الجمعة، أغسطس 05، 2011

الشعراوي قبل وفاته حذر مبارك من نهايته المهينة

هكذا نصح الإمام الشعراوي، قبل رحيله، الرئيس المصري ولكنه لم يأخذ بنصيحتك॥فكانت نهاية الرئيس كما يعلم الجميع؛ تقديمه في قفص الاتهام ممدودا على سريره الطبي أمام القضاة...يعز من يشاء ويذل من يشاء


الثلاثاء، أغسطس 02، 2011

نصالخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة عيد العرش (2011)

" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

شعبي العزيز،

إنه لمن دواعي الاعتزاز أن نحتفل بالذكرى الثانية عشرة لاعتلائنا العرش ، في ظل الدستور الجديد للمملكة، الذي ارتضيناه، ملكا وشعبا، باستفتاء الأمة، تعاقدا متجددا، مرسخا للعهد الوثيق بين العرش والشعب.

ونود، بداية، الإشادة بالمشاركة المكثفة، والانخراط القوي للشعب المغربي كافة، في المدن والبوادي، داخل الوطن وخارجه ؛ أفرادا وجماعات، نساء ورجالا، شبابا وكهولا، أحزابا ونقابات وجمعيات، لجنة استشارية وآلية سياسية، ونخبا فكرية، في إنجاز هذا التحول الكبير ؛ الذي تحقق بإرادة وطنية مستقلة. وهو ما يجعله مبعث اعتزاز لجميع المغاربة، وموضع تقدير دولي للنموذج المغربي المتميز.

كما نود التنويه بما بذلته جميع السلطات العمومية، والتمثيليات الدبلوماسية للمملكة، من جهود دؤوبة، لحسن تنظيم هذا الاستفتاء الدستوري، بما يقتضيه الأمر من التزام بالقانون، ونزاهة وشفافية وحياد.

والآن، وبعد أن قال الشعب كلمته الحاسمة، بالمصادقة على الدستور الجديد، بمضامينه المتقدمة، بما يجعله دستورا لجميع المغاربة، فقد ارتأينا أن يكون خطابنا لك اليوم، منصبا حول المرحلة الموالية للمصادقة عليه. إنها مرحلة تفعيله الأمثل، روحا ومنطوقا، والذي نحن به ملتزمون، وله ضامنون، وعلى حسن تطبيقه ساهرون.

بيد أن أي دستور، مهما بلغ من الكمال ؛ فإنه ليس غاية في حد ذاته، ولا نهاية المطاف؛ وإنما هو أساس متين، لتعاقد سياسي جديد، على المضي قدما، في ترسيخ دولة القانون وحقوق الإنسان، والحكامة الجيدة والتنمية ؛ وذلك بإرساء مؤسسات ناجعة وذات مصداقية.

ومهما كانت فعالية هذه المؤسسات، فستظل صورية، ما لم تنعكس نتائج عملها على الوطن : صيانة لسيادته وأمنه ووحدته، وتنميته وتقدمه ؛ وعلى المواطنين : حرية، ومساواة، وكرامة، وعدالة اجتماعية।

وإذا كنا قد حققنا، شعبي العزيز، طموحنا الوطني الكبير، للدخول في عهد ديمقراطي جديد؛ فإن التحدي الأكبر هو تأهيل وتعبئة كل الفاعلين، ليصبح هذا الدستور واقعا ملموسا، وممارسة يومية، تجسد دمقرطة الدولة والمجتمع معا ؛ وتفتح آفاقا مستقبلية، واعدة بالعيش الحر الكريم، وخاصة لشبابنا وللفئات الشعبية.

ويظل عمادنا لرفع تحديات المرحلة المقبلة، الإيمان القوي بثوابتنا الوطنية، والثقة الكاملة في ذاتنا وقدراتنا، وفي مصداقية مؤسساتنا، ووجاهة اختياراتنا، وفي دينامية مجتمعنا ؛ والعمل الدؤوب، والاستثمار الأمثل لمناخ الثقة، الذي كرسه الإقرار الشعبي الجماعي للدستور.

شعبي العزيز،

إن نهوضنا بأمانتنا الدستورية، في ضمان حسن سير المؤسسات الدستورية ؛ يتجسد، قبل كل شيء، خلال هذه المرحلة الهامة، في حرصنا على حسن إقامتها، في أقرب الآجال، وفق المرتكزات الثلاثة التالية :

+ أولا : الالتزام بسمو الدستور روحا ومنطوقا، كنهج قويم ووحيد لتطبيقه. ومن ثم، نعتبر أن أي ممارسة أو تأويل، مناف لجوهره الديمقراطي يعد خرقا مرفوضا مخالفا لإرادتنا، ملكا وشعبا.

+ ثانيا : إيجاد مناخ سياسي سليم، جدير بما أفرزه هذا الدستور من مغرب جديد، مفعم بروح الثقة والعمل، والإقدام والتعبئة والأمل، والالتزام بتجسيد جوهره المتقدم على أرض الواقع.

+ ثالثا : العمل بروح التوافق الإيجابي، على تفعيل المؤسسات الدستورية، بالاعتماد الجيد للنصوص القانونية، اللازمة والإصلاحات السياسية الهادفة لانبثاق مشهد سياسي ومؤسسي جديد وسليم، جدير بدستورنا المتقدم، وكفيل بعدم إنتاج ما يشوب المشهد الحالي من سلبيات واختلالات.

فكل تباطؤ من شأنه رهن دينامية الثقة، وهدر ما يتيحه الإصلاح الجديد من فرص التنمية، وتوفير العيش الكريم لشعبنا الأبي ؛ فضلا عن كون كل تأخير يتنافى مع الطابع المؤقت للأحكام الانتقالية للدستور.

وعلى هذا الأساس، ندعو كافة الفاعلين المعنيين، إلى اعتماد جدولة زمنية مضبوطة، تمكنهم وسائر المواطنين، من رؤية واضحة، لإقامة المؤسسات الدستورية، في الآماد القصيرة والمتوسطة.

+ فعلى المدى القريب، ينبغي إعطاء الأسبقية لإقرار القوانين الجديدة، المتعلقة بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وفي هذا الصدد، تجدر البداية بانتخاب مجلس النواب الجديد، لنتولى بناء على نتائج الاقتراع الخاص به، وطبقا لأحكام الدستور، تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي سيتصدر نتائج انتخاباته، وليتأتى، بإذن الله، تشكيل حكومة جديدة، منبثقة من أغلبية برلمانية، متضامنة ومنسجمة.

أما بالنسبة لمجلس المستشارين، فإن إقامته رهينة بالمصادقة على القوانين التنظيمية والتشريعية، المتعلقة بالجهوية المتقدمة وبالجماعات الترابية الأخرى وبالغرفة الثانية ؛ وكذا بإجراء الاستحقاقات الانتخابية الخاصة بها ؛ وفق جدولة زمنية محددة، يتم إكمالها بتنصيب مجلس المستشارين، بتركيبته الجديدة، قبل متم سنة 2012 .

وفي هذا الإطار، نحث جميع الفاعلين المعنيين، على العمل البناء لتوفير الظروف الملائمة، لجعل هذا المسار الانتخابي المتعدد والمتوالي يتم في التزام بقيم النزاهة والشفافية، والتحلي بالمسؤولية العالية، وجعل المصالح العليا للوطن والمواطنين فوق كل اعتبار.

وانطلاقا مما رسخه الدستور، من إقامة سلطة قضائية مستقلة، فإنه يتعين العمل، في الأمد المنظور، على إقرار التشريعات المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالمحكمة الدستورية.

+ أما على المدى المتوسط ، فيظل التأهيل التشريعي العام، من أهم الأوراش التي على الحكومة والبرلمان النهوض بها، قبل نهاية الولاية التشريعية المقبلة. وهو ما يقتضي بلورة خارطة طريق مضبوطة، لإعداد واعتماد مختلف القوانين التنظيمية،وإقامة المؤسسات المرتبطة بها، الحقوقية منها والتنموية.

وإذا كان من الطبيعي أن يعترض التطبيق السليم للدستور الجديد، كأي مسار تاريخي، بعض الصعوبات، وأن تقف أمامه بعض المعيقات؛ فإن على الجميع، كل من موقعه، التعبئة الشاملة، والمشاركة المواطنة والملتزمة، في بناء هذا الصرح الدستوري

المتقدم، بروح الثقة والعمل الجماعي ؛ بعيدا عن نزوعات التيئيس والعدمية، والممارسات التضليلية البالية.

شعبي العزيز،

إن استكمال بناء الصرح المؤسساتي والتنموي للدستور الجديد، يظل رهينا بالعمل الجاد، من أجل التأهيل العميق والفعلي للمشهد السياسي، واستثمار مناخ الثقة لإعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل في بلادنا.

وفي هذا الصدد، فإن الأحزاب السياسية، التي كرس الدستور الجديد مكانتها، كفاعل محوري في العملية الديمقراطية، أغلبية ومعارضة، مدعوة لمضاعفة جهودها لتحقيق مصالحة المواطنين، وخاصة الشباب، مع العمل السياسي، بمفهومه الوطني النبيل، سواء في نطاق الأحزاب، التي أناط بها الدستور مهمة المساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين؛ أو بالانخراط في المؤسسات الحكومية، الممارسة للسلطة التنفيذية، أو في المؤسسة البرلمانية، ذات السلطات التشريعية والرقابية الواسعة، أو في هيئات وآليات الديمقراطية المحلية، أو التشاركية، أو المواطنة.

وفي نفس السياق، فإن المنظومة الدستورية الجديدة، تتطلب من الفاعلين السياسيين التنافس الجاد، في بلورة مشاريع مجتمعية متميزة، وتجسيدها في برامج تنموية خلاقة وواقعية؛ وكذا في اختيار النخب المؤهلة لحسن تدبير الشأن العام، وطنيا وجهويا ومحليا.

بيد أن التكريس الدستوري لمبدإ ربط القرار السياسي بنتائج صناديق الاقتراع، يلقي على عاتق المواطنات والمواطنين النهوض بالأمانة الجسيمة، لحسن اختيار ممثليهم. فعلى الجميع أن يستشعروا أن الأحزاب والاختيارات التي يريدها الشعب، والمؤسسات المنبثقة عن إرادته، هي التي ستتولى الحكم نيابة عنه، وتتخذ القرارات المتعلقة بتدبير الشأن العام، طيلة مدة انتدابها، باختيار منه.

كما أن على المنتخبين استحضار أن تلازم المسؤولية بالمحاسبة قد صار قاعدة لها سموها الدستوري، وجزاؤها القانوني، وضوابطها الأخلاقية الملزمة.

وبموازاة ذلك، يجدر تفعيل التكريس الدستوري لكل من دور المجتمع المدني، ووسائل الإعلام والاتصال، في البناء السياسي والحقوقي والتنموي ؛ بما يمكنهما من النهوض بمسؤوليتهما الفاعلة، كقوة اقتراحية، وكرافعة ناجعة، وشريك أساسي في توطيد هذا البناء.

شعبي العزيز،

إن التعاقد الدستوري والسياسي الجديد، بما يكفله من منظومة متكاملة لحقوق الإنسان، وواجبات المواطنة، سيبقى صوريا ما لم يقترن بانبثاق تعاقد اجتماعي واقتصادي تضامني، يجعل كل مواطن ومواطنة يلمس الأثر الإيجابي لهذه الحقوق على معيشه اليومي، وعلى تقدم وطنه.

ومن هنا، فإن تفعيل آليات الدستور الجديد، لا يجوز أن يحجب عنا ضرورة مواصلة جهود التنمية؛ بل يتعين أن يكون، بحكامته الجيدة، رافعة قوية لتسريع وتيرتها، في حفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية والمالية، التي صارت قاعدة دستورية.

كما أن توسيع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، التي جاء بها الدستور الجديد، يقتضي مواصلة رفع التحدي الأكبر، للتصدي للبطالة والفقر، والهشاشة والأمية، وذلك من خلال إطلاق جيل جديد من الإصلاحات العميقة لتيسير أسباب ولوج كل مواطن، لجوهر هذه الحقوق، من تعليم نافع، وعمل منتج، وتغطية صحية، وسكن لائق، وبيئة سليمة، وكذا من تنمية بشرية، ولاسيما من خلال مواصلة التفعيل الأمثل لبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

وبنفس العزم، فإن التعاقد الاقتصادي الجديد، يقتضي الاهتمام بمنظومة الإنتاج الاقتصادي، وإذكاء روح المبادرة الحرة، خاصة من خلال تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، بما ينسجم مع روح الدستور الجديد، الذي يكرس دولة القانون في مجال الأعمال، ومجموعة من الحقوق والهيئات الاقتصادية، الضامنة لحرية المبادرة الخاصة، ولشروط المنافسة الشريفة، وآليات تخليق الحياة العامة، ولضوابط زجر الاحتكار والامتيازات غير المشروعة، واقتصاد الريع، والفساد والرشوة.

شعبي العزيز،

إن القانون الأسمى الجديد للمملكة، بما يكرسه من تشبث بالمرجعيات والقيم الكونية المثلى، ومن سمو للمواثيق الدولية - كما صادقت عليها المملكة - على التشريعات الوطنية، يشكل رافعة قوية لعمل الدبلوماسية الوطنية، في خدمة المصالح العليا والقضايا العادلة للمغرب، وتعزيز إشعاعه الجهوي والدولي.

وإننا لواثقون بأن هذا التطور المؤسسي والتنموي المتميز، بإرسائه لدعائم الجهوية الموسعة، والحكامة الترابية، بكل مناطق المملكة، وفي صدارتها أقاليمنا الجنوبية ؛ سيشكل دعما قويا لمبادرة الحكم الذاتي، كحل سياسي ونهائي للنزاع المفتعل حول صحرائنا، وذلك من خلال تفاوض جاد، مبني على روح التوافق والواقعية، وفي إطار المنظمة الأممية، وبالتعاون مع أمينها العام، ومبعوثه الشخصي.

وإذ نؤكد أن قضية وحدتنا الترابية ستظل أسبقية الأسبقيات، في سياستنا الداخلية والخارجية، فإننا ماضون في الدفاع عن سيادتنا ووحدتنا الترابية، التي لا مجال فيها للمساومة.

وانطلاقا من ثوابت سياستنا الخارجية التي عملنا، منذ اعتلائنا العرش، على ترسيخها، فإننا عازمون على المضي قدما في خدمة المصالح العليا للوطن، وتوطيد روابط انتمائه الإقليمي، وتنمية علاقاته الدولية، مهما كانت الإكراهات الناجمة عن السياقات الدولية المضطربة، والأوضاع الإقليمية الصعبة.

كما أن تعزيز انخراط المغرب في المنظومة الحقوقية الدولية، طبقا لما كرسه الدستور الجديد، من دسترة قواعد الحكامة الجيدة، كفيل بترسيخ مصداقية بلادنا كشريك اقتصادي ذي جاذبية قوية في ميدان الاستثمار؛ عماده في ذلك رصيده الهام في مجال الشراكات والتبادل الحر مع عدة دول ومجموعات، سواء في جوارنا المباشر، أو مع قوى اقتصادية أخرى وازنة.

أما بالنسبة لروابط انتمائنا الإقليمي، فإننا سنظل متشبثين ببناء الاتحاد المغاربي، كخيار استراتيجي ومشروع اندماجي لا محيد عنه؛ مع ما يقتضيه الأمر من تصميم ومثابرة، لتذليل العقبات، التي تعرقل، مع كامل الأسف، تفعيله ضمن مسار سليم ومتجانس.

وفي هذا الصدد، فإن المغرب لن يدخر جهدا لتنمية علاقاته الثنائية مع دول المنطقة؛ مسجلين الوتيرة الإيجابية للقاءات الوزارية والقطاعية الجارية، المتفق عليها مع الجزائر الشقيقة.

وإننا لملتزمون، وفاء لأواصر الأخوة العريقة بين شعبينا الشقيقين، ولتطلعات الأجيال الصاعدة، بإعطاء دينامية جديدة، منفتحة على تسوية كل المشاكل العالقة، من أجل تطبيع كامل للعلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين، بما فيها فتح الحدود البرية؛ بعيدا عن كل جمود أو انغلاق، مناف لأواصر حسن الجوار، وللاندماج المغاربي، وانتظارات المجتمع الدولي، والفضاء الجهوي.

وعلى مستوى انتمائه العربي والإسلامي، فإن المغرب، الذي يتابع بانشغال ما يجري في بعض البلدان العربية الشقيقة من تحولات، يعتبر أنه لا مناص من التعاطي مع قضايانا وتحدياتنا، بروح جريئة واستشرافية، بالحوار التوافقي البناء؛ بعيدا عن كل

أشكال التعامل التقليدي، الذي برهن عن محدوديته وعدم جدواه، وذلك لتطويق المخاطر المهددة لسلامة الدول ووحدتها الترابية.

وإن خدمة المصالح الحيوية للأمة العربية في هذا الاتجاه، ليقتضي، قبل كل شيء، الاعتماد على روح التعاون والتكامل، والشراكة المثلى بين كل مكونات الوطن العربي، وتكتلاته الإقليمية.

وتظل القضية الفلسطينية في صدارة اهتماماتنا، ولاسيما في هذه الظرفية التي تشهد انبثاق آمال عريضة، أفرزتها المواقف الإيجابية لبعض الأطراف الدولية الكبرى، والآثار المنشودة من المصالحة الفلسطينية.

وبصفتنا رئيسا للجنة القدس، فإننا نوجه نداء للرباعية الدولية، لتحمل مسؤولياتها في هذه المرحلة الدقيقة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ مجددين التأكيد على أن السلام العادل والدائم والشامل في منطقة الشرق الأوسط، يمر عبر

ضمان حقوق جميع شعوب المنطقة في الحرية والاستقرار والازدهار، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للاستمرار، عاصمتها القدس الشرقية.

أما علاقاتنا مع عمقنا الإفريقي، الذي يشكل مجالا لفرص واعدة، فإننا حريصون على نهج مقاربة متجددة، قائمة على التضامن، ومبنية على تعزيز الأمن والاستقرار، خاصة في منطقة الساحل والصحراء؛ فضلا عن خلق شروط تنمية بشرية، تسهم في النهوض

بالإنسان الإفريقي، طبقا لأهداف الألفية للتنمية.

كما أن ما يجري من أحداث ومتغيرات في منطقة جنوب المتوسط، يؤكد ضرورة تحقيق نقلة نوعية في مسارات الشراكة بين الشمال والجنوب، من أجل خلق فضاء اقتصادي وإنساني متضامن ومنسجم، تتقاسم شعوبه قيم الديمقراطية والتنمية المشتركة.

ويمكن لشراكة المغرب مع الاتحاد الأوروبي، بمختلف أبعادها، أن تشكل مصدر إلهام لصياغة هذه المقاربة المتكافئة، ذات المنافع المتبادلة.

وسيواصل المغرب تعاونه مع باقي الشركاء، في القارتين الأمريكية والآسيوية، في إطار شراكات استراتيجية مثمرة، بما يضفي المزيد من الحيوية على شراكاتنا عبر العالم.

شعبي العزيز،

في هذا الظرف التاريخي المتميز بتدشين عهد دستوري جديد، نستحضر بكل خشوع وإكبار، الأرواح الطاهرة لجدنا المقدس، بطل الحرية والاستقلال، جلالة الملك محمد الخامس، ووالدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، باني الدولة المغربية العصرية، وكافة شهداء الوطن الأبرار، أكرم الله مثواهم.

كما نتوجه بالإشادة إلى قواتنا المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والإدارة الترابية، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، على تفانيهم وتجندهم الدائم، تحت قيادتنا، للدفاع عن حوزة الوطن وسيادته، وصيانة أمنه واستقراره.

شعبي العزيز،

كما أن لكل زمن رجاله ونساءه، ولكل عهد مؤسساته وهيئاته ؛ فإن دستور 2011، بصفته دستورا متقدما من الجيل الجديد للدساتير، يستلزم بالمقابل جيلا جديدا من النخب المؤهلة، المتشبعة بثقافة وأخلاقيات سياسية جديدة، قوامها التحلي بروح الغيرة الوطنية، والمواطنة الملتزمة، والمسؤولية العالية، وخدمة الصالح العام.

كما يتطلب انتهاج السياسات المقدامة، الكفيلة بتحصين المكتسبات، وتقويم الاختلالات، والنهوض بالإصلاحات الشاملة.

وذلكم هو السبيل الأمثل لتحقيق طموحنا الجماعي لبناء مغرب جديد، موحد ومتقدم، يحقق المواطنة الكاملة لكل أبنائه، ويحفظ كرامتهم، ويصون وحدة الوطن وسيادته.

"ربنا آتنا من لدنك رحمة، وهيء لنا من أمرنا رشدا". صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

الأربعاء، يوليو 27، 2011

المغرب في حداد بسبب أسوء حادث جوي

في أسوء حادث للطائرات في المغرب قُتل ثمانون شخصا من العسكريين وأفراد من عائلاتهم، في منطقة "كلميم" الجبلية جنوب البلاد، إثر تحطم الطائرة العسكرية التي كانت تقلهم.

وكانت الطائرة تقوم برحلتها من منطقة العيون في الصحراء إلى مدينة أكادير الساحلية. وقد فتحت السلطات تحقيقا لتحديد أسباب الحاث.

وبحسب المعلومات الأولية التي قدمها الجيش، فإن الطائرة من نوع "هرقل سي مائة وثلاثون" اصطدمت بجبل "تاييرت"، وإن الحادث نجم عن الظروف الجوية السيئة، عندما كانت الطائرة تستعد للهبوط في المطار العسكري.

وحسب مصادر متطابقة فإن الضباب الكثيف كان السبب الرئيس لتحطم طائرة النقل العسكري من طراز "هرقل سي 130"، صباح أمس الثلاثاء، بضواحي كلميم، مما أدى إلى مصرع جميع ركابها الثمانين.

وأفادت وسائل إعلام مغربية نقلا عن ذات المصادر أن الطائرة اصطدمت بقمة جبل "تاييرت" وانحرفت إلى اليسار، لتنشطر إلى جزأين، أولهما ظل عالقا بقمة الجبل فيما ارتطم الثاني بالأرض قبل أن تلتهمه النيران.

واستعانت فرق البحث التابعة للوقاية المدنية والجيش بمروحيات استعملت للوصول إلى النصف العالق من الطائرة بقمة الجبل.

إلى ذلك أوردت يومية "الصباح" أن من بين القتلى يوجد ضباط تخرجوا حديثا من إحدى الأكاديميات العسكرية وكان مفروضا أن يؤدوا القسم، بمناسبة احتفالات عيد العرش يوم السبت المقبل، إضافة إلى ضباط آخرين كانوا يجتازون دورة عسكرية بمناطق على الحزام الأمني.

وانطلقت الطائرة من المطار العسكري لمدينة الداخلة على الساعة الخامسة صباحا، وتوقفت بمطار العيون العسكري، قبل أن تقلع في طريقها إلى أكادير، لتتحطم على الساعة التاسعة من صباح أمس على بعد عشر كيلومترات شرق كلميم.

من جهته كشف الخبير العسكري علي نجاب أن طائرات "هرقل سي 130" استخدمها المغرب في المسيرة الخضراء، كما استعملت أيضا لنقل المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم للمشاركة في بعض المباريات الهامة.

قال نجاب لصحيفة "أخبار اليوم" "إن طائرة هرقل سي 130 المتخصصة في النقل الجوي، تعتبر من الطائرات العسكرية القوية، التي تستطيع النزول على مدرج قصير وغير معبد.

و حول الأسباب التي تجعل طائرة عسكرية مثل "هرقل سي 130" تتحطم دقائق، بعد إقلاعها، قال نجاب أنه إذا كان الطيار غير منتبه ولم يفطن إلى علو الجبال فقد يصطدم بها وقد يحدث ذلك عند استعداده للهبوط، أما إذا كان الطيار متجها مباشرة إلى مطار آخر، فإن الطائرة ستكون على علو كبير وستتفادى الجبال.

وأوضح نجاب أن جبهة البوليساريو الانفصالية سبق لها إسقاط طائرة مغربية من طراز "هرقل سي 130"، سنة 1981، بواسطة صاروخ جزائري، وتمت العملية حسب نجاب على بعد 24 ألف قدم وبصاروخ من نوع "سام 6".

وكانت حصيلة أولية تحدثت عن 78 قتيلا وثلاثة جرحى، لكن مصدرا طبيا قال في وقت لاحق إن شخصين جريحين قد توفيا وأن ثالثا جريحا أحصي عن طريق الخطأ.

في سياق ذلك أعلن الملك محمد السادس الحداد لمدة ثلاثة أيام في كل ربوع الوطن حزنا على ضحايا الكارثة الجوية التي ألمت بالمغرب صباح الثلاثاء 26 يوليوز 2011 بعد تحطم طائرة عسكرية كانت تقل 81 راكبا قادمة من مدينة الداخلة.

وأمر الملك بتنكيس الأعلام فوق جميع الإدارات والمؤسسات العمومية لمدة ثلاثة أيام كذلك، ابتداء من يوم الثلاثاء، وفق بلاغ للديوان الملكي.

وكان الملك قد بعث برسائل تعزية ومواساة إلى أسر الضحايا معبرا لهم عن تعازيه الحارة ومواساته، وموجها أوامره إلى جميع المسؤولين للقيام بكا تتوجبه الحادثة من إجراءات وتدابير.

وبلغ عدد قتلى حادث تحطم طائرة تابعة للقوات الملكية الجوية شمال شرق كلميم، 81 قتيلا، بعد وفاة ثلاثة جرحى كانت إصابتهم خطيرة بالمستشفى العسكري الخامس لمدينة كلميم، بينما تواصل فرق البحث عملية البحث عن جثامين القتلى،في أسوء كارثة جوية يعرفها المغرب منذ 38 سنة.

الأحد، يوليو 03، 2011

صحافتنا وصحافتهم..ما الفرق؟

وأنا أجمع أغراضي بغرفتي بالفندق ذاك الكائن بمدينة 6 أكتوبر بضواحي العاصمة المصرية القاهرة، مستعدا للعودة إلى الوطن بعد الانتهاء من دورة تدريبية في مجال مهنتنا، كانت رائعة بكل المقاييس، تزاحمت الأفكار برأسي ومعها أسئلة كثيرة كانت وما تزال وستبقى إلى إشعار لاحق تؤرق بال كل غيور على الشأن الصحافي ببلادنا، وعلى البلاد والعباد بهذه الأرض الطيبة.

الدورة التي نظمها المركز الدولي للصحفيين في الفترة ما بين 25يونيو وفاتح يوليو، بمقر جامعة الأهرام الكندية بالقاهرة، جعلتني كصحفي مهني أقف عند فارقين شاسعين في المجال الصحافي في كل من المغرب ومصر؛

الفارق الأول يتجلى في الطابع المؤسسي الذي وصلت إليه الصحافة المصرية المكتوبة؛ بحيث أن جامعة الأهرام الكندية ليست إلا مؤسسة خرجت من نفس رحم الإستراتيجية الخلاقة التي أنجبت جريدة الأهرام المصرية، وما أدراك ما الجرائد، بغض النظر عن العيوب والاتهامات التي ألصقت بهذه المؤسسة الإعلامية الرائدة بسبب ممارسات النظام الديكتاتوري البائد، الذي حاول تدجين الشعب والمؤسسات لأجل إشباع نهمه وأسرته وحاشيته، قبل أن تطيح به الثورة الشعبية ويُرمى به في السجن الذي كان يملأ به خصومه السياسيين لأزيد من ثلاثة عقود.

زيارتي اليومية لهذه الجامعة، حيث تلقينا دروسا مكثفة في الصحافة على أيدي أساتذة أمريكيين ومصريين وأردنيين مقتدرين، جعلتني أقف عن كثب على مدى تخلف صحافتنا المغربية، التي ما تزال أسيرة الطابع الشخصاني لأصحابها، وبعيدة كل البعد –اللهم بعض الاستثناء رغم ما له من عيوب- عن الصحافة المؤسساتية. وهو ما يجعل مدراء الجرائد حتى الأكثر شيوعا إن لم تكن الأولى انتشارا ببلادنا، هم الآمرون والناهون بجرائدهم تلك الأشبه بضيعات إقطاع القرون الوسطى. ولعل تصرفات معظم مدراء صحفنا المزاجية والبعيدة كل البعد عن منطق المؤسسة الإعلامية الخاضعة لأخلاق المهنة وشروط ومقومات المقاولة، تعتبر أبرز مثال عن سوء فهم كثيرين منا لمهنة "المتاعب". هؤلاء وبعكس ما لمسته في قاهرة المعز حيث العديد من الجرائد أسست مؤسسات أكاديمية للبحث والدراسة، فإنهم يجعلون، للأسف، إستراتيجية -إن سلمنا جدلا بوجودها- جرائدهم في تحقيق مآرب شخصية –اقتصادية تحديدا- وبعدها فليأتي الطوفان. وهذا ما يجعل الصحافيين والعاملين بهذه "الضيعات" المسماة ظلما وعدوانا "جرائد"، على كف عفريت، ويجعل مصيرهم مرهونا بمدى تماشيهم وخط "تحرير" تلك الجرائد، التي تذوب فيها كل حدود التحرير في حمأة الموالاة لهذه الجهة الاقتصادية أو السياسية أو غيرهما.

إنها ميوعة خطوط التحرير التي أسس لها بعض مدراء تحرير صحافتنا إرضاء لنزواتهم الشخصية إلى درجة خلع كل الملابس لتبدو سوءاتهم أمام الملء بشكل مفضوح.

الفارق الثاني يكمن في مدى إطلاع رؤساء التحرير بأرض الكنانة على أسرار مهنتهم، وهنا لا سبيل للمقارنة مع معظم رؤساء تحرير صحافتنا المكتوبة، والذين إن لم يكونوا يلخصوا رئاسة التحرير في الوشاية بطاقم تحرير المؤسسة لدى المدير و"أصحاب الحال"، فإن هذه الرئاسة تعني لديهم إعادة قراءة، إن كانوا يفعلون، ما يكتبه المحررون. وأما بالنسبة للزملاء بمصر فإن رئاسة التحرير عندهم هي الإطلاع على آخر وسائل "الميلتيميديا" واستعمالها في نقل الخبر، ودعم المحرر في استعمال تلك الوسائل، وهو ما يصبح السبب الرئيس في عقد دورات تدريبية منتظمة للمحرر والمراسل، على حد سواء. إلى جانب تلقينه لمبادئ القانون وشروط نقل الخبر بحيادية ودون تحيز.

إن هذه المناسبة جعلتني أعرف، وعن كثب ولأول مرة، أن رؤساء التحرير هم صحافيون قبل أن يكونوا ذوي مهمة إدارية تخولهم تقسيم وتوزيع العمل وتقديم الدعم والمشورة للمحررين والمراسلين. وليست رئاسة التحرير هي ترقب دعوة من هذه الجهة أو تلك لأجل حضور حفل باذخ أو سفر في أصقاع الدنيا لحضور مؤتمر لن يستفيد منه حتى الموجهة له الدعوة (مهنيا أقصد). وحتما ليست رئاسة التحرير هي ممارسة "القوادة" بكل تجلياتها، كما يفعل العديدون.

وأما النزر القليل من رؤساء التحرير ببلادنا ممن يحاولون جاهدين مقاومة محاولات البعض تعهير مهنتنا التي ارتضيناها، والذين يعضون على مبادئ المهنة بالنواجذ حتى ولو عوقبوا بورقة الإشهار القاتلة، فإني أوجه لهم تحية إكبار وتقدير لأنهم باقون ما بقيت ذرة مهنية في عروقهم. والعابثون بنا نحن قبيلة الصحافيين وبالمهنة مصيرهم مزبلة الذكرى، إن كانت للذكرى مزابل.