الأحد، مارس 28، 2010

هل أصبح المغرب بوابة الحملات "الصليبية" المعاصرة؟

نورالدين اليزيد
إلى أي حد يعتبر الإجراء الحكومي الأخير القاضي بترحيل 27 شخصا بتهمة ضلوعهم في أعمال تبشيرية/تنصيرية من بينهم 16 كانوا ينشطون في منطقة عين اللوح ويحملون جنسيات مختلفة، كافيا لوضع حد لهذه الظاهرة؟ وهل بات المغرب يشكل بوابة مفضلة للصليبيين الجدد؟ أسئلة يستعصي حتى على المختصين إيجاد جواب عنها، بالنظر إلى أن عمليات التبشير ظلت حاضرة بالمغرب منذ سنوات خلت، وتجدرت في سنوات الاحتلال قبل أن تجد لها المرتع الخصب في ظل الانفتاح الذي يشهده المغرب في هذه الأزمنة.
ورغم أن الظاهرة لم تثر كبير اهتمام لدى المسؤولين المغاربة كما لدى عامة الناس في السابق، وإن كان علماء المغرب في الماضي أثاروا انتباه أولياء الأمر، في ظل الاحتلال الفرنسي، إلى المبشرين الذين احتموا بالمستعمر من أجل نشر النصرانية، غير أن تزايد تنامي هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، واستغلال المنصرين لوسائل التكنولوجيا الحديثة في استقطاب الفئات المستهدفة، والتي تركز على الشباب بالخصوص، كما تنقل ذلك مصادر مختلفة، مستغلين العوز الاجتماعي لشرائح واسعة من المجتمع، جعل المسؤولين يقرعون ناقوس الخطر، وكانت البداية من تحت قبة البرلمان حين سأل نواب الأمة، قبل سنتين على الأقل، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، عن الإجراءات الحكومية المتبعة للوقوف في وجه هذه الحملات التبشيرية التي باتت خطرة على معتقد المغاربة، وهو ما قلل منه التوفيق وقتها، في إجابته عن سؤال النائب البرلماني، مؤكدا أن تزايد عمليات التنصير في المغرب وإقبال المغاربة على المسيحية "أمر مبالغ فيه وغير صحيح". وهو ما يقول عكسه اليوم الناطق الرسمي للحكومة، خالد الناصري، مباشرة بعد اجتماع الحكومة، في الأسبوع الماضي، وتدارس مشكل طرد المبشرين الـ 27، حين أعلن أن تحريات وزارة الداخلية أدت إلى معاينة "تصرفات يقوم بها مجموعة من الأجانب المخالفة للقانون، باعتبارها تدخل ضمن استغلال هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأشخاص معوزين والأخطر استغلال براءة أطفال في سن مبكرة، حيث أكبرهم لا يتجاوز عشر سنوات، من أجل إخراجهم من دينهم وتنصيرهم، تحت غطاء الأعمال الخيرية، من خلال الإشراف على ميتم يحتضن 33 طفلا، منهم 22 من الذكور و11 إناثا، ويشرف عليه 16 شخصا، يقول الناصري، الذي زاد موضحا أن نسبة التأطير التي وصلت إلى مؤطر واحد لكل طفلين، خير برهان على أن الأمر لم يكن يدخل ضمن أعمال البر الصادق".
وبرأي وزير الأوقاف الذي كان يدلي بشهادته أمام نواب الأمة، حين إثارة الموضوع بالبرلمان، فإن مسألة التنصير بالمغرب توجد تحت مراقبة السلطات العمومية، تنفيذا للضوابط والقوانين الجاري بها العمل، وهو ما "تجند الوزارة من أجله علماء عبر كل ربوع المملكة، لمحاربة كل ظواهر الانحراف المحتمل في الدين ومعالجتها بالأسلوب الحكيم والمناسب".

علماء المغرب والتبشير!

لم يغفل علماء المغرب، طيلة التاريخ، الحرص على مراقبة الأمن الروحي للمغاربة، وظلوا يتابعون عن كثب ما رأوه "أخطارا محدقة" بعقيدة المغاربة، راصدين ظاهرة المبشرين الذين كانوا يستغلون أوضاع المغرب الاجتماعية والسياسية، في أوقات مختلفة، من أجل محاولة زعزعة هذه العقيدة، وهو ما كان هؤلاء العلماء لا يترددون في إيصاله إلى الحاكم بهدف اتخاذ ما يلزم.
وتحثُّ رسالة أصدرها المجلس الأعلى لرابطة علماء المغرب، إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إبان الاستعمار، علال الفاسي، على ضرورة قيام السلطات الوصية بعمل حاسم إزاء "الاستفزاز" الذي يواجه به المبشرون المسيحيون والبهائيون المواطنين المغاربة ودين الدولة الرسمي.
وجاء في الرسالة التي تنقلها الكتب التاريخية، "أن الشعب المغربي المسلم بذل جهودا عظيمة في سبيل توحيد عقيدته، حتى تسلَم من كثير من النحل والشيع التي ابتليت بها بعض البلاد الأخرى، كما عمل على توحيد أحكام المعاملات حتى توحدت الإجراءات القانونية الإسلامية في المحاكم الشرعية، ولكن بعد وقوع "سيبة" الاحتلال الأجنبي الظالم، لهذه البلاد الإسلامية وسن قوانين لم يعرفها الإسلام، فخولفت كثير من أحكامه وأعرافه وآدابه، وكان من أثر بث سمومه في الوسط المغربي نزعة الدعوة لحرية الأديان، أي إباحة اعتناق أي دين يشاءه الشخص، حتى يجوز في عرف هذه النزعة أن يرتد المسلم عن دينه فلا يلام".
و" أنه اتباعا لهذا التيار جاء الصليبيون الذين غيروا دين المسيح من التوحيد إلى الوثنية، من فرنسا وانجترا وغيرهما، تقول الرسالة، فوجدوا الميدان خصبا لنشر دعوة الصليب وذلك بمساعدة الفرنسيين المحتلين، حتى أصدروا لهذه البلية الظهير البربري المشهور، فأرادوا بالجملة والجماعات لا باستدراج الأفراد، واتخذوا المركز الرئيسي لدعوة الصليبية وسط القبائل المسلمة بتيمومليلين، حيث يعقدون مؤتمرات عدوانهم، ولكن المغاربة برغم ضغط الاحتلال قاموا ضد مشروعهم لتنصير المسلمين، فكانت الانتفاضة الكبرى التي نتجت عنها الحركات الوطنية الصادقة حتى أدرك المغرب استقلاله.
وفي رسالة أخرى يلفت علماء المغرب انتباه وزير الأوقاف، علال الفاسي، إلى بعض العمالات التي تمثل الحكومة الإسلامية في تهيئة "نويل"، في حفلات عيد الميلاد، مؤكدين أنه "يؤسفنا إعطاء محلين بمعرض الدار البيضاء لموزعي وبائعي أناجيل التبشير الصليبي، هذا بالإضافة إلى مراكز الدعوة اليهودية والصليبية والبهائية التي تتستر تحت اسم التجارة أو التوظيف في بعض المصالح أو التطبيب والتعريض أو التعليم في المدارس أو التعليم، لبعض الصناعات مثل الخياطة وتفصيل الملابس فضلا عن مراكز التبشير التي أخذت تتجدد وتنتشر في كثير من أنحاء المغرب".
كل هذه العوامل جعلت علماء المغرب المشاركين في المؤتمر المنعقد في الرباط يومي 18/19 سنة 1960، يقررون ضمن الملتمسات التي قدمها ولاة الأمور، لفتَ نظر المسؤولين إلى الخطة التبشيرية التي تقوم بها المسيحية في مختلف نواحي المغرب، ولذلك رأت رابطة علماء المغرب "أن تُقدم طلب تغيير هذا الخطر العظيم لمعاليكم، تقول رسالة الرابطة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بصفتكم وزير الدولة المكلف بالشؤون الإسلامية، من طرف أمير المؤمنين...راجية اتخاذ الإجراءات اللازمة لجعل حد لهذا العدوان الصليبي".
وكان الرد الرسمي وقتها من وزير الأوقاف حينذاك، علال الفاسي، حين أعلن في بلاغ لوزارته أن الحكومة المغربية، وبأمر من أمير المؤمنين، أعلنت حربها على إغلاق المراكز المشبوه في أنشطتها، وهو ما جعل الرابطة تقدم على جرد لمراكز تنشط في التبشير، وأرفقت رسالتها إلى الوزير بلائحة تتكون من أسماء تلك المراكز، وبأسماء الكتب والنشرات التي توزعها تلك المراكز.

الثلاثاء، فبراير 16، 2010

المواطنون بسهل الغرب أصبحوا يتحاشون طلب الغيث خوفا من الدمار

يستعصي على منكوبي فيضانات منطقة الغرب تذكر ليالي الأسبوع الثاني من شهر فبراير الماضي، حين اتحدت عدة وديان وأنهار وضربت المنطقة في فيضانات اعتبرت سابقة من نوعها منذ ستينيات القرن الماضي، مما خلف تشريد الآلاف من الساكنة وجرف العشرات من الآلاف من الأراضي الفلاحية، وانتفاضة عدد من الغاضبين على عدم توصلهم بالمؤن والمساعدات

كابوس فيضانات السنة الماضية ما يزال جاثما على ساكنة المنطقة

منطقة الغرب: نورالدين اليزيد

لا يريد ساكنة سهل الغرب الخصب تذكر الأسبوع الثاني من شهر فبراير من السنة الماضية حين ثارت وديان بهت بسيدي سليمان والردم بسيدي قاسم والفكرون بسيدي يحيى وكل من نهري سبو وورغة اللذين يعبران المنطقة ويستقبلان مياه الوديان السالفة الذكر، مما أدى إلى فيضانات لم يشهد لها مثيلا الجيل الحالي من مواليد قبائل جهة الغرب اشراردة بني احسن، ووحدهم شيوخ هذه المنطقة من يتذكر مثل هذه الفيضانت في ستينيات القرن الماضي.
غير أن الأمطار التي هطلت هذه السنة وفي السنة الماضية، باتت تقض مضجع الساكنة وبعدما كان انتظار الغيث في الموروث الثقافي لقبائل بني احسان يعني الاستعداد لمواسم الحصاد وتنصيب الخيام وإقامة الأعراس، أصبح تلبد السماء بالغيوم، خاصة في مثل هذه الأيام الشتوية، نذير كوابيس تبدأ بـ"الديـﮚة" أو "الحملة"، وهما مرادفان للفيضان في العرف المحلي، لتنتهي بتدمير البيوت وجرف الحقول ونفوق رؤوس الماشية، في الوقت الذي يرى فيه الساكنة أن مساعدات الدولة سواء تلك التي قدمت في السنة الماضية أو هذه السنة غير كافية مقارنة بحجم الخسائر التي أحدثتها السيول.

كابوس السنة الماضية ما يزال جاثما!

على صورة الدمار والسيول الجارفة استيقظ الساكنة ليلة الثامن من فبراير من السنة الماضية، ليقضي العديد منهم ليلتهم تلك وليال أخريات في العراء؛ حيث بوسط مدينة سيدي سليمان فوجئ ساكنة أحياء أولاد الغازي والغلالتة والزهانة وأولاد مالك والوركة وغيرها، باجتياح مياه وادي بهت لبيوتهم فجأة، وما هي إلا دقائق معدودات حتى جرفت العشرات من المنازل والممتلكات، وهو ما أدى إلى تشريد العشرات من الأسر الذين اضطرت السلطات إلى إيوائهم بكنيسة بوسط المدينة تعود على حقبة الاستعمار وكذا بمخازن تابعة لوحدات تلفيف الحوامض بالمدينة، قبل أن يتم إحصاء حوالي 240 أسرة دمرت منازلهم بالكامل فاستحقوا بقعا أرضية بتجزئة الخير، في ما عبر آخرون عن عدم رضاهم من "إقصائهم" من الاستفادة متهمين السلطات، في تصريحات لـ"المساء"، بالتلاعب في وضع اللوائح، وهو ما أكدته أيضا مصادر من خلية شكلت في السنة الماضية من فعاليات سياسية وجمعوية بالمدينة ووقفت عند حالات لأسر "يُرثى لها"، وما تزال منذ السنة الماضية تعيش في أشباه أكواخ، دونما حصولها على أية مساعدة، في الوقت الذي ينظرون فيه إلى السماء بعين لا تكاد تنام خوفا من فيضان الوادي الذي ما يزالون يجاورونه في مساكنهم.
غير بعيد عن مدينة سيدي سليمان، وفي قرية الحسناوي التابعة لجماعة العبيات القروية، تبدو الصورة أكثر قتامة لدى المواطنين هناك، حيث "كلشي مشا العام اللي فات أو هاذ العام"، يقول محمد رحو، وهو شاب في الثلاثينيات من عمره، ويشتغل مساعد سائق سيارة للنقل المزدوج، والدمار طال حتى الطرق فلم يعد بإمكان السيارات المرور بسلام عبرها، مضيفا أن ستة هكتارات مزروعة بالقمح، وهو كل ما تملكه أسرته، جرفتها سيول نهر سبو قبل أسبوعين، لتنضاف الخسارة على نكبة السنة الماضية، ولم نتلق أية مساعدة من الدولة، يقول محمد الذي أضاف أن شاحنات محملة بالشعير والمواد الغذائية أرسلها "سيدنا" إلينا، لكنهم لا يوزعونها علينا، قبل أن يتهم ممثل السلطة المحلية "القايد" باستعمال أساليب تعود إلى سنوات الاستعمار، على حد تعبيره، عند مطالبته بالمساعدات، ليتساءل مستنكرا كيف يعقل أن يخاطب هذا القائد رجلا كهلا بقوله "سير تقـ..." فقط لأنه التجأ إلى السلطات لتقييده ضمن لوائح المستفيدين من بقع أرضية نتيجة انهيار منازلهم في فيضانات السنة الماضية.

المنكوبون.. بكاء وتذمر

حالات عدة قابلتها "المساء" أكدت أن لا شيء تغير في معاملة بعض رجال السلطة مع منكوبي فيضانات المنطقة، الذين وجدوا أنفسهم ضحية الطبيعة والسلطة، وهو ما عبر عنه العطار الصغير، بعبارته "واش احنا ماشي مسلمين"، وكان يقصد حرمانه هو وأسرته من الاستفادة من المساعدات إلا من خيمة وقارورة زيت ونزر قليل من الدقيق والسكر وهي كميات لا تكفي لأسبوع، مضيفا أنه اضطر للبقاء في منزله الآيل للسقوط لأنه حرم من الاستفادة من بقعة أرضية على غرار جيرانه الذين هدمت منازلهم في السنة الماضية؛ العطار ألح على "المساء" أن تذكر اسمه كاملا وتأخذ صورة له ولأبنائه الثلاثة من داخل بيته الذي تهدم جزؤه الأكبر بينما ما تبقى من جذران بات متداعيا، وتحدث إلى "المساء" باكيا من غضب نهر سبو الذي ضربت سيوله منزله مرتين في السنة الماضية وهذه السنة، ومشتكيا من ظلم ذوي السلطة الذين أرجعوه خائبا ولم ينل ما ناله جيرانه من بقعة أرضية ومبلغ مالي وصل إلى 15 ألف درهم تسلمها أرباب 36 أسرة على دفعتين، راجيا أن يلتفت إليه المسؤولون وينقذوه وعائلته من تشرد بات وشيكا.
وبأحد الغرف الملحقة بمسجد القرية تسكن منذ مدة سكينة، الأم لثلاثة أبناء، غير المتزوجة والتي وجدت "اجماعة" أرفق بها من السلطات عندما أسكنوها هذه الغرفة ويحاولون الآن جاهدين إعادة بناء مسكنها الذي دمره فيضان السنة الماضية في الوقت الذي يعيلها ساكنة القرية سواء في ما يتعلق بالمأكل أو المشرب والكسوة أيضا. وبالمحاذاة مع المسجد توجد المدرسة الابتدائية الوحيدة التي تهدمت أسوارها فيما استحوذت بحيرة مائية على ساحتها حيث كان يلعب التلاميذ في ما بين الحصص الدراسية، رغم أن انحسار مياه نهر سبو حدث قبل أيام، بينما بدت حجراتها مهجورة بسبب انقطاع الدراسة بها قبل أزيد من شهر نتيجة الفيضانات، حيث هجرها الإداريون والأساتذة والتلاميذ إلى إشعار قد يأتي في وقت لاحق، عندما يصحو الجو في الغالب، كما أخبرنا بذلك أحد الأساتذة الذي يأتي من مدينة سيدي سليمان للتدريس بها.
في قرية الحسناوي كما في دواوير أخرى مثل التعاونية والسحايميين والحميديين ولكبارتة وغيرها، كانت علامات الحسرة والتذمر بادية على وجوه كل الذين التقتهم "المساء"، والذين من شدة ترقبهم لقدوم مسؤولين يحملون إليهم بشرى تقديم مساعدة، كانوا يظنون أننا من هؤلاء أتينا لهذا الغرض وعندما يعلمون بالمهمة الصحافية يرجون منا إبلاغ أصواتهم هذه المبحوحة التي لا يسمعها حتى أولائك المنتخبون، الذين يأتون إليهم في المواسم الانتخابية فقط طمعا في أصواتهم لكن اليوم لا يظهر لهم أثر، يقول إدريس بوعبيد، الناشط الجمعوي في تعاونية فلاحية بالمنطقة الذي صرخ بصوت عال متسائلا "كيفاش غادي يدير الفلاح الدرويش واش البالا ديال التبن وصلت لـ 600 ريال"، مضيفا أن معظم الفلاحين الصغار على ذمتهم قروض صغرى تتراوح ما بين 5 آلاف درهم و30 ألف درهم، وهم اليوم مهددون من مؤسسات القروض الصغرى بالمتابعة القضائية أو حجز ما لديهم من متاع رغم بخص ثمنه، ونافيا في رده على سؤال "المساء" حول المساعدات المقدمة من طرف الدولة بقوله "ماشفنا والو..شفنا غير العسكر أو اجادارميا تيجيو يخلعونا".

هدوء..قد يسبق العاصفة!

بنواحي سيدي يحيى قد يبدو الوضع مختلفا بعض الشيء، حيث أقيم مخيم "المنزه" وسط غابة المعمورة بعيدا عن مدينة القنيطرة بنحو 13 كيلومترا لإيواء ساكنة عدة دواوير تضرروا نتيجة فيضانات نهر سبو بسبب الأمطار الأخيرة، وخاصة الأكثر تضررا كدوار أولاد عامر وتعاونية اليوسفية التابعة لجماعة المكرن القروية ودوار شراكة وتعاونية السلام وغيرها، لكن بمجرد حلول كل وافد جديد بالمخيم يباغته المقيمون فيه بالسؤال حول أسباب الزيارة وعما إذا كان يمثل السلطات في مهمة معينة كإبلاغهم بمنح مساكن أو غير ذلك.
وفي ناحية أخرى من منطقة الغرب، وغير بعيد عن جماعة لعبيات وبجماعة الخنيشات القروية التابعة لإقليم سيدي قاسم تطالعك وجوه تحمل قسماتها الكثير من الأسئلة الحذرة، حول ما إذا كانت بداية فيضانات هذه السنة ستحمل ما حملته السنة الماضية من خراب، أدى إلى قيام مظاهرات عارمة من طرف ساكنة غاضبة جراء فيضانات نهري سبو وورغة، والتي أدت إلى تدمير وجرف العشرات من المنازل بعدد من الدواوير التابعة للجماعة، فبدت دواوير كأولاد سلام واكميحات وأولاد برحيل وأولاد بوعزة والكبارة وأولاد صابون وأولاد بوعزة والشبيرات وصنيدقات شبه معزولة عن بعضها بسبب المياه. وفي ظل تأخر وصول المساعدات للمنكوبين خرج أزيد من 600 متظاهر إلى الشارع الرئيسي للجماعة، احتجاجا على عدم توصلهم بالمساعدات الغذائية والأغطية، وهي الاحتجاجات التي أدت إلى انفلات أمني نجم عنه تحطيم واجهات محلات تجارية وبنكية ومرافق عمومية واعتقال العشرات من الشباب الذين تمت إحالة البعض منهم على المحكمة، وكان رد حكومة عباس الفاسي بالإضافة إلى تدخل عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، هو تعليق وزير الداخلية السابق، شكيب بنموسى، تقديم مختلف المساعدات التي كان تم الشروع في توزيعها على صعيد الجماعة القروية الخنيشات لفائدة المتضررين من جراء السيول، قبل أن تبدي الوزارة "رفضها" لما وصفته أعمال "الشغب غير المبررة" حيث "منذ بدء الاضطرابات الجوية استفاد سكان جماعة الخنيشات من دعم لوجيستيكي هام مكن من إجلاء وإيواء نحو 600 شخص انهارت منازلهم بشكل كامل"، يقول بلاغ وزارة الداخلية على عهد بنموسى.
غير أن ''انتفاضة'' الغاضبين بجماعة الخنيشات، كما أسماها فاعلون جمعويون بالمنطقة، تكررت بمدينة سيدي سليمان هذه المرة وفي نفس الفترة، أي في الأسبوع الثاني من شهر فبراير من السنة الماضية، حين قام شباب غاضب من عدة دواوير من نواحي المدينة كالرزاكلة والعوابد وأولاد الحيرش بمسيرة في اتجاه بلدية المدينة قاطعين أزيد من عشر كيلومترات مشيا على الأقدام احتجاجا على عدم استفادتهم من المساعدات نتيجة نكبتهم جراء فيضان وادي بهت؛ إنها الاحتجاجات التي ما تزال أسبابها قائمة، تقول مصادر جمعوية كانت قريبة طيلة السنة الماضية وهذه السنة من منكوبي الفيضانات بالمنطقة، ما لم تكن هناك سياسة حكومية ناجعة لإمداد المناطق المنكوبة بالمساعدات الضرورية، وقبلها بنهج سياسة وقائية تفاديا لخسائر فادحة على كافة المستويات
.

الجمعة، يناير 29، 2010

منعطف تاريخي عاشه التجمعيون يوم السبت


اجتماعان للجنة المركزية وندوتان صحفيتان في يوم واحد والتصحيحيون يتهمون المنصوري بـ"التحايل"

الرباط - نورالدين اليزيد

دخل الصراع بين الحركة التصحيحية ورئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار مراحله الحاسمة، عندما لم تستطع اللجنة المركزية التي دعا إلى انعقادها مصطفى المنصوري جمع النصاب القانوني، مما جعله يؤول بنود الحزب ويعلن عن عقد اجتماع بمثابة دورة ثانية بمن حضر من الأعضاء، خلال نفس اليوم، وهو ما اعتبرته حركة مزوار "تحايلا" على الرأي العام مؤكدة أن اجتماع المجلس الوطني القادم سيكون حاسما.
واحتشد منذ الساعة التاسعة من صباح يوم السبت العشرات من أعضاء الحركة التصحيحية مرددين شعارات مؤيدة لمزوار، بعدما كاد احتكاك بين أعضاء اللجنة التنظيمية وحراس الأمن الخاص من جهة، وبين أعضاء موالين للحركة التصحيحية، أن يتطور إلى تشابك بالأيدي، ليكتفي التصحيحيون بالبقاء خارج قاعة الاجتماع أمام أنظار عناصر الأمن العمومي التي نزلت بكثافة بمحيط نادي وزارة التجهيز بالرباط.
وبدأ المنصوري كلمته، في حدود الساعة الواحدة متأخرا أربع ساعات، بالإقرار بعدم توفر النصاب القانوني بسبب عدم التحاق باقي الأعضاء نتيجة "ضغوط" تمارسها "طائفة" التصحيحيين، بحسبه، مضيفا أن حزب الأحرار يمر اليوم بمنعطف تاريخي، أمام إصرار "العبثيين" على النضال خارج الأجهزة الحزبية "مع العلم أن يدي ستظل ممدودة لهؤلاء لمناقشة كل المسائل"، يقول المنصوري، الذي كان يقرأ من حين لآخر بنود القانون الداخلي للحزب، والتي بالاستناد إليها قرر اعتبار الاجتماع الزوالي بمثابة دورة أولى للجنة المركزية، تم رفعها من أجل تناول وجبة الغذاء، ليتم عقد الاجتماع الثاني (الدورة الثانية) في حدود الساعة الخامسة.
في نفس الوقت وزع التصحيحيون بيانا بخط اليد، أكدوا فيه "تعبئتهم" من أجل تصحيح "الأوضاع المزرية" بالحزب جراء "التدبير السلبي والمضطرب للقيادة الحالية"، و"شجبهم" لسلوك الرئيس الذي قام بخرق "سافر" للقانون ضاربا عرض الحائط ما تتطلبه المرحلة من النضج والتبصر وما تلقيه عليه وضعيته الاعتبارية كرئيس لمجلس النواب من خلال عدم الإقرار بانتفاء توفر النصاب.
وعقد المنصوري ندوة صحفية نفى فيها العديد من التهم، مؤكدا أنه كان الوحيد من بين الأغلبية الذي عبر عن موقف واضح إزاء التحالف مع حزب العدالة والتنمية، عشية الإعلان عن نتائج الانتخابات الجماعية، عكس ما يُتهم به، وهو نفس النفي الذي ذكره بخصوص اتهامه بأنه أشار إلى أن حزب "البام" يريد أن يعود بالمغرب إلى سنوات الرصاص، معتبرا أن ذلك كان مجرد وشاية من طرف "المتملقين"، وهو ما ذهب إليه أيضا حول "اتهامه" بأنه توسط لبوسعيد في الانتخابات لدى السلطات بفاس، حيث قال أنه كان يقصد فقط "السؤال عن حظوظ نجاح المعني بتلك الانتخابات".
وأفضى اللقاء الثاني للجنة المركزية الذي انتهى في حدود الساعة الثامنة والنصف إلى إصدار "توصية" للجنة تطالب من خلالها بـ"لا شرعية" التفويض الممنوح لمزوار وإلغائه، وبإقالة أو تجميد المكتب التنفيذي، وأشار أعضاء اللجنة المجتمعون، والذين لم يتجاوزوا43 عضوا، كما دون ذلك في محضريهما عونان قضائيان عُينا لهذا الغرض من طرف المحكمة، على أن يبقى الاجتماع مفتوحا في انتظار أن يقوم المنصوري بـ"استشاراته" حول عواقب الإقالة أو التجميد لأعضاء المكتب التنفيذي الذي تقول "الحركة التصحيحية" أنها تضم بين صفوفها 26 عضوا من أصل 32 هم مجموع هذه اللجنة.
وفي الوقت الذي كان المجتمعون لم يقرروا بعد في مصير اللجنة التنفيذية، استدعى على عجل، صلاح الدين مزوار الصحافيين إلى منزل بطريق زعير، لندوة صحافية اتهم فيها متزعمُ التصحيحيين بحزب الحمامة الرئيس الحالي بـ"تغليط وتمويه" الرأي العام، حين تم استدعاء أشخاص لا صفة لهم بالحزب، قبل أن يتضح أن أعضاء اللجنة المركزية الذين حضروا لا يتعدى 43 عضوا منهم أربعة من الحركة كانوا يتابعون الوضع.
وتبادل الكلمة خلال الندوة الأخيرة، والتي حضرها كل من بنقدور وبلخياط والطالبي وبوسعيد وبنخضرا وعبو وبيرو، كل من مزوار وأوجار والحافظي، مؤكدين أن الحزب عاش يوم السبت الماضي لحظة تاريخية، أفاقت الحزب من "سباته" بفضل ما تدعو إليه الحركة من إعادة هيكلة الحزب وتأهيله في أفق الاستعداد لاستحقاقات سنة 2012.
وحول سؤال لـ"المساء" حول أسباب عدم فتح نقاش مع الرئاسة، أجاب مزوار بأن المسألة لا تهم أشخاصا حتى يتم النقاش تحت الطاولة، ولكن القضية تتعلق بتصارع أفكار ومشروع سياسي، وأن مزوار هو فقط "هوت باغلوغ"، يقول متزعم الحركة، الذي زاد موضحا بأن المنصوري عليه أن يخضع للمشروعية والديمقراطية نافيا أن تكون حركته دعوة للانشقاق وتقسيم الحزب، ومؤكدا في ذات السياق أن الحزب مستعد للوقوف إلى جانب المنصوري لولاية أخرى برئاسة مجلس النواب إذا "امتثل" لقواعد الديمقراطية داخل الحزب، دون اعتبار ذلك "مقابلا" لتخليه عن الرئاسة.
وذكر التصحيحيون بأن عدد أعضاء اللجنة المركزية المنتمين إليهم يفوق الـ 300، بعدما كان هو 271 خلال لقاء بوزنيقة يوم الجمعة قبل أن يلتحق 38 عضوا آخر في آخر لحظة، مما يمثل "الأغلبية الساحقة" لمجموع الأعضاء الـ 405، مضيفين أن اجتماع يوم 23و24 من الشهر الجاري سيتم فيه "حسم" الأمور بترشيح مزوار للرئاسة التي تبقى مفتوحة في وجه الجميع.

اللحظات الحاسمة لـ"تهريب" حزب عصمان إلى حزب الهٍمة بدأت تقترب


الرباط / عبد الله توفيق

يعيش التجمعيون هذه الأيام المراحل الحاسمة في سياق الصراع بين الحركة التصحيحية التي يقودها وزير المالية صلاح الدين مزوار وبين رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار في سعي محموم للإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا في المؤتمر الثامن مصطفى المنصوري. ولم تستطع اللجنة المركزية التي دعا إلى انعقادها مصطفى المنصوري، يوم السبت الماضي بالرباط من جمع النصاب القانوني، مما جعله يعمل على تأويل بنود الحزب ويعلن عن عقد اجتماع بمثابة دورة ثانية بمن حضر من الأعضاء، خلال نفس اليوم، وهو ما اعتبرته حركة مزوار "تحايلا" على الرأي العام مؤكدة أن اجتماع المجلس الوطني القادم الذي دعت إلى انعقاده الحركة التصحيحية بمدينة مراكش يوم السبت المقبل سيكون حاسما.
وشارك عدد من الوزراء السابقين والحاليين كبلخياط وأخنوش والوزير الحديث العهد الزناكي والطالبي وبوسعيد وعبو واوجار وغيرهم في تظاهرة حاشدة امام مقر الاجتماع بالنادي الاجتماعي التابع لوزارة النقل بحي الرياض وسط العاصمة، مرددين شعارات مؤيدة للحركة التصحيحية ومناوئة للمنصوري في ظل وجود مكثف لقوات الأمن، رافضين إلى دخول قاعة الاجتماع لإفشال خطة المنصوري، بعد حدوث احتكاك بين أعضاء اللجنة التنظيمية وحراس الأمن الخاص من جهة، وبين أعضاء موالين للحركة التصحيحية، كاد أن يتطور إلى تشابك بالأيدي.
وافتتح المنصوري كلمته، في حدود الساعة الواحدة متأخرا أربع ساعات، بالإقرار بعدم توفر النصاب القانوني بسبب عدم التحاق باقي الأعضاء نتيجة "ضغوط" تمارسها "طائفة" التصحيحيين، بحسبه، مضيفا أن حزب الأحرار يمر اليوم بمنعطف تاريخي، أمام إصرار "العبثيين" على النضال خارج الأجهزة الحزبية "مع العلم أن يدي ستظل ممدودة لهؤلاء لمناقشة كل المسائل"، يقول المنصوري، الذي كان يقرأ من حين لآخر بنود القانون الداخلي للحزب، والتي بالاستناد إليها قرر اعتبار الاجتماع الزوالي بمثابة دورة أولى للجنة المركزية، تم رفعها من أجل تناول وجبة الغذاء، ليتم عقد الاجتماع الثاني (الدورة الثانية) في حدود الساعة الخامسة.
في نفس الوقت وزع التصحيحيون بيانا بخط اليد، أكدوا فيه "تعبئتهم" من أجل تصحيح "الأوضاع المزرية" بالحزب جراء "التدبير السلبي والمضطرب للقيادة الحالية"، و"شجبهم" لسلوك الرئيس الذي قام بخرق "سافر" للقانون ضاربا عرض الحائط ما تتطلبه المرحلة من النضج والتبصر وما تلقيه عليه وضعيته الاعتبارية كرئيس لمجلس النواب من خلال عدم الإقرار بانتفاء توفر النصاب.
وبعد تناول وجبة الغذاء عقد المنصوري ندوة صحفية نفى فيها العديد من التهم، مؤكدا أنه كان الوحيد من بين الأغلبية الذي عبر عن موقف واضح إزاء التحالف مع حزب العدالة والتنمية، غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات الجماعية، عكس ما يُتهم به، وهو نفس النفي الذي ذكره بخصوص اتهامه بأنه أشار إلى أن حزب "البام" يريد أن يعود بالمغرب إلى سنوات الرصاص، معتبرا أن ذلك كان مجرد وشاية من طرف "المتملقين"، وهو ما ذهب إليه أيضا حول "اتهامه" بأنه توسط لبوسعيد في الانتخابات لدى السلطات بفاس، حيث قال أنه كان يقصد فقط "السؤال عن حظوظ نجاح المعني بتلك الانتخابات".
وتوصل المشاركون في اللقاء الثاني للجنة المركزية الذي انتهى في حدود الساعة الثامنة والنصف إلى إصدار "توصية" للجنة تطالب من خلالها بـ"لا شرعية" التفويض الممنوح لمزوار وإلغائه، وبإقالة أو تجميد المكتب التنفيذي، وأشار أعضاء اللجنة المجتمعون، والذين لم يتجاوزوا43 عضوا، كما دون ذلك في محضريهما عونان قضائيان عُينا لهذا الغرض من طرف المحكمة، على أن يبقى الاجتماع مفتوحا في انتظار أن يقوم المنصوري بـ"استشاراته" حول عواقب الإقالة أو التجميد لأعضاء المكتب التنفيذي الذي تقول "الحركة التصحيحية" أنها تضم بين صفوفها 26 عضوا من أصل 32 هم مجموع هذه اللجنة.
وفي ذات الوقت الذي كان اجتماع قاعة وزارة التجهيز لم ينته بعد استدعى، صلاح الدين مزوار الصحافيين إلى منزل بطريق زعير، لندوة صحافية اتهم فيها الرئيس الحالي بـ"تغليط وتمويه" الرأي العام، حين تم استدعاء أشخاص لا صفة لهم بالحزب، قبل أن يتضح أن أعضاء اللجنة المركزية الذين حضروا لا يتعدى 43 عضوا منهم أربعة من الحركة كانوا يتابعون الوضع.
وتناول الكلمة خلال الندوة الأخيرة، والتي حضرها كل من بنقدور وبلخياط والطالبي وبوسعيد وبنخضرا وعبو وبيرو، كل من مزوار وأوجار والحافظي، مؤكدين أن الحزب عاش يوم السبت الماضي لحظة تاريخية، أفاقت الحزب من "سباته" بفضل ما تدعو إليه الحركة من إعادة هيكلة الحزب وتأهيله في أفق الاستعداد لاستحقاقات سنة 2012.
ويرى المتتبعون أن حزب عصمان الذي تأسس في سبعينيات القرن الماضي على عهد الراحل الحسن الثاني، والذي اعتبر لوقت طويل "حزبا أغلبيا"، يؤدي اليوم فاتورة عدم قبوله الانخراط في "طاحونة" الوافد الجديد، حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أسسه كاتب الدولة في الداخلية السابق فؤاد عالي الهمة، والذي تربطه بحركة مزوار علاقة قوية من خلال انتماء معظم أعضائها الوزراء إلى حركة لكل الديمقراطيين، النواة الأولى التي مهدت لتأسيس حزب التراكتور، وهو ما يعني، حسب مصادر تحدثت إلى "المغرب الملاحظ"، أن الصورة اكتملت حين قاد مزوار "الثورة" ضد المنصوري، إذ أن الهدف هو التحالف مع حزب "البام"، عندما يطيح بالمنصوري، هذا إن لم يتم الإعلان عن اندماج سياسي بين الحزبين الذين تكاد تكون طريقة تأسيسهما واحدة.
ونقلت مصادر حضرت لقاءات يوم السبت لـ"المغرب الملاحظ"، أن مزوار يعتبر الحركة التي يقودها "مسألة لا تهم أشخاصا حتى يتم النقاش بشأنها تحت الطاولة، ولكن القضية تتعلق بتصارع أفكار ومشروع سياسي"، وأن مزوار هو فقط ممثل لأصحاب هذا المشروع، يقول متزعم الحركة، الذي زاد بأن المنصوري عليه أن يخضع للمشروعية والديمقراطية نافيا أن تكون حركته دعوة للانشقاق وتقسيم الحزب، ومؤكدا في ذات السياق أن الحزب مستعد للوقوف إلى جانب المنصوري لولاية أخرى برئاسة مجلس النواب إذا "امتثل" لقواعد الديمقراطية داخل الحزب، دون اعتبار ذلك "مقابلا" لتخليه عن الرئاسة.
وبحسب التصحيحيين فإن عدد أعضاء اللجنة المركزية المنتمين إليهم يفوق الـ 300، بعدما كان هو 271 خلال لقاء بوزنيقة يوم الجمعة قبل أن يلتحق 38 عضوا آخر في آخر لحظة، مما يمثل "الأغلبية الساحقة" لمجموع الأعضاء الـ 405، مضيفين أن اجتماع يوم 23و24 من الشهر الجاري سيتم فيه "حسم" الأمور بترشيح مزوار للرئاسة التي تبقى مفتوحة في وجه الجميع.

الأربعاء، سبتمبر 23، 2009

الإفراج عن الصحافي العراقي منتظر الزايدي

أفرجت السلطات العراقية صباح اليوم عن الصحفي العراقي
منتظر الزيدي الذي أكد من جانبه أن رشقه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بنعليه، كان تعبيرا عن رفضه لقتل قوات الاحتلال لأبناء شعبه.
وكان الزيدي (30 عاما) قد حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الاعتداء على رئيس دولة زائر، لكن الحكم خفف لاحقا إلى سنة واحدة قبل أن تأمر محكمة عراقية أمس بالإفراج عنه بمضي ثلاثة أرباع المدة لحسن السلوك وفقا للقانون. وقال الزيدي وهي يلقي حذاءه "هذه قبلة الوداع لك يا كلب"، ولم يكد الحاضرون يفيقون من دهشة الضربة الأولى حتى ألقى تجاهه بفردة حذائه الثانية وهو يقول "وهذه من الأرامل والأيتام ومن قتلوا في العراق".
ومباشرة بعد الإفراج عنه ندد الزايدي باستمرار الاحتلال الأميركي لبلاده، وحذر من إمكانية تعرضه للتصفية من قبل الاستخبارات الأميركية.

وفي ما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها الصحافي العراقي أمام عدد من زملائه الصحافيين.


للإشارة فقط فالكلمة تنشر أصلية عن مصدرها كما نقلتها عدة مواقع إليكترونية، فمعذرة مسبقا عن عدم تنقيحها وتصحيحها لغويا؛
بسم الله الرحمن الرحيم
ها انا ذا حر وما زال الوطن اسير… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البدء احيي و اشكر كل من وقف الى جانبي من الشرفاء في وطني و في الوطن العربي الكبير وفي العالم الاسلامي والعالم الحر.لقد كثر الحديث عن الفعل والفاعل والبطل والبطولة والرمز والصنيع, لكنني بكل بساطة اجيب ان الذي حررني للمواجهة هو الظلم الذي وقع على شعبي، وكيف ان الاحتلال اراد اذلال وطنى بوضعه تحت جزمته وسحق فوق رؤس ابناءه من شيوخ ونساء واطفال ورجال وعلى مدى الاعوام الماضية سقط اكثر من مليون شهيد برصاص الاحتلال واكتظت البلاد بخمسة ملايين يتيم ومليون ارملة ومئات الالاف من المعاقين ونحو خمسة ملايين من المشردين داخل البلاد وخارجها .كنا قوما يقتسم العربي مع التركماني والكردي والاشورى والصابئي والايزيدى رغيف الخبز ويصلي الشيعي مع السني في صف واحد، ويحتفل المسلم مع المسيحي في عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ورغم اننا كنا نجوع يوميا في حصار امريكا لأكثر من عشرة سنوات فإن صبرنا وصمودنا لم ينسنا الاستبداد والقمع حتى اجتاحنا الاحتلال بوهم التحرير لدى البعض ففرق بين الاخ واخيه والجار وجاره والولد وخاله وجعل بيوتنا صناديق عزاء لا تنتهى ومقابرنا صارت في الشوارع والمتنزهات، انه الطاعون انه الاحتلال الذي يفتك بنا ويدنس دور العبادة وحرومات البيوت ويغتصب الحرائر ويزج بالالاف كل يوم في سجون مرتجلة. انا لست بطل واعترف بذلك لكنى صاحب رأي وموقف لقد اذلنى ان ارى بلادي تستباح , بلادي تحرق واهلي يقتلون , الاف الصور والمشاهد المأساوية ضلت عالقة في ذهني وهي تضغط على كل يوم مشيرة الى طريق الحق طريق المجابهة طريق رفض الباطل والزيف والخداع وكنت لا انام معها ليلاً هانئاً , عشرات بل مئات الصور والفضائح والمجازر التى يشيب لها الجنين كانت تبكيني وتجرحنى فضيحة ابو غريب مجزرة الفلوجة , النجف , حديثة مدينة الصدر, البصرة , ديالى , الموصل , تلعفر , وكل شبر من ارضنا الجريحة، كنت اجول طوال السنوات الماضية بارض محترقة وكنت اشاهد بام عيني الام الضحايا واسمع صرخات الثكالى والايتام وكان العار يلاحقني كاسم قبيح لقلة حيلتي وحين اكمل واجبهى المهني في نقل كوارث العراقيين اليومية وانا اغتسل من بقايا غبار المنازل المهدمة او من بقايا دماء الضحايا العالقة في ثيابى اعض على اسناني معاهدا ًضحايانا بالثأر لهم وقد حانت الفرصة ولم افوتها وفاءً لكل قطرة دم بريئة سقطت من الاحتلال أو من جرائه لكل صرخة ثكلى او انين جريح او حزن مختصبة او دمعة يتيم , لو علم اللائمون كم وطات الحذاء التى قذفتها منازل مهدمة بفعل الاحتلال وكم مرة اختلط بدماء الابرياء النازفة وكم مرة دخلت بيوتاً انتهكت حرمات حرائرها ولعلها كانت الرد المناسب حين تنتهك جميع المعايير..
اردت بقذفي الحذاء في وجه مجرم الحرب بوش ان اعبر عن رفضى لكذبه رفضي لاحتلاله لبلادى رفضي لقتل شعبى رفضي لنهب خيراته وتهديم بناه التحتية وتشريد ابنائه في الشتات وبعد 6 سنوات من الذل والقتل وانتهاك الحرمات وتدنيس دور العبادة ياتي القاتل متبجحا بًالنصر والديمقراطية ويريد توديع ضحاياه ويريد منا الورود، ببساطة كانت تلك وردتي للمحتل ومن اراد التواطؤ معه واستغفال التأريخ سواء بنشر الاكاذيب قبل الاحتلال او بعده , اردت الدفاع عن شرف المهنة وعن الوطنية المستضامة يوم دنست البلاد واستبيح الوطن وذهب الشرف الرفيع.
يقول البعض لماذا لم يسأل بوش سؤال يحرجه فيه في المؤتمر وانا هنا اجيبكم انتم يا معشر الصحفيين , كيف لي ان اسأل بوش وقد امرنا قبل بدء المؤتمر بان لا نطرح السؤال عليه , ممنوع اي شخص ان يسال بوش وكنا نكتفي بالتغطية فقط كخبر اما عن المهنية فان المهنية التى يتباكى عليها البعض في ظل الاحتلال ولا اظن ان صوتها يطغى على صوت الوطنية واذا تحدثت الوطنية ستجد المهنية رديفاً لها , وبهذه المناسبة اذا كنت قد اسأت بغير قصد والله العالم للاعلام والصحافة اود الاعتذار منكم لما سببته من احراج مهني للمؤسسات ولان كل ما قصدته هو التعبير بوجدان حي وضمير يقظ عن مكنونات مواطن يرى بلده يستباح كل يوم كما ان التاريخ يذكر كثير من القصص التى دنست فيها المهنية بيد ساسة امريكا سواء في محاولة اغتيال الثائر الكوبي فيديل كاسترو من خلال تفخيخ كاميرا تلفزيونية كان يحملها عملاء لل سي آي أي حينما ادعوا انهم من التليفزيون الكوبي، أو ما فعلوه في حرب احتلال العراق من تضليل الرأي العام بما يجري وامثلة كثيرة لا يسعني ان اذكرها هنا.
لكن الشيء الذي اود ان الفت اليه الانتباه هو ان هذه الاجهزة المريبة اي المخابرات الأمريكية والأجهزة الاخرى التابعة لها لم تدخر جهداً في ملاحقتي كثائر متمرد على احتلالها في محاولة لقتلي او تسقيطي وهنا الفت انتباه المقربين الى مصائد المخابرات تلك للايقاع بى وقتلي بشتي الطرق جسدياً واجتماعيا ًومهنياً وفي الوقت الذي خرج به رئيس الوزراء العراقي في الفضائيات ليقول انه لم ينم الا بعد ان اطمئن على و انني قد وجدت فراش وفيراً وغطاء , في تلك اللحظات التى كان يتحدث بها رئيس الوزراء العراقي كنت اعذب بابشع انواع التعذيب صعق بالكهرباء ضرب بالكيبلات ضرب في القضبان الحديدة وفي الباحة الخلفية للمؤتمر الذي كان يجري وما زال يجري وانا اسمع اصوات المؤتمرين وربما كانوا يسمعون صراخ انيني وتركت في الصباح مكبلاً في مكان لا يقيني برد الشتاء القارص بعد ان اغرقوني في الماء منذ الفجر، لذلك اطلب بالاعتذار عن حجب الحقيقة عن الناس من السيد المالكي وساتحدث لاحقاً عن الاسماء التى تورطت بتعذيبي وبينهم بعض المسئولين الكبار في الدولة وفي الجيش. لم ابلغ من فعلتى هذه دخول التاريخ او الحصول على مكسب ما وانما اردت الدفاع عن بلدى وهو امر مشروع تقره القوانين والاعراف السماوية والارضية والدولية ، اردت الذود عن بلد عريق وحضارة استبيحت واظن ان كتب التاريخ الامريكية وغير الامريكية ستذكر كيف جعل المحتلون العراق العريق يخضع لسيطرتهم ويذعن لهم و الى الاساليب الوحشية التى استخدموها بحق ابناءه متبجحين بذلك متذكرين ما كان يحدث للسكان الاصليين في امريكا الجنوبية والشمالية على يد المستعمرين، ولكنني اقول هنا لهم ولكل من حذا بحذوهم وكل من آزرهم وتباكى عليهم , هيهات فنحن شعب نموت ولا نذل.
واخيراً اقول انني مستقل وغير متنتمي الى اي حزب كما ظهر كثيرا وفي اثناء التحقيق والتعذيب انني انتمي الى جهات يمينية ويسارية ,لكنني مستقل من اي جهة سياسية كانت وساسخر ان شاء الله كل جهدى القادم في الخدمة الانسانية المدنية لشعبي وكل من هو بحاجة اليها دون الخوض بغبار السياسة وليس غمار السياسة كما اطلق البعض اشاعات عني وساعمل على رعاية الايتام والارامل وكل من تضرر بالاحتلال. الرحمة للشهداء والشهديات الذين سقطوا في العراق الجريح والعار لمن احتلال العراق ومن ساعد فى فعلته النكراء والسلام على المعفرين في غياهب القبور وعلى المقهورين في سلاسل الاعتقال والسلام عليكم ايها الصابرون المحتسبون في بلادي الحبيبة الجريحة فان ليل الظلم وان طال فانه لن يحجب شمساً خططناها بايدينا ان تبقى شمساً للحرية.وكلمة اخيرة اوصاني بها رفاقي وزملائي في المحنة في السجون هناك , قالوا يا منتظر اذا خرجت فاذكرنا عند ربك , انا ربي واحد سبحانه وتعالى واذكرهم عنده في كل صلاة لكن ارباب الدولة والسياسية اذكرهم بان هناك في السجون المرتجلة وغير المرتجلة مئات بل الاف الضحايا بسبب مخبر سرى بسبب وشاية وهم يقبعون في هذه الزنازين منذ سنوات ولا محاكمة ولا مراجعة لهم، فقط جلب من الشوارع ومن البيوت وزج في هذه السجون، فانا امامكم وامام الله وامامهم الان الذين ربما يستمعون لي ويشاهدوني فقد برأت ذمتي، فابرؤا ذمتكم ايها السياسيون والمسؤولين في الدولة عما يجري في السجون من ظلم بسبب تأخير القضاء العراق.
شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله