السبت، نوفمبر 24، 2012

عيد العرش وتجديد النخب

نورالدين اليزيد 

ليس من باب الصدفة أن يتطلع الشباب المغربي، كل سنة، إلى الاحتفاء بذكرى عيد العرش المجيد وانتظار ما سيحمله الخطاب الملكي من إشارات تخص هذه الفئة من مجتمعنا، بحيث أضحت الذكرى واحدة من المواعيد التي مافتئت فيها السلطات العليا بالبلاد تؤكد على ضرورة إدماج الشاب المغربي في الحياة العامة وتسليمه مشعل المسؤولية.
وإذا كانت مختلف المناسبات الوطنية التي يلقي فيها ملك البلاد خطابا إلى الأمة اعتُبرت موعدا تاريخيا للشعب المغربي مع ملوكه العلويين، لمَا مثلته بالإضافة إلى تجديد البيعة والولاء، من إعلانٍ عن مشاريع تنموية تهم كافة شرائح المجتمع، فإن ذكرى عيد العرش على عهد جلالة الملك محمد السادس، باتت واحدة من أكثر المواعيد التي يترقبها الشباب المغربي بشغف وشوق، بالنظر إلى كونها أصبحت تحمل معها البشرى تلو الأخرى فيما يتعلق بحياة شبابنا، وهو الرهان الذي ما لم تقدر مختلف الحكومات المتعاقبة على كسبه. بل إن انتظارات هؤلاء الشباب الذين يبدو أنهم في خصام مؤقت مع السياسيين بسبب احتكار هؤلاء لمختلف المسؤوليات والمناصب، ورفضهم تجديد النخب، أصبحت كبيرة لاسيما بعد المعطى الجديد الذي حمله الدستور الجديد والذي دعا إلى إنشاء هيئة دستورية خاصة بفئة الشباب والعمل الجمعوي.              
وفي خطابه السامي بمناسبة مرور 13 سنة على اعتلائه العرش أبَى جلالة الملك، من جديد، إلا أن يرسل إشارات قوية إلى من يهمهم الأمر، من أجل تفعيل مقتضيات الدستور وإدماج الشباب في مختلف مناحي الحياة. بل إن جلالته ربط مسألة كسب رهان إنجاح تنزيل الدستور الجديد وتفعيله على أرض الواقع، بالإضافة إلى أمور أخرى، بضرورة "فسح المجال لتجديد النخب٬ والمشاركة الواسعة والمكثفة للنساء والشباب٬ وفتح الآفاق أمام المواطنات والمواطنين المؤهلين٬ المتحلين بروح المسؤولية والنزاهة".
إن مسألة تجديد النخب التي ما فتئت أعلى سلطة بالبلاد تدعو مختلف السياسيين القابضين على كراسيهم بيد من حديد، إلى الأخذ بها والامتثال لطبيعة وسُنة الحياة القاضية بالتداول وتناوب الأدوار والمسؤوليات، تعني في المقام الأول إتاحة الفرصة للنسيج الوطني الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، من أجل تجديد دمائه وتبديل الدماء القديمة بأخرى جديدة حتى لا يصيب، لا سامح الله، تصلبُ الشرايين هذا النسيج/الجسد، وتتعطل بالتالي وظيفته الحركية وقدرته على الاستمرارية والحياة.
ويبدو أن الكثير من السياسيين والمسؤولين الذين يتولون مهام المسؤولية داخل أجهزة مختلف المنظمات الحقوقية والمهنية والسوسيواقتصادية، بحسب ما تنقله وسائل الإعلام بشكل يكاد يكون يوميا، لا يريدون أن يفهموا أن هذا الزمن هو زمن آخر، وأن لا مجال هنا لمزيد من تضييع الوقت، وتعطيل عجلة التقدم والإقلاع التنموي الذي نصبو إليه جميعا.
لكن ورغم كل هذا التردد الذي يبديه البعض من أجل القبول بمبدإ التداول على المسؤولية أو على الأقل تقاسمها مع النخب الأخرى، سواء تعلق الأمر بعنصر المرأة أو بفئة الشباب، إلا أن المرء لا يسعه إلا أن يكون متفائلا، لاسيما عندما ينظر إلى هذا الاهتمام المتواصل الذي تبديه أعلى السلطات في البلاد بفئة الشباب، وإلى هذا التنصيص الدستوري الصريح على تخصيص هيئة خاصة بالشباب والعمل الجمعوي هي "المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي"؛ ولذلك وجب علينا أن نكون فقط، نحن الشباب، في مستوى المسؤولية التي تنتظرنا ونتطلع إليها، فليس هناك مجال للتقاعس أو التخلي عن حماسة لطالما واجهْنا بها كل متشبث بكرسيه. إنه امتحان يتطلب منا أن نكون مسلحين بما يلزم من صبر ومروءة وحب لهذا الوطن لكسب الرهان، ووحده النجاح في القدرة على رفع التحدي واستلام مشعل المسؤولية هو ما يضمن لنا أن نكون عند مستوى من وضعوا فينا ثقتهم، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.              

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق