الخميس، سبتمبر 08، 2011

المرأة المغربية تنخرط في "الربيع النسائي" من أجل الديمقراطية والمساواة

الدعوة إلى "دسترة" المكتسبات التي تم تحقيقها لفائدة المرأة المغربية، والتنصيص على تجريم العنف ضد النساء وعلى "التمييز الإيجابي" بين المرأة والرجل، والمساواة في تقلد المناصب، والرفع من نسبة التمثيلية السياسية النسائية، أبرز مطالب الحركات النسائية التي وجهنها للجنة الاستشارية لتعديل الدستور، وهي العناوين الكبرى التي رفعتها النساء المغربيات في ما أسمينه "الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة"

طالبن بـ"تأنيث" مقتضيات الدستور الجديد



"تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن الجهوي خاصة، وفي الحقوق السياسية عامة، وذلك بالتنصيص القانوني على تيسير ولوجها للمهام الانتخابية"؛ هذه الفقرة من الخطاب الملكي لـ9 مارس الماضي، والذي اعتُبر "ثورة" الملك محمد السادس في مواجهة استباقية مع "الربيع العربي"، لما تضمنه من إشارات قوية لتعديلات دستورية سابقة من نوعها، اعتبرتها الحركات النسائية المغربية، من جهتها، بمثابة "ضوء أخضر" لها من أعلى السلطات، لبداية زحف "الربيع النسائي المغربي".
فقد انبرت فعاليات نسائية مختلفة إلى تأسيس ما أسمينه "الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة"، في رد فعل سريع ومنسجم، أولا، مع الإشارة الملكية القوية لمأسسة حقوق المرأة أو "مكتسباتها"، كما تفضل تلك الفعاليات تسميتها، وثانيا، بالتناغم إلى درجة التماهي مع مطالب حركة 20 فبراير، التي لم تخف المناضلات النسائيات انخراطها في الدينامية التي تم إطلاقها في 20 فبراير الماضي.

الربيع النسائي..يزحف على المغرب

"تحالف الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة" يضم مكونات من الحركة النسائية المغربية المجتمعة بالرباط يوم الأربعاء 16 مارس الماضي، أي بعد أسبوع فقط من الخطاب الملكي، ويهدف من بين ما يهدف إليه إلى "دسترة المساواة الفعلية والشاملة بين النساء والرجال في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
ولهذا الغرض أعلن التحالف، الذي لم يذكر تحديدا في بيان إعلان إنشائه الجمعيات المنضوية إليه بالاسم، أعد مذكرة تحمل تصور الحركة النسائية للدستور الجديد الذي تطمح إليه النساء المغربيات في القرن الواحد والعشرين، والذي يستجيب لدعوات السلطات العليا بالبلاد إلى "شرعنة التمييز الإيجابي"، على حد ما ذهب إليه تأويل العديد من المنتميات إلى هذا التحالف النسائي، لمنطوق الخطاب الملكي المشار إليه.
وبحسب المذكرة فإن مطالب "الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة" بدسترة الحقوق الإنسانية للنساء والمساواة بين الجنسين في دينامية النضالات المتواصلة للحركة النسائية، تهدف أساسا إلى "جعل مسلسل الإصلاحات الدستورية الذي أطلقه الخطاب الملكي الهام، لحظة تحول حقيقية في مسار النهوض بحقوق النساء وحمايتها من مدخل تأصيلها الدستوري". إنه التحول الذي أعلنه عنه الملك محمد السادس، في خطاب 9 مارس، والذي يتجاوب تماما مع أهداف الحركة النسائية ببلادنا، تقول الفاعلة النسائية والقيادية بحزب التقدم والاشتراكية، فاطمة حركات في حديثها إلى المجلة، قبل أن تضيف أن إشارة الملك في خطاب مارس "تعد توجيها لدسترة الحقوق والمكتسبات، التي راكمتها الحركات النسائية المغربية".
وأشارت القيادية الحزبية والفاعلة النسائية أيضا منذ مدة في دينامية "الحركة النسائية من أجل الثلث في أفق المناصفة"، إلى أن الورش الكبير الذي أعطى إشارة انطلاقته جلالة الملك بالتزامن مع ما تشهده بلادنا والبلاد العربية الأخرى من رياح التغيير، يعتبر من جهة استمرارا للحركية التي تعرفها بلادنا على مستوى المكتسبات النسائية التي تم تحقيقها، ومن جهة أخرى تفاعلا مع سياق الحراك السياسي المجتمعي والشبابي الذي يشهده المغرب والمنطقة العربية في ما بات يعرف بـ"الربيع العربي"، وهو ما يجعلنا أمام تحد حقيقي لتقنين تلك المكتسبات السياسية واعتبار الحقوق الأساسية للنساء المغربيات خطوطا حمراء لا يجب المساس بها من قبل أي كان".

أوراش بتاء التأنيث..

إنه "الورش الكبير"، يقول بيان تحالف "الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة"، الذي يشكل حصيلة متقدمة لنضالات القوى الديمقراطية والحداثية، و"تجاوبا إيجابيا مع نبض المجتمع في سياق الحراك السياسي المجتمعي والشبابي الذي يشهده المغرب وعموم المنطقة العربية"، والذي "لن يحقق ما تقتضيه المرحلة إلا باعتبار الحقوق الأساسية للنساء المغربيات رهانا محوريا للدمقرطة والتحديث والعدالة الاجتماعية وترسيخ القيم الكونية لحقوق الإنسان".
ورغم أن العديد من الفعاليات النسائية أبدت بعض "التحفظ" على التركيبة البشرية للجنة الاستشارية لتعديل الدستور، والتي لم يرق فيها العدد النسائي ضمن الأعضاء إلى الثلث (خمسة نساء فقط من أصل 18 عضوا إضافة إلى الرئيس)، على الأقل كما تأمل مختلف الفعاليات النسائية، إلا أن ذلك لم يمنع ممثلات "نصف المجتمع" من إبداء تفاؤلهن من مستقبل بلادنا، ومن أريج "ربيع نسائي" بدأت رائحته تفوح مباشرة بعد خطاب 9 مارس. لكن فصل هذا الربيع لن يكتمل ولن يحل أبدا، إذا لم يتم اعتبار "مسألة المساواة بين الرجل والمرأة إحدى الرهانات الأساسية للمرحلة"، وإذا لم تكن مناسبة تعديل الدستور فرصة لـ"التأصيل الدستوري للمكتسبات ومواصلة مسلسل الإصلاحات في انسجام تام مع الدستور ومع التزامات المغرب الدولية"، و"تأنيث" مقتضيات الدستور الجديد، بدل تركه يهتم فقط بالجانب الذكوري.
وفي هذا السياق يقترح التحالف على اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور مجموعة من المبادئ والمقترحات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار من لدن أعضاء اللجنة التي سترفع خلاصة أعمالها إلى الملك محمد السادس قبل طرحها على استفتاء عام يصوت فيه المغاربة بـ"نعم" أو "لا" من أجل تبنيها.

"دسترة" المكتسبات..أبرز مطالبهن

تركز مذكرة "الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة"، على ضرورة حماية حقوق النساء وإيجاد آليات النهوض بها، وكذا وضع "تدابير التمييز الإيجابي"، التي من شأنها "الحد من واقع الميز والإقصاء، وعدم تكافؤ الفرص، وتقليص البون الشاسع بين النساء والرجال، الذي يجعل بلدنا مصنفا في درجات متأخرة في العديد من التقارير الدولية"، مما يسيء إلى "ما نحرزه من تقدم مقارنة بالعديد من الدول في محيطنا الإقليمي بالخصوص".
وفي هذا السياق يعتبر "التحالف" النسائي أن "مبدأ المساواة بين النساء والرجال الذي لا تستقيم الديمقراطية بدون إقراره، من الثوابت التي ينبغي أن يرتكز عليها الدستور" الجديد، مؤكدا على "التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان وللحريات العامة والفردية بدون تمييز، وللحقوق الإنسانية للنساء، وضمنها الحق في الولوج المتساوي إلى كافة الحقوق بما فيها الصحة والتعليم والشغل والملكية والموارد المالية".
لقد بات من الضروري، تقول من جهتها نزهة العلوي النائبة البرلمانية عن الاتحاد الاشتراكي وعضو اتحاد العمل النسائي ومنسقة "شبكة نساء من أجل نساء"، تحقيق تقدم بخصوص مطلب الرفع من نسبة التمثيلية السياسية للنساء؛ بحيث تعتبر انتخابات سنة 2012 على الأبواب، و"أي تخلف عن رفع هذه التمثيلية بنسبة تفوق الثلث فإننا سنكون أخطأنا موعدنا مع التاريخ"، لذلك فإن "أملنا كبير في النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة الاستشارية، والتي نتمنى أن تكون في مستوى طموحات السلطات العليا بالبلاد، التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك عزمها على تكريس ما تم تحقيقه من مكتسبات بل والرفع منها"، لما يخدم قضايا وحقوق المرأة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتكاد تجمع مختلف الأصوات النسائية التي طالبت مباشرة بعد خطاب 9 مارس بإشراك النساء في اللجنة الاستشارية التي يترأسها الأكاديمي، عبد اللطيف المنوني، على ضرورة أن تأخذ هذه الأخيرة بعين الاعتبار مختلف المقترحات التي همت الجانب النسائي، والتي اتفقت عليها جميع المذكرات المرفوعة إليها سواء تلك المتعلقة بالجمعيات الحقوقية أو الأحزاب السياسة أو المنظمات النقابية، معتبرة "دسترة المكتسبات" وخلق"مجلس أعلى للنساء"، و"الرفع من التمثيلية السياسية وفي تدبير الشأن العام"، هي أبرز المطالب النسائية التي ينبغي أن يتضمنها الدستور الجديد.
ومن بين المطالب الأخرى أيضا التي جاءت بها مذكرة "الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة"، التي حصلت المجلة على نسخة منها، "دسترة سمو المواثيق والقوانين الدولية لحقوق الإنسان على القوانين الوطنية واعتبارها مصدرا للتشريع"، وكذا "دسترة المساواة بين النساء والرجال في الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية".
وأشارت المذكرة أيضا إلى ضرورة النص على تعريف عدم التمييز، كما ورد في المادة 1 من اتفاقية "القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء"، يعنى مصطلح "التمييز ضد المرأة، أيَّ تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل"، وعلى حظر هذا التمييز مهما كان مصدره من سلطات عمومية أو أي هيأة أو منظمة أو شخص.
وطالب التحالف النسائي بـ"دسترة مبدإ المناصفة بين النساء والرجال في كافة مراكز القرار"، و"دسترة التدابير الإيجابية الضامنة للمناصفة في النفاذ إلى كل مواقع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والقضائي والإداري"، على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي، و"دسترة مبدإ المناصفة بين النساء والرجال في كافة مراكز القرار"، و"التنصيص على مسؤولية الدولة في اتخاذ كل التدابير ووضع السياسات والآليات الكفيلة بتفعيل المساواة بين الجنسين في مختلف مراحل بلورة السياسات العمومية وإنجازها وتقييمها"، و"اعتماد مبدأ المساواة وسد الفجوات بين الرجال والنساء في تخطيط الميزانيات الوطنية والجهوية والمحلية ومأسستها في القانون التنظيمي للمالية"، و"التنصيص على تجريم العنف ضد النساء واعتباره انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان ومسا خطيرا بالنظام العام"، و"دسترة الحماية الفعلية للنساء من العنف والتمييز عبر إرساء آليات تشريعية ومؤسساتية"، وغيرها من المطالب التي رأت مختلف الأصوات النسائية بأن ربيعهن لن يأتي في موعده ما لم تأخذها لجنة المنوني على محمل الجد.
نورالدين اليزيد (نشرت بمجلة لكل النساء)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق