الأحد، يونيو 03، 2012

مغاربة عاشوا ودُفنوا ببيروت وتحولت قبورهم إلى زوايا


يمكن أن يُكذَب على الناس ردحا من الزمن، لكن لا يمكن تغيير الحقائق والزيف كل الزمن.. هذه خلاصة يمكن لدارس التاريخ أن يخرج بها كلما قلّب أمهات الكتب، والتي منها ما تؤكد على أن المغاربة فقهاء وعلماء وطلاب علم حطّوا الرحال بعدد من بلدان المعمور وتركوا هنالك آثارا لازالت شاهدة إلى اليوم، تماما كما هو الشأن في العاصمة اللبنانية بيروت

يذكرهم اللبنانيون باقتدار واحترام

كثيرة هي الآثار التاريخية التي تركها أجدادنا المغاربة بأرض المشرق العربي، والتي لم تطلها بعد الدراسات التاريخية والسوسيولوجية وغيرها من الدراسات التي ينبغي تسليطها على بعض بلدان المشرق العربي، التي تذكر كتب التاريخ أنه كان للمغاربة شأن عظيم بها، بل إن منهم من الرجال من قضوا نحبهم ودفنوا هنالك، وتحولت قبورهم إلى مزارات وزوايا يؤمها إخواننا بالمشرق العربي، تقديرا واعترافا بهؤلاء الرجال، الذين تركوا ديارهم هنا بالمغرب ورحلوا إلى هناك إما طلبا للعلم أو قصد نشره، وإما لحج البقاع المقدسة، فتحولت رحلاتهم تلك التاريخية إلى إقامات دائمة،لاسيما عندما اختلط الدم بالدم وتمت المصاهرات بين الإخوة المشارقة والمغاربة.
وتحكي روايات مختلفة أن من بين البلدان والجهات التي كان يؤمها المغاربة بلاد الشام والعراق بالإضافة طبعا إلى بلاد الحجاز (السعودية)؛ نفس الروايات أكدت أن عائلات عريقة تعيش اليوم ببعض العواصم العربية، كبيروت مثلا، هي من أصول مغربية، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على معالم حضارية وتاريخية بهذه العاصمة العربية التي ماتزال تحمل أسماء مغربية.       
وبحسب بعض الروايات فإن إسهامات المغاربة أكثر من أن تحصى في بيروت، لاسيما وأن عددا كبيرا من العائلات البيروتية تمتد جذورها إلى المغرب، وقد أسهمت هذه العائلات مع عائلات بيروتية بالوصول ببيروت إلى ما وصلت إليه كمدينة عربية، وكعاصمة لبنانية، وكمركز من أهم المراكز والمدن الحضارية والثقافية والعلمية.
ومن بين الملامح والإنجازات المغربية في بيروت إقامة المؤسسات الاقتصادية والعلمية والدينية والاجتماعية والإنسانية والعمرانية وسواها، منها على سبيل المثال؛ الإسهام في توسعة وترميم المساجد في بيروت، أو إقامتها بعد استقرارهم وتحسن أوضاعهم الاقتصادية والمالية، لاسيما المساجد في باطن بيروت وفي بعض أحياء المدينة، وما تزال هذه الإسهامات مستمرة حتى الآن.

وجود مغربي بقلب بيروت

تأسيس زوايا: كان للمغاربة دور مهم في إقامة الزوايا الإسلامية، ومنها زاوية الحمراء في باطن بيروت التي أقامها "آل الحمراء" حوالي عام 1390، وزاوية الخلع المعروفة باسم زاوية البياطرة، وقد أقامها بعض المغاربة في أوائل القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي، وزاوية الشيخ حسن الراعي المغربي، وهو من كبار العلماء المسلمين في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي. ويروى الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه ( الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز)، والذي زار بيروت عام 1711م، بأنه زار قبر الشيخ جبارة في مقبرة بيروت إزاء البحر، وهو من أولاد الشيخ حسن الراعي. ويرجح أن آل جبارة، شبارة، شبارو، من نسب هذا العالم المغربي الجليل، كما بنى المغاربة بواسطة أحد أتقيائهم زاوية القطن في العصور الوسطى، حوالي سنة 1390م.
كما أقام المغاربة زاوية باب المصلى قرب باب السراي، وزاوية أخرى عرفت باسم زاوية المغاربة، أنشأها أحد أتقياء المغاربة في العصور الوسطى هو الشيخ محمد المغربي، وكان موقعها قبلي جامع السراي قرب سوق سرسق.
وأسهم المغاربة أيضا وبقية أهل بيروت بإقامة العديد من المؤسسات العسكرية أو المدنية، ومن بينها الأبراج العسكرية أو المدنية منها: برج حمود في شرقي بيروت وبرج بيهم وبرج سلام وبرج شاتيلا وبرج الخضر وبرج المدور وبرج قدّورة وبرج الحمراء وبرج اللبان وسواها من الأبراج. ومن أهم أبواب بيروت التي سميت باسم إحدى العائلات البيروتية المغربية الأصل باب إدريس وهو أحد أبواب بيروت السبعة. ومن أهم المناطق التي أسهم المغاربة بتأسيسها هي منطقة الحمراء التي ما تزال حتى اليوم من المناطق الأساسية في بيروت ولبنان.

إنشاء الجبّانات(المقابر): نظرا لكثرة المغاربة في بيروت، ونظرا لخصوصيتهم طيلة قرون عديدة فقد أقاموا لأنفسهم جبانات خاصة بموتاهم خارج سور بيروت، يأتي في مقدمتها جبانة المغاربة، وهي بالقرب من جبانات المصلى، الخارجة، الغرباء. وفي القرن العشرين أقامت فرنسا جبانة خاصة بالجنود المغاربة العاملين في قواتها العسكرية، وذلك في محلة قصقص في الطريق الجديدة وهي إحدى أهم المناطق البيروتية، وما تزال هذه الجبانة قائمة حتى اليوم بالقرب من جبانة الشهداء.

إحداث الأسواق التجاريّة؛ وقد أسهم المغاربة في تطور الأسواق التجاريّة والحرفية في باطن بيروت، منها؛ سوق العطارين، وسوق القطن، وسوق النقاشين، وسوق الخياطين، وسوق النحاسين، وسوق الصاغة، وسواها. كما جلبوا من بلادهم الأشتال والمزروعات والفواكه المغربية لزراعتها في بيروت وبلاد الشام منها الليمون المغربي.

تشييد المدارس والمعاهد والجمعيات: حيث أسهمت العائلات المغربية في إقامة العديد من الكتاتيب والزوايا العلمية والمعاهد والجمعيات بالعاصمة اللبنانية بيروت وفي ضواحيها، ومن يطّلع على وظيفة الزاوية يدرك أهميتها الدينية والتعليمية. ومن يطّلع على أسماء العائلات التي أسهمت بتأسيس أهم جمعية بيروتية تعليمية ألا وهي جمعيّة المقاصد الخيرية الإسلامية يدرك الصفة والأصول المغربية لتلك العائلات، فضلاً عن إسهامها في إقامة البيمارستانات والصيدليات لاسيما في القرن التاسع عشر في العهد العثماني.
 
زوايا مغربية شاهدة..

وبالنظر إلى أهميتها القصوى في الحياة الاجتماعية بلبنان إلى غاية يومنا هذا فقد تميز الحضور المغربي بالخصوص عن طريق التأسيس لزوايا لا يزال دورها الاجتماعي والروحي متواجدا إلى حد الآن في صفوف أهالي بيروت العاصمة اللبنانية، ومن هذه الزوايا؛

1)زاوية المغاربة: حيث أنشأ هذه الزاوية أحد أتقياء المغاربة في العام 1390م، وكان الشيخ محمد المغربي مقيما فيها، وقد بني فوقها حوالي عام 1890م المكان الذي خصص لشيخ الطريقة السعدية ومريديها للقيام بالأذكار والأوراد، كان موقع هذه الزاوية قبلي جامع السرايا في وسط بيروت قرب سوق سرسق. وقد هدمت في الحرب العالمية الأولى بداعي توسيع الطرق.
وقد سميت هذه الزاوية بزاوية المغاربة، بسبب تجمع المغاربة فيها القاديمن من المغرب العربي. وكانت الأسر المغربية تواظب على عقد اجتماعاتها الدينية، وتلاوة أورادها وأذكارها في هذه الزاوية، ومن بين هذه الأسر البيروتية ذات الأصول المغربية؛ الهبري، المجذوب، طبارة، فتح الله، الغندور، القصار، شاكر، منيمنة، جلول، الصغير، العريس، إدريس، الأنسي، الكوش، فتوح، شقير، وغيرها من الأسر ذات الأصول المغربية.
وكان الشيخ محمد أديب بن محمد محرم البيروتي يقوم بقراءة القرآن الكريم في زاوية المغاربة، وذلك في القرن التاسع عشر، كما كان لهذه الزاوية العديد من الأوقاف المتضمنة دورا ودكاكين وأحكارا.

2)زاوية باب المصلى: وقد أقام هذه الزاوية المغاربة الذين توطنوا في بيروت، وكان موقعها قرب المصلى أو باب السرايا، وأمامها معالم تشير إلى روادها، ومن هذه المعالم؛ مقبرة الخارجة، مقبرة الغربا، ومقبرة المغاربة؛ وكانت كلها توجد ما بين سينما ريفولي وسوق الخضار القديم، أي ظاهر بيروت.
وكانت هذه الزاوية مسجدا وتكيّة تستضيف الغرباء عن بيروت، أوقف عليها بعض الأوقاف، وكان المتولي على أوقافها الشيخ عبد الله ابن الحاج محمد خرما شقير.

3)زاوية الشيخ حسن الراعي: وتنسب هذه الزاوية إلى الشيخ حسن الراعي المغربي، وهو من كبار العلماء المسلمين في القرن السادس الهجري، وكان الشيخ حسن يدرس في هذه الزاوية ويقيم فيها. كان موقع هذه الزاوية في باطن بيروت في شارع فخر الدين، في مكان الإطفائية القديم، في شارع المصارف اليوم بالقرب من باب يعقوب داخل سور بيروت، تهدمت هذه الزاوية في الحرب العالمية الأولى.
كان لهذه الزاوية نظار وأئمة، فقد كان الناظر عليها الشيخ حسين ابن علي المناصفي، ثم من بعده الشيخ عبد الحميد بن الحاج عمر يموت، ثم من بعده ولده الحاج سعد الدين يموت، ثم تعين فيما بعد إماما متطوعا الشيخ عبد الرؤوف بن الشيخ الهادي النصولي. لهذه الزاوية الكثير من الأوقاف المتضمنة أحكارا ودورا وبيوتا وأرطالا من الزيت، وقد جاء في أحد سجلات المحكمة الشرعية في بيروت بيان بهذه الأوقاف تحت عبارة (إلى زاوية سيدنا الشيخ حسن الراعي قدس الله سره ونور ضريحه آمين).

الراعي..علَم مغربي بلبنان

بالنظر إلى أهمية الشخصية الفذة للشيخ حسن الراعي، فقد أثيرت حولها العديد من الأسئلة والاحتمالات حول أصوله الأولى، والبلاد التي ينحذر منها، لكن، وبحسب عدد من الكتابات التاريخية، فإن الراجح هو قدومه من بلاد المغرب إلى العراق قبل أن يحل ببيروت وينتقل إلى قَطنا بسوريا حيث مات ودفن بها. ولذلك سمي الشيخ حسن الراعي القطناني حسب الرواية البيروتية، أو أسرته حسب رواية الأستاذ سعد الدين التي انتقلت من المغرب إلى مصر ثم شهبا بحوران جنوب سورية، ومنها انتقل هو إلى قطنا، وذلك حسب ما ذكر في شجرة نسب الشيخ حسن الراعي وأسرته التي نشر صورة عنها ملحقة بكتابه "قطنا بين السطور ". ثم انتقاله منها لطلب العلم والدعوة إلى الله تعالى، ووصوله إلى بيروت حيث اشتهر بين أهلها بنسب المغربي.
ومن أجل رفع اللبس عن هذه الشخصية التاريخية وأصولها الحقيقية فقد راعت هاتان الروايتان المعنى اللغوي والاصطلاحي الدارج إلى اليوم، يقال : غَرَبَتِ الشمسُ: غابَتْ فِي المَغْرِبِ؛ وَكَذَلِكَ غَرَبَ النجمُ، وغَرَّبَ. والمَغرِبُ فِي الأَصل: مَوْضِعُ الغُروبِ ، ثُمَّ استُعْمِل فِي الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ، وقياسُه الْفَتْحُ، وَلَكِنِ استُعْمِل بِالْكَسْرِ كالمَشْرِق والمسجِد. وتَغَرَّبَ: أَتَى مِنْ قِبَلِ الغَرْب. فمن المحتمل أن الشيخ حسن الراعي بعد لقائه بشيخه الرفاعي قد انتقل إلى بلاد المغرب حيث قامت دولة الموحدين على أنقاض دولة المرابطين، ثم عاد إلى المشرق حسب الرواية البيروتية السالفة الذكر! وقد عاصر الشيخ حسن الراعي عددًا من حكامها الأقوياء الذين لقبوا أنفسهم بلقب "أمير المؤمنين" ، بينما كان زعماء المرابطين يلقبون أنفسهم بلقب "أمير المسلمين"، وذلك احترامًا منهم واعترافًا للخليفة العباسي الملقب بـ"أمير المؤمنين"؛ أما الموحدون فاعتبروا أنفسهم خلفاء للمؤمنين، وقطعوا الدعوة للخلفاء العباسيين من على المنابر، وأقاموا شعائر الإسلام، وأزالوا المنكرات وغيرها من المفاسد، وفتحوا باب الاجتهاد، ورفعوا راية الجهاد، وأعلوا راية الدين بقدر استطاعتهم ومعرفتهم في المغرب والأندلس. وهذا ما اجتذب إليهم كثيرًا من المشارقة الذين سافروا إلى المغرب، والتقوا بأنفسهم بهم، واطلعوا على مدى تطبيقهم للدعوة الإسلامية والتزامهم بالأحكام الربانية، وابتعادهم عما اعتبروه بدعًا مخالفة لجوهر الإسلام الذي تضمنه الكتاب والسنة.
والمغرب التي قد تكون السبب الأكثر احتمالاً في إطلاق هذه النسبة على الشيخ حسن الراعي، كما تذكر كتب التاريخ، هي بلاد واسعة كثيرة، وعثاء شاسعة، قال بعضهم حدها من مدينة مليانة وهي آخر حدود إفريقية إلى آخر بلاد السـوس التي وراءها المحيط وتدخل فيها جزيرة الأندلس. والمغرب تاريخيًا امتدت حدوده إلى الأندلس شمالًا، ونهر السنغال جنوبًا، وقد شكّل ثاني الدول الإسلامية التي استقلت عن الدولة العباسية بعد الأندلس، إذ أسس فيه إدريس بن عبد الله سلالة الأدارسة عند هروبه من المشـرق والتجائه إلى أقصى ما فتحه العرب من البلدان غربًا.
وبرزت المغرب في عهد سـلالة المرابطين، عندما كان لحكامها السيطرة الفعلية على ما جاورها من البلدان العربية وصولاً إلى الأندلس، وكذلك دولة الموحدين التي خلفتها كما ألمحنا أعلاه.
والمغرب الدولة العربية الوحيدة في شمال أفريقيا التي لم تدخل تحت الراية العثمانية، إلا أنها خضعت في وقت لاحق للاستعمار الفرنسي وللحماية الإسبانية، وتم تقسيم أراضيها بين الدولتين المستعمرتين، فرنسا وإسبانيا، قبل أن تحصل على استقلالها في سنة 1376 هـ /1956م( ).
نورالدين اليزيد عن موقع يا بيروت     

الجمعة، يونيو 01، 2012

المجلس الاستشاري للشباب.. وشبابُنا


نورالدين اليزيد

منذ أزيد من مائة يوم بدأت الحكومة الجديدة مهامها بالموازاة مع تنزيل الدستور الجديد، الذي جاء نتيجة حراك شعبي ورسمي انخرطت فيها، منذ أزيد من سنة، السلطات العليا بالبلاد بقوة، عندما دعا جلالة الملك محمد السادس، في خطاب 9 مارس من السنة الماضية، إلى القيام بإصلاحات سياسية جذرية رسم معالمها الأساسية نفس الخطاب الذي دعا أيضا إلى إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
ولأن هذه الإصلاحات، بالإضافة إلى أنها تعتبر استمرارا لمسيرة طويلة من مثيلاتها من الإصلاحات التي يشهدها المغرب، منذ أزيد من عقد من الزمن، جاءت بالتزامن مع هبّة من الاحتجاجات الشعبية التي طالت معظم البلدان العربية، والتي كان من ورائها الشباب، فإن الدستور الجديد خصّص حيزا هاما لهذه الفئة الحيوية من مجتمعنا المغربي، التي حظيت بحصة معتبرة من المقاعد في مجلس النواب (كوطا)، بالإضافة إلى تنصيص هذا الدستور الجديد على إنشاء "مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي"، وذلك من أجل توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ومساعدة هذه الفئة على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني، كما ينص على ذلك صراحة النص الدستوري.
هذه الإصلاحات يبدو أن مسؤولية المُشرّع قد قام بما يلزم إزاءها وإزاء المجتمع من ضرورة توفير الإطار القانوني، لكن وكما يعرف القانونيون والرأي العام، على حد سواء، فإن التنصيص دستوريا على قضيةٍ ما أو الدعوة إلى إنشاء مؤسسة عمومية معينة، كما هو الشأن بالنسبة لهذه المؤسسة الدستورية التي تعنى بفئة الشباب، يبقى غير ذى جدوى إذا لم يتم تحويل ذلك النص الدستوري إلى كائن قابل للحياة؛ بمعنى صياغة القوانين والمراسيم اللازمة لتنفيذ تلك النصوص الدستورية.
هاهنا تبرز إذن مسؤولية الحكومة والجهاز التشريعي، وكذا القضائي لِم لا خاصة عندما تتبدّى منازعات في سياق تنفيذ القوانين التي تحكم البلاد؛ إنها مسؤولية أول فريق حكومي يقوده رئيس حكومة جاء من المعارضة، وشكل حكومته بناء على مقتضيات الدستور، التي تنيط به مسؤولية التنزيل السليم لهذا لدستور2011، بالشكل الذي يلبي حاجيات وانتظارات المواطنين، ولاسيما منهم الشباب.
هذه المسؤولية تقتضي، من بين ما تقتضيه الابتعاد، ما أمكن حتى لا نقول، الابتعاد نهائيا، عن الحسابات الضيقة، ومنها تلك الشخصية والحزبية التي كلّفت بلادنا الشيء الكثير من التأخر وسوء الاستثمار في الرأسمال البشري، وهو ما أثّر حتما في وثيرة تنمية مجتمعنا، لا بل وخلّف وضعا ضبابيا لدى الشباب المغاربة هو أقرب إلى فقدان الثقة بنخبنا السياسية منه إلى مخاصمة السياسة والتعاطي مع الشأن السياسي والحزبي.
إن التنزيل السليم للدستور، وحتى يتسنى للرأي العام الوطني التيقن بالقطع مع أساليب التدبير العام القديمة الموغلة في الضبابية وغياب الاستناد إلى معايير الكفاءة والموضوعية والنزاهة، يقتضي (التنزيلُ) تسلحَ الحكومة الجديدة بإرادة قوية في التغيير، وبالتفعيل الرشيد والعملي لمقتضيات الدستور الحاثة على الحكامة الجيدة وربط ممارسة المسؤولية بالحساب والمساءلة.       
لذلك فإن أولى الاختبارات لهذه الحكومة، على الأقل فيما يتعلق بالشباب وهذا موضوعنا في هذا الركن، ستكون هي ماهية المعايير والمقاييس والأساليب، التي سيُلجأ إليها لإخراج هذه المؤسسة الدستورية المعنية بالشباب إلى حيز الوجود!
لاشك أن الضامن الوحيد والمؤشر الأوحد على حسن نية الحكومة في تجاوز تراكمات الماضي فيما يتعلق بمجال تدبير الشأن الشبابي ببلادنا، سيكون هو ازديان مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي يضم أعضاء شبابا مشهود لهم بكفاءاتهم لا بولاءاتهم لهذه الجهة أو تلك؛ شباب يمكن أن يقدموا قيمة مضافة للحقل الشبابي، وهو ما لن يتأتَّ إلى من خلال القدرة على الغوص في الحياة العامة للشباب ومخاطبتهم بلغتهم، أي البحث عن الشاب المناسب في المكان المناسب، وليس الشاب القائل..كان أبي !     

الخميس، مايو 31، 2012

المجلس الاقتصادي والاجتماعي يوصي بتبني إستراتيجية جديدة للثقافة


في تقرير جريء وموضوعي حول الحالة الثقافية بالمغرب ولاسيما وضعية الشباب الثقافية، توصل خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى وجود "خصاص" في هذا المجال، داعين إلى ضرورة تبني إستراتيجية جديدة تدمج الشباب عن طريق الثقافة
 
دعا إلى ضرورة إدماج الشباب عن طريق الثقافة


في تقرير صدر عنه حديثا لفت المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أن "إدماج الشباب عن طريق الثقافة" يتطلب تجاوز أشكال الغموض التي تلف التصورات السائدة حول الثقافة، والتي تعتبرها ترفا فكريا، أو محصورة في التراث، أو مرهونة بالهاجس الهوياتي، داعيا إلى بلورة استراتيجية وطنية تفتح مسالك وظيفية بين الممارسة الثقافية والتشغيل.
وفي التقرير بمثابة "رأي" لهذه المؤسسة الدستورية الوطنية، نجد أن خبراء المجلس وهم من مختلف التخصصات السياسية والاقتصادية الاجتماعية والدينية والتربوية، يقفون عند تشخيص موضوعي وعلمي للحالة الثقافية لدى الشباب، ويوصون بخطة عملية من أجل إدماج الشباب عن طريق الثقافة؛ إنه "الإدماج" الذي يتطلب الانخراط الجماعي في بناء تصور ثقافي إدماجي شمولي، يمنح للشباب مكانة مركزية في برامجه وأنشطته، وفي هذا الصدد يوصي المجلس بتسريع وتيرة تفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، ويهيب أيضا بالجامعات ومراكز الدراسات والأبحاث، وكافة الجهات المعنية بتعميق البحث في هذه المواضيع.
ويكشف تقرير خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي عن أن "ضعف الاستثمار العمومي في مجالات الثقافة يمثل أكبر دليل على غلبة التمثلات السلبية أو الضيقة لها، في الوقت الذي يفترض الإقرار بالتنوع الثقافي وعيا جديدا بأهمية المسألة الثقافية في السياسات العمومية، وبأدوارها في إدماج الشباب في الحياة العامة، كما في التماسك الوطني".
ويعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي هيئة دستورية مستقلة، تم تنصيبها من طرف جلالة الملك محمد السادس يوم 21 فبراير 2011. ويضطلع المجلس بمهام استشارية لدى الحكومة ومجلسي البرلمان.
ويواصل خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي تشخيصهم العلمي للوضع الثقافي ببلادنا مؤكدين على أن المجتمع المغربي "يعرف تباينا كبيرا بين تحديث بنياته التحتية والمؤسساتية، وبين الخصاص الظاهر في الثقافة، في الوقت الذي كان من المفترض أن تواكب مجهودات التحديث المادية نهضة ثقافية عصرية، تبدأ بالتربية والأسرة لتمتد إلى المجال العام في شكل سلوكات مدنية وأخلاقية عامة، تحفز على المبادرة والاعتراف والتسامح".
وأضاف التقرير أن بلادنا في حاجة إلى إعادة بناء تصورها للمسألة الشبابية، في ضوء التحولات التي يشهدها المجتمع، كما هي في حاجة إلى إعادة الاعتبار للثقافة وجعلها من الأبعاد المركزية في كل السياسات العمومية؛ ولهذه الغاية يقول التقرير، فإنه يتعين توفير شروط لرافعات مؤسسية، ومادية، وسياسية، وثقافية، وتكنولوجية، وتكوينية، وتحسيسية، لتغيير الوضع الذي ينتج من الإقصاء والاستبعاد أكثر مما يولده من عوامل الإدماج.

إستراتيجية ثقافية جديدة..

بعد الدراسة المستفيضة لواقع الثقافة ببلادنا ولاسيما فيما يتعلق بعلاقة فئة الشباب بالمجالات الثقافية، يصل خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى صياغة توصيات تهدف إلى مزيد من إدماج هذه الفئة الحيوية من المجتمع عن طريق الثقافة؛ إذ يدعو  المجلس إلى إعادة بناء وعي جديد بالثقافة والشباب، بواسطة بلورة مشروع وطني ينطلق من قناعة جماعية بأن الثقافة مسألة إستراتيجية، ورافعة أساسية من رافعات التنمية الشاملة للبلاد، ومدخلا ضروريا لتحصين الهوية الوطنية في تنوعها، مؤكدا على القطع مع "التصور التقليدي للشباب، وبناء تصور (براديغم) جديد للمسألة الشبابية مع الشباب، وبإشراك الشباب، مع توفير كافة الشروط الممكنة لإدماجهم".
وفي هذا السياق يحث المجلس على اتباع مقاربة أفقية وتعاقدية لتدبير السياسات العمومية المعنية بالشباب، اعتمادا على منهجية تشاركية لتجاوز كل أشكال الخلل والعجز التي أنجتها السياسات القطاعية في التربية والتعليم والثقافة والتواصل والشباب، داعيا إلى وضع ميثاق وطني لصيانة التراث الثقافي المادي واللامادي، يحدد مسؤوليات كل جهة في حمايته والاهتمام به، ويحفز الشباب على التخصص فيه، وتثمينه بما يخدم مختلف جهات المملكة بإنصاف وتوازن.
وبرأي المجلس فإنه يتعين على كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، العمل لإدخال مقومات هذا المشروع في العائلة، والمسجد والمجال العام، ووسائل الاتصال، ومختلف القنوات الرقمية، وإدراجه عبر المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها؛
ويحدد القانون التنظيمي رقم 09-60 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي  تركيبته، وتنظيمه، وصلاحياته وطريقة تسييره. ويعهد إليه إبداء رأيه حول التوجهات العامة للاقتصاد الوطني و التكوين.
ووعيا بالتحديات الكبرى التي تواجهها الدولة والنخب والمجتمع بخصوص إعادة هيكلة الدولة المغربية في اتجاه تحقيق جهوية موسعة، فإن المجلس يرى بأن تجديد وتطوير العمل العمومي في المجال الثقافي والفني، رهين ببناء علاقات مبتكرة بين الثقافة والشباب، والتنمية الجهوية والمحلية، من خلال طرق تشاركية في التنظيم والتأطير، بين كافة المتدخلين في الجهة، ومراعاة الخصوصيات الثقافية واللغوية لمختلف جهات التراب الوطني.
ويوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي أيضا بأن تعكف مختلف الهيئات الدينية بالمملكة على تفعيل الدور الإيجابي للمسجد، نحو مساجد قرب عضوية، تكون فضاء للتأطير بواسطة مصوغات منهجية للتكوين على مبادئ الدين الإسلامي، كما تكون حصنا للحؤول دون الاختراقات الثقافية ذات الطبيعة الدينية التي تستهدف الشباب عبر مختلف القنوات والمواقع.
وأفرد المجلس كذلك جانبا مهما للتطرق إلى المهاجرين الشباب حيث أوصى المؤسسات الوطنية المعنية بهذا الموضوع، بوضع سياسة منسجمة، تقترح عروضا ثقافية تراعي تنوع الوقائع الاجتماعية والثقافية الخاصة بالبيئات التي يعيش فيها شباب المهجر.
وأوصى الخبراء أيضا بإنشاء مرصد لإنجاز دراسات ميدانية، وإعداد تقرير شامل كل ثلاث سنوات، يقدم تقييما شاملا لواقع إدماج الشباب عن طريق الثقافة، مع العناية اللازمة في هذه الدراسات بالمقاربة المبنية على المساواة بين الجنسين، وبين المجالين القروي والحضري.


الدعوة إلى مشروع متكامل..

بالنظر إلى دورهما الحيوي والأساسي في تنمية وعي الشباب فإن المجلس يوصي بجعل المدرسة والتعليم رافعة حاسمة في الإدماج الثقافي، ما يقتضي من بين ما يقتضيه، وضع خريطة للمكونات الثقافية واللغوية المغربية، والعناية بالسياسات الجهوية، وجعل المدرسة إطارا مؤسسيا وتربويا لتقوية التماسك الوطني، عبر التنصيص القانوني على الحق في الثقافة باعتبارها مدخلا من مداخل الإدماج؛ وتنمية الميولات الإبداعية للمتعلمين وهيئات التدريس وتشجيعها، وتيسير شروط استيعاب المتعلمين النقدي للثقافة، ومشاركتهم في إنتاجها؛
وبالموازاة مع ذلك يوصي المجلس بتشجيع دينامية "التثقيف بالنظير" بين الشباب (éducation par les pairs) عبر مختلف الإطارات الجمعوية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإنشاء فضاءات للنقاش الحر بين الشباب، وبينهم وبين مختلف الأجيال.
ودعا المجلس إلى إعادة هيكلة قطاع الثقافة، بما يستجيب لمقومات المشروع الثقافي الوطني المطلوب، وإدراجه في إطار مؤسسي أفقي، يتوجه إلى الشباب بقدر ما يهتم بكل شرائح المجتمع؛ ولهذه الغاية يوصي المجلس بتطوير شبكة جهوية لمركبات متعددة الوسائط ومختلفة الأحجام (المركبات الصغيرة للقرب في الأحياء، المركبات الجماعية، والمركب الكبير في الجهة)، ووضع نظام ربط معلوماتي فيما بينها، مع توفير ما يلزم من شروط تساعد الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة على ولوج هذه المنشآت. كما يوصي المجلس بعقلنة تنظيم المهرجانات بمختلف أصنافها، والابتعاد عن التعامل الموسمي العابر معها، بجعلها رافعة للعمل الثقافي المحلي والجهوي بشكل مستدام.
ولذلك فلا مناص من تنويع مصادر التمويل، يقول خبراء المجلس، وبناء شراكات بين السلطات العمومية والقطاع الخاص، والجمعيات الثقافية والشبابية، وذلك بإنشاء إطار مؤسسي في شكل وكالة وصندوق وطنيين للثقافة والشباب للاضطلاع بالمقتضيات المشار إليها أعلاه.
وفي مجال استعمال التكنولوجيا واعتبارا للتأخر الملحوظ في بناء المنشآت والتجهيزات الثقافية "الكلاسيكية"، يقول التقرير، ونظرا للتوسع الهائل للممارسات الثقافية الجديدة للشباب بواسطة التكنولوجيا الرقمية، وبهدف إطلاق حركية ثقافية وطنية عصرية، ونقل التراث الثقافي والفني المغربي بطرق جاذبة ومحفزة، فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى تبني استراتيجية واضحة لتطوير عرض ثقافي رقمي وطني، تقوم بالأساس على؛ تشجيع الاستثمار في الثقافة الرقمية، بتيسير مساطر الاستفادة أمام المستثمرين في هذا المجال من صناديق تشجيع التجديد في التكنولوجيات الحديثة ولاسيما "تطوير" و"انطلاق"و"صندوق الخدمة العامة" (Fonds du service universel)؛ وتطوير مواقع رقمية موضوعاتية تمنح للشباب مضامين نصية، وسمعية بصرية، مكملة للمعارف المدرسية والجامعية؛ وتطوير متاحف رقمية تعرف الشباب بتاريخهم، وغير ذلك من الأمور ذات الصلة كإعداد شبكة تواصلية على الأنترنيت تعنى بتيسير الولوج لأكبر عدد ممكن من الشباب لخدماتها باللغات الوطنية، وما إلى ذلك.
نورالدين اليزيد

الأربعاء، مايو 23، 2012

الوطن وطننا ولا مرحبا بـ"روس" !


مما لا شك فيه أن المغاربة الذين توحّدوا تاريخيا حول شعارهم الخالد "الله، الوطن، الملك"، لم ولن يتفرّقوا إلى أبد الآبدين عندما يساومون في أرضهم التي يشهد التاريخ والجغرافيا بحدودها، ولا تستطيع حسابات الطامعين والراغبين في التنغيص عليهم والنيل من تراب هذه الأرض الطيبة والطيب أهلها، مهما أوتوا من قوة ومكائد.
وكم يُحس المرء بالفخر والاعتزاز عندما يبحر في الشبكة العنكبوتية العالمية، وخاصة في مختلف المواقع الإليكترونية العملاقة، وفي صفحات شبكات الاتصال الاجتماعي كـ"الفيس بوك" و"تويتر"، والـ"يوتوب"، ويجد العشرات بل والمئات، أو فلنقل بأدنى تحفظ، الآلاف من جيوش الشباب المغربي، الذين أخذوا على عاتقهم الدفاع عن مقدسات بلادنا بطرقهم الخاصة؛ فلا يترددون ولا يدخرون جهدا في التصدي لأعداء وحدتنا الترابية، من خلال تعليقاتهم التي تحمل في ثناياها الإيمان بقُدسية هذا الوطن الغني بأهله وترابه، وليس بشيء آخر يُباع ويُشترى، والذي يجعل حتى الأشقاء المجاورين يُنَصبون أنفسهم خصوما لَذوذين لنا تحت يافطات "حق تقرير" المصير المفترى عليها.
ولا تكاد مقالة منشورة هنا أو هناك، وبهذا الموقع أو ذاك، وتتعلق بالقضية الأولى وطنيا، أن تخلو من تعاليق "أنترنوت" مغاربة يخوضون حروبا لا هوادة فيها، سواء مع أزلام افتراضيين لعصابة البوليساريو، أو مع عناصر تحركها خيوط تمتد إلى مخابرات الدولة الجارة التي لا تخفي معاكستها لأرضنا ومصيرنا.
إن هؤلاء جنود الاحتياط المغاربة المرابطين في مختلف منصات/قلاع هذا العالم الافتراضي، والذين وإن اختلفوا مع سياسيينا حول طريقة تدبيرهم للشأن العام الوطني، فإنهم لا يقبلون المساس بحدود الوطن الطبيعية الممتدة من طنجة إلى الكويرة، من أية جهة مهما كانت دولة أو عصابة، فتجدهم ينشرون ويردون على مختلف التعاليق بالحجة والدليل على مشروعية وعدالة قضيتنا المقدسة، وعلى زيف وادعاءات الخصوم والمناوئين لنا.
وفي عدد من المناسبات تجد هؤلاء الخصوم الافتراضيين المسخرين من طرف خصومنا الواقعيين لا يستطيعون الاستمرار في المواجهة مع شباب مغربي تسلح بمقدساته، وهو ما يعري عورة هؤلاء المرتزقة بصكوك تقرير المصائر، لغايات الاغتناء وتلهية الشعوب عن قضاياها الحقيقية والطبيعية.
ويبدو أن الحروب القادمة لن تشم منها رائحة بارود أو دم، ولكنها ستكون، وهذا ما أثبتته الدراسات الحديثة، في بحور الشبكة العنكبوتية، ليكون الأقوى فيها هو القادر على التمكن من خيوط هذا العالم الافتراضي، وجعله في متناول شعبه بالشكل الذي يصبح فيه استعمال الإنترنيت مجالا للابتكار والتربية على مقومات الوطن والتعريف بها والذود عليها، لا أن يكون مجرد أداة للترفيه وتمضية وقت الفراغ.
ولعل النصيحة التي قدمها المرشح للرئاسة المصرية "أبو الفتوح" إلى المسؤولين المغاربة -وإن كنا لا نتفق معه بشكل كبير على الأقل من حيث جعل النصيحة هنا مبررا- حول ضرورة التكثير من تحميل خرائط المغرب على الإنترنيت، بعدما سقط العاملون في حملته الانتخابية في خطإ فادح وحمّلوا خريطة للمغرب غير مكتملة، لعلها (النصيحة) تحمل العديد من الدلالات، بحيث يعتبر الاستعمال المكثف لهذه الشبكة سواء من خلال تحميل الأشرطة والصور والخرائط، من طرف الشعوب، شكلا آخر من أشكال، ليس فقط التعريف ببلدان هذه الشعوب وعادات هؤلاء وتقاليدهم ومقدساتهم، ولكن أيضا وهذا هو الأهم، جبهة لحرب الدفاع عن كل ذلك؛ وإنها لدعوة ملحة أيضا إلى الفاعلين في مجال الاتصال ببلادنا لتكريس وتسريع وثيرة نشر استعمال الإنترنيت على أكبر مستوى، وتسهيل الولوج إليه من قبل المواطنين، فليس المهم أن يبلغ عدد الهواتف النقالة بالمغرب أكثر من عدد السكان، كما أعلن مسؤولو الوكالة الوطنية لتقنين وسائل الاتصال (ANRT)، مؤخرا فقط، مادام أن استعمال غالبية هذه الهواتف النقالة لا يمتد أثره، لظروف مختلفة، إلى ما وراء الحدود الوطنية، ولكن الأهم هو انتشار استعمال الإنتريت وتربية الناشئة على كيفية استعماله، وهي دعوة أيضا للأسرة والمدرسة للقيام بذاك الدور التربوي الذي يضمن الانفتاح على الآخر والحفاظ على الثوابت؛ فكلنا جنود للذود عن الوطن ومقدساته.
نورالدين اليزيد
عمود "نافذة" منشور بموقع مسارات على الرابط:
      
  

الجمعة، مايو 18، 2012

صاحبة "العيون السود" و"في يوم وليلة"..وردة..تقطفها المنية هذا اليوم


توفيت مساء اليوم الخميس أميرة الطرب العربي الفنانة وردة الجزائرية إثر سكتة قلبية مفاجئة ألمت بها أثناء نومها في منزلها بالقاهرة، عن عمر ناهز 72 سنة.
وأكد التلفزيون الرسمي الجزائري خبر وفاة الفقيدة، في بيتها بالقاهرة، مودعة الحياة بعد مسيرة فنية حافلة بالروائع الغنائية.
وكانت وردة فتوح، وهو الاسم الحقيقي لهذه الفنانة المتميّزة، قد ولدت في فرنسا عام 1939 من أب جزائري وأم لبنانية تنتسب لعائلة بيروتية تحديدا٬ وقد دخلت عالم الغناء في فرنسا مقدّمة أغاني الفنانين المعروفين في ذلك الوقت، مثل أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، قبل أن تعود مع والدتها إلى لبنان وتشرع في تقديم مجموعة من الأغاني الخاصة بها.
وقال الإعلامي المصري وجدي الحكيم إنه تم التنسيق مع السفير الجزائري في القاهرة وابنها رياض في الجزائر على أن تبدأ مراسم الجنازة بعد صلاة الجمعة من مسجد صلاح الدين في حي المنيل بالقاهرة، حيث تؤدى الصلاة عليها ثم يتوجه الجثمان إلى مطار القاهرة في طريقه إلى الجزائر لتدفن هناك.
الراحلة حلّت بمصر سنة 1960 بدعوة تلقتها من المنتج والمخرج حلمي رفلة، وكانت لها أولى بطولاتها السينمائية في فيلم "ألمظ وعبده الحامولي" الذي كان فاتحة إقامتها المؤقتة بالقاهرة.
بحلول العام 1972 عادت وردة الجزائريّة إلى مصر، وتزوجت من الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية ناجحة استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979. فكان ميلادها الفني الحقيقي في أغنية "أوقاتي بتحلو" التي أدتها ذات العام في حفل فني مباشر، وهي من ألحان الموسيقار سيد مكاوي٬ في حين كانت أم كلثوم تنوي تقديم هذه الأغنية لكنها ماتت قبل أن تؤديها.
كما تعاونت وردة الجزائرية مع الملحن محمد عبد الوهاب٬ وقدمت مع الملحن صلاح الشرنوبي العمل الشهير "بتونس بيك"٬ وشاركت في العديد من الأفلام مع عدد من رواد الزمن الجميل في السينما العربية.. ومن الأغاني الخالدة لوردة الجزائرية "بلاش تفارق" و "في يوم وليلة" و "أكذب عليك" و"اسمعوني" و "روحي وروحك حبايب" و "شعوري ناحيتك" و"بتونس بيك" و"لولا الملامة" و"العيون السود".
وسادت حالة من الحزن العميق إثر إعلان وفاة أميرة الطرب العربي بين محبيها سواء الجزائريين أو العرب، وظل خبر وفاتها مثار جدل منذ أيام، حيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاتها، غير أن مصادر من عائلتها بالجزائر نفت الأمر ووصفته بـ"الشائعة".
وكان آخر عمل بارز لدى جمهور وردة بالجزائر تأديتها أغنية "مازال واقفين"، وهي أغنية دعائية تم بثها على نطاق واسع قبيل الانتخابات البرلمانية.
وقبل ذلك، أعلن نجل الفقيدة وردة أنها تستعد لتسجيل "فيديو كليب" جديد في الجزائر، سيكون مفاجأة لجمهورها في جميع أنحاء الوطن العرب بكل المقاييس.
وكالات-أطلس أنفو