الخميس، فبراير 10، 2011

تحقيق مثير يكشف تورط الجيش المصري في تعذيب متظاهرين

الحياد الذي يرفعه كشعار يطرح أكثر من تساؤول حول نواياه

في تحقيق مثير تنفرد به صحيفة "الجارديان" البريطانية وتنشره على صدر صفحتها الأولى في عددها الصادر اليوم الخميس، نقرأ كيف أن "الجيش المصري متورِّط باعتقال وتعذيب المئات، أو ربما الآلاف، من المتظاهرين المناوئين لنظام الرئيس حسني مبارك".

ينقل التقرير، الذي أعدَّه مراسل الصحيفة في القاهرة، كريس مكاجريل، عن نشطاء في مجال حقوق الإنسان قولهم "إن نصف المعتقلين منذ اندلاع المظاهرات ضد نظام مبارك في الخامس والعشرين من الشهر الماضي قد تعرَّضوا للتعذيب على أيدي عناصر في الجيش".

ويرى المراسل أن حالات الاعتقالات والتعذيب هذه تسقط عن الجيش صفة "الحيادية"، إذ طالما حرص على الظهور بدور المحافظ على الأمن، وعدم التعرُّض للمحتجين الذي يطالبون برحيل الرئيس مبارك عن الحكم فورا.

يقول المراسل إنه تحدث إلى عدد من المعتقلين الذين أكدوا له أنهم قد تعرَّضوا بالفعل للضرب المبرح وصنوف مختلفة من الانتهاكات والتعذيب على أيادي عناصر من الجيش، وذلك في ما يبدو أنه "جزء من حملة ترهيب وتخويف منظَّمة"، غالبا ما كانت تُناط في السابق بالأمن المركزي الذي انسحب من ميدان المواجهة مع المتظاهرين منذ الأيام الأولى للاحتجاجات.

"لقد اختفى المئات، وربما الآلاف، من الأشخاص العاديين في المعتقلات العسكرية في شتى أنحاء البلاد، وذلك لا لسبب سوى لحملهم منشور سياسي، أو لحضور المظاهرات، أو حتى لمجرَّد بسبب ملامحهم أو الهيئة التي بدا عليها بعضهم".

وينقل المراسل عن جماعات حقوق الإنسان تأكيدها أنها قامت بتوثيق العديد من حالات الانتهاك والتعذيب تلك، بما في ذلك استخدام الجيش لأسلوب الصدمات الكهربائية ضد بعض المعتقلين.

وتقول تلك جمعيات إن العديد من الأسر تبحث بيأس وقلق عن أبناء وأقارب لها لا يزالون متوارين عن الأنظار منذ إلقاء الجيش القبض عليهم.

وحسب التحقيق فإن "بعض المعتقلين احتُجزوا داخل المتحف المصري للآثار المطلِّ على ميدان التحرير. أمَّا من اُطلق سراحهم، فقدوا قدَّموا روايات مثيرة عن التعذيب الجسدي على أيدي الجنود الذين اتهموهم بالعمل لصالح قوى أجنبية، بمن في ذلك إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية".

وتضم قائمة المعتقلين ناشطين في مجال حقوق الإنسان ومحامين وصحفيين، وإن كان معظم هؤلاء قد أُطلق سراحه لاحقا.

وينقل التقرير عن حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في القاهرة، قوله: "لقد اختفى المئات، وربما الآلاف، من الأشخاص العاديين في المعتقلات العسكرية في شتى أنحاء البلاد، وذلك لا لسبب سوى لحملهم منشور سياسي، أو لحضور المظاهرات، أو حتى لمجرَّد بسبب ملامحهم أو الهيئة التي بدا عليها بعضهم".

ويضيف بهجت: "مجال الاعتقالات واسع، فمن أشخاص حضروا الاحتجاجات، أو آخرين اعتُقلوا لخرقهم حظر التجول، أو أولئك الذين ردُّوا على ضابط اعترض سبيلهم، أو من سُلِّموا إلى الجيش لأنهم بدوا مثيرين للشبهة، أو لأنهم يشبهون الأجانب في ملامحهم، حتى وإن لم يكونوا كذلك".

ويردف قائلا: "هذا أمر غير عادي. وعلى حد علمي، هو أمر غير مسبوق أن يقدم الجيش على فعل ذلك".

أمَّا أشرف، البالغ من العمر 23 عاما، فيقول إنه كان من بين عدة أشخاص اعتقلهم الجيش يوم الجمعة الماضي على تخوم ميدان التحرير.

يقول أشرف إنه اعتُقل لأن الجنود ضبطوا معه صندوقا مملوءا بالأدوية والمواد الطبية التي كان يحاول إيصالها إلى العيادات المتنقلة التي أُقيمت على عجل في ميدان التحرير لعلاج المتظاهرين الذي يتعرضون لإصابات جرَّاء مهاجمة الموالين لمبارك.

يقول أشرف: "كنت أسير في أحد الشوارع الفرعية عندما استوقفني عسكري وسألني إلى أين كنت ذاهبا. وعندما أخبرته عن وجهتي، اتهمني بالعمل لصالح الأعداء الأجانب. بعدها تدافع الجنود الآخرون نحوي، وأوسعوني ضربا ببنادقهم".

"لقد أوضح الحليف الأمريكي الأوثق في الخليج بجلاء أنه يتعيَّن السماح للرئيس المصري البقاء لكي يشرف على انتقال السلطة إلى الديمقراطية بشكل سلمي، ومن ثم يترك الحكم بكرامة".

ويشرح أشرف كيف نُقل بعد ذلك إلى موقع عسكري مؤقت، حيث تم تقييد يديه وراء ظهره، وتعرض للمزيد من الضرب هناك، قبل أن يُنقل ثانية إلى منطقة خلف المتحف تقع تحت سيطرة الجيش.

يضيف أشرف، "وضعوني داخل غرفة. بعدها جاء ضابط وسألني عمَّن يدفع لي لكي أكون ضد الحكومة. وعندما أخبرته بأنني أريد حكومة أفضل، ضربني في أنحاء مختلفة من رأسي إلى أن سقطت أرضا. بعدئذ بدأ الجنود الآخرون جميعا بركلي بأقدامهم، حتى أن أحدهم ظل يركلني بين ساقيَّ".

ويمضي أشرف إلى القول: "لقد أحضروا حربة وهددوا بأنهم سيغتصبوني بها. بعدها لوََّحوا لي بها بين ساقي. قالوا لي إنني قد أموت هناك، أو قد أختفي في غياهب السجون، ولا أحد يمكن ان يعلم بذلك أبدا. لقد كان التعذيب مؤلما، لكن فكرة الغياب في سجن عسكري كانت مخيفة حقا".

أمَّا هبة مرايف، وهي ناشطة تعمل لصالح منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان، فتقول: "تتصل بنا أسر كثيرة لتقول لنا إحداهن: لا أستطيع العثور على ابني، وأخرى تقول أعتقد أن ما يحصل هو أن الجيش يعتقلهم".

وترفق الصحيفة التحقيق على صفحتها الأولى بصورة كبيرة يظهر فيها اثنان من الشرطة العسكرية المصرية وجنود آخرون وهم يلقون القبض على أحد المعتقلين في ميدان التحرير، والذي غدا رمزا للمعارضة التي تسعى للإطاحة بنظام مبارك.

عن الـ"البي بي سي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق