الجمعة، يونيو 15، 2012

الشباب المغربي يتحرك..


نورالدين اليزيد

يبدو أن الشباب المغربي مافتئ دوما يُكَذب كل تلك الخطابات التيئيسية التي تتهم القاعدة العريضة من أبناء هذا الشعب الأبي، بأنه يعرض عن المشاركة في بناء تقدم وازدهار هذه البلاد، وفي أَلْين مواقف هؤلاء المضللين إزاء شباب المغرب، فإنهم يشيرون إلى شبابنا بالبنان متهمين إياهم بأنهم هم السبب وراء تقليص نِسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، وبالتالي فإنهم بالنتيجة هم الضالعون وراء اقتراف "جريمة العزوف السياسي" !
نكاد نجزم، ولنا حجيتنا في ذلك، على أن الشباب المغربي لم يكن يوما ولن يكون غدا، مستعدا لينكث عهد بناء الدولة المغربية القوية، بمشاركته الفعلية في ذلك، أحيانا، وحينا بدعوة أقرانه إلى المشاركة، عندما تحول بينه وبين ذلك موانع.
وليس هذا المجال يتسع لذكر كل الميادين التي أبان فيها الشاب المغربي عن علو كعبه، في حلبة التسابق على بناء لبنات هذا المجتمع، لكي يبقى في مصاف الدول القوية بأهلها وتربة أرضها؛ فبالإضافة إلى أن القاعدة الأساسية لمختلف أجهزة الدفاع والأمن الوطنيين تتشكل من شبابنا، فإن مختلف الميادين الأخرى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية، تزخر بعطاءات الشباب، وهو ما يدل على أن ضمير هذه الفئة من مجتمعنا متقد وواع بما يمليه عليه واجب الانتماء إلى هذا الوطن.
إن بواعث هذا الكلام جاءت تفاعلا مع ما بادرت إليه مجموعة من شبابنا، في إطار العمل المدني والجمعوي الفاعل، وفي سابقة من نوعها، ليس على الصعيد الوطني وحسب، ولكن على المستويين العربي والقاري، حين أسست ما وصوفها "حكومة الشباب الموازية"، وهي مبادرة عملية وفعلية تدخل في إطار العمل الجمعوي الراقي والهادف، الذي يبغي إشراك هذه الفئة من المجتمع في هموم بلادهم، ولاسيما تلك المتعلقة بتسيير وتدبير الشأن العام المحلي والوطني.
صحيح أن عمل هذه المبادرة الخلاقة لن يتعدى كونه عملا جمعويا يتفاعل مع محيطه الاجتماعي والسياسي والثقافي، ويترافع من أجل إسماع صوت الشباب إلى الذين يهمهم الأمر، لكن مجرد وجود مثل هكذا مبادرات، يعيد الثقة إلى من يعنيهم الأمر ويؤكد للبعض المشكك، بأن هذه الأرض الطيب أهلها لن تعدم يوما إنجاب من يستطيع الذود عن ديارها ولا من يساهم في تقدمها ورقيها.
ولإسماع صوتهم فإن "وزراء" الحكومة الموازية، الشباب طبعا، الذين لا يريدون مالا ولا شكورا وإنما فقط رضاء هذا الوطن الذي يريدونه سعيدا، يؤكدون على الحاجة إلى وجود آلية مدنية لتتبع السياسات العمومية المستهدفة لفئة الشباب؛ ولذلك فإنهم لن يرضون إلا بآلية شبابية قادرة على تحمل المسؤولية في المواكبة والترافع والاقتراح.
وبرأيهم فإن "حكومة الشباب الموازية" ستعمل على إطلاق دينامية مدنية شبابية جديدة لمواكبة التطورات السياسية، ولمراقبة الأداء الحكومي، والعمل على إطلاع الرأي العام عن تقييم عمل الحكومة وعن المشاريع البديلة التي كان يمكن أن تلجأ إليها في كل القرارات التي تتخذها.
ولعل قراءة في وثائق وأفكار أصحاب هذه المبادرة المدنية الشبابية تجعلها حبلى بالرغبة والاستعداد الكبيرين في المساهمة في تطوير هذه البلاد، التي اختارت بوضوح وبضمانة أعلى السلطات، وضمانة الدستور الجديد الرائد على المستوى الجهوي والقاري، الانخراط في مسار الديمقراطية، وتكريس حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، مع ما يتطلبه ذلك طبعا من استغلال لإمكانات البلاد البشرية والثقافية القائمة على التنوع والاختلاف، والموحدة في إطار الوطن الواحد الضاربة جذوره في أعماق التاريخ.
ولأنها مبادرة شبابية تعيد الاعتبار إلى الشباب المغربي التي تشار إليه أصبع الاتهمام بالعزوف عن الشأن الوطني، لاسيما من قِبل بعض السياسيين الراغبين في احتلال مناصب المسؤوليات الإدارية والحزبية والجمعوية، والذين يرفضون تداول ذلك سواء مع العنصر النسائي أو الشبابي، فإنها (المبادرة) تعتبر إيذانا على بداية نهاية مرحلة ما يسمى "الريع السياسي"، الذي يجعل العديد من "الشيوخ" يستفيدون من ترك المقعد فارغا (شبابيا)، فيحتكرون المهمام، وفي ذات الوقت هي إشارة على أن هناك شبابا قادرا على الإبداع والعمل، ليس فقط في إطار الأغلبية أو المعارضة بل أيضا في إطار "حكومة موازية" أو "حكومة الظل"، والتي تعمل بها أعرق الديمقراطيات في العالم، لكن للأسف لم يسعفنا سياسيونا في إخراجها إلى الوجود، واستطاع شباب هذا الوطن أن يؤسسوا لها، فهنيئا لشبابنا !                                       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق