الأحد، مارس 13، 2011

سحاقيات المغرب "يناضلن" من أجل اعتراف المجتمع بخصوصيتهن

لا يجدن حرجا، في مواقع الإنترنيت، للتعبير عن خصوصيتهن وعن حقهن في الحياة الآمنة، نظرا لأنهن لم يشأن أن يكن سحاقيات أو مثليات، بل سُنة الكون هي من شاءت ذلك، ولذلك فإن المِثلية يجب أن تحظى بحقها في الحياة وفي الاختيار، كما يقلن، وكما يردن أن يناضلن في إطارهن الجمعوي، الذي يضم العديد من "الأسماء الاعتبارية" التي لا تريد الكشف عن هويتها

"يتخذن من منتديات "الشات" وسيلة للتعارف والدفاع عن وضعهن"

(أنا لست سحاقية..منذ وقت بعيد كنت لا أطيق أن أسمع تلك الكلمة.. ذات الوقع الثقيل السيء على أذني.. سحاق.. سحاقية... ومنذ وقت قريب عرفت معنى الكلمة.. و أدركت أني لست سحاقية.. وكلمة "سحاق" هي الفعل الذي قد تقوم به أنثى مع أخرى من سحق أو حك أجسادهما معا.. ويبدو أن أصحاب هذا الوصف قد دفعتهم مخيلتهم لتخيل الوضع أو العلاقة الحميمية كيف تكون بين امرأتين، فانتهى خيالهم إلى أن الوصف يعني أن النساء يقمن بسحق أو حك صدورهن...وهناك كلمة إغريقة تحمل نفس معنى "سحاق" أو هي الترجمة الحرفية لسحاق ولكنها غير مستخدمة الآن..أما أنا فلا أعمل كذلك...إذن فإني لست سحاقية، وأرى أن من الغباء اختصار علاقة حب و مودة بين امرأتين ووصفه بأنه سحاق..حك الأجساد من أجل لذة كهاته يمكن أن تقوم به أي واحدة، وأي أحد لا يعرف شيئا... ولكنه يريد أن يجرب..كلمة سحاق لا تعبر عن أي توجه جنسي أو حسي..إذن فالكلمة لا تعبر عن المِثليات..مِثلي.)

بهذه الكلمات التي نشرتها كإحدى خواطر مدونتها الشخصية، تحاول "إنسانة" جاهدة تفنيد معنى "سحاق" و"سحاقية" من كونهما يدلان على المثليات من بنات حواء، دون أن تعطينا الشرح الضافي والشافي لهذه الكلمة، والاكتفاء فقط، بمفهوم المخالفة، بالقول أن "كلمة سحاق لا تعبر عن أي توجه جنسي أو حسي"، ما يُفهم من سياقه بأن كلمة "المثلية" هي من تعبر عن ذلك..بحسبها.

"إنسانة" كما اختارت أن تطلق على شخصها، في هذا العالم الافتراضي، وجدت أخيرا هذا المتنفس للتعبير عن أحاسيس ظلت لسنوات حبيسة دواخلها..ولتنتقد كل ما يُكتب من "قذف" و"ذم" في حق من اخترن نفس جنسهن للتأسيس لعلاقات عاطفية...بل وبفضل هذه النافذة والنوافذ الإليكترونية، استطاعت أن تخلق علاقات متعددة، قبل أن تعثر "على توأم روحها" كذلك، بعد التقائها بإحدى الفتيات التي اكتشفت هي الأخرى فقط مؤخرا أنها تميل إلى مثيلاتها من الجنس..فأسستا علاقة ما تزال مستمرة إلى اليوم، بعد أزيد من سنة على لقائهما الأول، الذي "كان رائعا بكل المقاييس..".

في ثنايا مقالاتها، أو خواطرها، التي تحرص على أن تكون بمثابة يوميات "تُوثق" لحياتها الخاصة، تأبى "إنسانة" إلا أن تحطم حاجز الصمت، هذا الذي يطوقها به الآخرون، تحت يافطة كبيرة اسمها "التقاليد"..إنه "الطابو" الذي يضاف إلى كثير من الطابوهات التي ابتليت بها بلادنا هذه الأيام، وكل البلاد العربية، والتي تجعل كل فتاة تريد أن تعبر عن خصوصيتها، والكلام لـ"إنسانة"، "تكون عرضة لوابل من الكلام الجارح، والقذف غير المبرر، بينما كل إنسانة مثلي..هي إنسانة يجب أن تحظى باحترام الآخرين مادامت تبادلهم نفس الاحترام، فطبيعتها جعلتها تحب نفس جنسها..وميولاتها المِثلية لا تنقص من أنوثتها، بل ومن واجباتها كزوجة إن هي تزوجت يوما من رجل"،"حقيقة ليس كل المثليات يحبن الجنسين معا..فهناك صنف ممن تهوى لعبَ دور الذكر، في العملية الجنسية، من لا تحب الذكر إلى درجة الكره..لكن هذا اختيار على كل حال ويجب احترامه.."

تبدو "إنسانة" واثقة مما تخطه في مدونتها الشخصية، وترفض رفضا قاطعا إلى حد الاستماتة في الدفاع عن رأيها، القول بأن الإنسان المثلي مريض نفسيا، أو أنه معتوه أو معتوهة..بل العته هو في هذا المجتمع، "الذي يعجز عن التواصل مع كل فئات شعبه، في ظل غياب سافر لقانون حريات يضمن الحق في الاختلاف".

مسؤولات..مِثليات

الواقع أن لجوء منجز هذا التحقيق إلى الشبكة العنكبوتية للخوض في عالم المثليات بالمغرب، جاء بعدما كشفت له إحدى الزميلات عن عنوان إحدى المدونات المثليات، التي اعتبرتها "صديقة حميمة"، وبعدما نبهته إلى أن "لا يذهب تفكيره بعيدا، وأن يشك فيها (الزميلة) بأنها مِثلية" كذلك..الزميلة ذاتها كشفت له عن "صدمتها" ذات يوم، عندما تعرفت على مسؤولة إعلامية كبيرة معروفة في التلفزيون، وتبادلت وإياها حديثا هاتفيا، من أجل إعداد مادة صحفية، شيء لها أن تبدأ على الخط الهاتفي وتنتهي بمكتب المسؤولة، ثم ليتجدد اللقاء، بعد إلحاح المسؤولة على الصحافية الزميلة بشرب قهوة، وهو ما لبّته..لتكشف المفاجأة؛ حيث اتضح للصحافية بما لا يدع مجالا للشك بأن المسؤولة مثلية، وهو ما لوحظ من خلال اختيار زاوية المقهى أولا ذات الضوء الخافت، الكائن بحي الرياض بالعاصمة الرباط، وثانيا استغلال القرب بينهما على الأريكة الوثيرة، ثم ثالثا، من خلال تكرار لمس المسؤولة ليدي الصحافية بشكل مثير، وهي تتحدث إليها في ما يشبه، حديث الرجل إلى أنثى عندما يخوض وإياها في أحاديث تهم العلاقات والماضي وما إلى ذلك..مما جعل الصحافية، التي تجاوزت العشرين ربيعا من عمرها تستأذن في الانصراف..بعدما أقنعتها بأن "اللقاء معها ممتع، وبأنها ستكون سعيدة إذا تجدد مرة أخرى"، وهو ما ردت عليه المسؤولة، التي هي على مشارف عقدها الخامس، بحماس زائد مخبرة الصحافية، بأن اللقاء القادم سيكون عندها في شُقتها.."إن شاء الله"، قالت الصحافية، وخرج الاثنتان من المقهى، وامتطيتا سيارة المسؤولة، قبل أن تفترقا في حي أكدال، وتطبع المسؤولة قُبلة على فيه الصحافية، التي بدت مذعورة خاصة أنها كان سبق لها أن فاتحتها في موضوع طلبها الذي قدمته إلى المؤسسة التلفزيونية التي تعمل بها المسؤولة منذ مدة، من أجل التوظيف، إلا أن لا جواب جاءها على الطلب، ووعدتها خيرا بعدما تجدد طلبها وتعطيه إياها تودعه هي شخصيا لدى الجهات المعنية..

ليست هي المرة الأولى التي ألتقي فيها بمِثلية، تقول زميلتي، "بل سبق لي التعرف على أخريين في المعهد العالي للإعلام والاتصال، واللتين كانتا على علاقة عاطفية، كانت حديث كل الفتيات، والعديد من الذكور، لأنهما لم تكونا تخفيان ذلك، ولا تُحسان بمركب نقص بسبب اختيارهن لتلك العلاقة "الشاذة"، على الأقل من وجهة نظر جانب من المجتمع.."كما تعرفتُ على العديد من المثليات، عن طريق (الشّات)، تقول الزميلة، وتبادلت وإياهن أحاديث طويلة ذات شجون، عبرن فيها لي عن أسباب اختيارهن ودوافع ميولاتهن الجنسية، وكن في الغالب يرفضن وصفهن بالشذوذ أو المرض"، "ألا تعرف أيها الصديق، أن المثليات ببلادنا أنشأن جمعية في السنة الماضية؟" سألتني زميلتي، وكأنها تريد إفهامي أن الموضوع اتخذ أبعادا تجاوزت المغامرات وراء أسماء مستعارة من خلف حجاب العالم الافتراضي، إلى واقع مجتمعنا هذا الذي ما يزال فيه قسم مهم يحرم حتى الحديث عن هكذا مواضيع، فبالأحرى تمتيع هؤلاء الناس بما يسمونه هم أو هن بـ"الحق" في الاختيار..وأي اختيار..شريك الجنس.

"منّا وفينا".جمعية السحاقيات المغربيات

كانت زميلتي تقصد جمعية "مَنَّا وْفينا" للمثليات المغربيات، التي أثار تأسيسها في السنة الماضية الكثير من القيل والقال، وأسالت حبرا كثيرا، وأججت نقاشا مجتمعيا لا يكاد يختفي حتى يظهر من جديد، وعلت كالعادة الأصوات الرافضة لـ"هذه الزمرة من السلاكط والسلكوطات"، كما لا يتردد كبار سياسيي الإسلاميين في نعتهم بذلك، متهمين الجرائد والمجلات التي تفتح لهم صفحاتها، بأنهم "يشجعون على الرذيلة والانحلال"، ومحذرين من أوخم العواقب على مجتمع المحافظ بثقافته ودينه.

الجمعية، كما جاء على لسان، سمير بركاشي، رئيس جمعية "كيف كيف" للمثليين المغاربة في حوار مع أسبوعية "الأيام"، تشكل الذراع النسوي لجمعيته، وتشتغل داخل إطار الجمعية الأم "كيف كيف"، وهي جمعية ليست مستقلة تماما عن الخط العام الذي تسير عليه هذه الجمعية الأم التي تضم مجموعة من المواطنين المغاربة من المثليين والمثليات، يقول بركاشي، ثنائيي ومتحولي الهوية الجنسية المغاربة".

وتكاد تكون تصريحات زميلتي التي التقت مع المسؤولة "المثلية" تجد لها بعض أوجه التشابه مع ما كشف ويكشف عنه رئيس جمعية "كيف كيف"، المقيم باسبانيا، في كل "خرجاته" الإعلامية، من أن المثليات المغربيات اللائي تقفن وراء تأسيس "منا فينا"، يحتلن مراتب اجتماعية مهمة وراقية بمجتمعنا، ومنهن "أسماء نسائية كبيرة" في ميادين ومجالات مختلفة، وحفاظا على صورهن وأوضاعهن الاعتبارية داخل مجتمع محافظ، لا يردن الظهور حتى بـ"التلميح"، و"إن كن في منتدياتهن الخاصة جدا يعشن حياتهن بكيفية طبيعية". بركاشي يقدر عدد اللائي اتخذن مبادرة التأسيس الجمعوي، غير المعترف به رسميا بطبيعة الحال بالمغرب، بأزيد من 100 مثلية عضو بالجمعية، منهن أستاذات جامعيات وفاعلات جمعويات ومناضلات حقوقيات وناشطات إسلاميات، حسب شهادة بركاشي، وأسماء وازنة في الساحة المغربية، "يتحركن في واجهة الدفاع عن المرأة لكنهن لا يستطعن الدفاع عن ميولاتهن الجنسية، ولا يستطعن الدفاع عن المثليات المغربيات من النساء لأن ذلك قد يعصف بهن وبوضعهن المهني والاعتباري في مجتمع محافظ لا يؤمن بالاختلاف في الهوية الجنسية وحاجات المثليات والمثليين".

عالم..آخذ في الاتساع

بالعودة إلى الحديث مع الزميلة، التي استَشفيت بأن لديها الكثير مما تقوله عن موضوع المثليات حاولت استقراء رأيها في دواعي وخلفيات اختيار الأنثى لهذا التوجه الجنسي؛ فانبرت تشرح بانسياب مستفيض..إنه حب الاكتشاف تارة، وتارة إشباع الرغبة لدى المرأة المتزوجة التي لا يُشبعها زوجها لذة الممارسة الجنسية التامة، لكن في مرات عدة يكون حب الفتاة إلى مثيلها الجنسي رغبة تكبر معها منذ أن اكتشفت عالم الجنس عند بلوغها..

زميلتي كانت متعاونة معي كثيرا، وأبت إلا أن تدلني على "مفتاح" مرور (مُو دو بّاس) إلى عوالم المثليات، عندما كشفت لي "غرفة" بمنتدى "شات" عمومي، ونصحتني بأن أنشئ حسابا باسم أنثى مستعار، وألصق صورة توحي بالمثلية.. ليس بالضرورة أن تكون صورة فتاتين تُقبلان بعضهما البعض أو شيئا مثل ذلك، ولكن فقط أن توحي الصورة بذلك، كأن أستخرج من "غوغل" صورة تبرز ساقين نسائيين وسط ساقين أخريين، أي متشابكين، أو ما شابه ذلك..لأن إلصاق صورة مثيرة على "البروفايل"، لا تعطي مصداقية لصاحبته وتجعل الأخريات يوحى لهن كأن الزائرة إنما هي "متلصصة" على عالمهن، تقول زميلتي..التي نصحتني أيضا بأن أتحدث مع المخاطَبات كأنني أفعل ذلك من مقهى للإنترنيت، وليس من حاسوب شخصي، لئلا يطلبن مني الكشف عن وجهي أو صوتي، عبر "الويب كام والمايك"، على الأقل لأنه يمكن التذرع بأن جهاز حاسوب نادي الإنترنيت لا يتوفر على ذلك، وكذلك فعلْت بعد سويعة من افتراقي مع الزميلة..

بسرعة الباحث عن شيء مفقود فتحت حاسوبي الشخصي بعدما انزويت في إحدى المقاهي المتوفرة على خدمة "ويفي" وسط العاصمة..ولجت "الحاج غوغل" أولا لاختيار الصورة ذات المواصفات التي أرشدتني زميلتي بها، ثم بعد ذلك، وبنقرة واحدة ثم ثانية..كنت أخوض في أكثر من حوار مع من يُفترض أنهن مثليات..بدأت في حوار مع الأولى والثانية ثم الثالثة..التي وقع عليها اختياري بعدما كشفَت لي أنها في الثلاثينات من عمرها، وتعمل أستاذة جامعية..واسمها "حسناء"..بمجرد ما بدأنا الدردشة وقدمتُ لها نفسي على أنني فتاة موظفة في وزارة الصحة، في السابعة والعشرين من عمري، مخطوبة لزميل، وفي الصيف المقبل سأُزف إليه لكنني حتى طلبتْ مني صورة شخصية، فأقنعتُها في الحال بأن ذلك سيكون بعد تعرفنا أكثر، قبل أن تبادر هي بأنها مستعدة لإرسال صورتها الشخصية حالا، وهو ما فعلته بعد هنيهة قصيرة...أكدتُ لها توصلي بالصورة، وأبديت لها إعجابا مبالغ فيه..ورغبة في ربط علاقة معها..أجابتني بأنها ستكون سعيدة بذلك، وطالبتني برقم هاتفي، وهو ما كنت أنتظره، لذلك أعطيتها رقم خطي الهاتفي الثاني، الذي لا أستعمله إلا نادرا، وطلبت منها أن لا تهاتفني في الحال بمبرر أن جهاز الهاتف معطوب ويوجد عند تقني للإصلاح، وقبل أن أدعها تشك في موقفي، بادرت إلى "إغرائها" بأني سأربط بها الاتصال ليلا ونتحدث طويلا "أو على راحتنا" مادمنا نحن الاثنتين نتوفر على خدمات نفس فاعل الاتصالات، وبإمكاننا استعمال خدمة تسمح لنا بالتخاطب طويلا وبسعر معقول..وقبل ذلك وعدتها أيضا بأني سأرسل لها صورة بل صورا شخصية لي حال ما أدخل غدا إلى مكتبي لأن كافة الصور التي أملك أحفظهم بحاسوب مكتبي.. تقبّلت العرض وبدت سعيدة، قبل أن تبدأ بسؤالي عما إذا بإمكاني تقديم شخصي إليها، الطول ولون البشرة..وغير ذلك..ففعلتُ..كذِبا. وسُررت لأنها بادرت هي بالسؤال..حيث مكنني ذلك من أن تجيبني عن كثير من الأسئلة، التي كانت تراودني، دون أن أطرحها..ومن ذلك كيف بدأتْ حياتها الجنسية المثلية، ومع من، ومتى، ولماذا؟ وغيرها من الأسئلة التي كنت ما أحوجني إلى سماع أجوبة عنها..كانت صريحة أكثر مما توقعت..وأخبرتني بأنها تحس بميولاتها إلى مثيلاتها من الجنس منذ صغرها، واشتد هذا الميول عندما بلغت سن المراهقة..ثم اشتد أكثر عندما تعرفت على إحدى الصديقات وزميلات الدراسة في الثانوية، التي بادلتها "الحب الحقيقي"، تقول، لكنها سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما أُجبرت على الزواج من ابن عمها الذي يعمل هنالك..بعد ذلك.."خُضت في علاقات عابرة دون أن أعثر على ذاك الحب الحقيقي.."، "صعب علينا أن نعيش حياتنا كما نشاء..فماذا نفعل؟"، تساءلت ..بعدما كتبت كلمات تدل على ما يفيد حسرتها وأملها من واقع مفروض عليهن..شِئن أو أَبين..

أحسستُ أن "حسناء" لا تفكر في الزواج يوما، وبأن أملها الحالي يتجسد في العثور على "إنسانة تبادلها الحب نفسه". كما عبرت لي عن مدى تذمرها من "تنكر" المجتمع لهن، وعدم احترام ميولاتهن، بعكس الدول المتحضرة وخاصة منها الأوروبية، التي سمحت لها زيارة عدد منها، خلال العطل السنوية، بالتعرف على صديقات بكل سهولة، من خلال زيارة مقاه ونواد خاصة معروفة يرتدْنها..

زوجة مسؤول..سحاقية

حاولت أن أختم الحوار العاطفي، هذا الذي وجدتني متورطا فيه ومتقمصا دور فتاة، وأية فتاة..مِثلية..كم كانت تجربة فريدة ودورا غير يسير، لاسيما عندما يتعلق الأمر بسبر عالم لا تسمح كل القواعد المجتمعية بالاقتراب منه..رغم أنها عالم يستحق أكثر الخوض فيه وكشف كنهه بالنظر إلى تزايد عدد المنتمين والمنتميات إليه، إلى درجة بات لهن صوت جمعوي جهوري.. لكنه عالم يصبح أكثر عُرضة لـ"الهجوم"، ليس فقط من طرف فقهاء الدين وبعض الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، ولكن حتى من طرف الجنس الآخر، لا سميا المتزوجين منهم، الذين منهم من اكتشف أن زوجته تخونه مع مثليات جنسيا، بحسب الشهادات التي تمكنا من استقائها..حيث روت إحداهن أنها مرتبطة بزوجة أحد المسؤولين بإحدى الوزارات.. والتي رغم أنها متزوجة منه لأزيد من عشرين سنة، ولها منه ابنان مراهقان، إلا أنها تفضل معاشرة منتمية إلى جنسها لأنها تحس بأنوثتها أكثر معها، على عكس مضاجعة زوجها لها، والتي يغلب عليها دائما طابع التسرع والقذف السريع، وهو ما يضايقها أكثر، ويحرمها، إلا نادرا، من "رعشتها" تلك التي تبحث عنها الراغبة في لذة الحب وليس فقط لذة الرغبة العابرة..مع الجنس المثلي، تقول، "حسناء" يمكن للإنسانة أن تُحلق في فضاء عالم غير منتهي من اللذة والسعادة..وأن تنأى بنفسها عن أفعال "الأمر والنهي"في الفراش، التي يتخذها غالبية أزواج مجتمعنا قاعدة لحياتهم الزوجية الحميمية.. وبدل ذلك فإن الفتاة والمرأة تصبح فاعلا ومفعولا، تُعطي وتُعطَى اللذة والإحساس بالأمان، بعيدا عن الأنانية..وبعيدا عن فعل"الاغتصاب" الذي تتعرض لها الآلاف من النساء كل ليلة تحت مبرر "الزوجة" التي تحافظ على أسرتها، أو وراء يافطة "حشومة" التي تخفي وراءها جرائم، لا تعد ولا تحصى..تقول هؤلاء اللواتي، استطعنا إلى عالمهن سبيلا.

"عزيزتي..

نحن مسلمون طبعا، لكن ليس بيدنا أن نكون مِثليات أو لا

هكذا أنا و سأبقى أنا ... مسلمة ومثلية..

"عزيزتي أريد أن أسالك هل أنت مغربية.."؟، قالت "سحاقية"، وهو الاسم المستعار الذي اختارته صاحبة مدونة عنونتها بـ"مذكرات امرأة مِثلية"، موجهة كلامها إلى إحدى زائرات المدونة التي أطلقت عليها اسم "صابرينا"، والتي بدأت في حوار معها على صفحات المدونة بقولها؛ "شكرا لك صديقتي على زيارتك، جوابا على سؤالك أنا جزائرية، أقيم حاليا في فرنسا.. صحيح لم نختر أن نكون مختلفين.. هكذا خلقنا الرحمان الرحيم.. أتدرين قرأت يوما في أحد الصحيحين، وأعتقد حديثا للرسول صلاة الله وسلامه عليه، في حديثه عن علامات يوم القيامة الصغرى..أنه لا تذهب الدنيا حتى يستغني الرجال بالرجال والنساء بالنساء.. فإذا كنا هكذا لحكمته، لماذا هذا الازدراء الذي يرانا به الدين وخاصة رجاله؟"؟. ثم تتدخل ثالثة في الحوار، محاولة هي الأخرى التوصل ما أمكنها ذلك، إلى ما يطمئنهن قليلا، ويقلل من حدة الهجوم الذي يتعرضن له من طرف مجتمعهن؛ "شكرا لك على مدونتك الجريئة..لقد آن الأوان لكي يتوقف الناس عن معاملتنا كمنحرفين، وأن يحترموا أن الله لحكمته خلقنا كما نحن.."، قبل أن تحيلهم على رابط للمثليين والمثليات قائلة؛ "تفضلوا بزيارة موقعنا... وهو موقع مخصص للمثليات العربيات، وكل من يريد أن يبني حوارا إيجابيا مع المثليين والمثليات.. لدينا مقالات ومنتديات وقائمة مدونات مثليين ومثليات..".

موقف الشرع..لا نص..

