الأربعاء، يوليو 27، 2011

المغرب في حداد بسبب أسوء حادث جوي

في أسوء حادث للطائرات في المغرب قُتل ثمانون شخصا من العسكريين وأفراد من عائلاتهم، في منطقة "كلميم" الجبلية جنوب البلاد، إثر تحطم الطائرة العسكرية التي كانت تقلهم.

وكانت الطائرة تقوم برحلتها من منطقة العيون في الصحراء إلى مدينة أكادير الساحلية. وقد فتحت السلطات تحقيقا لتحديد أسباب الحاث.

وبحسب المعلومات الأولية التي قدمها الجيش، فإن الطائرة من نوع "هرقل سي مائة وثلاثون" اصطدمت بجبل "تاييرت"، وإن الحادث نجم عن الظروف الجوية السيئة، عندما كانت الطائرة تستعد للهبوط في المطار العسكري.

وحسب مصادر متطابقة فإن الضباب الكثيف كان السبب الرئيس لتحطم طائرة النقل العسكري من طراز "هرقل سي 130"، صباح أمس الثلاثاء، بضواحي كلميم، مما أدى إلى مصرع جميع ركابها الثمانين.

وأفادت وسائل إعلام مغربية نقلا عن ذات المصادر أن الطائرة اصطدمت بقمة جبل "تاييرت" وانحرفت إلى اليسار، لتنشطر إلى جزأين، أولهما ظل عالقا بقمة الجبل فيما ارتطم الثاني بالأرض قبل أن تلتهمه النيران.

واستعانت فرق البحث التابعة للوقاية المدنية والجيش بمروحيات استعملت للوصول إلى النصف العالق من الطائرة بقمة الجبل.

إلى ذلك أوردت يومية "الصباح" أن من بين القتلى يوجد ضباط تخرجوا حديثا من إحدى الأكاديميات العسكرية وكان مفروضا أن يؤدوا القسم، بمناسبة احتفالات عيد العرش يوم السبت المقبل، إضافة إلى ضباط آخرين كانوا يجتازون دورة عسكرية بمناطق على الحزام الأمني.

وانطلقت الطائرة من المطار العسكري لمدينة الداخلة على الساعة الخامسة صباحا، وتوقفت بمطار العيون العسكري، قبل أن تقلع في طريقها إلى أكادير، لتتحطم على الساعة التاسعة من صباح أمس على بعد عشر كيلومترات شرق كلميم.

من جهته كشف الخبير العسكري علي نجاب أن طائرات "هرقل سي 130" استخدمها المغرب في المسيرة الخضراء، كما استعملت أيضا لنقل المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم للمشاركة في بعض المباريات الهامة.

قال نجاب لصحيفة "أخبار اليوم" "إن طائرة هرقل سي 130 المتخصصة في النقل الجوي، تعتبر من الطائرات العسكرية القوية، التي تستطيع النزول على مدرج قصير وغير معبد.

و حول الأسباب التي تجعل طائرة عسكرية مثل "هرقل سي 130" تتحطم دقائق، بعد إقلاعها، قال نجاب أنه إذا كان الطيار غير منتبه ولم يفطن إلى علو الجبال فقد يصطدم بها وقد يحدث ذلك عند استعداده للهبوط، أما إذا كان الطيار متجها مباشرة إلى مطار آخر، فإن الطائرة ستكون على علو كبير وستتفادى الجبال.

وأوضح نجاب أن جبهة البوليساريو الانفصالية سبق لها إسقاط طائرة مغربية من طراز "هرقل سي 130"، سنة 1981، بواسطة صاروخ جزائري، وتمت العملية حسب نجاب على بعد 24 ألف قدم وبصاروخ من نوع "سام 6".

وكانت حصيلة أولية تحدثت عن 78 قتيلا وثلاثة جرحى، لكن مصدرا طبيا قال في وقت لاحق إن شخصين جريحين قد توفيا وأن ثالثا جريحا أحصي عن طريق الخطأ.

في سياق ذلك أعلن الملك محمد السادس الحداد لمدة ثلاثة أيام في كل ربوع الوطن حزنا على ضحايا الكارثة الجوية التي ألمت بالمغرب صباح الثلاثاء 26 يوليوز 2011 بعد تحطم طائرة عسكرية كانت تقل 81 راكبا قادمة من مدينة الداخلة.

وأمر الملك بتنكيس الأعلام فوق جميع الإدارات والمؤسسات العمومية لمدة ثلاثة أيام كذلك، ابتداء من يوم الثلاثاء، وفق بلاغ للديوان الملكي.

وكان الملك قد بعث برسائل تعزية ومواساة إلى أسر الضحايا معبرا لهم عن تعازيه الحارة ومواساته، وموجها أوامره إلى جميع المسؤولين للقيام بكا تتوجبه الحادثة من إجراءات وتدابير.

وبلغ عدد قتلى حادث تحطم طائرة تابعة للقوات الملكية الجوية شمال شرق كلميم، 81 قتيلا، بعد وفاة ثلاثة جرحى كانت إصابتهم خطيرة بالمستشفى العسكري الخامس لمدينة كلميم، بينما تواصل فرق البحث عملية البحث عن جثامين القتلى،في أسوء كارثة جوية يعرفها المغرب منذ 38 سنة.

الأحد، يوليو 03، 2011

صحافتنا وصحافتهم..ما الفرق؟

وأنا أجمع أغراضي بغرفتي بالفندق ذاك الكائن بمدينة 6 أكتوبر بضواحي العاصمة المصرية القاهرة، مستعدا للعودة إلى الوطن بعد الانتهاء من دورة تدريبية في مجال مهنتنا، كانت رائعة بكل المقاييس، تزاحمت الأفكار برأسي ومعها أسئلة كثيرة كانت وما تزال وستبقى إلى إشعار لاحق تؤرق بال كل غيور على الشأن الصحافي ببلادنا، وعلى البلاد والعباد بهذه الأرض الطيبة.

الدورة التي نظمها المركز الدولي للصحفيين في الفترة ما بين 25يونيو وفاتح يوليو، بمقر جامعة الأهرام الكندية بالقاهرة، جعلتني كصحفي مهني أقف عند فارقين شاسعين في المجال الصحافي في كل من المغرب ومصر؛

الفارق الأول يتجلى في الطابع المؤسسي الذي وصلت إليه الصحافة المصرية المكتوبة؛ بحيث أن جامعة الأهرام الكندية ليست إلا مؤسسة خرجت من نفس رحم الإستراتيجية الخلاقة التي أنجبت جريدة الأهرام المصرية، وما أدراك ما الجرائد، بغض النظر عن العيوب والاتهامات التي ألصقت بهذه المؤسسة الإعلامية الرائدة بسبب ممارسات النظام الديكتاتوري البائد، الذي حاول تدجين الشعب والمؤسسات لأجل إشباع نهمه وأسرته وحاشيته، قبل أن تطيح به الثورة الشعبية ويُرمى به في السجن الذي كان يملأ به خصومه السياسيين لأزيد من ثلاثة عقود.

زيارتي اليومية لهذه الجامعة، حيث تلقينا دروسا مكثفة في الصحافة على أيدي أساتذة أمريكيين ومصريين وأردنيين مقتدرين، جعلتني أقف عن كثب على مدى تخلف صحافتنا المغربية، التي ما تزال أسيرة الطابع الشخصاني لأصحابها، وبعيدة كل البعد –اللهم بعض الاستثناء رغم ما له من عيوب- عن الصحافة المؤسساتية. وهو ما يجعل مدراء الجرائد حتى الأكثر شيوعا إن لم تكن الأولى انتشارا ببلادنا، هم الآمرون والناهون بجرائدهم تلك الأشبه بضيعات إقطاع القرون الوسطى. ولعل تصرفات معظم مدراء صحفنا المزاجية والبعيدة كل البعد عن منطق المؤسسة الإعلامية الخاضعة لأخلاق المهنة وشروط ومقومات المقاولة، تعتبر أبرز مثال عن سوء فهم كثيرين منا لمهنة "المتاعب". هؤلاء وبعكس ما لمسته في قاهرة المعز حيث العديد من الجرائد أسست مؤسسات أكاديمية للبحث والدراسة، فإنهم يجعلون، للأسف، إستراتيجية -إن سلمنا جدلا بوجودها- جرائدهم في تحقيق مآرب شخصية –اقتصادية تحديدا- وبعدها فليأتي الطوفان. وهذا ما يجعل الصحافيين والعاملين بهذه "الضيعات" المسماة ظلما وعدوانا "جرائد"، على كف عفريت، ويجعل مصيرهم مرهونا بمدى تماشيهم وخط "تحرير" تلك الجرائد، التي تذوب فيها كل حدود التحرير في حمأة الموالاة لهذه الجهة الاقتصادية أو السياسية أو غيرهما.

إنها ميوعة خطوط التحرير التي أسس لها بعض مدراء تحرير صحافتنا إرضاء لنزواتهم الشخصية إلى درجة خلع كل الملابس لتبدو سوءاتهم أمام الملء بشكل مفضوح.

الفارق الثاني يكمن في مدى إطلاع رؤساء التحرير بأرض الكنانة على أسرار مهنتهم، وهنا لا سبيل للمقارنة مع معظم رؤساء تحرير صحافتنا المكتوبة، والذين إن لم يكونوا يلخصوا رئاسة التحرير في الوشاية بطاقم تحرير المؤسسة لدى المدير و"أصحاب الحال"، فإن هذه الرئاسة تعني لديهم إعادة قراءة، إن كانوا يفعلون، ما يكتبه المحررون. وأما بالنسبة للزملاء بمصر فإن رئاسة التحرير عندهم هي الإطلاع على آخر وسائل "الميلتيميديا" واستعمالها في نقل الخبر، ودعم المحرر في استعمال تلك الوسائل، وهو ما يصبح السبب الرئيس في عقد دورات تدريبية منتظمة للمحرر والمراسل، على حد سواء. إلى جانب تلقينه لمبادئ القانون وشروط نقل الخبر بحيادية ودون تحيز.

إن هذه المناسبة جعلتني أعرف، وعن كثب ولأول مرة، أن رؤساء التحرير هم صحافيون قبل أن يكونوا ذوي مهمة إدارية تخولهم تقسيم وتوزيع العمل وتقديم الدعم والمشورة للمحررين والمراسلين. وليست رئاسة التحرير هي ترقب دعوة من هذه الجهة أو تلك لأجل حضور حفل باذخ أو سفر في أصقاع الدنيا لحضور مؤتمر لن يستفيد منه حتى الموجهة له الدعوة (مهنيا أقصد). وحتما ليست رئاسة التحرير هي ممارسة "القوادة" بكل تجلياتها، كما يفعل العديدون.

وأما النزر القليل من رؤساء التحرير ببلادنا ممن يحاولون جاهدين مقاومة محاولات البعض تعهير مهنتنا التي ارتضيناها، والذين يعضون على مبادئ المهنة بالنواجذ حتى ولو عوقبوا بورقة الإشهار القاتلة، فإني أوجه لهم تحية إكبار وتقدير لأنهم باقون ما بقيت ذرة مهنية في عروقهم. والعابثون بنا نحن قبيلة الصحافيين وبالمهنة مصيرهم مزبلة الذكرى، إن كانت للذكرى مزابل.