الثلاثاء، يناير 03، 2012

الملك يعين أول حكومة ملتحية "قزّمت" الحضور النسائي وأقصت تمثيلية الصحراء

أخيرا وبعد مخاض استمر شهرا ونيف استقبل الملك محمد السادس اليوم الثلاثاء بالقصر الملكي بالرباط أعضاء أول "حكومة ملتحية" يقودها أمين عام الحزب الإسلامي الذي ارتضى النضال من أجل "أيديولوجيته" الإسلامية، من داخل المؤسسات بعكس جماعة العدل والإحسان التي فضلت "حروب" الشوارع وسياسة لي أذرع المخزن.

واستقبل الملك في البداية عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة (الوزير الأول في الدساتير القديمة)، الذي كان الملك عينه قبل نحو شهر ومباشرة بعد الإعلان عن نتائج انتخابات 25 نونبر، التي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى متبوعا بحزب الاستقلال، أهم حليف له في الحكومة الجديدة. بعد ذلك تقدم للسلام على الملك محمد السادس باقي أعضاء الحكومة المكونة من إتلاف رباعي ضم إلى جانب العدالة والتنمية، كلا من حزب الاستقلال، وحزب الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية.

وجاءت تشكيلة الحكومة التي أدت القسم أمام ملك البلاد على الشكل التالي؛ عبد الإله بنكيران: رئيس الحكومة، عبد الله بها: وزير الدولة، محند العنصر: وزير الداخلية، سعد الدين العثماني: وزير الشؤون الخارجية والتعاون، مصطفى الرميد: وزير العدل والحريات، أحمد التوفيق: وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إدريس الضحاك: الأمين العام للحكومة، نزار بركة: وزير الاقتصاد والمالية، نبيل بنعبد الله: وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، عزيز أخنوش: وزير الفلاحة والصيد البحري، محمد الوفا: وزير التربية الوطنية، لحسن الداودي: وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، محمد أوزين: وزير الشباب والرياضة، عزيز رباح: وزير التجهيز والنقل، الحسين الوردي: وزير الصحة، مصطفى الخلفي: وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، فؤاد الدويري: وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عبد الواحد سهيل: وزير التشغيل والتكوين المهني، عبد القادر اعمارة: وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، لحسن حداد: وزير السياحة، بسيمة الحقاوي: وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، محمد الأمين الصبيحي: وزير الثقافة، عبد الصمد قيوح: وزير الصناعة التقليدية، الحبيب الشوباني: الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، عبد اللطيف لوديي: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف معزوز: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج، الشرقي الضريس: الوزير امنتدب لدى وزير الداخلية، يوسف العمراني: الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، محمد نجيب بوليف: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، عبد العظيم الكروج: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، وإدريس الأزمي الإدريسي: الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية।

ما يعاب على الحكومة الجديدة التي جاءت بعد "ربيع عربي" طالب بعديد من المطالب كالديمقراطية ومحاربة الفساد والمساواة بين الجنسين، وهو ما سارع دستور فاتح يوليو إلى التفاعل معه وتخصيص فصل يحمل أكثر من مدلول هو الفصل 9، الذي دعا إلى احترام مبدإ المساواة، ما يعني أنها ضمانة دستورية، (ما يعاب) هو أن تمثيلية النساء كانت خجولة جدا، ولم ترق إلى ما كان النسيج النسائي يصبو إليه، بحيث اكتفت حكومة بنكيران، التي تضم حزب التقدم والاشتراكية أحد أبرز الداعين إلى المساواة بين الجنسين، بمنح حقيبة وحيدة وواحدة لإمرأة تنتمي إلى حزب المصباح، وهي بسيمة الحقاوي التي ستدير وزارة المرأة والأسرة والتضامن الاجتماعي. إنها "خيبة" أمل ستكون أولى الأوراق التي سيستغلها بدون شك الرافضون لتوجهات الحزب الإسلامي الذي يقود الحكومة، والذي ستكون له أيضا تداعيات ليس فقط على المستوى الوطني، ولكن حتى على صعيد علاقات المغرب مع دول ومكونات المنتظم الدولي، الذين لا يخفون توجسهم من تولي الإسلاميين مقاليد الحكم بالمغرب.

ثاني أبرز ميزة ميزت حكومة بنكيران هو "إقصاء" تمثيلية الصحراء في الحكومة الجديدة، بحيث يبدو أن القصر "لم يقتنع" بالعنصرين اللذين تضمنتهما لائحة بنكيران؛ وهما ولد الرشيد من حزب الاستقلال، وكجمولة بنت أبي عن التقدم والإشتراكية.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن الإسمين الصحراويين اللذين تم اقتراحهما هما ضمن "لائحة سوداء" لن تخول لهما تبوء مناصب سامية؛ وفي حين تؤكد المعطيات أن ولد الرشيد بات من الذين لا يلقون ترحيبا حتى من لدن أبناء الصحراء نظرا إلى "تسلط" آل الرشيد على أهالي الصحراء، فإن المصادر ذاتها تشير إلى أن محيط القصر يحتفظ بتحفظه على كجمولة، الانفصالية السابقة، التي وقفت مواقف "يشوبها الغموض" خاصة إزاء قضية الانفصالية أميناتو حيضر التي أحرجت المغرب كثيرا أمام المنتظم الدولي.

إلا أن هذا المعطى (عدم الأهلية-إن تم التسليم بذلك-) لم يكن ليحول دون تدخل القصر بطرقه المختلفة، من أجل البحث عن بروفايل صحراوي يتم إدماجه بالحكومة الحالية، حتى ولو تطلب الأمر السير على غرار ما تم فعله مع وزير الفلاحة التجمعي، عبد العزيز أخنوش، الذي طُلب منه تقديم الاستقالة من حزب التجمع الوطني للأحرار، عشية انضمامه إلى "الحكومة الملتحية" تحت عباءة "المستقل". فهل غياب تمثيلية الصحراويين سيكون له انعكاسه في مستقبل الأيام، الذي ينتظر تنزيل الدستور الجديد، وقبله تنزيل الجهوية المتقدمة التي تمنح أقاليم الصحراء حكما ذاتيا في هذا الإطار؟


نورالدين اليزيد


هناك تعليق واحد: