الجمعة، مارس 04، 2011

فتيات يمارسن الـ"السيبير سيكس" نزولا عند رغبة "فارس" أحلام افتراضي

بدافع التسلية أحيانا و"الشات" تجد العديد من الفتيات أنفسهن تخضن في أحاديث "جادة" عن الزواج بأشخاص هم في الغالب من جنسيات خليجية، وأحيانا أخرى يكونون مغاربة مقيمين بالخارج، وبعد الوعود التي يتلقينها، يستسلمن لطلبات هذا "الزوج الافتراضي" الذي يريد الاطلاع على مكامن اللحم والإثارة لدى البعض من هؤلاء الفتيات اللاهثات وراء "فارس" أحلام لا يأتي في الغالب، بل يصبحن ضحيات بعدما يتم نشر صورهن الفاضحات أمام الملء في الشبكة العنكبوتية

"الرغبة في الزواج والبحث عن المال وراء تَعريهن"

جالت قليلا بعينيها من حواليها، وترنحت في مقعدها بعدما دنت أكثر إلى جهاز الحاسوب الموضوع أمامها، وعدّلت من جلستها في ذات الوقت الذي عدّلت فيه كذلك كاميرا الحاسوب...كانت القاعة شبه فارغة إلا من أربعة أشخاص، هي خامستهم، بالإضافة إلى الفتاة المشرفة على مقهى الإنترنيت هذه، والتي كانت تخوض هي الأخرى في حديث يبدو كأنه هو الآخر حميمي..

كنت من بين هؤلاء الزبناء القلائل أتابع هذا البيع الرخيص للحم الآدمي..مختفيا وراء حاسوبي، رأيت هذه الفتاة تعرض "بضاعتها" إلى ذاك الخليجي، الجالس هنالك يقدم لها الوعود تلو الوعود، تحت صك عريض اسمه الزواج...هذا ما استنتجتُه، عندما استرقت منها خلسة السمع ...والنظر؛

"سأكون زي الخادمة عندك.." قالت بلهجة مصرية حسِبتْها هي خليجية..قبل أن تُخفض صوتها..وتواصل، "أنا بَحبك...إن كنت عايز أبناء...أو ما عايز ما فيه مشكلة...بَس أكون بأُربك..". كلامها كان يبرز جانبا من حوار مع الطرف الآخر، يبدو أنه لا يقبل أبناء في حالة إقامة علاقة زواج، قد لا تأتي أبدا مع مثل هذا الذي يطلب منها التعري أمام الكاميرا..اندفعت فجأة أكثر إلى الكاميرا، بعد أن التفتت فقط إلى الفتاة المديرة للمقهى...بينما لم تعر أي اهتمام إلى باقي الحضور بالقاعة، هؤلاء الزبناء الذين كان صاحب هذه الكلمات واحدا منهم...استشعرتُ أن الفتاة تريد الكشف عن مخزون ثيابها من اللحم الأنثوي، من الجهة العليا، فلقد علمتني التجارب، في أوقات سابقة، الشيء الكثير عن هذا التعري الممزوج فيه ما هو واقعي وما هو افتراضي...واستطاعت عيناي في مرات عديدة اقتناص فتيات في عمر الزهور أحيانا يعرضن أجسادهن أمام مرأى زبناء مقاهي الإنترنيت، الذين باتوا يألفون وجود فتيات مرتديات ألبسة شفافة أو قصيرة وهن يخضن في أحاديث وحوارات ساخنة عبر "الميسنجر" و"السكايب"وبالـ"ويب كام".. في صورة من صور "السيبير سيكس" المعروف لدى الغرب، ودون وعي منها، داعبت قليلا نهديها من الأسفل كأنها تحمل حمَّالات النهدين إلى أعلى..فبدت مقدمتهما وامتد أكثر الفاصل بينهما، الذي فضحته أشعة المصباح وهي تكشف عن سيلان عرق كثير بدأ يثور على هذا الجسد المضغوط بالأماني والأمنيات، وبدرجة حرارة القاعة المرتفعة جدا..كنت أسترق النظرات حين التقت عيناي بعينيها، خِلتها وقتها أنها ستكبح جماحها هذه الثائرة على اللحظة..استحياءً مني ومن باقي الزبناء لكن لم تفعل..فلقد كانت نظرتها إلي عن غير قصد، بل عن غير وعي..تابعتِ الكشف عن نهديها بيَد، بينما كانت اليد الثانية تحاول تكييف "الويب كام"، مع اتجاه ووضع صدرها المسكين هذا الذي تبتاعه صاحبته لزوج افتراضي قد يأتي أو لا يأتي، أو لنقل قد يتحول إلى آدمي من لحم ودم، أم أنه سيظل حلما تطارده هذه الباحثة عن زوج، في غياهب ظلمات بحور هذا العالم الافتراضي.. المسمى إنترنيت..تابعت تعديل الكاميرا موجهة إياها إلى ما تحت "الحزام"..حقا إنها تريد الكشف عن فخديها..حاولت في المرة الأولى..وكنت أحاول لحاقها بناظري فلقد كانت غافلة عمن حولها، أو إنها لم تكن آبهة بهم، فالهدف أكثر وأسمى بالنسبة إليها من أن تتأخر عن تلبية طلبات هذا "الفارس" الافتراضي..ثم حاولت مرة ثانية..أخيرا نطقت كالذي ينطق بعدما يعجز عن تلبية طلبٍ غال لشخص عزيز "موش آدرا..في مرة أخرى ممكن حبيبي..أوكي"، كأنها كانت تستجديه بأن لا يغضب منها..وسكتت عن الكلام المسترسل الدافئ الحمّال لمعان كثيرة..وأسئلة متداخلة جمة؛ فتاة في مقتبل العمر تبيع جسدها بأثمنة بخسة لأشخاص مفترضين مقابل وعود ليس إلا بالزواج.. وفي أحسن الأحوال مقابل مبلغ من المال يتم إرساله إلى وكالة تحويل الأموال..هكذا تحكي صاحبة مقهى الأنترنيت، التي كشفت أنها "ذاقت فلوس دوك ولاد الحرام، لكن لن يذوقوا لحمها، أو يلمسها ذات يوم أحد أولائك الكلاب.." على حد تعبيرها..

"سيكس" مباشر..من أجل زوج

سعيدة، المشرفة على هذا المقهى، باتت خبيرة بمآرب زبنائها، في هذا المقهى الكائن وسط حي كثيف السكان بمدينة سلا، فهؤلاء الزبناء صنفان لا ثالث لهما، وإن كان هناك صنف آخر فهو صنف أطفال يبحثون عن مواضيع يطالبهم بها أساتذتهم في المدارس الابتدائية، وتساعدهم سعيدة على البحث فيها قبل إخراجها في ورق فيذهبون في حال سبيلهم، ويبقى المجال مواتيا للصنفين الأكثر ارتيادا على مقهى الإنترنيت هاته؛ الصنف الأول معروف ويثير الكثير من الضوضاء والإزعاج لسعيدة، حيث يحتل على الأقل ثلاثة أشخاص مكتب جهاز حاسوب واحد ويبدأون في التخاطب و"الشات" مع الأهل والأحباب، وبصوت مرتفع، مما يكسر صمت القاعة، وفي غالب الأحيان، يزعج باقي الزبناء، لاسيما منهم، الفئة الثانية الأكثر حضورا بالمقهى؛ إنهن الفتيات الباحثات عن أنصافهن الأخرى..فهؤلاء بِتن معروفات لدى سعيدة بكونهن يأتين من أجل الغرض نفسه..

تحكي سعيدة أنها بالرغم من أنها شخصيا ترفض ربط علاقة، مهما كانت طبيعتها، مع خليجي انطلاقا من مواقع الإنترنيت، بحكم مبادئها وظروف عائلتها التي لا تسمح بهذا النوع من العلاقات، إلا أنها ليست ضد الفتيات اللائي يفضلن الغوص في هذا العالم الافتراضي، من أجل الزواج، خاصة أننا بالمغرب نحيا على "أزمة" حقيقية في تكوين أسرة؛ فكثير من الشباب المغاربة حاصلون على شواهد عُليا لكنهم من دون عمل، فكيف لهؤلاء أن يبادروا إلى خطبة فتاة، وهم بالكاد يستطيعون توفير مصروفهم اليومي (قهوة وسجائر)؟ تتساءل سعيدة، التي استمرت تسرد حكايات مختلفة، في ما يشبه العارفة بمشاكل الشباب وخاصة الفتيات الراغبات في التزوج من أصحاب "البترودولار"..نسبة كبيرة من الفتيات اللائي كن يزرن هذا النادي الذي أديره، تضيف، منذ أزيد من سنتين تزوجن عبر الإنترنيت، ومن هن من حظيت بزوج له مال غزير، كما هو الشأن بالنسبة لإحداهن التي أصبحت صديقة عزيزة علي، والتي مكّنها زوجها العُماني من منزل من طابقين بمدينة تمارة، تسكن به هي وعائلتها، بعدما كانوا يكترون بيتا يجمعون بمشقة الأنفس ثمن سومته الكرائية كل شهر، هي التي كانت تعمل "فام دميناج" وشقيقها الكهربائي..قيمة المنزل الذي يوجد في أحد الأحياء العصرية الحديثة بتمارة تتجاوز الـ160 مليون سنتيم، تقيم فيه اليوم برفقة كافة أفراد أسرتها، بمن فيهم والديها العاطلين عن العمل وأشقائها الخمسة..وعن سؤال عما إذا كانت صديقتها هذه كانت تستعمل نفس طُرق العري أمام كاميرا جهاز الحاسوب قبل أن تلتقي زوجها في ما بعد، ابتسمت سعيدة وطلبت إعفاءها من الجواب عن هذا السؤال، لأن ذلك أصبح من الماضي، قبل أن تفعل تحت إلحاحنا..لقد كانت تفعل أكثر مما تقوم بها الفتاة سالفة الإشارة إليها، بحسب محدثتي، لأنها كانت تبقى شبه عارية أمام الحاسوب، بعدما تطلب من المشرفة على النادي إغلاق باب القاعة، مع تكفلها بتعويضها عن ثمن الخدمة بالأجهزة العشر، حيث كانت تقضي ما بين الساعة والساعتين، خاصة في فترة الظهيرة، أمام الكاميرا تدلك في نهديها، كما كنت أخطف النظرات أحيانا، تقول سعيدة، وربما كانت تفعل أكثر من ذلك، خاصة أني كنت أنهمك في جهازي، بعدما تختار الارتكان إلى زاوية القاعة، وكان ينتهي إلى مسمعي من حين لآخر أصوات كتلك التي تصدر عن فتاة يضاجعها شخص.. وهذه هي النتيجة..تضيف المتحدثة؛ رجل لا يأتي إلى المغرب إلا نادرا، وسيارة لا يقل ثمنها عن 20 مليون سنتيم، في متناول شقيقها، لأنها لا تتقن السياقة، كما لا تتقن أيضا القراءة والكتابة، لأنها شبه أمية، والشيء الوحيد الذي كانت بارعة فيه لحد الاحترافية، هو "الإبداع" في طريقة عرض ما تكتنزه من لحم طري ووجه أبيض صاف تحسدها عنه صديقاتها، تعرض كل ذلك أمام الزوج الافتراضي الذي، بسحرة لحم آدمي، تحول إلى زوج حقيقي..مع بعض التحفظ على الصفة، لأنه لا يلتقي زوجته إلا لفترة وجيزة لا تتعدى، بالكاد، أسبوعين في السنة، فهو لا يستطيع أخذها معه إلى سلطنة عمان، لأسباب شخصية وعائلية، ظل يرفض الخوض فيها مع زوجته المغربية، التي أنجبت منه مؤخرا طفلا يشبهه تماما من حيث السُمرة التي تعلو مُحيى هذا العماني القادم من سلطنة عمان.

وزواج عرفي..على سُنة "النِّت"

حكايات أخرى، روتْها سعيدة، لا تكاد تنتهي تشير إلى هروب ولجوء فئة عريضة من الفتيات إلى هذا "الخَطّاب" الإليكتروني الذي يتيح لهن إمكانيات أكبر للاختيار، فهناك "طلب" على المرأة المغربية، تقول سعيدة، لأنها ببساطة "صبّارة مسكينة"، وليس لها أي اعتراض على أن يُعدد الزوج العربي، أو أن تكون هي زوجته الثانية أو الثالثة أو الرابعة، أو .. هلُمّ جرّا..في سبيل التمتع بحياة الرغد والرفاهية..إنه "الحلال" بالنسبة لهؤلاء العرب، ولكنه "حرام" بالنسبة للمغربي، الذي لا يستطيع توفير حتى أدنى متطلبات الحياة الهادئة لزوجته، والكلام دائما لهذه الـ"سعيدة" التي اكتسبت تجارب حياتية مليئة بالطرائف إلى حد عدم التصديق، لكنه هو الواقع الذي يخرج من بين أسلاك هذا العالم الافتراضي..

وهذه فتاة لا تعكس هيأتها الفيزيولوجية سنها الحقيقي، كما تبدو على الصورة التي أبت سعيدة إلا أن تظهرها لي وقد التُقطت لهما معا في هذا النادي؛ قامة طويلة وجسد ضخم على الطريقة الأمريكية، بالإضافة إلى شعر منسدل على الأكتاف يكاد يغطيهما..وابتسامة طفولية تكشف عن أن وراء هذا الجسد والنهدين الثائرين روح صبية بريئة..كذلك هي هذه الفتاة؛ فلقد حصلت فقط قبل أيام، ولأول مرة، على البطاقة الوطنية، لأنها للتو أكملت ربيعها الثامن عشر، وتعرفت قبل أزيد من سنتين على رجل بحريني من الشيعة، يعتبر من "علية قومهم". وبالرغم من أنه يكبرها سنا بحوالي أربعين سنة، إلا أنها ارتضته زوجا خارج إطار الزواج، بالنسبة للقانون المغربي على الأقل، وأما هنالك بمملكة البحرين فإنما يمكنها أن تسافر معه وتعيش معه داخل نفس البيت دون أي حسيب أو رقيب، ما دام يحتفظ كل منهما بورقة عرفية ابتدأ الكلام المخطوط بها..بـ"زوّجتك نفسي".. الصديقة الثانية للمتحدثة إلينا، أرادت إقناع "زوجها" هذا بإبرام عقد شرعي في إطار القانون المغربي، كما عرضت عليه الإنجاب أيضا على أن يحمل المولود اسم والدته التي بات القانون المغربي يسمح لها بذلك بعد إصلاح المدونة، لكنه رفض، بمبرر أن ظروفه العائلية لا تسمح لها بذلك، وأية ظروف هاته التي يتعذر بها، ما دامت زوجته عرفيا المغربية، تسافر معه إلى المنامة وتجلس إلى زوجته وبناته، التي إحداهن تكبرها سنا...بل إن حب عائلته لها وتوصية والده بها خيرا، قبل أن يسلم الروح إلى بارئها، هو ما جعله يغدق عليها المال ذات اليمين وذات الشمال، بعدما اشترى لها سيارة وشقة بإحدى العمارات المتواجدة بطريق القنيطرة بمدينة سلا، ويرسل لها شهريا أجرا محترما من المال تعيش منه هي وإخوتها ووالديها..وارتضت بهذا الوضع، رغم أنها هنا "تعيش حياتها" عادية، كأنها غير ملتزمة مع ذاك الرجل البحريني النائم في المنامة..هذه الزوجة "المعلقة" فتنت المواطن البحريني الشيعي، بشعرها كما يصرح لها بذلك، وبعينيها الغامقتين سوادا وبابتسامتها غير المتكلفة البريئة..وإن كانت هي الأخرى قد كانت تبرز مفاتنها عبر "الويب كام"، قبل أن يطلب منها الكف عن ذلك، عندما تأكد أنه سيأتي إلى المغرب للقائها، وفي مقابل ذلك ترجاها أن ترسل إليه صورا شخصيا عبر "الإيمايل"، ففعلت وليتها لم تفعل، تقول صديقتها، التي كشفت أنها أرسلت صورا غاية في الإثارة. وأقسمت سعيدة على أن الصور المرسلة كانت الطعم الحاسم الذي أخرج هذا العجوز من بحر الإنترنيت ليأتي لملاقاة التي رمت بالصنارة لاصطياد سمكة، فاصطادتها وببطنها كنزا لا يقدر بثمن، حيث ما يزال يعدها في كل مرة يلتقيها (مرتان أو ثلاث مرات في السنة) بأنه لن يفرط فيها ولن يتركها، ووصيته الوحيدة إليها، هو أن "تحافظ على نفسها" عندما يكون بعيدا عنها.

في الغالب لا تسلم الجرة..

ليس كل مرتادات نوادي الإنترنيت من أجل البحث عن أزواج، يكون حظهن مسعفا إلى هذه الدرجة من اليسر؛ فكثيرات هن الفتيات اللائي بدأن فقط بمجرد دردشات عادية للتعارف مع أشخاص من بني جلدتهم، لكنهن سرعان ما انخرطن في علاقات افتراضية مع "مجهولين" وعدُوهن بكثير من المتمنيات؛ مال وسيارة "آخر موديل" باسمهن، وزواج وسفر إلى دولة عربية خليجية أو أوروبية أو أمريكية، وحياة مترفة بمنازل راقية..لكن لا شيء من ذلك؛ بل كانت النتيجة صادمة عندما وجد البعض من هؤلاء الفتيات صورهن تملأ المواقع الإليكترونية، في شكل "ألبومات كاملة" عنهن، أو في شكل مقاطع "فيديو" توثق بالصورة لحظات حميمية حسبناها ذات يوم لا يعلمها، بعد الله سبحانه، إلا هن والذين كانوا يحرضوهن على الكشف عن مفاتنهن..

"ليلى" الفتاة ذات العشرين سنة من عمرها، والتي تتابع دراستها في السنة ثانية جامعية، واحدة من اللائي صُعقن عندما جاءت أخبار وجود صورهن في بعض المواقع الإليكترونية..تلقت الخبر في البداية بشكل عادي، وحسبت أن صديقتها التي أخبرتها بذلك، كانت تقصد صورها في صفحة الموقع الاجتماعي "فيسبوك" الذي وَضعت فيه صورا لها برفقة صديقات وأصدقاء وأفراد العائلة، لكن صدمتها كانت قوية حين أخبرتها الصديقة، في ما إذا كانت تضع في صفحتها الشخصية بـ"الفيسبوك" صورة لها وهي أمام كاميرا الحاسوب في موقع "الشات" المباشر "إم إس إن" مرتدية قميصا داخليا شفافا "شوميز دو نوي"، وتبدو كأنها تداعب صدرها المكشوف بشكل شبه تام..لطمت وجهها بأعشارها "آويلي.."، صارخة في وجه الصديقة بسؤال عن لون الـ"شوميز"، قبل أن تنهار مصدومة، بعدما أخبرتها بلون أسود..إنها هي عندما كانت ذات ليال صيفية تخوض في حديث حميمي من داخل غرفتها بالبيت مع "مراد" الذي أخبرها بأنه موجود بإيطاليا، والذي كان أكد لها أنها يحبها ويريد التزوج بها، قبل أن ينال ثقتها وتستسلم لرغبته المرضية في الكشف عن مفاتنها.. لكنها اكتشفت في ما بعد أنه شخص "مريض" من الدار البيضاء، وكان يريد فقط ابتزازها ماديا عندما هددها بنشر صورها الشخصية في المواقع الإليكترونية، إن لم تخضع لطلبه وهو أن ترتبط به، لكنها تحدّته وأمطرته بوابل من السب والقذف، ولم تعر لتهديده أي اهتمام ما دام الأمر، باعتقادها، كان يتعلق بصور سبق لها هي نفسها أن وضعتها بموقع اجتماعي يضع فيه ملايين الناس صورهم، منها حتى الشبه فاضحة..ولم تكن تتصور أن "مراد" كان يأخذ لها صورا بينما كانت تحاوره عبر "الشات" في تلك اللحظات الساخنة العابرة..

طلبت من صديقتها أن تدلها على الموقع الذي رأت فيه تلك الصور، لم تذكر الصديقة العنوان تحديدا، لكن ذاكرتها احتفظت باسم صاحب الموقع؛ هو بالضبط مُدونة وليس موقعا عاما..أخبرتها صديقتها بأنها تحمل حاسوبها المحمول، وبعد إتمام الحصة الدراسية، يمكنهما أن يأخذا قهوة معا، ويلِجا إلى الموقع..وكذلك فعلتا..وليتهما ما قامتا بذلك الاكتشاف الصادم..فقد تمكنتا من الولوج إلى المُدونة واطلعتا على كمٍّ من الصور، بل إن الصدمة الكبرى كانت عندما أحالهما رابط إليكتروني، وُجد بالمدونة، على الموقع العالمي الشهير "يوتوب"، الذي وجدتا فيه ثلاثة أشرطة فيديو لـ"ليلى"، كل واحد منها تتراوح مدته الزمنية ما بين دقيقة ونصف وثلاث دقائق، تنقل بدقة تلك اللحظات التي كانت تكشف فيها عن جسدها أمام الـ"الويب كام"..صُعقت وذرفت دموع الندم واستحلفت صديقتها على أن يظل ذلك سرا بينهما، في انتظار أن يبحثا عن طريقة لحذف على الأقل تلك الأشرطة المصورة بالـ"يوتوب"..

مسؤولية من؟

في لحظة إبحار يسيرة عبر محيط هذا العالم الافتراضي، وبتحريك محرك البحث العالمي المعروف "الحاج غوغل"، كما يحب البعض أن يسميه، يمكن للمبحر أن يعثر بدون بذل جهد كبير صور المئات من الفتيات اللائي لا يعرفن أن صورهن باتت تملأ صفحات المواقع الإليكترونية ومنها بالخصوص الموقع الشهير "يوتوب"..إنه الاستسلام والرضوخ إلى إغراءات المال والزواج، الذي يجعل فتيات في عمر الزهور يضحين بكرامة الجسد وقدسيته، ويبتعنه بأثمنة بخسة جدا -وهل للكرامة ثمن مادي؟- مقابل مجرد وعود لا تجد في الغالب طريقها إلى التنفيذ، وحتى إن نُفذت كما هو الشأن بالنسبة للائي تزوجن، بهذه الطريقة، من خليجيين فإن العاقبة لا تكون إلا وخيمة، خاصة مع تعارض القانون المغربي الذي يمنح المرأة الكثير من الحقوق، بالقوانين الخليجية الأكثر تزمتا وقيودا على الزواج المختلط، الذي يجمع مواطنين خليجيين بأجانب..

المسألة، بنظر المختصين ومنهم على الخصوص، الباحثون في علم الاجتماع يحذرون من ما أصبح يسمى في بعض الأدبيات بـ"السيبير سيكس"، الذي يجعل شخصين أو أكثر، تحت تأثير إغراء المال أو أشياء أخرى، يعيشون لحظات حميمية تتطور أحيانا إلى ما يشبه المضاجعة، وإن كانت المسافة التي تربط أطراف العلاقة قد تصل أحيانا إلى آلاف الكيلومترات، هذا إن لم تكن لا تتعدى بعض الكيلومترات، عندما يلتجأ أحد أطراف هذه العلاقة إلى الكذب والتستر تحت اسم مستعار.. "السيبير سيكس" الذي يتحدث عنه المختصون يصبح إدمانا وقد يتحول إلى مرض، بحيث يجد فيه بعض المقموعين والمحرومين، أو لنقل المقموعات والمحرومات، عاطفيا واجتماعيا، وفي غياب الوازع الأخلاقي والديني، الملاذ الآمن لممارسة غير عادية، وقد تصبح هذه الممارسات شاذة..هنا يصبح دور الأسرة في الانفتاح على الفتيات وخاصة المراهقات ضروريا، للتوعية والنصح البعيد عن استعمال أدوات التهديد والوعيد، ولكن بالتي هي أحسن..نفس الدور يتقاسمه مع الأسرة الإعلام والمجتمع المدني، وقبلهما المدرسة، وهي الأطراف التي ينبغي أن تسهم في تأطير وتربية الفرد على المبادئ والأخلاق الحميدة..دون نسيان الدور الأساسي والمحوري طبعا للدولة والأجهزة الحكومية، التي ينبغي عليها نهج سياسة تدبيرية في الحكامة الاجتماعية، التي تكفل للعاطلين والعاطلات عن العمل، مناصب شغل تجنبهم السقوط في عالم الـ"سيكس سيبير". هذا العالم الجنسي وإن كان في العالم الغربي أصبح تجارة مقننة تؤطره شركات ضخمة، متخصصة في مجال الإعلام والاتصال، إلا أن ثقافتنا لا تدعو إليه، وهنا يكمن دور المؤسسات السالف ذكرها، التي يجب أن يكون دورها توعيا أكثر منه قوالب في شكل أوامر بمقاطعة هذا المنتوج القادم إلى حضارتنا من الغرب.

الأحد، فبراير 27، 2011

ابتزاز وشعوذة وجنس.. من أجل زوج أو للاستشفاء من مرض مستعصي

في قلب العاصمة الإدارية للمملكة الشريفة، وفي نواحيها تنتشر أزيد من عشر أضرحة، باتت مرتعا للمشعوذين والنصابين وكذا للمكبوتين، الذين يترصدون زائرات راغبات في البحث عن أنصافهن الثانية، أو قصدا للعلاج من أمراض استعصى علاجها حتى على مستشفيات العاصمة، ومختلف العيادات الخاصة والمصحات، فيتعرض هؤلاء الزوار لمختلف أساليب الابتزاز بل والسرقة أحيانا، هذا إن لم يضطر بعضهم إلى الانخراط في طقوس مشبوهة يغلب عليها طابع الجنس، الذي قد يتحول إلى اعتداء واغتصاب

"حقائق مثيرة تجري خلف أسوار أضرحة العاصمة والنواحي"

يسمى ضريح "سيدي موسى" عند السلاويين، وفي أوساط معظم أبناء حي سيدي موسى الشعبي خاصة الشباب منهم يأبون إلا أن ينعتوه بـ"موسى" هكذا مجردا، رغم أن العديد منهم من يهوى صيد السمك بجانبه، يدع الصنارة جانبا عصر كل يوم اثنين، ويذهب بجانب الضريح كي"يصطاد" إحدى الضحايا من النساء والفتيات ممن يأتين إليه بقصد التعافي من مرض أو لطرد "العكس" والبحث عن "فارس أحلام"، فيتقمص هؤلاء الشباب العاطل، الذين تبدو على وجوه معظمهم علامات الانحراف، دور مريدي الضريح ويظفرون بمبالغ مالية وبالعديد من الدجاج المذبوح المقدم قرابين من طرف هؤلاء النساء الساذجات، اللائي لا يبخلن أيضا على من يرجون "بركاتهم" ببعض اللمسات من أيادي ناعمة تقبل أن تبحث عن "عريس" لدى ضريح يُشرف عليه "شمكارة".

كنت كلما مررت بمحطة سيارات الأجرة الكبيرة بوسط شارع الحسن الثاني بباب شالة بالرباط، حيث محطة سيارات الأجرة المتوجهة إلى مدينة سلا، وسمعت أرباب تلك السيارات ينادون الزبناء بوجهة "موسى" بدون لقب "سيدي"(يقصدون سيدي موسى بمدينة سلا)، تساءلت عن سر هذا التهكم من اسم هذا "الولي الصالح"، وعندما قمت بزيارة لضريحه لأجل استطلاع اكتشفت بأن هذا الموارى تحت الثرى والذي يُحتشد حول ضريحه بعد عصر كل يوم اثنين العشرات من الزوار والمتسكعين والمرضى نفسيا والعانسات والعذارى الراغبات في استباق سن الإحراج، إنما هو مرتع لكل أنواع النصب والدجل والتخلف بل والدعارة حتى؛ حيث يمثل فيه المنحرف دور المريد لكي ينصب على الزوار، بينما المريد يبيع فيه الشمع نفسه عشرات المرات يوميا بدون أدنى خجل. وأما الزوار فيعكسون بترددهم هذا الكثيف اهتزاز نفسية الإنسان المغربي الذي يريد أن يُشفى ويجد له زوجا عبر المرور من طقوس صيغت بدم دجاج أسود اللون وحناء مسكوبة على الصخر وكسرة خبز وسِخة ملقى بها على الأرض.

قبيل آذان العصر بدقائق معدودات كنت واقفا أمام مدخل الضريح بجانب سقاء كان منشغلا مع بعض أبناء الزبناء يروي ظمأهم قبل أن ينتبه إلي، فحسبني في البدء زبونا أنا الآخر أريد ري عطشي؛ بينما لم يكن عطشي من الماء بقدر ما كنت أبغي الغوص في عوالم هؤلاء النسوة، المنحدرات من طبقات مختلفة، واللائي يأبين إلا أن يركبن موجهة "جهل" حسبنا أن القرن الواحد والعشرين طواها في جانب التاريخ المغربي غير المأسوف عليه. هذا السقاء "الكراب" سرعان ما فطن إلى قصدي وبدأنا نتبادل أطراف الحديث عن الضريح، وعن نوعية الناس الذين يرتادونه وعن أشياء أخرى حكا لي البعض منها بتهكم أحيانا، لما يُعد في نظره، تخريفا وتحايلا على الناس، وكذا جهل أناس يأتون إلى المكان للاستشفاء والبحث عن "الطرف الآخر"ن ولحاجات أخرى لا تعلمها إلا الزائرات وهؤلاء الذين "يتمسحون" بهن، قبل أن يتمسحن هن بالضريح أو بالصخر المجاور له.

ربما بالصدفة شاءت الجغرافيا أن يقع حي سيدي موسى بمدينة سلا على الساحل الأطلسي، في بانوراما طبيعية رائعة يُحسد عليها، بحيث يطل على البحر لمدى ليس بالقصير، وفي وسط ساحة خالية من البنيان، بينما التاريخ أبى إلا أن يجعل من هذا الحي مرقدا للولي سيدي موسى؛ وعلى غرار العديد من المدن المغربية التي تأوي سادات وأولياء وسميت بأسمائها، فإن هذا الحي هو أيضا سمي نسبة إلى هذا الراقد فيه بجانب البحر. واجتماعيا وعمرانيا فإن هذا الحي يصنف بحسب أعراف ومقررات الجهات الرسمية ضمن خانة الأحياء الشعبية.

زبونات من مختلف الشرائح الاجتماعية

أثارني في البداية هذا العدد الهائل من الفتيات ذوات المظاهر الجذابة، ومنهن من أتت على متن سيارة فارهة كي تزور الضريح، ولكن سرعان ما وجدتُ ما يشبه الجواب أو بالأحرى المبرر، عندما كاد المتحدثون إلي أن يجمعوا على أن "سيدي موسى" وعائشة "البحرية" المجاورة له المسماة "مولاة المواج"، يشفيان من أمراض الأعصاب ويردان المزاج، ويهبان للعانسات والأبكار والصغيرات الأزواج! ويكفي أن تلقي نظرة على هؤلاء الزوار المنتشرين سواء بالساحة الخارجية للضريح، أو بداخل فنائه الداخلي، لتكتشف كثرة الفتيات، واللائي تشير ملابس معظمهن، وطريقة وضع مساحيق التجميل على وجوههن، وكذا تسريحات شعرهن وطريقة مشيتهن وهمسهن إلى أمهاتهن، بأنهن على قدر محترم من الثقافة والتعليم، ومنهن من ينحدرن من أحياء راقية بالرباط كحي الرياض وأكدال ومن مدن أخرى، بيد أن الصورة التي يبدين عليها وهن يغسلن وجوههن بماء الزهر أو يدمخن أيديهن بالحناء من طرف "النقاشات" المتحلقات حول الساحة الأمامية للضريح، قبل أن يدلفن إلى داخل هذا الضريح وهن حاملات بضعة شموع، كلها طقوس إن كانت تدل على شيء فإنما تدل على الرضوخ للمراسيم التي سُنت عبر الزمان، ويحرص على تطبيقها مريدون مشكوك في صفاء طويتهم، فلا تجادل هاته الفتيات ولا تكترثن بالحاضرين، فالكل هاهنا قد جاء لنفس الغرض، وهو "المزاوكة" في "الولي" ليفك العقدة، ويمنح الراغبات في الزواج رغباتهن!

"كناوة"..وأشياء أخرى

يثير انتباه الزائر إلى الساحة الخارجية لضريح"سيدي موسى" جموع غفيرة من الناس احتشدوا في شكل حلقات على شاكلة حلقات جامع "الفنا" بمدينة مراكش، بينما تعالت أصوات "حمادشة" و"كناوة" الذين يخوضون في تهييء "الحضْرة" للراغبين والراغبات في صرع أنفسهم، وإخراج الجن الذي "يسكنهم"! وفي هذه الحلقات تزول العوائق، وتنمحي الفوارق، ولا يظهر أي تمييز بين هذا وذاك أو بين جنس وآخر؛ فترى عجوزا شمطاء فعَل الزمن فعله على وجهها تقابل فتاة وسيمة ذات شعر أغر وملامح غجرية أخاذة، وهما تجذبان على إيقاع "حضرة"، تُسيل الكثير من العرق وتُنهك الأجساد. بينما المشاهدون والزوار الآخرون المحيطون بهذه "الحضرة"، ترى أعينهم شاخصة في "المتحيرين" على وقع "الحال" فيما تزاحمت أنصافهم السفلى فيما بينها فلا يكاد يجد الطفل له ممرا كي ينفذ إلى داخل الحلقة، وفي ذاك الزحام تكثر أشياء! احتكاك بعض الرجال على مؤخرات النساء، وهي عادة دأب على ممارستها العديد من المندسين في الحشود المتحلقة، إنهم مكبوتون لا يتوانون في ممارساتهم ونزواتهم هذه السمجة، ومنهم من يضطر للقذف على مؤخرة إحداهن، يقول شهود عيان، حضروا واقعة أحدهم بعدما افتضح أمره ذات يوم وأمطرته نسوة بوابل من السب والشتم حتى اضطر إلى مغادرة المكان، في الوقت الذي لم يحرك في الرجال الموجودون أي ساكن، مما وصفه البعض بأنه "تآمر" من هؤلاء، وتواطؤ على اعتبار أن العديد من نماذج هذا الرجل المكبوت يوجدون بساحة الضريح يتربصون بضحاياهم.

ويتباهى أعضاء هذه الفرق "الفولكلورية"، الذين تبدو على وجوههم آثار بينة للبؤس، بكون "بركتهم" تشفي "المسكون"، وتزيل الغمة عن المضيوم، وتفك أسر "المثقف"، أي الذي سُحر له وبات يعاكسه الحظ، فتصير الطريق سالكة لمعانقة فارس الأحلام! ولكن ملامح أفراد تلك المجموعات لا تحتاج إلى كبير عناء للقول بأن مثلهم ليسوا أكثر من بؤساء شاء القدر أن يذهب بهاء وجوههم ويمتهنهم حرفة لا تنص عليها جميع قوانين الشغل العالمية الوضعية منها وحتى السماوية، وإن كانوا يلحون على أنهم ينتمون لفرق غنائية تهتم بالتراث وبالمحافظة عليه، فيما لسان حالهم يصرخ بأنهم ليسوا أكثر من أشخاص يتوسلون لقمة عيشهم اليومي.

وعلى الضفة الأخرى من نهر أبي رقراق يثير انتباه مرتادي الساحل الأطلسي بمدينة الرباط، بالقرب من قصبة الوداية التاريخية، توافد زوار على ضريح حيث يرقد جثمان شخص يدعى سيدي اليابوري، والذي شُيد بجانب البحر ليظل عبر السنين مزارا للعوانس من الفتيات بقصد الاغتسال بمياهه لجلب السعد، الذي ليس إلا زوجا يحول دونه الحاسدون والسحرة، تقول "سعيدة" الثلاثينية، والتي لم ترفض الحديث إلينا، وإن ألمحت إلى أن الاسم الذي أدلت به غير حقيقي. وأقسمت بأن "بركة" سيدي اليابوري هي من أنقذت إحدى صديقاتها من أن تبقى "بايرة"، عندما تزوجت من مغربي مقيم بإيطاليا، ولتعيش معه هناك إلى جانب ابنهما، بعدما كانت مواظبة على زيارة هذا الضريح كل يوم أربعاء والاغتسال بمائه.

وتحكي روايات الزوار أن الاغتسال بمياه "الولي" جزئيا أو كليا، إن استطاعت الزائرة إلى ذلك سبيلا داخل الضريح يوم الأربعاء، سيجعلها تتخلص من السحر أو العين فتضحى الطريق سالكة أمام فتى الأحلام ليخطب ود هذه الفتاة. وبالإضافة إلى بركة منح الأزواج فالضريح كذلك معروف بأنه يزيل "التثقاف"، وهو السحر الذي يحول بين المرء وزوجه فيجعل العلاقة الزوجية تفتقد إلى المعاشرة الطبيعية.

وتتناسل بالعاصمة الإدارية العديد من الأضرحة، التي تعرف حركات دؤوبة من قِبل الزوار، بينما تجد مريدات بلغن من العمر عتيا، يشرفن على تنظيف فضاءات تلك الأضرحة، مقابل الاستحواذ على بيع الشموع بأبوابها للزوار، الذين لن يشفع لهم عالمنا المتطور اليوم بطرق أبواب هذه الأضرحة؛ فالناس ما زالوا يتجهون إلى الممارسات غير المفهومة ويدمنون عليها، كما يورد الدكتور مصطفى أخميس، في كتابه "طقوس وأسرار أضرحة الدار البيضاء"، الذي يوضح أيضا أنه سوف تتواصل العادة لسنوات مقبلة، لأن هذا في واقع الأمر نتاج ما انغرس في نفوس الناس منذ صباهم، "قدسية" الضريح.

"مولات المواج" واهبة الأزواج..

غير بعيد عن الضريح المطل على الساحل الأطلسي، وبين حنايا تلك الصخور التي وقفت طيلة سنين تكسر أمواج المحيط، وبداخل سرداب شُكل من تقاطعات الصخور، تطالعك جموع أناس لا تحتاج إلى ذكاء خارق أو عين فاحصة لتميز ما بين الزائر منهم وبين المعتاد على هذا المكان أو لنقل هذا الأشبه بكهف؛ حيث كل الأشياء الكائنة به ورواده وكذا أفعالهم تحيلك على زمن غابر من تاريخ أمة تسعى إلى شيء اسمه "الزواج" بين حنايا الصخور، وعند "بركة" امرأة قيل بأن اسمها كان هو عائشة، وكانت امرأة صالحة تدعو فيُستجاب لدعائها، وعندما ماتت ودُفنت إلى جانب البحر أصبحت تدعى بـ"مولات المواج"، فأضحت في عداد الموتى، وتركت هؤلاء المريدين ينحرون الدجاج الأحمر والأسود، ويدمخون الريش والخبز بالحناء، ثم يدمدمون أشياء لا يصل منها إلى سمع الزائر إلا كلمات من قبيل "باسم الله" و"محمد"! وأما ما تبقى من كلام فيحبس بداخل حناجر هؤلاء "الشمكارة"، الذين تقطعت بهم السبل، فالتجأوا إلى ممارسة طقوس مريدين بالأضرحة، فنمت أنشطتهم المشبوهة، هاهنا وفي هذا الوقت بالذات، حيث التسيب والتطاول على اختصاصات المختصين من طرف أشخاص يكفيهم تلقيب أنفسهم بـ"الشرفاء" ليمارسوا تخاريفهم في مأمن عن أنظار "موالين الوقت"؛ فيتحول لقب "الشريف" إلى أصل تجاري، و"البركة" بإذن ربها تصبح رأسمالا، بينما الدجاج غير الأبيض والسكر والشمع والماء المعدني ومال مجزى تعتبر أهم مواردهم التجارية، فيما استراق لمسات من هذه الفتاة ومن تلك المرأة تضحى من أدبيات وضروريات "البركة" أو التجارة، لأنه بمنطق هؤلاء الملقبين زُورا بالشرفاء، لا بد من لمس الراغبة في الزوج أو الصحة حتى تنال رغبتها، وفي حالات أخرى يكون المقابل أخطر من مجرد ترك هؤلاء "الشمكارة" يلمسون هذه الأجساد الأنثوية، حيث يحكي بعض الذين تحدثوا إلينا، أن من الزائرات من تضطر للاستجابة لرغبات بعضهم الجنسية، تحت مبرر عملية "الصرع"..ويحكي هؤلاء أن إحدى الفتيات تعرضت لابتزاز مالي وجنسي خطير، بعدما تلقفتها أيادي عصابة من هؤلاء "الشمكارة"، حيث في الوقت الذي بدا عليها أنها سخية ماديا وتنحدر من أسرة ذات جاه، عملت العصابة على حبك خطة لإيقاعها في حبال شراكها، وأُخبرت بأن هناك فقيها يعمل معهم يمكنه أن يصرعها لإخراج الجن من جسدها فتُفك عقدتها ويسهل عليها الزواج، بل سيمكنها الفقيه بـ"بركته"، فيطرق بابها العشرات من العرسان وتختار الذي يعجبها..لبت دعوتهم للقيام بزيارة الفقيه في تاريخ ومكان معلوم وزمن محدد، واتفقوا معها على أن تكون برفقة صديقة أو أخت لها، دون والدتها، فلبت ذلك الشرط بالإضافة إلى الشرط المالي، وهو عبارة عن ذبيحة كبيرة، ويقصدون ثمن كبش أو ثور، بحسب الاستطاعة، فاختارت الفتاة مبلغ 10 آلاف درهم..كان المبلغ مقبولا من طرف العصابة، التي عزمت على ركب مغامرتها، فالثمن قليل مقارنة بالفوز بفارس أحلام بعد جلسة "صرع"..في ذاك اليوم المشهود التقت الفتاة التي كانت رفقة ابنة خالتها بالقرب من الضريح، وكان اليوم يوم جمعة مساء، باثنين من أفراد العصابة البالغ عددهم أربعة بفقيههم، كما اتضح ذلك من بعدُ لدى تحقيقات الضابطة القضائية، وركب الجميع سيارة بيضاء "ميرسيدس" كانت بحوزتهم، انطلقت السيارة في اتجاه سيدي بوقنادل، حيث يوجد بيت الفقيه كما تم إخبارها من قبل بذلك، لكن الوجهة كانت مجهولة، ولم تقف السيارة إلا في بيت مهجور بداخل بستان غير بعيد على بوقنادل، وهناك تعرضت الفتاتان، طيلة ليلة سوداء، للاغتصاب وسلب المليون سنتيم الذي كان بحوزة الفتاة، بالإضافة إلى سرقة سلاسلهما الذهبية وهاتفيهما النقالين..قبل أن يتم نقلهما في جنح ظلام آخر الليل إلى الطريق الوطنية والإلقاء بهما في حالة يرثى لها.

ممارسات غريبة

ليس ضريح "سيدي موسى" وحده من يوجد بالمكان ذاك الرائع والمطل على المحيط الأطلسي، بل إلى جانب الضريح يُقال أن امرأة اسمها عائشة "مولات المواج" ترقد كذلك وإلى الأبد، وفضلت هي الأخرى هذا المكان "الاستراتيجي" بين الصخور المتلاطمة مع الأمواج، لتوزيع "بركاتها" على الراغبات في الزواج واللائي يعانين من "عقدة" أو "نحس". ولكن الرواة لا يحددون نوعية العلاقة المفترض التي كانت قائمة بين "موسى" و"عائشة"، وفيما إذا كانت شرعية أو غير شرعية، إلا أن الثابت هو أنهما كانا ذكيين وأوصيا بدفنهما بجانب البحر. ها هنا يأتي اليوم العاطلون ويمارسون مهنة لم يقرأوا بشأنها كتابا ولا دخلوا لأجلها مدرسة، هي مهنة "مريد" وكل أجرهم هو تلمس أيادي ناعمة لفتيات راغبات في الزواج، وإن اشتدت سذاجة إحداهن فإنها تقع فريسة "عصابة" يسمون أنفسهم "شرفاء" ويعملون على دعوتها عندهم أو عندها من أجل إقامة "حضرة" على إيقاع "حمادشة" أو "كناوة" في أجواء داخنة من كثرة"البخور" ويعم فيها صخب واحتكاك وأشياء أخرى..ويروي صيادون كذلك بالقرب من الضريح بأن هذا الأخير يؤمه العديد من الكهول الفاقدين لـ"فحولتهم"، فيبتاعون لهم سمكا طريا، ينصحونهم بحكه على أعضائهم التناسلية والإلقاء به حيا بمياه المحيط بهدف استرجاع الفحولة المفقودة مقابل قدر مهم من المال، يقول أحد هؤلاء الصيادين الذي أكد بأن بيع سمكة واحدة لمثل هؤلاء الأشخاص يعفي من العمل يوما كاملا، قبل أن ينهي كلامه متهكما بأن "العروبيا كثار في بلادنا".

الأضرحة..عيادات في مختلف التخصصات

غير بعيد عن مستشفيات ابن سينا الجامعي والشيخ زايد والعسكري والرازي للأمراض العقلية وغيرها من المصحات العامة والخاصة، وهي المراكز الاستشفائية المجهزة بأحدث التقنيات في مجال التطبيب، تؤوي العاصمة الإدارية للمملكة، بالمقابل، عددا من الأضرحة التي ما فتئت تستقبل فئة معينة من المواطنين بقصد التداوي من أمراض استعصى على الطب الحديث إيجاد الدواء الناجع لها أو لعدم قدرة المواطن البسيط على دفع التكلفة، بينما تأبى فئة من الفتيات إلا أن تلوذ ببعض هذه الأضرحة طلبا لعريس طال انتظاره.

عرفت العاصمة الإدارية للمملكة، منذ القدم، بمآثرها التاريخية المشهورة كقصبة الوداية وشالة وصومعة حسان وأبوابها وأسوارها العتيقة المتعددة كباب الرواح وباب الأحد وغيرها، لكن ما لا يعرفه العديد من زوار المدينة، هو أن من وراء جدران العاصمة ترقد جثامين أشخاص يقال عنهم أولياء، شاء التاريخ والظروف الاجتماعية المختلفة أن يحظوا بمكانة خاصة من طرف الإنسان الرباطي الذي أبى إلا أن يُشيد لهم قبورا، تختلف قيمتها العمرانية، من ضريح إلى آخر، وهي القبور التي تحولت عبر الأزمنة المتعاقبة من تاريخ المغرب إلى أضرحة شُيدت على الطراز المغربي التقليدي، الذي يتخذ من القباب والزخرفة والنقوش مظاهر للاحتفاء بأمكنة لها من القداسة والاحترام لدى المغاربة ما يجعلهم يبرعون في جعلها تحفا عمرانية.

لم تستأثر أضرحة الأولياء، بالعاصمة المغربية الرباط والنواحي، باهتمام الباحث المغربي فقط، بل كانت كذلك محط اهتمام الباحثين الأجانب كالمستشرق ليفي بروفينسال الذي تحظى الأضرحة، حسبه، بمكانة خاصة جدا في التاريخ الاجتماعي المغربي، وفي كتابه "مؤرخو الشرفاء"، قال ليفي "إن المغرب له مكان الريادة على مستوى العالم الإسلامي، من حيث إيواؤه لعدد هائل من أضرحة الأولياء؛ فمدينة الرباط ونواحيها وحدها يوجد بها أكثر من عشرة أضرحة، إضافة إلى العشرات من قبور الأولياء والصالحين المنتشرة في مختلف مناطق المغرب".

وباختلاف أضرحة العاصمة الإدارية للمملكة الشريفة، تختلف أيضا "بركاتها" التي يتبرك بها الزوار القادمون إليها من أجل قضاء حاجة في أنفسهم أو الاستشفاء من مرض قد يستعصي حتى على الأطباء إيجاد دواء لعلاجه، وتغدو تلك البركات بمثابة اختصاصات، فيختص كل واحد من هذه الأضرحة في تقديم وصفة العلاج المناسبة للحالة المعروضة عليه، وهي الوصفة التي قد لا تكلف غير أداء ثمن بعض الشموع.

فأضرحة سيدي اليابوري وسيدي العربي بن السايح وسيدي القجيري وسيدي بومجيمر وسيدي الحاج بن عاشر وسيدي عبد الله بن حسون وسيدي موسى، وغيرها من الأضرحة التي تتوزع على العدْوتين الرباط وسلا ونواحيهما، كلها أماكن يحج إليها الزوار من المدينتين ومن خارجهما، إن لم يكن ذلك طمعا في جلب عريس لعانس أو حظ لتعس أو لطلب العافية من مرض، فعلى الأقل من أجل راحة نفسية لم يجدها أشخاص حتى في صالونات عيادات مكيفة لأطباء نفسانيين، كما صرح بذلك أكثر من شخص.

لم تعر امرأة تحمل بين ذراعيها رضيعا في ربيعه الأول، وهي تجتاز باب سيدي القجيري الكائن في زقاق مزدحم بالمارة بالعاصمة، أي اهتمام لسؤالنا لها حول دواعي زيارتها لهذا الضريح، ولكن بائعة الشموع المتدثرة برداء أخضر فاقع لونه، والجالسة القرفصاء أمام الضريح تكفلت بالإجابة. حسب رأيها فإن سيدي القجيري يشفي من "العوّاقة" التي تصيب حلق الأطفال الصغار، بالإضافة إلى أمراض أخرى يكون الرضع عرضة لها؛ ذلك ما يظهره المكان الممتلئ بالنساء الحاملات بين أيديهن رُضعا، منهم كثيرون يصرخون، وكأنهم بذلك يحتجون ضد فناء الضريح هذا الذي تعمه الفوضى، حيث أزبال متناثرة هنا وهناك وقطط بئيسة تثقل الخطى في اتجاه قاذورات علّها تجد بها ما يسد الرمق، بينما كلب ضال يقف عند الباب غير آبه بزوار ألِف وجودهم بالمكان.

في "السويقة"، بالمدينة القديمة أيضا، وبمحاذاة أحد الأسوار الأثرية التي تفصل هذه المدينة عن شارع الحسن الثاني النابض بالحيوية، تكثر الحركة، خاصة بعد توقيت العصر. ورغم أن سكان مدينة الرباط ألفوا المرور أمام هذا الضريح أو ذاك، إلا أن العديد من هؤلاء لا يجد أدنى حرج في وصف "سيدي بومسيمر"، بأنه مُشفي الجرب والعديد من الأمراض الجلدية الأخرى. ويسترسل إدريس وهو أحد الباعة المتجولين، يروج بضاعته بالقرب من ضريح "بومسيمر"، في سرد حالات أتت إلى المكان للتبرك فنفعتها البركة. وألح البائع على ذكر حالة شخص قريب له كان مجرابا، فاقترح عليه هو نفسه زيارة الضريح فكان له الشفاء.

وعلى الضفة الأخرى لنهر أبي رقراق، وبالقرب من حي شعبي بمدينة سلا، يرقد "سيدي الحاج بن عاشر"، الذي أحيط ضريحه بمقبرة لموتى سكان المدينة. قبته المبيضة بالطلاء باتت إحدى مكونات المقبرة في ذاكرة زوارها، والذين لا يترددون في التبرك في الغالب بالضريح بعد أن يُعرجوا على الترحم على فقيد مدفون هناك. ولكن زيارة هذا الولي أفضل بكثير من زيارة الفقيد، يقول "السي محمد"، الذي قدم نفسه على أنه حفيد الحاج بن عاشر، وأحد الساهرين على العناية بضريحه. وحسب هذا الحفيد فالضريح قبلة للمجانين والمرضى نفسيا وحتى الصبيان منهم المصابين بمرض "الجعرة"، فإن الولي ينفعهم ببركته، ويكفي بالنسبة للمراهق المجنون أن يعكف على التمسح بجدران الضريح الداخلية، وأن تضع أم الصبي صبيها بإحدى نوافذه ثم تنبري تطوف حول الضريح، ليأتي الصرْع، فيخرج الجن من المصاب ويتعافى من مرضه، يروي حفيد هذا الولي.

"+++++++++++

عمران: ظاهرة زيارة الأضرحة متجذرة في المجتمع المغربي

يرى الباحث في علم الاجتماع عبد الرحيم عمران أن ظاهرة زيارة الأضرحة عموما، ليست ظاهرة دخيلة على المغرب بل تعتبر ظاهرة متجذرة في المجتمع المغربي، ولها امتداد تاريخي، ولكن بالمقابل هناك ظروف عدة كذلك تساهم في تكريس هذه الوضعية الاجتماعية؛ ومن ذلك ضعف المستوى التعليمي وغياب دور فعال للدولة في أداء واجبها في توعية أفراد المجتمع، بالإضافة إلى غياب سياسة ناجعة في مجال التغطية الاجتماعية والتطبيب لفائدة المواطنين، الذين يضطرون إلى البحث عن وسائط وبدائل بقصد الاستشفاء من أمراض تكون مستعصية أحيانا حتى على المستشفيات سواء الخاصة منها أو العامة.

ويضيف الباحث الاجتماعي، في تصريح سابق، أن مسألة التجذر التاريخي والثقافي في الاعتقاد، لدى شرائح مختلفة من أفراد المجتمع، برمزية الأضرحة، يتحكم فيها عامل الوعي ومستواه لدى كل شريحة على حِدة، وبمستويات متفاوتة، مؤكدا على أن مسألة ارتياد الأضرحة لا تقتصر على فئة بعينها، ولكنها تشمل شرائح مختلفة من المجتمع، وإن كانت نسبة الإقبال تضعف أو تتقوى لدى هذه الفئة أو تلك.

وأكد عمران على أن الامتداد التاريخي لظاهرة زيارة الأضرحة بالمغرب، ينفي ما يقول به البعض من كون ذلك مصدره الانفتاح الذي تعرفه بلادنا على مختلف الأصعدة، حيث لا التكنولوجيا ولا تَفتح المغرب على باقي الثقافات الأخرى، لم يؤثرا، بشكل أو بآخر، على انتشار الظاهرة بالمغرب، وإنما هذه الظاهرة تجد لها عمقا ضاربة جذوره في التاريخ المغربي، وتكرسه عوامل نفسية واجتماعية متداخلة، وهو ما يظهر جليا من خلال تصرفات مرتادي هذه الأضرحة، الذين يعتقدون بالانتماء العائلي والسلالي العريق للراقدين تحت الثرى بهذه الأضرحة، ما يساعد على استمرار الظاهرة، وأحيانا بشكل أكثر حدة من خلال إقدام الزوار على بعض الأفعال والتصرفات الغريبة.

وخلص الباحث الاجتماعي إلى أن الظروف الاقتصادية كذلك لأفراد المجتمع وغياب الإمكانيات الضرورية لتلبية الحاجيات اليومية، من خلال ضعف القدرة الشرائية وغلاء فاتورة الخدمة في المجال الطبي وغياب دور فعال للدولة، من أجل تعميم ولوج المؤسسات الصحية على المواطنين، لها دور أساسي في لجوء هؤلاء المواطنين إلى بدائل ووسائط أخرى، فتصبح الأضرحة خيارا، من بين خيارات واستراتيجيات أخرى للعيش وملاذا لهؤلاء للبحث عن تلبية حاجيات افتقدوها بمؤسسات عمومية.

الجمعة، فبراير 25، 2011

مجلة إسرائيلية تكشف الأصول اليهودية للقذافي

ذكرت مجلة إسرائيل توداي أن الزعيم الليبي، معمر القذافي، يعود إلى أصول يهودية، مستشهدة بتفاصيل أوردتها امرأتان يهوديتان من أصول ليبية قالتا للقناة الإسرائيلية الثانية، العام الماضي، إنهما من أقرباء القذافي.

وأكدت غويتا براون وحفيدتها راشيل سعدا، أن أصول القذافي يهودية، مشيرتان إلى أن جدة براون وجدة القذافي شقيقتان.

وأوضحت سعدا أن القصة بدأت عندما تزوجت جدة القذافي اليهودية رجلا من بنى جلدتها، ولكنه أساء معاملتها فهربت منه وتزوجت مسلما زعيما لقبيلة، فأنجبت منه طفلة أصبحت والدة القذافي.

ورغم أن جدة القذافي اعتنقت الإسلام عندما تزوجت ذلك الزعيم، فإنها تبقى حسب القانون الإسرائيلي يهودية.

وعلق المذيع حينها بالقول إن "المهم في ذلك أن القذافي لا يملك أقرباء يهودا وحسب، بل هو نفسه يهودي".

وتقول المجلة الإسرائيلية إن تلك الأنباء ليست بالأمر الجديد، ولكن في ظل الانتفاضة الأخيرة في ليبيا التي تهدد بالإطاحة بنظام القذافي -كما حصل في تونس ومصر- فإن الزعيم الليبي "قد يبحث عن إستراتيجية خروج".

وإذا ما كانت تلك الأنباء صحيحة -والكلام للمجلة- فإن من حق القذافي الهجرة إلى إسرائيل وفقا للقانون الإسرائيلي الخاص "بعودة اليهود".

وتضيف أنه إذا ما رفضت جميع الدول استقبال القذافي، فقد تُرغم إسرائيل على القبول به.

ولفتت المجلة إلى كلمات المذيع، في ختام اللقاء مع المرأتين، حين قال "إنني متأكد بأن بعض السلطات المحلية في إسرائيل ستكون سعيدة باحتضانها رئيسا سابقا".

الجزيرة نت، عن رويترز (أرشيف)

الأربعاء، فبراير 23، 2011

جنرالات الجزائر الهرِمون يُسابقون الزمن لتفادي "زلزال" قادم

أمريكا ترحب برفع "حالة الطوارئ" وتعتبره غير كاف

رحبت الولايات المتحدة بقرار الحكومة الجزائرية رفع حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ 19 عاما، ووصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيليب كراولي، القرار بأنه إيجابي، معتبرا أنه تجب ترجمته إلى إجراءات تسمح بتوسيع الحريات وتعبر عن تغيير حقيقي في الجزائر.

ووصفت وكالة الأنباء "رويترز" القرار بأنه تنازل يستهدف تجنيب البلاد موجة من الاحتجاجات تجتاح العالم العربي، ولكن محتجين قالوا إنه ليس كافيا.

وقد وافقت الحكومة الجزائرية أيضا على حزمة من الإجراءات الرامية إلى الحد من البطالة، وهي إحدى المظالم الرئيسية للمواطن العادي في الجزائر. وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن أمر رفع حالة الطوارئ ينفذ بدءا من نشره في الجريدة الرسمية.

يشار إلى أن رفع سلطات الطوارئ كان أحد المطالب التي عبرت عنها جماعات المعارضة التي تقوم باحتجاجات أسبوعية في العاصمة الجزائرية وتسعى إلى محاكاة انتفاضات شعبية تحتدم في مصر وتونس وأخيرا في ليبيا.

وتعليقا على ذلك، قال مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان وأحد منظمي الاحتجاجات، "إن رفع حالة الطوارئ أمر إيجابي لكنه ليس كافيا، وطالب بفتح حقيقي للأنشطة السياسية والإعلامية والاجتماعية، حتى يستطيع الناس ممارسة الديمقراطية بأنفسهم".

يذكر أن حالة الطوارئ فرضت لمساعدة السلطات في محاربة من أسمتهم المتمردين الإسلاميين، لكن وتيرة العنف تراجعت في السنوات الأخيرة، ويقول منتقدون للحكومة إن هذه القوانين تستخدم لقمع الحريات السياسية.

وكان مجلس الوزراء الجزائري، المنعقد قبل أكثر من أسبوعين، برئاسة عبد العزيز بوتفليقة أمر الحكومة بوضع الترتيبات قصد رفع حالة الطوارئ ''في أقرب الآجال''، وهي إحدى المطالب التي ظلت الطبقة السياسية والحزبية تطالب بها منذ ما يزيد عن 19 سنة من إقرارها.

وقال الرئيس بوتفليقة، إن حالة الطوارئ تم فرضها من منطلق الاستجابة ''لمقتضيات مكافحة الإرهاب لا غير، والسبب هذا هو وحده الذي يملي الإبقاء عليها بمقتضى القانون''.

وكانت عدة أحزاب قد احتجت على استمرار حالة الطوارئ خلال سنوات التسعينيات وبعدها، وكانت جبهة القوى الاشتراكية ورابطات حقوق الإنسان، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحركة مجتمع السلم، وشخصيات محسوبة على المعارضة، من أكثر الأطراف تمسكا بمطلب رفع الإجراء الأمني.

واتهمت هذه الأطراف السلطة باستعماله لتكميم الأفواه وقمع الحريات. وآخر هذه الاحتجاجات صدرت يوم الخميس الثالث من فبراير من طرف 21 نائبا في المجلس الشعبي الوطني الذين بادروا بمشروع قانون لإلغاء حالة الطوارئ.

في سياق ذلك وصف جمال الدين حبيبي، رئيس حزب الوحدة الشعبية المنحل، ورئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي بمجلس الأمة الجزائري سابقا، الرئيس الجزائري بـ"الصامت والمتفرج"، متهما إياه بـ"المتورط في الفساد"، ودعاه "إلى العودة إلى بيته" وترك الرئاسة.

وقال حبيبي في مقال حديث له، "سبق لي أن دعوت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى العودة لبيته، وكان ذلك عبر مقال نشرته بتاريخ 11 فيفري 2010، تحت عنوان "عُد إلى بيتك يا بوتفليقة"، بسبب صمته تجاه فضائح الفساد التي هزّت العديد من الوزارات، والمؤسسات الكبرى للدولة، والتي كانت آخرها فضيحة شركة سوناطراك، وفضيحة الطريق السيار شرق غرب، وغيرها.. والظاهر أن حالة الصّمم تواصلت عند الرئيس بوتفليقة، الذي لم يُحرّك ساكنا، وبقي يتفرّج على ما يحدث من فساد في كل مؤسسات الدولة، وكأنه غير معني بالوضع في الجزائر، أو ربّما، وهذا هو الأكيد، أن بوتفليقة متورّط في مسلسل الفساد".

وأضاف القيادي السياسي "فور اندلاع أولى شرارات الثورة المباركة في تونس الشقيقة، واندلاع الاحتجاجات في الجزائر، سارعت إلى مطالبة الرئيس بوتفليقة بالاستقالة رفقة حاشيته، عبر مقالة نشرتها الصحافة الدولية، وليس الجزائرية، بتاريخ 06 يناير 2011، تحت عنوان "لا حُلول لأزمة الجزائر سوى باستقالة بوتفليقة وحاشيته"، لكن الأوضاع عندنا بقيت على حالها، ولجأ النظام إلى استباق حركة الشارع، بالإعلان عن قرب موعد رفع حالة الطوارئ، واستحداث إصلاحات عاجلة في دواليب ومؤسسات الدولة، وفي الوقت نفسه، دفع بأشباه المعارضين، ممّن يسيرون في فلك النظام وتحت مظلّته الخفية، دفع بهم إلى الدعوة لمسيرات محكوم عليها بالفشل المسبق، بالنظر إلى سمعة من ينادون إليها".

وبحسب المعارض الجزائري فإن النظام الجزائري، "نجح في صنع سيناريو شيطاني، كرّه ونفّر من خلاله الشرائح العريضة من المجتمع الجزائري الرّافض له ولفساده، من المشاركة في مثل هذه المسيرات التي يتحكم فيها النظام عن طريق جهاز "ريموت أكسس" أي عن بُعد، ونجح بذلك هذا النظام في تعطيل انفجار ثورة الشعب الجزائري". وأعرب عن أمله في لوا اتعض النظام الجزائري بما حصبل للنظامين السياسيين بتونس ومصر، موضحا "شخصيا كنت أتمنى أن يقتنع النظام عندنا بضرورة تبني الإصلاح والتغيير بعيدا عن كلّ أشكال العنف، لكن الظاهر أن الرئيس بوتفليقة وحاشيته، يتّصفون بعناد أكبر من عناد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فهم، وهذا ما لم أفهم بواعثه لحدّ الآن، يُلقون بأنفسهم إلى التهلُكة، إذ أن بمقدورهم اليوم، الاستفادة من التجربتين التونسية والمصرية، وحتى اليمنية، لينطلقوا في فتح حوار جاد مع كل أطياف المجتمع الجزائري، للوصول إلى اتفاق حول سبُل التغيير والإصلاح، ووضع رزنامة زمنية لكلّ ذلك، لأنه في حالة العكس، سيجد هؤلاء أنفسهم أمام مساءلة جنائية وشعبية، قد تعصف وإلى الأبد بمستقبلهم السياسي، أو ربّما ستدفع بهم إلى الهروب والفرار من الجزائر التي نهبوها وعطّلوا إمكانيات التنمية بها".

وتنبأ السياسي المعارض التي تحظر عليه السلطات الجزائرية ممارسة النشاط السياسي، بنهاية من وصفهم "المفسدين"، بل ومحاكمتهم؛ "فالمؤكد أن ساعة الحساب آتية، وأن مؤامرات هؤلاء المفسدين لاحتواء إرادة الشعب، ستنقلب عليهم كما ينقلب السحر على الساحر، وأنصح وبكل صدق، الرئيس بوتفليقة وحاشيته، بانتهاز هذه الفرصة الأخيرة، لإحداث التغيير بعيدا عن كل أشكال العنف، فذلك أصلح وأنفع لهم إن كانوا يعلمون".

من جانبه ألقى نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، علي بلحاج، كلمة عقب فراغ الإمام من الخطبة والصلاة بمسجد الوفاء بالعهد بحي القبة بالجزائر العاصمة يوم الجمعة الماضي (18/2/2011)، رداًّ على وزير الخارجية الجزائري، مراد مدلسي إثر تصريحه لإذاعة فرنسا "أوربا 1"، مؤكدا "أن ما فعله النظام الجزائري المتعفن يفوق ما اقترفه النظام التونسي والمصري، وفي كل شر وضرب لذلك أمثلة من الواقع".

أطلس أنفو-وكالات

الثلاثاء، فبراير 22، 2011

كيري يُحذر القذافي ويدعو لإسقاطه

حذر السيناتور الأميركي، جون كيري، اليوم الثلاثاء الزعيم الليبي معمر القذافي من "عواقب ملموسة" جراء القمع الذي يمارسه على المتظاهرين في ليبيا، داعيا صانعي القرار الدوليين إلى الضغط للمساهمة في سقوط النظام الليبي.

"المجتمع الدولي في طريقه إلى تضييق الخناق على الزعيم "المترنح" على عرشه"

واعتبر كيري الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، في بيان، أن "الاستخدام المفرط للقوة الذي يبديه القذافي ينبغي أن ينذر بنهاية النظام نفسه".

وأقر السيناتور أن الولايات المتحدة ليس لها في ليبيا نفس النفوذ الذي تملكه في مصر، لكنه أضاف أن هذا لا يعني أنه ليس لواشنطن "أي سبل" أخرى.

وعبر كيري عن أمله بأن يكون نظام القذافي "يشهد ساعاته الأخيرة"، ووضع لائحة من أربعة خيارات يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها لتسريع سقوط القذافي.

وتطرق في هذا السياق إلى الجيش الليبي محذرا المنتسبين إليه من احتمال ملاحقتهم بتهم ارتكاب "جرائم حرب". كما طلب من الشركات النفطية الدولية وقف نشاطاتها في ليبيا على الفور حتى انتهاء العنف ضد المدنيين.

ودعا السيناتور الأميركي مجلس الأمن الدولي المنعقد الثلاثاء إلى "إدانة العنف والبحث في عقوبات مؤقتة بما في ذلك حظر على الأسلحة". كما طالب الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي باتخاذ موقف تجاه الأزمة.

وردا على هذا الاقتراح، قال البيت الأبيض إنه يدرس بحث إعادة فرض عقوبات على ليبيا، في وقت ينصب فيه تركيز الولايات المتحدة على وقف إراقة الدماء هناك والعمل مع المجتمع الدولي.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، للصحفيين في كليفلاند حيث من المقرر أن يحضر الرئيس الأميركي باراك أوباما مؤتمرا للأعمال "نحن ندرس اقتراح" كيري.

من جهتها قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إن الاتحاد الأوروبي سيعلق اتفاق إطار عمل للتجارة كان يتفاوض عليه مع ليبيا.

وأضافت أشتون للصحفيين في القاهرة "أستنكر فقدان الأرواح وأدين كل أعمال العنف وأدعو الجميع لممارسة ضبط النفس". وقالت "سنعلق اتفاق إطار العمل الذي نتفاوض بشأنه".

في سياق ذلك ألقى الزعيم الليبي معمر القذافي كلمة أمام مجموعة من المؤيدين له في العاصمة الليبية طرابلس، مساء اليوم الثلاثاء، مؤكداً "لست رئيساً لأتنحى، إنما أنا قائد للثورة إلى الأبد".

وقال في أول خطاب مطول له بعد اندلاع ثورة شعبية بالبلاد منذ ستة أيام، أنه لن يترك الأراضي الليبية، "وسأموت شهيداً، وسأقاتل حتى آخر قطرة في دمي".

ودعا مؤيديه إلى الخروج في مسيرات مؤيدة له، مساء اليوم والغد، مؤكداً أنه "ليس خائفاً. أنتم تواجهون صخرة صماء تحطمت عليها أساطير أمريكا". ودعاهم للزحف على درنة "التي يحكمها أتباع بن لادن"، متهماً المحتجين "يريدون تحويل ليبيا إلى دولة إسلامية.. أفغانستان جديدة".

وتابع "لم نستخدم القوة بعد، إذا وصلت الأمور إلى حد استخدام القوة سنستخدمها وفق القانون الدولي والقانون الليبي". واستعرض قانون العقوبات الليبي، ذاكراً حكم الإعدام بحق من يرفع السلاح ضد الدولة.

واعتبر أن الاحتجاجات هي "تقليد لما جرى في مصر وتونس"، وأن "القتلى هم من الشرطة والجنود والشبان وليس المحرضين"، الذين قال إنهم مأجورون يتحركون بأجندات خارجية.

ووصف المحتجين بأنهم "عصابات وجرذان ومرتزقة لا يمثلون الشعب الليبي"، وأنهم "شبان مخدرون يهاجمون مقار الشرطة والجيش".

وأعلن انه أعطى أوامره إلى "الضباط الأحرار للقضاء على الجرذان"، في إشارة إلى المتمردين الذين سيطروا على عدد من المدن الليبية.

كما دعا جميع الليبيين إلى تشكيل "لجان الدفاع عن المكتسبات الثورية" منها النفط والمطارات والموانئ والجسور.

اجتماع طارئ للجامعة العربية

من جهة أخرى، تعقد جامعة الدول العربية، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، اجتماعاً طارئاً على مستوى المندوبين، في القاهرة، لمناقشة الأوضاع في ليبيا.

ويأتي هذا الاجتماع الطارئ بعد بثّ صور حرائق تسبب بها الهجوم الذي نفذه سلاح الجو الليبي على المتظاهرين في العاصمة الليبية، مساء أمس الاثنين. وتُسمع في الشريط، الذي نشره موقع "يوتيوب"، أصوات رشقات نارية وقذائف مدفعية، فيما تبدو جلياً حالة الذعر التي تعتري المواطنين.

من جانبه، نفى التلفزيون الرسمي الليبي الثلاثاء المعلومات التي تفيد وقوع "مجازر" ضد المتظاهرين في ليبيا، واصفاً إياها بـ"الأكاذيب والإشاعات". ودعا التلفزيون المواطن الليبي إلى "التصدي" لهذه المعلومات "لأنها تستهدف تدمير معنوياتك واستقرارك وخيراتك التي يحسدونك عليها".

وتحدث سكان في طرابلس عن وقوع "مجزرة" في اثنين من أحياء العاصمة، بعدما أفاد التلفزيون الليبي بعملية أمنية أدت إلى "سقوط عدة ضحايا بسبب مداهمة أوكار الجهات التخريبية" في ليبيا التي تشهد عملية قمع دامية للاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام.

العربية نت.الجزيرة نت.وكالات