الاثنين، يونيو 20، 2011

الأسرار الخطيرة لـ"اتحاد" غير مقدس يركب 20 فبراير لـ"الإطاحة" بالنظام

من اللقاء والحديث في الوقفات الاحتجاجية وفي لقاءات "خاصة جدا"، إلى تغيير النظرة إلى كل من "الأخ" و"الرفيق"، في ما بين بعضهما البعض، إلى اقتسام لحظات في مقاه ومطاعم، إلى رفع شعارات موحدة... كلها مظاهر تقارب بين طرفي نقيض لا يجمعها إلا فضاء هذا الوطن الذي يقزمه البعض منهم بينما البعض الآخر لا يكشف عن نواياه إزاءه. تقارب بدأت رائحة أهدافه تزكم الأنوف عندما أراد الركوب على حركة احتجاجية سلمية لتحقيق أهداف ظلت تؤطر أجندة الطرفين معا؛ الانقلاب

"جمهورية" النهج تلتقي مع "خلافة" العدل والإحسان

غريب أمر هذا التقارب غير المسبوق بين "إخوان" العدل والإحسان، الذين يقومون الليل ويصومون رمضان وأياما أخرى يحتسبونها لوجه الله، وبين "الرفاق" القاعديين الذين لا يصومون ولا يصلون، وعندما تأتي الليالي فإنما يقومونها رقصا و"شرابا" و"حشيشا"على أغاني "البوب" المتغنية بأمجاد "تشي غي فارا" في حمأة الحرب الباردة.

هذا "التقارب" الذي جاء نتيجة "مخاض" طارئ أحدثته تجمعات حركة 20 فبراير مباشرة بعد تأسيسها كحركة احتجاجية تأثرت بما يجري في محيطها الإقليمي العربي، رافعة شعار التغيير ومحاربة الفساد والإصلاح السياسي، لم يفطن إليه (التقارب) أحد ما دام أن الأمر في كل من تونس ومصر اللذين سبقانا إلى تبني هذا النوع من الاحتجاج الذي يطالب بالتغيير الجذري، لم يكن يطرح نفس الأسئلة الاستفهامية "المعتمة" بين "الإخوان" وغيرهم من باقي التيارات والألوان السياسية والإيديولوجية هناك، وهو ما أرجعه العديد من المتتبعين إلى أن النظامين الجمهوريين "المَلكيين" التونسي والمصري كانا لهما من عناصر توحد والتقاء مختلف المكونات المجتمعية، ما جعل هذه الأخيرة تتقاسم نفس الأهداف في احتجاجاتها، وهي الإطاحة بأولائك الحكام الذين "شاخوا" وهم متربعون على كراسي يُفترض أن يتم التداول بشأنها على السلط لأوقات محدودة.

ويبدو أن ثمار هذا التقارب بين العدليين والقاعديين بدت تطفو على السطح من خلال الدعوة إلى المزيد من "التماسك" بين الطرفين في وجه ما يسمونها الآلة الدعائية لـ"المخزن"، ومن خلال تقاسم المهام في حشد "الثوار" والبحث عن الدعم اللوجيستيكي لـ"الثورة" الموعودة التي بدأ مريدو عبد السلام ياسين لا يترددون في رسم سيناريوهاتها ولا يجدون أدنى حرج في إعلان ذلك أمام الملأ وعلى صفحات المواقع التابعة للجماعة.

البحث عن دعم القومة/الثورة..

بيد أن الخطير في الأمر هو أن الجماعة، التي حثت أفرادها، تقول مصادر مطلعة، على أن لا يتحدثوا مع "الرفاق" القاعديين عن خلفياتهم الإيديولوجية وهم يشاركونهم وقفات الاحتجاج تحت يافطة 20 فبراير، بدأوا تحركاتهم ميدانيا وعمليا في تدبير "المرحلة" الموالية من الاحتجاجات؛ وهي المرحلة التي تتطلب إمكانيات مادية ولوجيستية. هاهنا بقي السؤال عالقا أمام كل من "الإخوان" و"الرفاق" وكل له جواب يختلف عن الآخر؛ فبينما تستطيع جماعة ياسين تقديم ما استطاعت إلى ذلك سبيلا من أموال لـ"المنتفضين" في مسيرات واعتصامات، لكنها تتحفظ على ذلك مخافة إثارة انتباه الدولة إلى "مصادر" أموالها، لا يجد "رفاق" لينين الشيوعي ما يسدون به حتى تكاليف وقفة عابرة أمام البرلمان يشارك فيها بضعة أفراد.

البحث عن بديل لـ"التمويل" القومة/الثورة الكبرى، على شاكلة ما جرى بكل من تونس ومصر، جعلت البعض من "الجماعة" يطرح إمكانية الاستفادة من شباب الثورة في هذين البلدين، وهو ما تم بشأنه إجراء العديد من التحركات على مستوى الشبكة العنكبوتية، من خلال إجراء العديد من النقاشات "الافتراضية"، وميدانيا تفيد معطيات صادرة عن مصادر مقربة من جماعة العدل والإحسان، أن الأخيرة كثفت في الآونة الأخيرة تحركاتها على المستويين الإقليمي والدولي، بحثا عن دعم مالي ومعنوي؛ إيجاد ميزانية قادرة على تدعيم إعتصامات محتملة لشباب الثورة، ومعنويا من خلال طمأنة العالم الخارجين ولاسيما الغرب بعدم الخوف من "إسلاميي" العدل والإحسان.

في هذا السياق، تشير نفس المعطيات إلى أن العديد من أعضاء جماعة ياسين ترددوا على العاصمة المصرية القاهرة في الآونة الأخيرة، وكان آخرهم عضو الجماعة بوبكر الونخاري، الذي أجرى عدة اتصالات هناك مع شباب ثورة مصر، وخاصة منهم شباب جماعة الإخوان المسلمين المصرية، تركزت بالأساس حول التكلفة المالية لاعتصامات تضم المئات من الأشخاص. الجواب لم يكن جاهزا طبعا عند الأشقاء المصريين، الذين ذكّروا مبعوث الجماعة بالحكايات التي رافقت الثورة المصرية من هجوم إعلامي من لدن نظام حسني مبارك المطاح به، والذي اتهم شباب الثورة هناك بتناول "سندويتشات أنطاكي" طيلة أيام اعتصامهم، وهو "سندويتش" يتناوله فقط أصحاب الدخل المريح، بينما حقيقة الأمر أن الشعب المصري المغلوب على أمره، والذي يختلف وضعه تماما عن وضع المغاربة، كان يقتات على ما قل من "فول مدمس" ورغيف حافي.

الونخاري تفاجأ كثيرا وفاجأ "إخوانه" "المترفين" بالجماعة عندما تذكر وذكّرهم بالفكرة التي أُثيرت على مستوى الدائرة السياسية، قبل أيام، من إمكانية ضرورة توفير نحو 50 درهما، كمبلغ مالي جزافي، لكل فرد يشارك في اعتصام محتمل، وهو ما يعني إلزامية توفير أموال طائلة لمجرد 1000 معتصم بأحرى عندما يتعلق الأمر بالآلاف من الأشخاص..هنا طُرح السؤال المحوري في لعبة تجاذب علاقة جماعة العدل والإحسان بالدولة حول مصادر التمويل، حيث تُرفع "لا" للتمويل الأجنبي لأنشطة الجماعة؛ البعض من "الإخوان" علّق الجواب عن هذا السؤال في انتظار المراحل المقبلة من "سيناريو" الثورة.

تذوب الإيديولوجيا..وتحيا الثورة

على صعيد آخر وبينما ما يزال جانب "صغير" ممن يسمون الاشتراكيين الراديكاليين، يتردد في اعتبار المرحلة التي يجتازها المغرب أنها فرصة "مواتية" لـ"تغيير" النظام و"إقامة الجمهورية"، فإن قسما واسعا في صفوف "الرفاق" يرى أن 20 فبراير هي النواة الأولى التي يصعب على الثورات بناؤها في البداية، وقد تأتى للمغاربة إفرازها للظرفية الراهنة دون مجهود كبير. ويزيد هذا الطرح شرح وجهة نظره بخصوص "إنضاج" فكرة "تثوير" المجتمع، أن الثورة الماركسية كما تم تعريفها في الأدبيات الماركسية، تبدأ عندما تبدأ "قمة" النظام في التأزم والذي يعبر عنه بشكل أساسي ورئيسي من خلال إفلاس النخبة السياسية، مما يؤدي إلى إمكانية خلخلة المشهد العام للعبة السياسية وانطلاق الغضب الشعبي الذي يجدل له منافذ النفاذ إلى عمق النظام. هذه الحالة، لا ينفي "تيار المناضل" الاشتراكي عدم وصول حالة المغرب إليه، لكن بالمقابل هناك "وضع جديد" بدأ يتبلور مع انطلاق مظاهرات 20 فبراير، والذي يعتبر "مدا نضاليا" غير مسبوق من حيث الحجم، لكنه في طور سياسي ابتدائي. هذا "التحفظ"، إن صحت تسميته، من قبل بعض الاشتراكيين الراديكاليين، يرفضه فريق كبير من "شباب" الاشتراكيين الجذريين المنتمين في الغالب للنهج الديمقراطي القاعدي، الذين يعتبرون أكثر تطرفا في رؤيتهم للأمور؛ بحيث بالإضافة إلى أنهم لايؤمنون بوحدة المغرب الترابية ويعتبرونها فقط "شماعة" لتلهية الشعب المغربي وحرمان "الأشقاء" الصحراويين من تأسيس "دولتهم"(في إشارة إلى البوليساريو طبعا الذين لا يتردد عبد الله الحريف زعيم النهج في تبادل الرسائل مع زعيم المرتزقة محمد عبد العزيز)، فإنهم يعتبرون الظرفية الحالية فرصة تاريخية "سانحة للانقضاض على النظام"، خاصة أن هناك قاعدة مهمة يمثلها تيار إسلامي (العدل والإحسان) تشارك إلى جانبهم في احتجاجات 20 فبراير؛ ولا يهم الاختلاف في الإيديولوجيا، ينقل مصدر حضر لبعض اجتماعات منتسبين إلى النهج، ما دام أن هدف الإسلاميين "الراديكاليين" هو هدف الاشتراكيين "الثوريين".

تكسير حاجز الصمت..

يبدو أن العدل والإحسان قد كسرت حاجز الصمت الذي ظل لسنوات يميز وجودها في الساحة، بحيث لم يعد قادتها يجدون أدنى غضاضة في التعبير عن مساندتهم لشباب حركة 20 فبراير، رغم أنهم ظلوا لسنوات، وربما كانوا دائما، يقاطعون كل مظاهرة أو احتجاج ليس فيه ما يربط الدين بصلة، وهو ما يدعو إلى التساؤل، حسب مراقبين، بخصوص هذا "الزواج" العُرفي بينهم وبين "قاعديين" فيهم كثير من الملحدين، اللهم إذا كانت فيه "المصلحة" أكثر من "المفسدة"، وهم (العدليون) هنا يفضلون هذا الزواج وإن كان عُرفيا على أن يظلوا في منأى عن التغيرات التي حصلت في كل من تونس ومصر، والتي حملت حتى حزب "النهضة" الذي ظل منفيا بأوروبا إلى الواجهة السياسية التونسية، كما خول للإخوان المسلمين بمصر تأسيس حزب سياسي والحديث حتى عن الترشح للرئاسة المصرية، بينما جماعة عبد السلام ياسين التي ظلت السلطات تطلب ودها للدخول في اللعبة السياسية، فطنت أخيرا إلى أن الوقت الحالي يعتبر فرصتها في تبوء المشهد، لا بل والتأسيس لدولة "الخلافة" كما يرى ذلك مرشدها العام في المنام. ولعل دولة المرشد آية الله لن تكون بعيدة عن تقديم يد المساعدة إلى العدليين في تحقيق "رؤيتهم"، وهو ما كشفت عنه تقارير من وجود اتصالات "مهمة" بين الطرفين، تزايدت بالخصوص على هامش دعوة دول مجلس التعاون الخليجي إلى المغرب للالتحاق بهذا النظام الإقليمي، وهو ما يتوجس له الساسة الإيرانيون، خاصة أمام الموقف "المتقدم" جدا للمغرب الداعم لمملكة البحرين في نزاعها المرير مع الدولة الفارسية، حيث سارع المغرب، قبل نحو سنتين، إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران بالموازاة مع موقف مماثل للمنامة.

آخر مظاهر تكسير حاجز الصمت هو الخروج الإعلامي المتواصل لرموز العدل والإحسان؛ بحيث فاجأ فتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، كل المتتبعين وهو يعلن ليومية "أخبار اليوم" أن جماعته ليس لها إشكال مع الدولة المدنية، لا بل لقد أكد نفيه أن تكون الجماعة طالبت يوما بدولة دينية، وإن لم يخف أنهم من المطالبين بـ"الخلافة" لكن على الشكل الفدرالي الذي يضم كافة الدول الإسلامية. هذا التصريح وبقدر ما يدعو إلى الاستغراب، فإنه "يميط اللثام"، بحسب متتبعين، عن "خارطة" طريق جديدة تنوي الجماعة تبنيها تماشيا والتغيرات الحاصلة في المنطقة. إنها خارطة الطريق التي جعلت عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة، عمر إحرشان، لا يتردد في التصريح لإحدى الأسبوعيات بأنهم مستعدون لـ"الانتقال إلى أشكال نضالية تصاعدية"، لأن ذلك يعتبر شيئا عاديا بالنسبة إليه طالما أن "الوقفات والمسيرات تقابل بالأذن الصماء لنظام يناور فقط لربح الوقت ولم يستجب إلى أي مطلب من مطالب الحركة(20 فبراير) ويرى نفسه في ورطة"، قبل أن يضيف أن "النسخة المعدلة للدستور ستكون دون الإنتظارات"، وهو ما يعني رغبة الجماعة في مواصلة الاحتجاج حتى بعد طرح الدستور للاستفتاء. هذا الإصرار على "الذهاب بعيدا"، يكاد قيادي آخر في الجماعة، وهو عبد الصمد فتحي، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان ومسؤول الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأم، يعطيه كل أبعاده "التصعيدية والتنسيقية" مع "الحليف الإستراتيجي" "الرفاقي"، عندما صرح لـ Le porter بـ"أننا سنشق طريقنا كمغاربة بغض النظر عن مرجعياتنا".

بقد كشفت المعطيات أن نموذج الثورة الإسلامية الإيرانية في سنة1979 حاضر في بعض الاجتماعات "الخاصة جدا" التي تجمع بعد قيادات العدل والإحسان، للتطرق إلى السيناريو المقبل من الاحتجاجات. بل إن الجماعة تحاول استغلال ما أوتيت من مواقع إليكترونية لحشد "الدعم اللازم" لإنزال سيناريوهاتها على أرض الواقع. ومن ذلك أنها فتحت منتدى للنقاش، كما يبدو من ظاهره، تحشد فيه الهمم وتستنفر فيه الشعب من أجل "الهبة" أو "القومة" أو "الثورة". هذا النقاش المعنون بـ"سيناريوهات التغيير بالمغرب"، نجد فيها الكثير من "صفارات الإنذار"، التي ينبغي علينا أن لا نظل كمغاربة ننتظر مستقبل الأيام دون الاستعداد لذلك؛ ومن بين الأجوبة عن السؤال الذي تم طرحه وهو كيف تتصور عملية التغيير.. مبتدأه ومنتهاه، وطبيعة النظام المطلوب؟ هناك جواب أحد المشاركين في "النقاش" الذي يقول أن "طريقة التغيير هي شحن العقول"، بينما جواب مشارك آخر أعلنها صراحة بقوله "فاته (النظام) الوقت نتيجة مناوراته اليائسة عن تحقيق حتى مجرد ما كان يروج له في البداية من ملكية برلمانية أو دستورية...حيث أن الأمور الآن تجاوزت خط اللاعودة وهي تتجه على ما يبدو نحو رسم سيناريوهات... وملامح نمط النظام الجديد القادم، الذي لا زال حتى الآن لم يتصوره مهندسو السياسة المخزنية.. ولا هو خطر في حسبان الكثير من الناس المتمخزنين...الخ"، فعن أي نظام يتحدث مريدو عبد السلام ياسين؟

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف29/6/11 21:26

    سلام أخي نور الدين ومزيدا يايزيد من التألق ....حسن سلا

    ردحذف
  2. سلامي للأخ حسن...ودمت صديقا وأخا عزيزا

    ردحذف