الأحد، مايو 22، 2011

بعد تكبد الذراع المالية خسارة في 2010..الماجدي يخسر ذراع "المساء"

أصبحت دائرة المربع الذهبي داخل القصر الملكي تضيق لتقتصر فقط على كل من الكاتب الخاص للملك منير الماجدي وفؤاد عالي الهمة صديق محمد السادس، الذي يُوصف بأنه هو من يرتب البيت الأمني والسياسي للملكة الشريفة. الصراع بين هذا الثنائي وصلت أصداؤه إلى الصحافة الوطنية، حيث تم استغلال يومية "المساء" لتصفية الحساب بينهما


"هل هي ضربة الهمة القاضية للماجدي؟"

غريبة هذه الصدفة التي ما نزال نتابع أطوارها هذه الأيام؛ يومية "المساء" التي لطالما تابعت أخبار فؤاد عالي الهمة أولا بأول منذ تخليه عن منصب كاتب الدولة في الداخلية ودخوله غمار العمل الجمعوي الذي استقطب رموز اليمين واليسار ورموز المال والأعمال، قبل أن ينتقل هذا الفسيفساء إلى مرحلة العمل الحزبي مع تأسيس أشهر وأقوى حزب في مغرب الألفية الثالثة، وربما مغرب كل العصور؛ هذه اليومية التي "فدت" (من الفداء) حزب "البام"، ذات مكالمة هاتفية، برأس أحد صحافييها تزلفا من فؤاد -والعبد كاتب هذه السطور شاهد على ذلك- تنتقل بين عشية وضحاها إلى آلة شتم وسب وقذف في حق مؤسس "البام" وأحد أكبر معاونيه، فؤاد عالي الهمة وإلياس العماري، وتقديمهما على أنهما مطلوبان من قِبل حركة 20 فبراير، على اعتبار أنهما من رموز "الفساد"، بتسمية "المساء"، التي غضّت الطرف، كل الطرف، عن كل اللافتات التي رفعها المتظاهرون والداعية إلى "الإطاحة" بأبرز تلك "الرموز" ألا وهو الماجدي، بحسب المتظاهرين أنفسهم.

المعطيات التي باتت متاحة لدى الرأي العام العادي، قبل الصحافيين والمتتبعين، تشير بما لا يدع مجالا للشك بأن دائرة المربع الذهبي بمحيط القصر باتت ضيقة أكثر لتقتصر فقط على اثنين لا ثالث لهما (بعدما كانت تشمل أربعة أقطاب على الأقل كما أسلفنا في ورقة سابقة)؛ هما المُشرِف على الذراع المالية للأسرة الملكية، منير الماجدي، وحارس التوازنات السياسية والأمنية -في شقها الداخلي على الأقل- للمملكة الشريفة، فؤاد عالي الهمة، وإنْ كان الطرفان ظهرا، انطلاقا من مقالات "المساء"، ممثلين للجهازين الأمنيين الأكثر حساسية وأهمية في المغرب؛ الإدارة العامة للدراسات والمستندات المعروفة اختصارا بـ(D.G.E.Dلادجيد) التي يرأسها محمد ياسين المنصوري، والتي حظيت بنفس "التعتيم" الذي مارسته "المساء" على كل ما يمت للماجدي بصلة، ومديرية حماية التراب الوطني(D.S.T الديستي)، التي يديرها عبد اللطيف الحموشي، والتي نالت من اليومية التي زُج بمديرها في السجن، بوابل من النعوت بل والاتهامات الخطيرة لرجالها ونسائها وعلى رأسهم مديرها العام، عبد اللطيف الحموشي، الذي اتهمه -بـ"تهور"- صاحبُ أشهر عمود في المغرب بكون ملفات "السلفيين الجهاديين" كانت من "فبركته"، ويا لها من تهمة ثقيلة على اللسان والميزان، يزداد ثقلها عندما أمعن رشيد نيني، الذي تلقى الضوء الأخضر ممن كانوا يمطرون صفحات جريدته بالإشهار، في اتهام الحموشي شخصيا ومباشرة بممارسة تعذيب المعتقلين على خلفية قانون الإرهاب، بـ"معتقل تمارة السري".

البورصة..و"شوف تشوف"

قد يسأل سائل ما علاقة المال والأعمال بالأمن الداخلي على الخصوص وبالمخابرات الداخلية؟ لكن الجواب على هذا السؤال تكفّل به، على ما يبدو، صاحب عمود "شوف تشوف"، عندما اتهم رجال ونساء الحموشي بأنهم كرسوا وقتا مهما من عملهم "للتلصص" على قاعات البورصة ولمراقبة كل تحركات رجال المال والأعمال وعملياتهم بهذه البورصة. والواقع أن حديث صاحبنا كان يقصد "الذود" عن "الأعمال الخاصة" لكل من منير الماجدي، الكاتب الخاص للملك والمشرف العام على ثروته، وحسن بوهمو المدير العام للشركة المملوكة للأسرة الملكية والمسماة الشركة الوطنية للاستثمار "إس إن إي"، التي تُعد من أكبر الشركات الاستثمارية في المغرب العربي. ما يؤكد هذا الطرح، بحسب العديد من المعطيات، هو "الهجوم المتواصل" عبر سلسلة من المقالات و"التحقيقات" التي خصت بها يومية "المساء"، عبد الحفيظ العلمي، رجل الأعمال العصامي المعروف ومالك مجموعة "سهام" الاقتصادية العملاقة. وهي المقالات التي ذهبت إلى حد التشكيك في قانونية ثروة الرئيس السابق للاتحاد العام للمقاولين المغاربة بل واتهامه بالتهرب الضريبي والاستثمار في أقصى حدود الدنيا، وفي مناطق يعجز حتى محرك "غوغل" العالمي على رصدها من أجل "تبييض" أمواله، على حد تعبير منشورات مجموعة "المساء ميديا". المسألة هاهنا تبدو أقرب إلى الوضوح عندما يتعلق الأمر بأخبار مستثمر مغربي يفضل الاستثمار خارج الحدود، ومدى "تورط" مصالح "لادجيد" في تتبع هكذا أخبار، وهذا دورها بطبيعة الحال عندما يتعلق الأمر بالأمن الخارجي لمملكة محمد السادس. لكن ما يبدو غير واضح، على الأقل بالنسبة لقارئ منشورات "نيني" العادي، هو أن مجموعة مولاي حفيظ "سهام" هي المالكة لشركة التأمين "سينيا" التي بات اسمها "سينيا السعادة" بعد التهامها لشركة التأمين "السعادة"، مما جعلها شركة التأمين الثانية بالمغرب، بعد "الملكية الوطنية للتأمين" التي تملك 12.6 بالمائة من رأسمال الشركة الوطنية للاستثمار، التي يرأسها حسن بوهمو. وبدون شك فإن المنافسة بين أكبر شركتي تأمين بالمغرب ستكون على أشدها داخل بورصة القيم، بعدما طرقت شركة "سينيا السعادة" مؤخرا هي الأخرى أبواب المؤسسة المهتمة بالتداولات المالية. من هنا يكمن مدى الدور "التخريبي" الذي اضطلعت به يومية "المساء"، بإيعاز بطبيعة الحال من بوهمو بحسب مصادر مطلعة، في هجومها على شخص مولاي حفيظ العلمي وعلى مجموعته المالية العملاقة "سهام" لتحقيق أكبر قدر ممكن من الخسارة في أسهمها المتداولة في البورصة والمتعلقة تحديدا بشركة التأمين التابعة لها، التي أصبحت تهدد ريادة "الملكية الوطنية للتأمين" على سوق مالية تعتبر من بين أثرى المجالات وأكثرها مردودية وربحا، حيث ظلت المؤسسة الأولى على الصعيد الوطني طيلة عقود بعد إفلاس العديد من شركات التأمين أو بعد هجرة بعضها الآخر أو اندماج البعض تحت لوائها.

المثير في حرب "داحس والغبراء" هاته التي أصبحت تدور بين أبرز رموز النظام، والذين فضلوا نشر غسيل ما يدور بالبلاط على صفحات الجرائد الوطنية، هو تزامن هذا التطاحن مع مؤشرات تحمل أكثر من دلالة؛ بدءا من تركيز احتجاجات حركة 20 فبراير على كلا الطرفين (فؤاد عالي الهمة ومنير الماجدي) والمطالبة بـ"إسقاطهما" على اعتبار أنهما من رموز "الريع والفساد"، على قول المتظاهرين، وهو نفس ما ذهبت إليه أصوات بعض الإعلاميين المقربين من دوائر الحكم، كما هو الشأن بالنسبة للصحافي أبو بكر الجامعي الذي أكد في حوار مطول ومثير مع أسبوعية "الحياة الجديدة" نشر مؤخرا ، على أن لديه "شكوك قوية" بأن الماجدي وبوهمو استفادوا من عمليات بالبورصة، عن طريق المعلومات التي سمح لهم موقعهم القريب من الملك بالحصول عليها، مطالبا بمعرفة من استفاد من مثل هذه العمليات؟ وكيف استفاد؟ محذرا من أن "السوق يتكلم"، وواصفا في نفس السياق توظيف اسم الملك من قبل الماجدي وبوهمو، في مجال الأعمال، بأنه "أمر خطير" من الناحيتين الاقتصادية والسياسية. هذا بالإضافة إلى تردد أخبار عن مغادرة منير الماجدي لأرض الوطن متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية في إجازة مفتوحة لم تكن مقررة سلفا.

بوهمو..وتقارير الصحافة

في قصاصة عاجلة نشرتها وكالة رويترز، منتصف الشهر الماضي، اعتبر مصدر من الشركة الوطنية للاستثمار أن سنة 2010 لم تكن "وردية" بالنسبة للشركة القابضة للأسرة الملكية، مؤكدة بأن الشركة تعتبر أن أرباحها المجمعة في السنة الماضية قد "زادت بفضل عملية اندماج"، لكن أداءها في ذات السنة "لم يكن وَردِيّا كما بدا".. وجاء هذا التعقيب بعد اكتشاف تحقيق ذات الشركة الملكية لصافي أرباح جاوز الـ8 ملايير درهم بكثير وبنسبة نمو تعدت الـ340 بالمائة خلال 12 شهرا فقط.

المعطيات التي نشرتها رويترز وتوصلت بها عبر البريد الإلكتروني في صيغة "توضيح" من الـ(SNI)، تشير أيضا إلى أن الأرباح الصافية المجمعة "تتضمن 6.4 مليارا من الدراهم، الناتجة عن العمليات المحاسباتية المتعلقة باندماج الوطنية للاستثمار و"أونا". لكن المعطيات نفسها أكدت أن الوطنية للاستثمار سجلت "انخفاضا حادا قدره 40 بالمائة في صافي أرباحها القانونية. ليصل إلى 648 مليون درهم في سنة 2010 مقارنة مع 1.1 مليار درهم في 2009. وهو ما أرجعه مصدر رويترز إلى اضطرار الشركة دفع 487 مليون درهم كضرائب مرتبطة بعملية الاندماج وارتفاع التكاليف المالية بسبب شراء الوطنية للاستثمار لـ"أسهم أونا".

هذه الوضعية التي يبدو أن صداها تجاوز غرف البورصة ليلج أسوار القصر العامر بالرباط، كانت موضوع تقارير أمنية انتهت إلى أن "أصحاب أسهم كبار يخرقون مبادئ الشفافية والمنافسة الحرة، ويستغلون قربهم من دوائر القرار من أجل الكسب غير المشروع". حسن بوهمو الذي يصفه البعض بأنه الحلقة الرابطة بين أعمال الماجدي والجريدة اليومية التي تخصصت في الضرب في ذمة مولاي حفيظ العلمي، اتهمه بعض العارفين بأمور المال والإعلام والأمن، بأنه استند، في صياغة تقاريره المالية، على "إفادات" مدير الجريدة المذكورة المعتمدة بالأساس على "وشايات" مصادر من الدرجة الثالثة، وهو ما ينم عن "جهل" بوهمو لمجال غريب وبعيد عن تخصصه، إلا أن "الرغبة في الانتقام"، تقول مصادرنا، جعلت بوهمو والماجدي " ينسيان مهمتهما الاقتصادية ويخوضان في مسائل "أمنية حساسة" أوكلت، بحكم الاختصاص وتقسيم الادوار، للجناح المحسوب على فؤاد عالي الهمة. النتيجة هو إعداد تقرير ضخم عن هذه "التجاوزات الأمنية"، التي تهدد أمن البلاد واقتصاده، والتي تم تسخير أول يومية ورقية في حبك خيوطها، بل إن هذه اليومية خُيل لمديرها أنه بإعطائه الضوء الأخضر من رموز المال المقربين من دوائر الحكم لضرب بعض منافسيهم داخل القصر تحت الحزام، يسمح له أيضا بإعطاء النصح والمشورة حتى للجهات العليا بالبلاد، كما أورد ذلك في عموده الشهير المعنون بـ"وشاورهم.."، فكان ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير، وجُز بنيني في سجن عكاشة، بينما "المساء" أصبحت تعاني، خلال أقل من أسبوعين على اعتقال مديرها، من بداية إغلاق صنبور الإشهار عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق