا منا على إعطاء الجهوية كل مقومات النجاعة ; فقد ارتأينا إدراجها في إطار إصلاح دستوري شامل،يهدف إلى تحديث وتأهيل هياكل الدولة.

أجل،لقد حقق المغرب مكاسب وطنية كبرى،بفضل ما أقدمنا عليه من إرساء مفهوم متجدد للسلطة،ومن إصلاحات وأوراش سياسية وتنموية عميقة،ومصالحات تاريخية رائدة،رسخنا من خلالها ممارسة سياسية ومؤسسية،صارت متقدمة،بالنسبة لما يتيحه الإطار الدستوري الحالي.

كما أن إدراكنا العميق لجسامة التحديات،ولمشروعية التطلعات،ولضرورة تحصين المكتسبات،وتقويم الاختلالات،لا يعادله إلا التزامنا الراسخ بإعطاء دفعة قوية لدينامية الإصلاح العميق،جوهرها منظومة دستورية ديمقراطية.

ولنا في قدسية ثوابتنا،التي هي محط إجماع وطني،وهي الإسلام كدين للدولة،الضامنة لحرية ممارسة الشعائر الدينية،وإمارة المؤمنين،والنظام الملكي،والوحدة الوطنية والترابية،والخيار الديمقراطي،الضمان القوي،والأساس المتين،لتوافق تاريخي،يشكل ميثاقا جديدا بين العرش والشعب.

ومن هذا المنطلق المرجعي الثابت،قررنا إجراء تعديل دستوري شامل،يستند على سبعة مرتكزات أساسية :

+ أولا : التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة،الغنية بتنوع روافدها،وفي صلبها الأمازيغية،كرصيد لجميع المغاربة ;

+ ثانيا : ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية،وضمان ممارستها،وتعزيز منظومة حقوق الإنسان،بكل أبعادها،السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية،والثقافية والبيئية،ولاسيما بدسترة التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة،والالتزامات الدولية للمغرب ;

+ ثالثا : الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة،وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري،توطيدا لسمو الدستور،ولسيادة القانون،والمساواة أمامه ;

+ رابعا : توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها،وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها،من خلال :

برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة،يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة،مع توسيع مجال القانون،وتخويله اختصاصات جديدة،كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية.

حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية،المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع،وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب ;

تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي،الذي تصدر انتخابات مجلس النواب،وعلى أساس نتائجها ،

تقوية مكانة الوزير الأول،كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية،يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية،وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي ،

دسترة مؤسسة مجلس الحكومة،وتوضيح اختصاصاته،

+ خامسا : تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين،بتقوية دور الأحزاب السياسية،في نطاق تعددية حقيقية،وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية،والمجتمع المدني ;

+ سادسا : تقوية آليات تخليق الحياة العامة،وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة ،

+ وسابعا : دسترة هيآت الحكامة الجيدة،وحقوق الإنسان،وحماية الحريات.

شعبي العزيز،

عملا بما رسخناه من انتهاج المقاربة التشاركية،في كل الإصلاحات الكبرى،فقد قررنا تكوين لجنة خاصة لمراجعة الدستور،راعينا في اختيار أعضائها،الكفاءة والتجرد والنزاهة.

وقد أسندنا رئاستها للسيد عبد اللطيف المنوني،لما هو مشهود له به من حكمة،ودراية علمية عالية بالقانون الدستوري،وخبرة حقوقية واسعة ; داعين مكونات اللجنة إلى الإصغاء والتشاور مع المنظمات الحزبية والنقابية،ومع الفعاليات الشبابية،والجمعوية والفكرية والعلمية المؤهلة،وتلقي تصوراتها في هذا الشأن ; على أن ترفع إلى نظرنا السامي نتائج أعمالها،في غضون شهر يونيو المقبل.

وإننا نتوخى من هذه التوجهات العامة،وضع إطار مرجعي،لعمل اللجنة. بيد أن ذلك لا يعفيها من الاجتهاد الخلاق،لاقتراح منظومة دستورية متقدمة لمغرب الحاضر والمستقبل.

وإلى أن يتم عرض مشروع الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي،وإقراره ودخوله حيز التنفيذ،وإقامة المؤسسات المنبثقة عنه،فإن المؤسسات القائمة،ستواصل ممارسة مهامها،في إطار مقتضيات الدستور الحالي.

وفي هذا السياق،ندعو إلى التعبئة الجماعية،لإنجاح هذا الورش الدستوري الكبير،بثقة وإقدام،وإرادة والتزام ; وجعل المصالح العليا للوطن فوق كل اعتبار.

كما نعرب عن اعتزازنا بما يتحلى به شعبنا الوفي،بكل فئاته وجهاته،وأحزابه ونقاباته الجادة،وشبابه الطموح،من روح وطنية عالية ; متطلعين إلى أن يشمل النقاش الوطني الموسع،القضايا المصيرية للوطن والمواطنين.

وإن إطلاقنا اليوم،لورش الإصلاح الدستوري،يعد خطوة أساسية،في مسار ترسيخ نموذجنا الديمقراطي التنموي المتميز،سنعمل على تعزيزها بمواصلة النهوض بالإصلاح الشامل،السياسي والاقتصادي والتنموي،والاجتماعي والثقافي ; في حرص على قيام كل المؤسسات والهيآت بالدور المنوط بها،على الوجه الأكمل،والتزام بالحكامة الجيدة،وبترسيخ العدالة الاجتماعية،وتعزيز مقومات المواطنة الكريمة.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت،وما توفيقي إلا بالله،عليه توكلت وإليه أنيب". صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


الاثنين، مارس 07، 2011

العسكر الجزائري والبوليساريو يُقتّْلون الشعب الليبي إلى جانب القذافي

حركة "رشاد" المعارِضة تتهم النظام الجزائري بمحاولة إحباط الثورات العربية بمشاركة مخابراته في أعمال التخريب

تناقلت العديد من وسائل الإعلام الدولية، مؤخرا، على لسان عدة مسؤولين ليبيين موالين لثورة 17 فبراير، نبأ تورط مرتزقة البوليساريو ومعهم نظام العسكر الجزائري، في المشاركة إلى جانب العقيد معمر القذافي في قتل الشعب الليبي المطالب بالحرية والديمقراطية، وهو التورط الذي يفند كل ادعاءات ومزاعم عصابة البوليساريو وضباط العسكر الجزائري، الذي يسخر ملايير الشعب الجزائري، في الدعاية لأطروحة الانفصال ومعاكسة المغرب في وحدة أراضيه.

فبعد أن أعلنت التلفزة الليبية الرسمية مع بداية الثورة، عن مكالمة هاتفية مطولة قد جرت مع القذافي بين عبد العزيز بوتفليقة و محمد عبد العزيز زعيم جبهة البوليساريو، زادت عن ساعة من الزمن، وذكر خلالها التلفزيون بأن تلك المكالمة كانت الوحيدة التي تلقاها القذافي من زعيم عربي، أفادت الأخبار مؤخرا عن تسخير النظام الجزائري العسكري لمجموعة من الطائرات الجزائرية قصد نقل المئات من مرتزقة البوليساريو، ومن بعض دول أوربا الشرقية للقتال إلى جانب عصابات الموت التابعة للقذافي، والتي تقوم بتقتيل الشعب الليبي وإجهاض ثورته المباركة.

ويشهد شاهد من أهلها، حين تنقل تقارير صحفية جزائرية معارضة بأن "عورة النظام الجزائري تتعرى مرة أخرى ويفتضح أمره، وزيف الشعارات التي يرفعها ويتبجح بها أمام العالم، في الوقت التي يدنس فيها شرف الشعب الجزائري ويجعل منه معيرة أمام الشعوب"، على حد تعبير موقع الجزائر تايمز، الذي يضيف أحد مراسليه؛ "فمن دوره الوسخ والمفضوح في أحداث العيون، وتجنيد عصابات الرعب والسرقة أثناء ثورة الياسمين في تونس، ها هو يطلع علينا اليوم بما ليس غريبا عنه، أوليس هذا النظام هو الذي سرق كل ثورات الشعب الجزائري منذ ثورة التحرير حتى اليوم؟".

ويبرر بعض المتتبعين ما يصفونه هذا "التصرف المشين" لدعم الحكام الجزائريين لنظام الدكتاتور القذافي، بكون النظام الجزائري "قد تملكه الخوف الشديد وهو يرى أن الدور عليه آت لاريب"، رغم القبضة الحديدية التي يمسك بها على الشعب الجزائري الأبي، وهو ما يتنبأ به كل المتتبعين لما يجري في الوطن العربي من ثورات، مصنفين الجزائر في المرتبة الرابعة التي ستجتاحها "موجة الغضب"، بعد كل من تونس ومصر وليبيا.

وعبرت حركة "رشاد" الجزائرية المعارضة عن "الأسى والغضب الشديدين لتلقيها أنباء متواترة تفيد بأنّ النظام الجزائري يقوم بإرسال عناصر من المسلّحين لتقتيل إخواننا الليبيين المنتفضين ضد نظام القذافي الدموي الفاسد في المناطق الغربية من ليبيا، وخاصة في مدينة الزاوية التي قُبض فيها على جزائريين من بين هؤلاء المسلُحين كما صرّح به شهود عيان في وسائل الإعلام".

وكشفت "رشاد"، استنادا إلى ما وصفتها "مصادر مؤكدة"، عن أن الآلة الدبلوماسية الجزائرية، بقيادة عبد القادر مساهل، الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون الإفريقية والمغاربية، "تسعى الآن بكل جهدها لإقناع شركاء النظام الجزائري في الغرب والضغط عليهم من أجل مواصلة دعمهم للقذافي وعصابته"، مضيفة، "على الصعيد الأوروبي يقوم كل من عمار بن جمعة، الأمين العام السابق لوزارة الخارجية، وسفير الجزائر الحالي لدى بلجيكا ولوكسمبورغ وممثل الجزائر لدى الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي (نيتو) وبلقاسم بلقايد، الوزير المستشار المكلَّف بالعلاقات السياسية الثنائية مع الاتحاد الأوروبي والنيتو، بحملة دعائية مسعورة لدى المؤسسات والموظفين والدبلوماسيين الأوروبيين من أجل إقناعهم بمساندة القذافي وإعطاء فرصة لابنه سيف لأنه، حسب زعمهم، لا بديل في ليبيا لحكم القذافي سوى الفوضى العارمة والظلامية الإسلاموية، كما يروجون لذلك.

ونبه المصدر ذاته إلى تزامن هذه التحركات الدبلوماسية الجزائرية مع إصدار بيان لما يسمّى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب يتوجّه فيه التنظيم المذكور إلى الشعب الليبي بالقول؛ "نحن قادمون للدفاع عنكم ضد الطغاة"، وقد توافق هذا التصريح مع ادعاءات القذافي في حديثه الأخير على أنّ أتباع بن لادن هم من وراء الفوضى والتخريب في ليبيا، وقد تعوّدنا، تقول الحركة المعارضة، على بيانات مزيّفة من هذا القبيل تصدر عن دوائر تابعة للمخابرات الجزائرية.

وكان الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، المحامي عبد الحفيظ غوقة، اتهم يوم الأربعاء الماضي، دولا بينها النيجر ومالي وكينيا بإرسال قوات للقتال مع القذافي ضد الثوار، لكن ركز على الجزائر بشكل خاص، وقال إن "النظام الجزائري متواطئ مع القذافي ضد الثوار".

وأكدت "رشاد" دائما، حسب مصادرها، "قيام النظام الجزائري بإرسال عناصر من المخابرات الجزائرية تعمل الآن على التراب التونسي، وفي نفس السياق قام النظام باستقبال عدد كبير من أعوان الرئيس التونسي المخلوع، خاصة أعضاء من الحرس الجمهوري. وأضافت الحركة، "يُدير العقيد جمال بوزغاية، المستشار الأمني لبوتفليقة، وهو ضابط في مديرية الاستخبارات والأمن (DRS) الملف التونسي تحت إشراف اللواء رشيد لعلالي المدعو عطافي، رئيس جهاز الأمن الخارجي"، متهمة "النظام الجزائري المرتعش من جرّاء سقوط حلفائه في المنطقة الواحد تلو الآخر"، بأنه "يخطّط لإعادة تنظيم قوى الاستبداد البائدة لمحاولة ضرب الثورات الشعبية خاصة في تونس وليبيا".

وبعد أن هددت المسؤولين الجزائريين، الدبلوماسيين والسياسيين والعسكر وأعضاء المخابرات بإحالتهم على القضاء، في المستقبل، دعت حركة رشاد "ضباط الجيش والأمن والجهاز الدبلوماسي إلى رفض أيّ أوامر للقيام بمهام قذرة وأعمال إجرامية في حق إخواننا في المنطقة".

وحاولت أبواق النظام الجزائري الإعلامية إخفاء تورط هذا النظام ومساهمته في تقتيل الشعب الليبي، وانبرت يومية "الخبر" المقربة من دوائر العسكر الجزائري الذي ينهب ثروات الشعب الجزائري، إلى نشر تقرير يفيد ببدء هيئة أركان الجيش الوطنى الجزائري في تنفيذ ما أسمته "مخططا أمنيا جديدا" لتشديد الرقابة على الحدود المشتركة مع الجماهيرية الليبية، لمراقبة جوية للصحراء الواقعة في غرب مدن ساردالاس، وغات في أقصى الجنوب الغربي للجماهيرية الليبية، لمنع تهريب أسلحة مهربة من ثكنات ومعسكرات الجيش الليبي إلى الجزائر بالإضافة إلى تسلل عناصر إرهابية".

ومن جهتها حاول البوق الثاني لقصر المرادية ولثكنات العسكر الجزائرية خلق بلبلة والتشكيك في صفوف أعضاء المجلس الوطني الليبي المشكل مؤخرا، عندما نشرت الجريدة ما ادعت أنه تقرير سري للمخابرات الأمريكية يكشف وجود علاقة سرية بين عبد الحفيظ الغوقة نائب رئيس المجلس الوطنى الليبى وبين الزعيم معمر القذافى"، وهو ما يكشف عن مدى "غباء" الواقفين من وراء تسريب هذا التقرير، الذين يريدون استغباء الشعب الليبي، تقول مصادر مطلعة، والتي زادت موضحة في شكل تساؤل، ومَن يا ترى مِنْ أعضاء هذا المجلس الوليد لم يكن مقربا من العقيد القذافي، قبل أن ينشقوا عنه؟ قبل أن تخلص، "إنه بوق دعاية العسكر المرتعش هذه الأيام، والذي يريد أن يعمل كل ما من شأنه-دون جدوى طبعا- أن يعرقل الثورة القادمة إليه".

وأوضح التقرير الذى نشرته النهار تحت عنوان "فضائح المتحدث باسم ثوار ليبيا'' أن عبد الحفيظ غوقة هو نجل عبد القادر غوقة ، مسئول ليبى سابق عمل مع النظام الليبى خلال فترة الحكم الملكى وأيضا خلال مرحلة جماهيرية القذافي، وهو يشغل حاليا منصب الأمين العام للمؤتمر القومى العربى.

وأضافت أنه بالنسبة لعبد القادر غوقة، والد عبد الحفيظ غوقة، فقد شغل منصب رئيس الديوان الملكى للحج، خلال فترة الحكم الملكى لليبيا، ثم ما لبث أن انقلب على الملك وأعلن مساندته للقذافى ليعين فى منصب سفير ليبيا فى لبنان فى منتصف السبعينات إلى غاية منتصف الثمانينات، وتحديدا خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية، أين كان لنظام القذافى دورا كبيرا وهاما فى إذكاء نار الحرب، من خلال دعم الفصائل اللبنانية المتقاتلة بالمال والسلاح.

أطلس أنفو-وكالات

الأحد، مارس 06، 2011

اَلعلوي..أو القاضي الذي يكرَه الصحافة

نورالدين اليزيد

هذه المقالة نشرت في عدد من المواقع في ماي 2008، وفوجئت بأحد المواقع ينشرها مؤخرا، فأردت إعادة نشرها في موقع صاحبها، لتكون بالمناسبة ذكرى لمن يحتاج إلى تذكير..

سيتوجه نظره إلى مكتبه الكائن بالمحكمة الابتدائية بالرباط، صبيحةَ ما بعد نُطقه بحكم آخر- لن يكون الأخير- ضد صحافي آخر أو صحيفة أخرى، وسيسأله الإنسان القارئ بداخله، وهو يلج مكتبه وقد تراءت له مجموعة صُحف فوقه تنتظره كي يتصفحَها ليرى فقط ما إذا كانت تحوي بين صفحاتها تعقيبا على أحكامه، سيسأله ذاك السؤال المؤرق للإنسان القارئ بداخله، والمصفِّق للإنسان القاضي المنتشي بوشاح التسلط على السلطة الرابعة؛ أيَّ إنجاز هذا الذي حققته يا محمد العلوي في حربك على جيش من "الإرهابيين" أبوا إلا أن تكون "طلقاتُهم النارية" من حِبر؟! وسيرتعش قليلا ثم سيتظاهر ببطولة مُزيفة وشجاعة لا تشبهها إلا شجاعة الراكب على حصان من قصب، ثم يجيب، كما أجاب من قبل، "إني أجتهد...وإنه يجب إسكات أفواه الصحافيين".

هكذا هو حال القاضي محمد العلوي الذي بات اسمُه ذائع الصيت عبر ربوع العالم بعدما تناقلت اسمَه وكالاتُ الأنباء والصحفُ العالمية، عندما أصدر مرة أخرى حكما ضد الصحافة والصحافيين المغاربة، وهو الحكم الذي يبدو، من دون أدنى ريب، أنه يسعى إلى إخراس صوت تأكد للذين يوعِزون لهذا القاضي الذي بهكذا أحكام، بأنه صوتٌ يغرد خارج السرب الذي يقودون، وبأنه صوت كذلك يصدح بنبرة غير تلك النبرات المستهجنة المرددة للأسطوانات المشروخة من قبيل "العام زين"!!

وكم يجد المرء نفسه أمام مفارقة عجيبة لهذه "الإنجازات" التي باتت حكرا على "أجمل بلد في العالم"، وهو يرى أسماء مثل القاضي الفرنسي باتريك راماييل والقاضي الاسباني غارثون بالتزار، اللذين نقشا اسمهما بمداد ناصع في سجل تاريخ القضاء العالمي لقدرتهما، غير المجادل فيها، على مقاربة ملفات جد حساسة، وفي سعيهما الحثيث على تأدية رسالة العدالة على أكمل وجه، فكانا يستحقان بحق تبوؤهما ذاك في المنابر العالمية، في الوقت ذاته الذي قفز فيه اسم العلوي إلى واجهة الأحداث بعدما أصدر حكما آخر ضد الصحافة الوطنية، وهو الحكم الذي طال هذه المرة مدير يومية "المساء"، والذي (الحكم) ضرب كل الأرقام القياسية، ليس على الصعيد الوطني وحسب ولكن ربما على المستوى الدولي أيضا لضخامة المبلغ المحكوم على اليومية الأكثر انتشارا بالمغرب بتأديته.

وكم يجد الطالب بجامعة الحقوق والمتتبعُ المغربي، على حد سواء، إن آجلا أو عاجلا، أنفسَهم في حيرة من أمرٍ عندما سينبشون في الخزانة القانونية والذاكرة الحقوقية للمغاربة، فيجدون أن الذي تجاوز ذكرُه الحدودَ الوطنية من رجال القانون والمشتغلين فيه ليس إلا رجلا مناسِبا ليس لكُرسي القضاء، لكن لا أخاله إلا لكرسي بداخل دهاليز زمن الرصاص ذاك الغابر من غير رجعة، والذي ما فتئ العلوي القاضي والذين يدور في فلكهم يُذكروننا به في مناسبات عدة. والأخطر في الأمر أن هؤلاء الذين يريدون الرجوع بالمغرب إلى السنوات الخوالي غير المأسوف عنها، يستغلون جهاز القضاء الذي تصدر فيه الأحكام والقرارات باسم الملك، فيُحمِّلون بتلك القرارات والأحكام الملكَ ما لا طاقة له به، وهو الملك الذي ما فتئ يُرسل عبر كل خطبه تقريبا الرسائلَ تلو الأخرى من أجل إصلاح جهاز القضاء، وعدم جعله مطية للُوبي الفساد للتغطية على جرائمهم في حق المجتمع، بخلق خصوم غير واقعيين للنظام، وبالتالي الانتقام من هؤلاء الذين يقفون في وجه جشعهم، من خلال تنصيب محاكم باتت أشبه بمحاكم التفتيش في القرون الوسطى، وبتلفيق التهم من قبيل المس بالمقدسات التي شملت حتى الأحجار كما في شأن أحد الأحكام المحكوم بها على الصحافي علي المرابط، والذي طُرد من العمل بمهنة اختارها انطلاقا من إيمانه بحقه الدستوري، ولكن القاضي محمد العلوي رأى ، بحسب اجتهاده، أن عليه عدم مزاولة مهنة صحافي لمدة عشر سنوات نتيجة حكم قضائي يعتبر ربما الأغرب في العالم.

إنه لَمِن المفارقة حقّا أن لا تحظى أسماء عدد من الحقوقيين ورجال القانون من طينة فقيه القانون أحمد الخمليشي والنقيبين عبد الرحيم الجامعي وعبد الرحمان بن عمرو، الذين تشهد لهم رفوف المحاكم وخزانات الجامعات بمرافعاتهم واجتهاداتهم وأبحاثهم التي تُدرس في الكراسي الجامعية للطلبة، أن لا تحظى مثل هذه الأسماء بحظوة هذه الأضواء التي سُلطت هذه الأيام على اسم مبني للمجهول، لم يعرفه، إلا علي المرابط، الذي يتذكره تماما كما يتذكر الضحية جلاده، ويصفه بأنه شخص قصير ذو شارب وكان يرتعد حين كان سنة 2005 يهم بإصدار الحكم ضد المرابط بحرمانه من الكتابة الصحفية لمدة عقد من الزمان. وهو ذات الشخص أيضا القصير قِصر مدى رؤيته لمستقبل المغرب، والذي باغته النقيب الجامعي ذات مرافعة قائلا له بأن من ورائه من يوعز إليه بالأحكام، ولم تكن له الجرأة الكافية حتى لتحريك المسطرة ضد النقيب بتهمة التجريح، وتجاهل الأمر كأنه لم يسمع شيئا، ربما لأن منازلتَه لفقيه قانوني من عيار الجامعي كانت ستجُر عليه خيبات لا قبل له بها. إنه نفس الشخص الذي لن ينسى صورته أبدا الصحافي أبو بكر الجامعي مدير نشر "لوجوغنال إيبدو"، والذي حكم عليه بتأدية أكثر من 300 مليون سنتيم لفائدة مدير المركز الأوروبي للدراسات السياسية الكائن مقره ببلجيكا، فلم يكن بوسع الجامعي الصحافي إلا أن يحمل حقيبته ويتجه قبلة الولايات المتحدة خوفا على مؤسسة صحافية، تشغل العديد من الأشخاص المُعيلين لعائلاتهم، من التوقف والإفلاس. إنه القاضي العلوي، الذي لن ينساه كذلك صاحب عمود "شوف تشوف"، الذي سيكون مجبرا، في حال لم تسُد روحُ العدالة في مرحلة استئنافية قادمة، على ضرورة توفير مبلغ يتجاوز 600 مليون سنتيم، حتى يضمن ليومية "المساء" الاستمرارية، إلا أنها استمرارية سيكتنفها المزيد من الحذر والخوف أحيانا بكل تأكيد، في مغرب يأبى فيه القاضي إلاّ أن ينبطح أمام السلطة في صورة عارية ليس كمثلها إلا الصورُ العارية لأولائك القضاة الذين انبطحوا من قبل على سرير رقية أبو علي.