الجمعة، يونيو 01، 2012

المجلس الاستشاري للشباب.. وشبابُنا


نورالدين اليزيد

منذ أزيد من مائة يوم بدأت الحكومة الجديدة مهامها بالموازاة مع تنزيل الدستور الجديد، الذي جاء نتيجة حراك شعبي ورسمي انخرطت فيها، منذ أزيد من سنة، السلطات العليا بالبلاد بقوة، عندما دعا جلالة الملك محمد السادس، في خطاب 9 مارس من السنة الماضية، إلى القيام بإصلاحات سياسية جذرية رسم معالمها الأساسية نفس الخطاب الذي دعا أيضا إلى إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
ولأن هذه الإصلاحات، بالإضافة إلى أنها تعتبر استمرارا لمسيرة طويلة من مثيلاتها من الإصلاحات التي يشهدها المغرب، منذ أزيد من عقد من الزمن، جاءت بالتزامن مع هبّة من الاحتجاجات الشعبية التي طالت معظم البلدان العربية، والتي كان من ورائها الشباب، فإن الدستور الجديد خصّص حيزا هاما لهذه الفئة الحيوية من مجتمعنا المغربي، التي حظيت بحصة معتبرة من المقاعد في مجلس النواب (كوطا)، بالإضافة إلى تنصيص هذا الدستور الجديد على إنشاء "مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي"، وذلك من أجل توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ومساعدة هذه الفئة على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني، كما ينص على ذلك صراحة النص الدستوري.
هذه الإصلاحات يبدو أن مسؤولية المُشرّع قد قام بما يلزم إزاءها وإزاء المجتمع من ضرورة توفير الإطار القانوني، لكن وكما يعرف القانونيون والرأي العام، على حد سواء، فإن التنصيص دستوريا على قضيةٍ ما أو الدعوة إلى إنشاء مؤسسة عمومية معينة، كما هو الشأن بالنسبة لهذه المؤسسة الدستورية التي تعنى بفئة الشباب، يبقى غير ذى جدوى إذا لم يتم تحويل ذلك النص الدستوري إلى كائن قابل للحياة؛ بمعنى صياغة القوانين والمراسيم اللازمة لتنفيذ تلك النصوص الدستورية.
هاهنا تبرز إذن مسؤولية الحكومة والجهاز التشريعي، وكذا القضائي لِم لا خاصة عندما تتبدّى منازعات في سياق تنفيذ القوانين التي تحكم البلاد؛ إنها مسؤولية أول فريق حكومي يقوده رئيس حكومة جاء من المعارضة، وشكل حكومته بناء على مقتضيات الدستور، التي تنيط به مسؤولية التنزيل السليم لهذا لدستور2011، بالشكل الذي يلبي حاجيات وانتظارات المواطنين، ولاسيما منهم الشباب.
هذه المسؤولية تقتضي، من بين ما تقتضيه الابتعاد، ما أمكن حتى لا نقول، الابتعاد نهائيا، عن الحسابات الضيقة، ومنها تلك الشخصية والحزبية التي كلّفت بلادنا الشيء الكثير من التأخر وسوء الاستثمار في الرأسمال البشري، وهو ما أثّر حتما في وثيرة تنمية مجتمعنا، لا بل وخلّف وضعا ضبابيا لدى الشباب المغاربة هو أقرب إلى فقدان الثقة بنخبنا السياسية منه إلى مخاصمة السياسة والتعاطي مع الشأن السياسي والحزبي.
إن التنزيل السليم للدستور، وحتى يتسنى للرأي العام الوطني التيقن بالقطع مع أساليب التدبير العام القديمة الموغلة في الضبابية وغياب الاستناد إلى معايير الكفاءة والموضوعية والنزاهة، يقتضي (التنزيلُ) تسلحَ الحكومة الجديدة بإرادة قوية في التغيير، وبالتفعيل الرشيد والعملي لمقتضيات الدستور الحاثة على الحكامة الجيدة وربط ممارسة المسؤولية بالحساب والمساءلة.       
لذلك فإن أولى الاختبارات لهذه الحكومة، على الأقل فيما يتعلق بالشباب وهذا موضوعنا في هذا الركن، ستكون هي ماهية المعايير والمقاييس والأساليب، التي سيُلجأ إليها لإخراج هذه المؤسسة الدستورية المعنية بالشباب إلى حيز الوجود!
لاشك أن الضامن الوحيد والمؤشر الأوحد على حسن نية الحكومة في تجاوز تراكمات الماضي فيما يتعلق بمجال تدبير الشأن الشبابي ببلادنا، سيكون هو ازديان مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي يضم أعضاء شبابا مشهود لهم بكفاءاتهم لا بولاءاتهم لهذه الجهة أو تلك؛ شباب يمكن أن يقدموا قيمة مضافة للحقل الشبابي، وهو ما لن يتأتَّ إلى من خلال القدرة على الغوص في الحياة العامة للشباب ومخاطبتهم بلغتهم، أي البحث عن الشاب المناسب في المكان المناسب، وليس الشاب القائل..كان أبي !     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق