الجمعة، سبتمبر 30، 2011

جزائري: لن نثور حتى ولو داسونا بأقدامهم..غباء عسكر الجزائر


كم هي مغفلة هذه المخابرات العسكرية الجزائرية التي تسكن قصر المرادية وتجثم على صدور الجزائريين وتحبس أنفاسهم دوما، وخاصة هذه الأيام، لتتنسم فصل ربيع يجتاح المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، وهي (المخابرات) تحاول زرع البلبلة في صفوف المواطنين لئلا يخرجوا للتظاهر في الشوارع، مروجين مقولة أن كل مشاكل الشعب الجزائري الشقيق، هي ليست من صنع النظام، ولكنها فقط مشاكل أفرزتها طرق تسيير بعض مسؤولي البلديات.
حديثي عن جنرالات العسكر، الذين بدأت فرائصهم ترتعد بعدما تمت الإطاحة بـ"الزعيم"، و"ملك ملوك إفريقيا"، و"إمام المسلمين"، وهلم جرا من الألقاب التي استثنى منها لقب "الجرذ"، حيث لا يعرف الجحر الذي يختبِئ فيه هو وذراعه اليمنى من أبنائه، جاء (الحديث) بعدما تَكشفت كل عورات جنرالات الدم وبدأت سوءاتهم أمام الملإ عارية، فلم يُجد نفعا كل تطبيلهم بأنهم سائرون على طريق الإصلاح، الذي يستنسخونه من جارهم الغربي، المغرب، رغم أن لا قِبل لهم ولا قدرة على مجاراته، بعدما نزل محمد السادس إلى الشارع وانضم إلى "ثوار" المغرب المنضوين تحت لواء حركة 20 فبراير، فكان ثائرا أكثر منهم عندما أمر بتعديل جذري للدستور، وبإجراء انتخابات سابقة لأوانها.
السرعة القصوى التي يمضي بها المغرب على درب الإصلاحات الدستورية والسياسية، جعلت الجيران الشرقيين لمغرب –وأقول الجيران تجاوزا رغم أني لا أستثني الشعب الذي لا يكن له المغاربة إلا الود والتقدير- يرتبكون، بل ويفقدون صوابهم عندما رأوا القوى الدولية تبارك خطوات محمد السادس الإصلاحية، بل وانبرت حتى دول وإمارات الخليج العربي تفطن إلى المكانة الإستراتيجية التي يسير المغرب في اتجاه تبوئها، فأبت إلا أن تعرض عليه انضمامه إلى التجمع الإقليمي الأكثر فاعلية في المنطقة العربية، ألا وهو مجلس التعاون الخارجي، ليصاب محتلو قصر المرادية بالسُّعار، فلم يجدوا حرجا في إبداء ما أسموه "استغرابا" إزاء الدعوة الخليجية، بينما لسان حالهم يؤكد مدى الصدمة التي تلقوها وهم يجدون أنفسهم في بوثقة "غير المُرحب بهم" في زمن الثورات العربية، حتى من لدن القوى الكبرى في العالم.
الغباء الذي أتحدث عنه هاهنا، والذي بدا واضحا في تصرفات ضباط المخابرات الجزائريين، أو كلاب حراسة جنرالاتهم، كما يحب البعض من الجزائريين أن يصفوهم، يدعو أكثر من تساؤل حول جدوى مثل هكذا تصرفات وأساليب يتبعها جهاز يُفترض أنه يسهر على حماية المواطنين قبل الجنرالات، تماما كما يُفترض فيه نهج أساليب أكثر مواكبة لمتطلبات العصر الحديث؛ وإلا فما الجدوى من أن يحتل ضباط المخابرات أبواق الإعلام الجزائري المكتوب والسمعي البصري، ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى استغلال شبكة الاتصال لإرسال رسائل قصيرة عبر الهواتف النقالة، والإدعاء أنها من "مصادر مجهولة" أو "صهيونية" تحرض المواطن الجزائري على التظاهر. والنتيجة أن الشعب الجزائري فطن للعبة الخبيثة والصبيانية، فلم يخرج في يوم 17 شتنبر المنصرم، ما دام أن الأمر يتعلق بخطة مرتجلة أراد جنرالات العسكر الحاكمون أن يجسوا بها نبض الشعب من جهة، ومن جهة أخرى الإدعاء بأن الجزائريين في غنى عن الثورات، ولا ينقصهم إلا النظر والتملي في وجه عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس المعتل الذي يتحرك بخيوط ينسجها العسكر.
كم هو غبي هذا العسكر عندما يلبس دور المواطن الجزائري المقهور رغم أن بلاده تزخر بالإمكانيات النفطية والغازية، ثم يتسلل في غسق الليل إلى مواقع إليكترونية ويرد على معلقين بأنه "لن يثور حتى ولو داسوه بأقدامهم.."، ثم يزيد بـ"أن مشكلة الجزائري ليست مع النظام ولكنها مع رئيس البلدية".
وأكاد أجزم، بل أقسم بأغلظ الأيمان، وأنا المغربي الأمازيغي العربي المسلم الذي تجمعني وشقيقي الجزائري أواصر الدم والدين والثقافة نفسها، بأن بلاد المليون شهيد لن ترضى لنفسها الذل ولن تظل خارج سياق التاريخ، هذا الذي يخطه الشعب العربي. وأن الانتفاضة لرفع الظلم الجاثم على صدور المواطنين ليست إلا مسألة وقت، كما تبدو ملامحها ومؤشراتها واضحة من خلال الاحتجاجات المتوالية على الشغل والسكن وتحسين المعيشة، وقد طفح الكيل وهم يرون ملايين دولارات عائدات الغاز تذهب إلى الحسابات السرية للجنرالات بالخارج.
وكم ضحكت من الإشاعة التي ألصقها، زورا، ضباط المخابرات بمن وصفوهم "الصهاينة"، في حين كشفت المعطيات، سابقا وحاليا، بأن بني صهيون هم من ارتكبوا ويرتكبون مجازر دموية في حق الشعب الجزائري بأيادي عناصر مخابرات الجيش ثم يعلقون شماعة "الإسلاميين"؛ فهلَّا قلبتم هذه الأسطوانة المشروخة التي ما عادت تطرب، لأن رفع شعار "الإرهاب الإسلامي"، لم يصبح يفيد أيها الجنرالات، لا محليا ولا وطنيا. وإن كان هذا الشعار الذي امتطاه الدكتاتوريون للإستمرار في حكمهم يجدي نفعا، لبقي زين العابدين الهارب وحسني مبارك المريض القابع في السجن ومعمر القذافي الفار على عروشهم، فاستعدوا أيها الجنرالات للفرار أو المحاكمة..        
نورالدين اليزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق