الأحد، مايو 22، 2011

بعد تكبد الذراع المالية خسارة في 2010..الماجدي يخسر ذراع "المساء"

أصبحت دائرة المربع الذهبي داخل القصر الملكي تضيق لتقتصر فقط على كل من الكاتب الخاص للملك منير الماجدي وفؤاد عالي الهمة صديق محمد السادس، الذي يُوصف بأنه هو من يرتب البيت الأمني والسياسي للملكة الشريفة. الصراع بين هذا الثنائي وصلت أصداؤه إلى الصحافة الوطنية، حيث تم استغلال يومية "المساء" لتصفية الحساب بينهما


"هل هي ضربة الهمة القاضية للماجدي؟"

غريبة هذه الصدفة التي ما نزال نتابع أطوارها هذه الأيام؛ يومية "المساء" التي لطالما تابعت أخبار فؤاد عالي الهمة أولا بأول منذ تخليه عن منصب كاتب الدولة في الداخلية ودخوله غمار العمل الجمعوي الذي استقطب رموز اليمين واليسار ورموز المال والأعمال، قبل أن ينتقل هذا الفسيفساء إلى مرحلة العمل الحزبي مع تأسيس أشهر وأقوى حزب في مغرب الألفية الثالثة، وربما مغرب كل العصور؛ هذه اليومية التي "فدت" (من الفداء) حزب "البام"، ذات مكالمة هاتفية، برأس أحد صحافييها تزلفا من فؤاد -والعبد كاتب هذه السطور شاهد على ذلك- تنتقل بين عشية وضحاها إلى آلة شتم وسب وقذف في حق مؤسس "البام" وأحد أكبر معاونيه، فؤاد عالي الهمة وإلياس العماري، وتقديمهما على أنهما مطلوبان من قِبل حركة 20 فبراير، على اعتبار أنهما من رموز "الفساد"، بتسمية "المساء"، التي غضّت الطرف، كل الطرف، عن كل اللافتات التي رفعها المتظاهرون والداعية إلى "الإطاحة" بأبرز تلك "الرموز" ألا وهو الماجدي، بحسب المتظاهرين أنفسهم.

المعطيات التي باتت متاحة لدى الرأي العام العادي، قبل الصحافيين والمتتبعين، تشير بما لا يدع مجالا للشك بأن دائرة المربع الذهبي بمحيط القصر باتت ضيقة أكثر لتقتصر فقط على اثنين لا ثالث لهما (بعدما كانت تشمل أربعة أقطاب على الأقل كما أسلفنا في ورقة سابقة)؛ هما المُشرِف على الذراع المالية للأسرة الملكية، منير الماجدي، وحارس التوازنات السياسية والأمنية -في شقها الداخلي على الأقل- للمملكة الشريفة، فؤاد عالي الهمة، وإنْ كان الطرفان ظهرا، انطلاقا من مقالات "المساء"، ممثلين للجهازين الأمنيين الأكثر حساسية وأهمية في المغرب؛ الإدارة العامة للدراسات والمستندات المعروفة اختصارا بـ(D.G.E.Dلادجيد) التي يرأسها محمد ياسين المنصوري، والتي حظيت بنفس "التعتيم" الذي مارسته "المساء" على كل ما يمت للماجدي بصلة، ومديرية حماية التراب الوطني(D.S.T الديستي)، التي يديرها عبد اللطيف الحموشي، والتي نالت من اليومية التي زُج بمديرها في السجن، بوابل من النعوت بل والاتهامات الخطيرة لرجالها ونسائها وعلى رأسهم مديرها العام، عبد اللطيف الحموشي، الذي اتهمه -بـ"تهور"- صاحبُ أشهر عمود في المغرب بكون ملفات "السلفيين الجهاديين" كانت من "فبركته"، ويا لها من تهمة ثقيلة على اللسان والميزان، يزداد ثقلها عندما أمعن رشيد نيني، الذي تلقى الضوء الأخضر ممن كانوا يمطرون صفحات جريدته بالإشهار، في اتهام الحموشي شخصيا ومباشرة بممارسة تعذيب المعتقلين على خلفية قانون الإرهاب، بـ"معتقل تمارة السري".

البورصة..و"شوف تشوف"

قد يسأل سائل ما علاقة المال والأعمال بالأمن الداخلي على الخصوص وبالمخابرات الداخلية؟ لكن الجواب على هذا السؤال تكفّل به، على ما يبدو، صاحب عمود "شوف تشوف"، عندما اتهم رجال ونساء الحموشي بأنهم كرسوا وقتا مهما من عملهم "للتلصص" على قاعات البورصة ولمراقبة كل تحركات رجال المال والأعمال وعملياتهم بهذه البورصة. والواقع أن حديث صاحبنا كان يقصد "الذود" عن "الأعمال الخاصة" لكل من منير الماجدي، الكاتب الخاص للملك والمشرف العام على ثروته، وحسن بوهمو المدير العام للشركة المملوكة للأسرة الملكية والمسماة الشركة الوطنية للاستثمار "إس إن إي"، التي تُعد من أكبر الشركات الاستثمارية في المغرب العربي. ما يؤكد هذا الطرح، بحسب العديد من المعطيات، هو "الهجوم المتواصل" عبر سلسلة من المقالات و"التحقيقات" التي خصت بها يومية "المساء"، عبد الحفيظ العلمي، رجل الأعمال العصامي المعروف ومالك مجموعة "سهام" الاقتصادية العملاقة. وهي المقالات التي ذهبت إلى حد التشكيك في قانونية ثروة الرئيس السابق للاتحاد العام للمقاولين المغاربة بل واتهامه بالتهرب الضريبي والاستثمار في أقصى حدود الدنيا، وفي مناطق يعجز حتى محرك "غوغل" العالمي على رصدها من أجل "تبييض" أمواله، على حد تعبير منشورات مجموعة "المساء ميديا". المسألة هاهنا تبدو أقرب إلى الوضوح عندما يتعلق الأمر بأخبار مستثمر مغربي يفضل الاستثمار خارج الحدود، ومدى "تورط" مصالح "لادجيد" في تتبع هكذا أخبار، وهذا دورها بطبيعة الحال عندما يتعلق الأمر بالأمن الخارجي لمملكة محمد السادس. لكن ما يبدو غير واضح، على الأقل بالنسبة لقارئ منشورات "نيني" العادي، هو أن مجموعة مولاي حفيظ "سهام" هي المالكة لشركة التأمين "سينيا" التي بات اسمها "سينيا السعادة" بعد التهامها لشركة التأمين "السعادة"، مما جعلها شركة التأمين الثانية بالمغرب، بعد "الملكية الوطنية للتأمين" التي تملك 12.6 بالمائة من رأسمال الشركة الوطنية للاستثمار، التي يرأسها حسن بوهمو. وبدون شك فإن المنافسة بين أكبر شركتي تأمين بالمغرب ستكون على أشدها داخل بورصة القيم، بعدما طرقت شركة "سينيا السعادة" مؤخرا هي الأخرى أبواب المؤسسة المهتمة بالتداولات المالية. من هنا يكمن مدى الدور "التخريبي" الذي اضطلعت به يومية "المساء"، بإيعاز بطبيعة الحال من بوهمو بحسب مصادر مطلعة، في هجومها على شخص مولاي حفيظ العلمي وعلى مجموعته المالية العملاقة "سهام" لتحقيق أكبر قدر ممكن من الخسارة في أسهمها المتداولة في البورصة والمتعلقة تحديدا بشركة التأمين التابعة لها، التي أصبحت تهدد ريادة "الملكية الوطنية للتأمين" على سوق مالية تعتبر من بين أثرى المجالات وأكثرها مردودية وربحا، حيث ظلت المؤسسة الأولى على الصعيد الوطني طيلة عقود بعد إفلاس العديد من شركات التأمين أو بعد هجرة بعضها الآخر أو اندماج البعض تحت لوائها.

المثير في حرب "داحس والغبراء" هاته التي أصبحت تدور بين أبرز رموز النظام، والذين فضلوا نشر غسيل ما يدور بالبلاط على صفحات الجرائد الوطنية، هو تزامن هذا التطاحن مع مؤشرات تحمل أكثر من دلالة؛ بدءا من تركيز احتجاجات حركة 20 فبراير على كلا الطرفين (فؤاد عالي الهمة ومنير الماجدي) والمطالبة بـ"إسقاطهما" على اعتبار أنهما من رموز "الريع والفساد"، على قول المتظاهرين، وهو نفس ما ذهبت إليه أصوات بعض الإعلاميين المقربين من دوائر الحكم، كما هو الشأن بالنسبة للصحافي أبو بكر الجامعي الذي أكد في حوار مطول ومثير مع أسبوعية "الحياة الجديدة" نشر مؤخرا ، على أن لديه "شكوك قوية" بأن الماجدي وبوهمو استفادوا من عمليات بالبورصة، عن طريق المعلومات التي سمح لهم موقعهم القريب من الملك بالحصول عليها، مطالبا بمعرفة من استفاد من مثل هذه العمليات؟ وكيف استفاد؟ محذرا من أن "السوق يتكلم"، وواصفا في نفس السياق توظيف اسم الملك من قبل الماجدي وبوهمو، في مجال الأعمال، بأنه "أمر خطير" من الناحيتين الاقتصادية والسياسية. هذا بالإضافة إلى تردد أخبار عن مغادرة منير الماجدي لأرض الوطن متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية في إجازة مفتوحة لم تكن مقررة سلفا.

بوهمو..وتقارير الصحافة

في قصاصة عاجلة نشرتها وكالة رويترز، منتصف الشهر الماضي، اعتبر مصدر من الشركة الوطنية للاستثمار أن سنة 2010 لم تكن "وردية" بالنسبة للشركة القابضة للأسرة الملكية، مؤكدة بأن الشركة تعتبر أن أرباحها المجمعة في السنة الماضية قد "زادت بفضل عملية اندماج"، لكن أداءها في ذات السنة "لم يكن وَردِيّا كما بدا".. وجاء هذا التعقيب بعد اكتشاف تحقيق ذات الشركة الملكية لصافي أرباح جاوز الـ8 ملايير درهم بكثير وبنسبة نمو تعدت الـ340 بالمائة خلال 12 شهرا فقط.

المعطيات التي نشرتها رويترز وتوصلت بها عبر البريد الإلكتروني في صيغة "توضيح" من الـ(SNI)، تشير أيضا إلى أن الأرباح الصافية المجمعة "تتضمن 6.4 مليارا من الدراهم، الناتجة عن العمليات المحاسباتية المتعلقة باندماج الوطنية للاستثمار و"أونا". لكن المعطيات نفسها أكدت أن الوطنية للاستثمار سجلت "انخفاضا حادا قدره 40 بالمائة في صافي أرباحها القانونية. ليصل إلى 648 مليون درهم في سنة 2010 مقارنة مع 1.1 مليار درهم في 2009. وهو ما أرجعه مصدر رويترز إلى اضطرار الشركة دفع 487 مليون درهم كضرائب مرتبطة بعملية الاندماج وارتفاع التكاليف المالية بسبب شراء الوطنية للاستثمار لـ"أسهم أونا".

هذه الوضعية التي يبدو أن صداها تجاوز غرف البورصة ليلج أسوار القصر العامر بالرباط، كانت موضوع تقارير أمنية انتهت إلى أن "أصحاب أسهم كبار يخرقون مبادئ الشفافية والمنافسة الحرة، ويستغلون قربهم من دوائر القرار من أجل الكسب غير المشروع". حسن بوهمو الذي يصفه البعض بأنه الحلقة الرابطة بين أعمال الماجدي والجريدة اليومية التي تخصصت في الضرب في ذمة مولاي حفيظ العلمي، اتهمه بعض العارفين بأمور المال والإعلام والأمن، بأنه استند، في صياغة تقاريره المالية، على "إفادات" مدير الجريدة المذكورة المعتمدة بالأساس على "وشايات" مصادر من الدرجة الثالثة، وهو ما ينم عن "جهل" بوهمو لمجال غريب وبعيد عن تخصصه، إلا أن "الرغبة في الانتقام"، تقول مصادرنا، جعلت بوهمو والماجدي " ينسيان مهمتهما الاقتصادية ويخوضان في مسائل "أمنية حساسة" أوكلت، بحكم الاختصاص وتقسيم الادوار، للجناح المحسوب على فؤاد عالي الهمة. النتيجة هو إعداد تقرير ضخم عن هذه "التجاوزات الأمنية"، التي تهدد أمن البلاد واقتصاده، والتي تم تسخير أول يومية ورقية في حبك خيوطها، بل إن هذه اليومية خُيل لمديرها أنه بإعطائه الضوء الأخضر من رموز المال المقربين من دوائر الحكم لضرب بعض منافسيهم داخل القصر تحت الحزام، يسمح له أيضا بإعطاء النصح والمشورة حتى للجهات العليا بالبلاد، كما أورد ذلك في عموده الشهير المعنون بـ"وشاورهم.."، فكان ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير، وجُز بنيني في سجن عكاشة، بينما "المساء" أصبحت تعاني، خلال أقل من أسبوعين على اعتقال مديرها، من بداية إغلاق صنبور الإشهار عليها.

الاثنين، مايو 16، 2011

محكمة الجنايات الدولية تطلب رأسي القذافي ونجله سيف الإسلام

"اتهمتهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية"

وكالات العربية نت

قال مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، اليوم الاثنين، إنه طلب إصدار أمر اعتقال بحق الزعيم الليبي معمر القذافي ونجله سيف الإسلام، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وأضاف أوكامبو في مؤتمر صحفي إنه طلب أيضا إصدار أمر اعتقال بحق رئيس جهاز المخابرات الليبي عبد الله السنوسي بسبب الحملة العنيفة على المحتجين في فبراير.

وكان أوكامبو قال الأحد إنه "جاهز تقريبا لإجراء محاكمة" في شأن الجرائم المرتكبة في النزاع الليبي، لافتا إلى أن أجهزته جمعت أدلة "جيدة ومتينة" تسمح بتحديد المسؤولين الرئيسيين عن هذه الجرائم سيكشف هوياتهم الاثنين. وقال مورينو اوكامبو في بيان حصلت فرانس برس على نسخة منه "إننا جاهزون تقريبا لإجراء محاكمة".

وأضاف إن "مكتب (المدعي العام) جمع أدلة جيدة ومتينة لتحديد من يتحملون المسؤولية الأكبر، لا المسؤولية السياسية بل المسؤولية الفردية عن الجرائم المرتكبة في ليبيا".

وأودع مورينو أوكامبو اليوم الاثنين طلبا إلى قضاة المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق الأشخاص الثلاثة المذكورين بوصفهم يتحملون برأيه "المسؤولية الأكبر" في الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في ليبيا منذ منتصف فبراير والذين سيكشف عن هوياتهم.

من جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي لدى استقباله المبعوث الخاص للأمم المتحدة عبد الإله الخطيب أن النظام الليبي على استعداد لوقف إطلاق نار فوري يتزامن مع وقف الحلف الأطلسي قصفه لليبيا، متهماً الحلف بارتكاب "تجاوزات وانتهاكات" في ليبيا.

وكان عبد الإله الخطيب أجرى مباحثات في طرابلس مع البغدادي المحمودي، ووزير الخارجية عبد العاطي العبيدي بهدف وقف إطلاق النار بين الكتائب الموالية للعقيد معمر القذافي والثوار أعقبتها مكالمة هاتفية أجراها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع عبد الإله الخطيب، حسب ما ذكرت الأمم المتحدة.

وفي الأثناء، نقل التلفزيون الليبي أن موجة جديدة من القصف نفذتها مقاتلات الأطلسي استهدفت مدينة الزوارة (غرب طرابلس) المتاخمة للحدود مع تونس.

ونقلت وكالة الأنباء التونسية أن القصف الجوي استهدف قوات حكومية وأنظمة رادار في المنطقة الحدودية التي تجمع فيها مئات الآلاف من اللاجئين ممن فروا من جحيم المعارك في ليبيا.

ولم تشر التقارير إلى سقوط ضحايا في القصف الذي تنفذه طائرات الناتو بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1973 القاضي "باتخاذ كافة التدابير الضرورة لحماية المدنيين" من حملة قمع دموية أطلقها القذافي لاجتثاث دعوات تنادي برحيله بعد أكثر من أربعة عقود في الحكم.

على صعيد آخر نقل موقع العربية نت عن مراسله بمدينة مصراتية الليبية أن أحد الشباب بالمدينة عثر على مذكرة سوّدت أغلب صفحاتها بيوميات سجلها أحد الجنود الذين استقروا أعلى بنايات الشارع.

ولم يذكر الجندي اسمه في المذكرات، وإن كان أورد بعض أسماء رفاقه، وفي هذه الظروف لا تعني الأسماء شيئاً، فالجنود كلهم شخصية نمطية ذات بُعد واحد ووجه واحد وزي واحد أيضاً.

وتقع اليوميات في 84 صفحة، تغطي تفاصيل ما وقع لمحررها منذ انطلاقه مع رفاق رحلته من طرابلس إلى مصراتة، عبر الطريق الساحلي ظهر الجمعة 1-4-2011، حتى الأحد 10-4-2011، حيث كتب التاريخ ولم يكمل بعد ذلك، إذ لعله قتل أو أسر أو لاذ بالفرار تحت وطأة هجمات الثوار، ولم يسعفه الوقت ولا النار فيما يبدو، ليحمل يومياته معه.

الكاتب والصحافي الليبي عبد الله الكبير قال لـ"العربية.نت"، بعد أن قرأ المذكرات: الجندي صاحب المذكرات من طوارق "أوباري" ويبدو من خلال ما سطره أنه على قدر لا بأس به من التعليم والثقافة، لكن ذلك، لم يدفعه إلى إعادة التفكير في جدوى وشرعية الحرب التي يخوضها بعيداً عن موطنه. ومن بين السطور يتجلى إيمانه المطلق بالديكتاتور وخطبه، فهو يصف الثوار بالجرذان ومتعاطي المخدرات والزنادقة، ولم يهتز هذا الإيمان إلا عند سماعه التكبير يعلو من المساجد، ولكنه لم يتبع شكوكه اللحظية باحثاً عن شاطئ اليقين.

ويتضح من هذه المذكرات، بحسب الكبير، أن صاحبها لا يدرك معنى الحرية والكرامة، فهو لا يهتم إلا بالماديات، يتجلى ذلك في لومه الشديد لأهل مصراتة على إفسادهم لمدينتهم الجميلة والنظيفة كما يقول. وفيما يصر على إظهار تدينه ومداومته على الصلاة في كل وقت ومهما كانت الظروف، يناقض ذلك بحديثه عن الغنائم والمسروقات التي ينهبها هو وأصحابه من المحال القريبة من مكان تمركزهم.

ويرشح من كلام الجندي على قبائل الطوارق ومعرفته الجيدة لهم، غياب معنى الوطن عنده، فهو لم يذكر ليبيا مطلقاً لا بشكل مباشر، ولا غير مباشر. ويظهر أيضاً أن القذافي وعد الجنود المقاتلين معه بوعود سخية كما يقول صاحب المذكرات: "وعدنا القائد بأشياء كثيرة بعد أن يتم التحرير".

ويظهر أيضاً، أنهم وجدوا مقاومة عنيفة من قبل الثوار، بعد تمركزهم على أسطح البنايات، فهو يكتب عن تنقله بين العمارات، أنه يتنقل وهو في وضع محنيّ خوفاً من قناصة "الجرذان"، حسب تعبيره، وكذلك بحديثه عن مجموعة من أصحابه، ثمانية أشخاص، نزلوا لنهب أحد محال أجهزة المحمول ولم يعد منهم إلا ثلاثة.

الأحد، مايو 15، 2011

محمد السادس يعطي الضوء الأخضر للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي

"فيما الجزائر استغربت من دعوة الخليجيين"

أطلس أنفو

قالت جريدة الاتحاد الإماراتية، في نشرتها الإليكترونية، إن وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أبلغ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، "شكر وتقدير" صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب، لدولة الإمارات "على الدعوة الصادقة والأخوية في بيان القمة التشاورية لمجلس التعاون بشأن انضمام المغرب إلى منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي من شأنها تقوية أوجه العلاقات المتميزة".

وتسلم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رسالة خطية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة، تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك.

جاء ذلك خلال استقبال رئيس دولة الإمارات في قصره، ظهر اليوم الأحد، الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية والتعاون المغربي، الذي يزور البلاد حاليا في إطار جولة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في أعقاب دعوة هذا التجمع الإقليمي العربي للمغرب للانضمام إليه.


وقال الوزير المغربي إن العلاقات بين دولة الإمارات ودول المجلس عموما ترتقي إلى مستويات متقدمة، "نظرا للتنسيق والتعاون الأخوي الذي يجمعنا مع هذه الدول منذ زمن طويل على كافة المستويات، ويؤهل لمستوى أرفع من العلاقات في ظل توجه قياداتنا وتحقيق مزيد من النمو والاستقرار في دولنا، من خلال خلق شراكات واعدة ومستقبل مشرق من التطلعات والآمال المرجوة".

في سياق ذلك نقلت وكالة الأنباء الفرنسية "ا.ف.ب" عن وزير خارجية المغرب الطيب الفاسي الفهري، قوله أن الرباط "عازمة بقوة" على الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى "ضرورة إتمام ذلك بشكل تدريجي".

وأضاف الطيب الفاسي أن "المغرب تجاوب مع الدعوة الخليجية بشكل ايجابي، ومن الضروري أن تتم بحسب رؤية تدريجية، آخذين في الاعتبار كل الاختيارات، وعزيمتنا قوية للدخول".

وأوضح أن الانضمام "يحتاج إلى وقت، ولم تتحدد حتى الآن فترة زمنية للبدء في ذلك، كما أنه يحتاج إلى دراسة متينة وعميقة"، برأيه، لأن "المغرب لديه مع دول المجلس الرؤية المشتركة ذاتها بالنسبة للتحديات التي تواجه العالم العربي".

ودعا الفهري إلى "حوار سياسي عميق واستراتيجي وتعاون اقتصادي ومالي عميق بين الخليج والمغرب، وربما هي خطوة ستتبعها خطوات أخرى، نرى أن ما تم عبارة عن خطوة إستراتيجية موفقة".

وفي خطوة مفاجئة ستشكل، في حال نجاحها، تغييرا مهما في المشهد السياسي في الشرق الأوسط، أعلنت الدول الخليجية الست تأييدها انضمام المغرب والأردن إلى صفوفها، وذلك إثر انتهاء قمتها التشاورية في الرياض الثلاثاء الماضي.

وكان منظرا أن تخلف دعوة الخليجي إلى كل من الأردن والمغرب للانضمام إليه ردود فعل متباينة إن لم تكن "رافضة" للدعوة، من قِبل بعض القوى الإقليمية، في سياق ما يبدو أنها عودة إلى سياسة بناء المحاور على الصعيد العربي.

وفي هذا السياق سارعت الجزائر إلى إعلان "استغرابها" من دعوة دول مجلس التعاون الخليجي للمغرب إلى الانضمام إلى هذا التجمع الخليجي.

وقال عبد العزيز بلخادم وزير الدولة والممثل الشخصي للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، والذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أحد أضلاع التحالف الرئاسي الحاكم، "أستغرب طلب مجلس التعاون الخليجي من المغرب الانضمام إليه"، مشيرا إلى أن "الطبيعي هو أن يأتي الطلب من الدولة التي ترغب في ذلك"، بحسبه، قبل أن يضيف، "يتعين على هذا المجلس أن يغير اسمه بالنظر إلى موقع كل من الأردن والمغرب، واصفا طلب الأردن بغير الجديد و"أن الجديد هو التوقيت متسائلا لماذا الآن؟".

ويرى متتبعون أن من شأن انفتاح دول مجلس التعاون أكثر على المغرب أن يعطي للأخير وكذا لدول الخليج زخما جيوإستراتيجيا كبيرا، بالنظر إلى موقع المغرب بالقرب من الاتحاد الأوروبي، وبالنظر أيضا لعمقه الإفريقي ولعلاقاته المتميزة مع عدد من التجمعات الإقليمية الأخرى والدولية.

إلى ذلك تعتبر الدعوة الخليجية إشارة قوية على انتصار الدبلوماسية المغربية في حربها المعلنة مع نظيرتها الجزائرية حول ملف الصحراء، والذي لا تنفي الجزائر تحيزها الفاضح إلى جانب الانفصاليين الداعين إلى إقامة دولة مستقلة في الأقاليم الجنوبية للمغرب.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن انضمام المغرب إلى دول مجلس التعاون الخليجي، الذي من المنتظر أن يتم تغيير اسمه، سيؤدي لا محالة إلى تغير موقف قطر "غير الواضح" إزاء الوحدة الوطنية للمغرب، حيث تمر العلاقات بين البلدين بنوع من الفتور كان من أبرز مميزاته إغلاق مكتب قناة الجزيرة بالرباط، بسبب ما رأت السلطات المغربية أنه "تحامل وتحيز" ضد الوحدة الترابية للمملكة.


السبت، مايو 14، 2011

هل تعتبر محاكمة الفرّاع بداية "حملة تطهيرية" حقيقية لناهبي المال العام؟

رغم أن البعض يعتبرها بداية لـ"حملة تطهيرية" جديدة إلا أن محاكمة الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، محماد الفراع، اعتبرها البعض لا تنسجم وما تتطلبه المرحلة من حزب لمحاربة ناهبي المال العام ووقف نزيف نهب الثروات الوطنية، مما يستوجب الإسراع بمنح القضاء سلطة مستقلة كفيلة بالضرب على أيدي العابثين بمالية الشعب


"عدم متابعة بعض المسؤولين يثير الاستغراب"

يتساءل المرء بحرقة عما إذا كانت محاكمة الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، محماد الفراع، نهاية الشهر الماضي، بداية محاكمة ناهبي المال لاسيما أن المحاكمة جاءت في وقت يشهد فيه المغرب حراكا سياسيا واجتماعيا غير مسبوق بسبب انبثاق حركة 20 فبراير من رحم الشبكة العنكبوتية على غرار حركات أخرى عربية مطالبة بمحاربة الفساد ومحاكمة ناهبي الأموال العامة. إنها الحركة الشبابية التي رفعت ضمن ما رفعته من شعارات في مظاهراتها الاحتجاجية المتواصلة، عدم الإفلات من العقاب، والفصل بين السلطة والمال وعدم استغلال النفوذ، وهي الشعارات التي تفاعلت معها إيجابا أعلى سلطة بالبلاد إلى درجة أذهلت كل المراقبين، عندما خرج ملك البلاد في خطاب 9 مارس مبشرا بـ"ثورة" حقيقية على الدستور الذي ظل جامدا منذ سنة 1962، وليعلن عن رزنامة إصلاحات على رأسها تمتيع القضاء بسلطة مستقلة وتفعيل مبدأ الحكامة الجيدة ومعاقبة المتورطين في سرقة المال العام.

حملة تطهيرية لكن..

حكم غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، يوم الخميس 31 مارس، على الفراع بعقوبة أربعة سنوات سجنا منها 30 شهرا نافذا وموقوفة التنفيذ في الباقي وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم، بقدر ما جعل البعض يبدي تفاؤله بكون القضاء اتخذه مجراه أخيرا في اتجاه الضرب على أيدي العابثين بمال هذا الشعب الفقير، بقدر ما أدى إلى مفاجأة كثيرين واندهاشهم من الحكم بالنظر إلى ما أسموه "تساهلا" غير مبرر مع أحد أكبر ناهبي المال العام، بحيث في الوقت الذي تقدر فيه الأموال المنهوبة أو المختلسة من التعاضدية بأزيد من 117 مليار سنتيم، لم تحكم المحكمة على الفراع إلا بإعادة مليار واحد، في حين أن دفاع التعاضدية طالب المحكمة بأداء المتهم

مبلغ 117 مليارا و75 مليون سنتيم لفائدة التعاضدية التي كان يرأسها، وتعويض قدره 50 مليار سنتيم.

تخوف الفريق الثاني يكاد يجد له ما يكفي من المبررات خاصة أن الجهات القضائية ظلت في منأى عما يحدث من نزيف ميزانيات مؤسسات الدولة وكأنها غير معنية تماما بما يقدمه المجلس الأعلى للحسابات من تقارير سنويا، تثبت بما لا يدع مجالا للشك تورط العديد من المسؤولين ومدراء مؤسسات عمومية مهمة، على غرار تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008 الصادر قبل أزيد من سنة، والذي أبان عن اختلاس وتبذير ما يزيد عن 600 مليار سنتيم من ميزانية المكتب الوطني للمطارات، على عهد المدير العام السابق عبد الحنين بنعلو، الذي رصد قضاة المجلس للحسابات إلى أي حد كان هذا الشخص يستهتر بالمال العام في سبيل إرضاء فقط حبه وتطلعه إلى امتلاك بعض الكماليات، حيث أورد تقرير المجلس أن بنعلو لم يتردد في اقتناء سجائر كوبية وعطور وحقائب من ماركات عالمية مختلفة، من محلات تجارية بمطار محمد الخامس معفاة من الضريبة، بقيمة مالية تجاوزت 60 مليون سنتيم، دفعها المكتب باعتبارها مشتريات للمؤسسة. كما اشترى المدير السابق أيضا 239 مليون سنتيم من الهدايا الفاخرة عبارة عن حقائب للكولف وسلع فضية وأخرى من البورسلين و الكريستال.

وبحسب هذا الرأي الأخير فإنه يبدو أن قضاءنا لا يريد تحريك هذه البركة الراكدة إلا في مناسبات بعينها ليكتسي طابع "التطهير" صفة الموسمية، لاسيما أن إثارة ملفات عدة من الفساد الإداري والمالي على مختلف محاكم المملكة، جاءت متزامنة بما يعرفه الشارع العربي والمغربي، خصوصا، من غليان أدى إلى الإطاحة بأنظمة سياسية لم يكن حتى أكثر الناس تفاؤلا يتوقع انهيارها بتلك الصورة، وهو الانهيار الذي لم يأت من فوهات البنادق أو نتيجة انقلابات بيضاء بل فقط نتيجة ترديد أفواه المتظاهرين؛ "كفى فسادا".

القضاء..فقدان الثقة..

تحرُّك محمد الناصري، وزير العدل المغربي الأخير، الذي وجه مذكرة إلى الوكلاء العامين بمحاكم المملكة للتعجيل بالمساطر الإجرائية فيما يخص ملفات الفساد المالي، لم يأت نتيجة اقتناع المؤسسة القضائية ببلادنا بجسامة وخطورة هذه الملفات التي تفوح منها رائحة الفساد والتي ظلت منذ وقت ليس باليسير تنتظر القول الفصل للعدالة، يقول المشككون في طريقة التناول القضائي لملفات الفساد الإداري والمالي، ولكنه تحرك أملته الظرفية الحالية والموجة العاتية من انتفاضات الشعوب العربية -والشعب المغربي منها طبعا- ضد "الحُكرة" والفقر والتهميش بسبب غياب تقسيم عادل لثروات البلاد، واستشراء الفساد في ظل قضاء غير مستقل وغياب تام لمحاسبة كبار المسؤولين. ليتساءل هؤلاء المشككون هل أن دعوة وزير العدل للوكلاء العامين بالتسريع في النظر في هذه الملفات، سواء تلك التي سبقت أن أحيلت عليهم مباشرة، أو من خلال المجالس الجهوية للحسابات، وتلك التي بقيت متراكمة، إما لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أو لدى الشرطة القضائية المحلية، هل هذه الإجراء سيذهب إلى أبعد حدود العدالة النزيهة وإماطة اللثام عن طرق تبذير المئات من ملايير هذا الشعب المعدوم، أم أن الأمر يتعلق فقط بخطة عمل تطلبتها المرحلة، مما يقتضي الإطاحة ببعض رؤوس الفساد دون قطف كافة الرؤوس التي لا يستطيع قضاة محاكم المملكة الشريفة استدعاءها للتحقيق معها، وهو ما سبقته إشارات "قوية" تجلت إحداها في فصل قضاة عن العمل، في إطار الصراع الذي يخوضه لوبي الفساد الذي لا يريد إصلاح القضاء؟

وفي الواقع فإن الحذر والشك الذي أبداه العديد من المتتبعين في طريقة تعاطي القضاء مع ملفات الفساد، وخاصة عند النطق ابتدائيا في ملف التعاضدية، يجد له ما يبرره خاصة في ظل حديث متواصل، حتى قبل خروج حركة 20 فبراير إلى الشارع و"خروج" الملك في 9 مارس، أي منذ أزيد من عقد من الزمن عندما رفع العهد الجديد، شعارات من قبيل "الحكامة الجيدة" و"محاربة الفساد". كما يجد لذلك التبرير الكافي والأكثر مدعاة إلى الشك والريبة، في هذا التلكؤ في التسريع بإصلاح جهاز القضاء، الذي تؤكد كل التقارير الحقوقية وغير الحقوقية، الوطنية والدولية، على عدم نزاهته، وهو ما يترجم بشكل لا يدع مجالا للشك فقدان المواطن ثقته في هذا القضاء، الذي تشير معطيات لا تكاد تحصى مدى تسخيره كأداة لخلخلة المشهد السياسي الوطني، كما جرى مؤخرا فقط عندما تم استعماله للزج بالمستشار الجماعي والقيادي في حزب العدالة والتنمية، جامع المعتصم، في السجن بسبب ما قيل أنه تورط في ملفات فساد عقاري، قبل أن ينكشف الأمر ويتضح أن حزب الأصالة والمعاصرة، هو من كان وراء "تلك الطبخة" في مطبخ قضائنا، بعد تدخل أطراف من سلطات القرار على الخط، وهو ما تجلى من خلال الإفراج عن المعتصم، لا بل وتوجهه مباشرة بعد خروجه من سجن الزاكي بسلا إلى القصر الملكي بالرباط لتسلمه ظهير تنصيبه عضوا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وليُطرح السؤال الطبيعي، ما قيمة ودور ذاك القاضي وأمثاله مِمَن يوعز إليهم بالتعليمات بتلفيق التهم إلى أمثال المعتصم، قبل أن يأمروا بالإفراج عنهم؟ وهل في ظل مثل هذه التصرفات غير المحسوبة يمكننا محاربة ملفات فساد تنوء من ثقلها الجبال؟

الدعوة إلى اللانتقائية..

الشك والريبة يكادان يذبان في أوصال كل متتبع هذه الأيام، أولا بسبب فقدان الثقة في قضائنا، وثانيا في التأثيرات السياسية التي تعصف بكل محاولة في اتجاه وضع سكة القضاء في مسارها الطبيعي والصحيح؛ والبعض يضرب كمثال على هذا "التهاون" أو لنقل "التردد" في تطبيق القانون ومبادئ العدالة، هذا التباطؤ في التعامل مع تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008، الذي تطلب مرور أزيد من سنة على صدوره قبل أن يحرك التحقيق في تلك الملفات، رغم أن المجلس الأعلى للحسابات أحال على وزارة العدل عددا من الملفات من أجل مباشرة المتابعة بشأنها، وأحالتها بدورها على النيابة العامة، لكن وبفعل "فاعل" فإن بعض الملفات لم يكتمل فيها التحقيق بعد، كما هو الشأن بالنسبة لملف المكتب الوطني للمطارات، الذي أحيل على النيابة العامة منذ شهر يوليوز سنة 2010، ومازال يراوح مكانه ولم ينته التحقيق بعد فيه.

فهل يمكن القول أن الإشارات التي جاء بها الخطاب الملكي في 9 مارس الماضي كانت كافية لمحمد الناصري لكي ينفض الغبار على العشرات من ملفات الفساد التي ظلت في رفوف المحاكم تنتظر النظر فيها؟

البعض يرى أن وزير العدل المغربي محمد الناصري، كما هم سابقوه، أبانوا عن قدرة هائلة للتفاعل السياسي مع الأحداث الجارية ببلادنا، بل وانخراطا في صراعات حزبية غير مبررة بحكم إشرافهم على جهاز مفروض فيه الاستقلالية التامة. لكن الظرفية الحالية، كما يرى جانب متفائل من المتتبعين، هي غير كل الظرفيات والمناسبات، يقول هؤلاء، فالمرحلة التي تجتاز فيها المنطقة العربية ظروفا صعبة أدت إلى تغيير أنظمة سياسية ظلت جاثمة على صدور مواطنيها بقبضة حديدية، بينما أنظمة أخرى في طريقها إلى زوال، هي مرحلة تحتاج إلى أكثر من مجرد تقديم وعود للاستهلاك الخارجي ومغازلة تقارير المنظمات الدولية ولاسيما منها النقدية والمالية، الداعية إلى إصلاح الإدارة والقضاء. إنها مرحلة ينبغي لها حقا، على مستوانا الوطني على الأقل، أن تبلور على أرض الميدان إلى واقع ما ظل "العهد الجديد" يرفعه من شعارات. ولعل ذلك ما جعل وزارة الناصري تسارع إلى تفعيل ما بدأته في سنة 2010 عندما أمرت الوزارة بأن يأخذ 11 ملف فساد مسارهم الطبيعي في التقاضي، من بينهم ثمانية في التحقيق التمهيدي وثلاثة أمام قاضي التحقيق ومن ضمنهم ملف المكتب الوطني للمطارات، الذي أثار جدلا واسعا في السنة الماضية؛ حيث أكد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات وجود اختلالات في تسيير وتدبير هذه المؤسسة. وفي نفس السياق توصل الناصري بملف من الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات بخصوص مؤسسة القرض العقاري والسياحي، والذي حوله بدوره إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عن طريق الوكيل العام للملك.

لكن مسطرة الإحالة يشوبها عيب إجرائي ينبغي تداركه، كما يرى ذلك، رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب طارق السباعي، في إحدى تصريحاته، بحيث "يجب أن تكون مسطرة الإحالة فورية ومن الوزارة الوصية، أي وزارة الداخلية دون انتظار تعليمات وزير العدل باعتباره رئيسا للنيابة العامة، لتجنب البيروقراطية العقيمة والاعتبارات السياسية والتخفي وراء الحصانات الظاهرة منها والخفية"، ولتفادي أيضا "الانتقائية في الإحالة" التي تظل السمة الغالبة في تناول هذه الملفات، في ظل "تماطل الحكومة في محاربة الفساد وتفعيل آليات الحماية، وإصلاح القضاء وإعلان التصريح بالممتلكات، واتخاذ تدابير صارمة في مجال المراقبة القبلية والبعدية للمال العام وتفعيل مؤسساتها".

أراضي صدويا..الوزيعة!

أثارت عملية تفويت أراضي الشركتين الفلاحيتين، "صوديا" و"سوجيطا"، الكثير من الأسئلة حول مدى احترام شروط ومساطر تفويت المرفق العام، خاصة بعد ردود الفعل الاجتماعية الخطيرة التي خلفتها عمليات تفويت الأشطر الثلاثة الأولى، التي شُرع في تنفيذها قبل أزيد من خمس سنوات. هذه النتائج الاجتماعية التي تجلت بالخصوص في فص المئات من العمال الزراعيين من عملهم، في وقت تنص فيه بنود دفاتر تحملات التفويت على عكس ذلك، أي تشغيل مزيد من اليد العاملة وتحسين الأوضاع الاجتماعية، فمن المسؤول عن هذه الأوضاع الاجتماعية المتردية، بحسب ممثلي العمال، التي خلفتها عمليات التفويت التي تمت لحد الآن؟

اللائحة التالية، التي أعدتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، تكشف عن أسماء لا علاقة لها بعالم الفلاحة، لكنها استفادت من توزيع الآلاف من هكتارات أجود الأراضي الفلاحي؛

- علي بلحاج - حزب رابطة الحريات 450 هكتارا

- المحجوبي أحرضان - حزب الحركة الشعبية 328 هكتارا

- رحو الهيلع - حزب التقدم والاشتراكية سابقا والأصالة والمعاصرة حاليا؛ 609 هكتارا

- بودلال بوهدود - حزب التجمع الوطني للأحرار 380 هكتارا

- عبد الرزاق مويسات - حزب الاتحاد الاشتراكي 200 هكتارا

- محمد تلموست - حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية 123 هكتارا

- ميلود العلج - حزب الاستقلال 138 هكتارا

- عبد السلام البياري - الاتحاد الدستوري 165 هكتارا

- مولاي البشير بدلة - التجمع الوطني للأحرار 77 هكتارا

- عياد بنعلي - حزب الحركة الشعبية 302 هكتارا

- خالد برقية - حزب الحركة الشعبية 1082 هكتارا

- محمد برقية - حزب المؤتمر الوطني الاتحادي 88 هكتارا

- لحسن بوعود - حزب الحركة الشعبية 816 هكتارا

- طارق القباج - حزب الاتحاد الاشتراكي 339 هكتارا

- بوعمر تغوان - حزب الاستقلال 153 هكتارا

- مولاي إسماعيل العلوي - حزب التقدم والاشتراكية ضيعة بالغرب تقدر بالعشرات من الهكتارات.

خسارات بالملايير..

هذه لائحة لعدد من الاختلاسات المعلن عنها رسميا؛ والتي أقرتها مختلف أجهزة الدولة منذ سنة 2000، بعد تحقيقات وجمع معطيات للجن تقصي الحقائق؛

+ صندوق الوطني للضمان الاجتماعي: بـ 115 مليار درهم.

+ المكتب الشريف للفوسفاط: 10 مليار درهم

+ شركة كوماناف: 400 مليون درهم

+ المكتب الوطني للنقل: 20 مليون درهم

+ الخطوط الجوية الملكية: قضية مدير عام سابق للخطوط الجوية الذي اختلس مليار سنيتم، إضافة إلى تبذير مبالغ مهمة على صيانة الطائرات بالخارج.

+ مكتب التكوين المهني؛ فقد تم الاحتيال على مبلغ 7 ملايير سنيتم في إطار برنامج العقود الخاصة للتكوين.

+ وكالة المغرب العربي للأنباء: 1.76 مليون درهم

+ المطاعم المدرسية: 85 مليون درهم

+ جمعية مطاحن المغرب: اختلاس مليار و900 مليون سنتيم.

كذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الوطني للتعاونيات الفلاحية المغربية، الذي أكدت بخصوصه المفتشية العامة للمالية وجود اختلالات خطيرة في تقرير الإفتحاص رقمIGF/3342، والذي أنجز بطلب من وزارة الفلاحة في ماي 2002.