لقد اتخذت مسألة انتشار منتديات المثليين والمثليات أبعادا باتت أكبر من أن يتم تطويقها بمجرد مناهضة هذا التيار السياسي أو ذاك، أو فقط لأن فقيها في الدين أصدر فتوى بتحريم ذلك، رغم أن العديدين ممن يُقرون بغياب نص ديني صريح يحرم ممارسة الجنس بين أنثيين..هكذا أصبح يفكر مثليو ومثليات المغرب، بل إن منهم من لا يتردد في تقديم مواقف فقهاء كعبد الباري الزمزمي، يؤكدون على أنها مواقف "ضعيفة". والواقع أنهم كانوا يقصدون تصريحات الزمزمي للصحافة، التي أدلى بها عند الكشف عن تأسيس الجناح الأنثوي لجمعية "كيف كيف"، أي "منا فينا"، والتي قال فيها حرفيا؛ "في النصوص الشرعية ليس هناك أي حكم خاص بهذا الصنف من الشذوذ عند النساء، أي ما يسمى بالسحاق، ليس هناك حكم لا في القرآن ولا في السنة النبوية.. ومن باب القياس تقاس على الشذوذ عند الرجال، لأن المؤدى والعلة والغاية واحدة في المسلكين..لأن من طبيعة المرأة وفطرتها أن تميل للرجل، وبالتالي من باب القياس المعتمد في الشريعة الإسلامية يكون مسلكا محرما لأن العلة فيه هي العلة في تحريم الشذوذ بين الرجال". نفس التصريحات آخذ فيها الزمزمي على مبادرة مثليات "منا فينا" خروجهن إلى العلن والمجاهرة بما يفعلن صحيح أن بعضهن لم يخترن هذه الميولات طواعية، ونحن لا ننكر أن لكل واحد انحرافات، والكلام للزمزمي، يجد نفسه ميالا إليها، نحن نقول كما تقول الحكمة والحديث "من ابتلي منكم فليستتر" نحن لا نلوم هؤلاء، لكن نلومهن على المجاهرة، أما الإنسان في سريته فليفعل ما يشاء وأمره إلى ربه عز وجل".

ولا يتردد البعض في تأويل ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه بأنه "ضوء أخضر"، لكن ظروف المجتمع تجعل القائلين بذلك، لا يعبرون عنه صراحة، ولذلك فإن على المثليين والمثليات وحدهم "النضال من أجل انتزاع حقوقهم وحقوقهن"، ولذلك فإن جمعية "منا فينا" أطلقت جمعية موقعا على شبكة الإنترنيت من أجل الدفاع عن حق المثليات في العيش بحرية. ولأن المبادرة يقف وراءها "مجموعة مثليات وثنائيات ومتحولات الجنس، وأحرار الجنس المغربيات"، فإن الموقع "مكرس لمجتمع المثليات ويقدم أخبارا باللغة العربية، كما يضم دردشة ومنتدى حوار هدفه توفير مجال اتصال ونقاش آمن، وحر ومفتوح بين المثليات المغربيات"، في سبيل إحقاق حق يرونه مهضوما من طرف هذا المجتمع.

هؤلاء يجدون الدعم من طرف وطنية، لا تريد الكشف عن هويتها، كما يصرح بذلك الساهرون على إطلاق الإطار الجمعوي لـ"كيف كيف"، نظرا لمكانتها الاعتبارية والاجتماعية وحتى السياسية. كما يَلقون الدعم أيضا حتى منى الجهات الأجنبية، وكلنا يتذكر، في هذا السياق موقف منظمة "هيومان رايت ووتش" الداعي إلى "إلغاء الأحكام الصادرة جرّاء السلوك المثلي"، وكانت تقصد الأحكام الجنائية الصادرة ضد ستة رجال محكومين بالسجن "جراء انتهاج السلوك المثلي" بمدينة القصر الكبير في سنة 2008، مؤكدة على أنه يجب "أن تنحى الأحكام جانبا وأن يتم إطلاق سراح الرجال"، هذا في الوقت الذي لا يتردد كل السياسيين المغاربة، وأولهم الإسلاميون، في رفض المثلية، لفي الوقت الذي يختفي فيه الحقوقيون وراء ستار، ولا يكاد يظهر لهم موقف واضح، اللهم بعض "المواقف" غير الصريحة.

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف31/7/13 07:41

    موقف الشرع باختصار قوله تعالى(قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)" هود وكذلك في آيات سورة الحجر)وقولةتعالى وما هى من الظالمين ببعيد يقصد بها كل من فعل فعل قوم لوط سواء من الرجال او النساء) وفى السنة قولة صلى الله علية وسلم(الدليل الأول : ما ورد في السنة من الأحاديث الآمرة بقتل الفاعل والمفعول به ، ومن ذلك :
    أ – عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول " .
    ب – عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الذي يعمل عمل قوم لوط : " ارجموا الأعلى والأسفل ، ارجموهما جميعًا " .
    ج – عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – : " من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط ، فاقتلوه " .
    د – عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " يرجم من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوط " .
    ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث ظاهر في قتل من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط ، وعدم تفريق النبي – صلى الله عليه وسلم – بين المحصن وغيره .

    ردحذف