السبت، نوفمبر 24، 2012

من حقنا أن نفرح !


نورالدين اليزيد
المتتبع لأجواء الفرحة العارمة التي اجتاحت كامل التراب الوطني، يوم السبت الماضي، بعد انتهاء مباراة المغرب والموزمبيق المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للسنة المقبلة، لا شك أنه وقف على حقيقة لا غبار عليها وواضحة كوضوح الشمس في كبد السماء بيوم صيفي، وهي أن الشعب المغربي شعب في حاجة إلى من يفرحه ويرسم البسمة على محياه، فلتدم أفراحنا وليتكرر انتصار يوم السبت !
لن نخوض في التأسيس العقائدي والفلسفي والسوسيولوجي لفِعل الفرح، فهذا ما لا نستطيع إعطاءه حقه في هذا المقام، ويمكن لمن يريد التفصيل فيه الاطلاع على ما يُكتب ويُقدم في الندوات والكتب من طرف فقهاء الدين والمجالات العلمية الأخرى، لكن من حقنا أن نقف عند بعض مسببات هذا الفرح الذي عشناه نهاية الأسبوع الماضي.
بالرجوع إلى المباراة الرياضية الأخيرة التي كانت مناسبة لانطلاق فرح ساد كل ربوع مملكتنا السعيدة، نجد أنها لم تكن غير مباراة كرة قدم عادية لإقصائيات لن تؤدي إلا إلى بطولة إفريقية شاركنا فيها العديد من المرات، لكن يحتفظ لنا التاريخ بأننا كنا في المستوى في مناسبتين فقط؛ الأولى عندما تمكن جيل السبعينات من الظفر باللقب سنة 1976، والمناسبة الثانية عندما استطاع الفريق الوطني الوصول إلى المباراة النهائية سنة 2004، رفقة الإطار الوطني بادو الزاكي؛ ولذلك فإن كثيرين من لهم ذاكرة قوية لا يستطيعون التغلب على منطق المقارنة الذي تفرضه المعطيات التاريخية، والتي تخلص إلى أن لا جدوى من فرح إذا كان سيغطي فقط إخفاقات البعض وتهاونه، ولن يستمر طويلا.
حديثي هنا يسائل الذين كانوا السبب في منعنا من الفرح طيلة أشهر، وربما طيلة سنوات، إذا أخذنا بعين الاعتبار آخِر إنجاز كروي وقعنا فيه على بصمة واضحة في كرة القدم على المستوى الإفريقي، على الأقل؛ بحيث منذ ذلك الوقت، أي تحديدا منذ أزيد من ثمان سنوات، لم يعرف الفريق الوطني لكرة القدم إلا المزيد من التأرجح في مراتب متواضعة جدا على سلم ترتيب البلدان الذي يصدره الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
إن المتتبع للشأن الكروي ببلادنا وللشأن الرياضي عموما طرح أكثر من سؤال، قبل أيام فقط، على الجهات المسؤولة، بل وتم التداول في البرلمان بخصوص الوضع الرياضي "المتأزم" الذي آلت إليه الأمور في هذا القطاع الحيوي الذي يستهدف الشباب بالدرجة الأولى، خاصة بعد الخيبات التي جناها أبطالنا بالأولمبياد الأخير، إلا أن كل تلك الأسئلة ظلت معلقة وتنتظر الجواب الذي يبدو أنه ما يزال عالقا وإن كان تم تقديم جزء يسير منه، على شكل إقالة مدرب أجنبي من مهامه.
المشكلة ليست في إقالة المدرب البلجيكي الجنسية الذي جيء به بأجر "خيالي" وصل النقاش بشأنه إلى قبة البرلمان، حيث طالب نواب بالكشف عنه دون أن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا، بحجة تنصيص بنود العقد مع هذا المدرب على عدم الإفصاح بذلك. وليست المشكلة كذلك في تحقيق التأهيل إلى هذه البطولة الإفريقية أو الأولمبية أو العالمية، ولكنها مشكلة هي أعمق وأخطر بكثير من إجراء رتوشات إصلاحية في هذه الجامعة الرياضية أو تلك؛ إنها مشكلة عدم انصياع البعض للواجب الوطني وللقانون ولأسمى القوانين في البلاد وهو الدستور، الذي ينص حرفيا على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعلى الشفافية، والمروؤة، والكفاءة، وغيرها من الضمانات التي أقرها وألزم توفرها هذا الدستور في من يفترض أنه سيتولى أمور تسيير مرافقنا العامة، ولاسيما منها مرفق الرياضة الذي يخاطب ويستهدف الفئة الحيوية بالمجتمع، وهي فئة الشباب.
إن المأمول في مسؤولينا عن القطاع الرياضي ليس أن يتواروا خلف انتصار مؤقت لشبابنا، أو أن يُخطف هذا الانتصار من طرف الذين يريدون الاغتنام وإبقاء الوضع على ما هو عليه بأعطابه وعيوبه وتشوهاته، ولكن نأمل أن يتحلى بعض المسؤولين بالشجاعة والروح الرياضية الواجبة في المشتغلين في القطاع، ويتركوا المكان للرجل المناسب، فوحدها خطة "الرجل المناسب في المكان المناسب" هي القادرة على جعلنا نفرح باستمرار كجمهور يحب وطنه؛ وليس معنى ذلك أننا نطالب فرقنا الرياضية بتحقيق الانتصارات تلو الأخرى،  فهذا ما لا تستطيعه حتى أعتى الفرق الرياضية في العالم، ولكننا نريد فقط تسييرا وتدبيرا محكما لقطاعنا الرياضي، ويتولاه أشخاص لهم الدراية والخبرة الكافيتين، وقبل هذا وذاك لهم حس وطني حقيقي غير مزيف، وهذا ما سيكون له التأثير الإيجابي –بكل تأكيد- على الشباب، أولا، الذين سيجدون مجالات مرحبة بإبداعاتهم، وثانيا من شأن كل ذلك أن يعطي صورة حسنة لوطننا في مصاف الأوطان المتقدمة، وقتها سنفرح كثيرا..وهذا حقنا !        

       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق