الثلاثاء، فبراير 08، 2011

لَلاَّمريم..الأميرة المتوجة وطنيا ودوليا

لها السبق في رقتها وإنسانيتها وتسابقها على فعل العمل الاجتماعي، وطنيا ودوليا، كما كان لها السبق في كونها أول أميرة شاركت المغاربة جميعهم حفل زفافها،وكان لها السبق أيضا في إنجاب أول حفيدة نالت عشق الملك الجد، ثم أخيرا وليس آخرا لها السبق في تمثيل النساء المغربيات في المحافل الدولية، عملا وتتويجا

مشهود لها بالعمل الاجتماعي والدفاع عن حقوق الطفولة والمرأة

نورالدين اليزيد

ليس صدفة أن تُسلم هذه السنة (سنة2010)جمعيةُ "النساء الرائدات عالميا" العالمية، التي تتوفر على ممثلين بخمس عشرة دولة بإفريقيا وأمريكا وأوروبا، الجائزة التي تحمل اسم الجمعية، ولكن لجنة التحكيم المكونة من شخصيات مرموقة، رأت في صاحبة السمو الأميرة للامريم، الاسمَ الذي يستحق هذا التكريم، لِما أبانت عنه سمُوها من التزام بخدمة قضايا الطفولة والمرأة، على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وهو التزام عبرت عنه نيكول باربان، رئيسة ومؤسسة الجمعية بقولها بأنه "يجعلنا شديدي الإعجاب إلى درجة الاندهاش".

"كونوا على يقين، أيتها السيدات والسادة، أن الجائزة التي سُلمت لي اليوم، مُنحت من خلال شخصي إلى كافة النساء ببلدي، اللواتي هُن على اقتناع بأن العالم الذي نرغب فيه من أجل أطفالنا، هو عالم السلم والتسامح والحوار في إطار احترام الاختلاف وترسيخ التفاهم".. الكلام للأميرة للامريم، مخاطبة الحضور أثناء تسلمها جائزة "النساء الرائدات عالميا" بباريس مؤخرا، اعترافا بعمل الأميرة "المتميز وحسها المرهف بالتضامن، والتزامها الدائم من أجل تعزيز وضعية النساء المغربيات، ونساء العالم العربي والقارة الإفريقية حتى ينخرطن في تحقيق التنمية والتقدم".

الأميرة المناضلة

ليس الأول ولن يكون الأخير، بالتأكيد، هذا التكريم للأميرة "المناضلة" من أجل قضايا وحقوق الطفل والمرأة والإنسان، عموما، ليس فقط في رحاب هذا المغرب العزيز، ولكن في مختلف ربوع بلاد المعمور، لأن صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، شقيقة جلالة الملك، المزدادة في 26 غشت سنة 1962 بروما، تلقت منذ نعومة أظافرها تربية هي نموذج للدفاع عن قيم المواطنة والحس الاجتماعي والإنسانية، سرعان ما جعلت والدها الملك الراحل، الحسن الثاني، يعينها رئيسة لمصالح الأعمال الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية، مباشرة بعد حصولها على شهادة الباكالوريا، سنة 1981، ليتفاجأ الشعب المغربي بأن للأميرات أيضا نصيبا في تقمص الزي العسكري، بعيدا عن تلك الصورة الأسطورية التي ظلت عالقة بأميرات القصر. نفس المفاجأة والدهشة الكبيرة تلك التي عبر عنها الشعب المغربي وهو يتابع، ثلاث سنوات بعد ذلك، عبر التلفزيون حفل زفاف بِكرة الحسن الثاني، بفؤاد الفيلالي، ولم تكن وقتها الأميرة تتجاوز 22 سنة، فكان وقتها حفلا شاركت فيه كل الأسر المغربية، خاصة عندما نقل التلفزيون الرسمي صور الملك الراحل الحسن الثاني يجلس إلى جانب ابنته الأميرة، وهي داخل هودجها متزينة بلباس العروس، وقد غمرته الفرحة كأي أب يفخر بابنته، متحررا من كل قيود السلطة والمُلك.

بَصْمتها كانت واضحة في الملف الاجتماعي للقوات المسلحة الملكية، خاصة في الفترة التي تولت فيها رئاسة المصالح الاجتماعية لهذه المؤسسة، حيث كان أفراد القوات المسلحة يخوضون حربا ضروسا وقتها ضد أعداء الوطن. وبالنظر إلى الكفاءة العالية التي أبانت عنها سموها في حفظ المصالح الاجتماعية للجنود المغاربة، فقد أبى شقيقها الملك إلا أن يعينها في ماي سنة 2003، رئيسة لمؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين والمحاربين، وليتواصل الاعتراف بجدارتها عندما رُقيت سموها، في يوليوز من نفس السنة، إلى رتبة كولونيل ماجور.

الأميرة المرهفة

الأميرة الرقيقة والمرهفة بأحاسيس الأمومة، أحست منذ وقت مبكر بواجبها كأميرة، وقبل ذلك كامرأة وإنسانة، فسارعت إلى العمل الذؤوب من أجل ضمان حياة كريمة للطفل، وهو ما جعلها أهلا لترأس المرصد الوطني لحقوق الطفل، والجمعية المغربية لدعم صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف)، مهمتان سيٌبرِزان الوجه الآخر للأميرة الإنسانة البسيطة، التي تغادر حياة القصور للانخراط في الأنشطة الاجتماعية والإنسانية المختلفة، ومنها مكافحة استغلال الأطفال، وخاصة الفتيات، والتشجيع على التمدرس، والحملة الوطنية للتلقيح التي اتخذت بُعدا مغاربيا، وتجاوزت الحدود، تماما كما تجاوز صدى سموها الآفاق عربيا وإفريقيا ودوليا، فالاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع ليس وليد الصدفة، وإنما لكون ذلك يمثل "المستقبل الواعد الذي نريده خاليا من كل أشكال العنف والقسوة"، تقول سموها ذات خُطبة، قبل أن تؤكد كذلك في ذات سياق رفض كل أشكال القسوة اتجاه بني الإنسان، خاصة إن كان من ذوي الفاقة، حين صرخت بأعلى صوتها الرخيم والخافت دوما، بأنه "من العيب أن يُشغل المغرب صغيرات في سن التمدرس عوض منحهن فرصة الدراسة واللعب فقط، مثل قريناتهن في العالم بأسره"؛ إنه الاهتمام المتزايد الذي استحقت بفضله الأميرة، والأم لِلَلاسكينة المزدادة في 30 أبريل 1986 ومولاي إدريس المولود في 11 يوليوز 1988، أن تنال الرئاسة الشرفية للعديد من الجمعيات التي تعمل لفائدة الطفولة، ومنها بالخصوص جمعية مساعدة ودعم الأطفال المصابين بالربو، والجمعية المغربية "أعمال خيرية للقلب"، وجمعية آباء وأصدقاء الأطفال المصابين بالسرطان "المستقبل".

للامريم..السفيرة

إيمانها بأن العمل الاجتماعي ليست له حدود، جعلها تشرف شخصيا وميدانيا على العديد من العمليات ذات الطابع الدولي، في هذا المجال الإنساني، فتتبَّعت سموُّها عن كثب مراحل التحضير الجاري لإرسال الأطنان من الأدوية التي أُرسلت سنة1991، إلى نساء وأطفال العراق، وهو نفس الإيمان الصادق بواجب نشر السلم والحب وإعادة الأمل لدى الإنسان، الذي جعل الأميرة للامريم ترافق إحدى الطائرات المتوجهة سنة 2000، إلى بريتشتينا وبيتروفيتشا، لتتَبع عمليات توزيع الأغذية والملابس والأدوات المدرسية والألعاب على أطفال كوسوفو. تحركات استثنائية لأميرة تعشق العمل الإنساني وترفض أن تكون لذلك حدود، فكما ينبغي الرعاية بالطفل والإنسان المغربي، فيجب كذلك تقديم المساعدة لمن هو في حاجة إلى ذلك من دول المعمور، إنها الأميرة التي استحقت في يوليوز 2001 تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، اعترافا من المنتظم الدولي بالمجهودات الجبارة التي تقوم بها سموها خدمة لقضايا الطفولة في العالم.

وللأطفال أمهات ينبغي النهوض بحقوقهن بعيدا عن النظرة التمييزية للمرأة، وهو ما وضعته الأميرة نصب أعينها في سياق عملها المجتمعي المتكامل، من أجل خلق نواة أسرة تكون اللبنة السليمة والصلبة لبناء مجتمع متضامن يقر بحقوق نصفه الأنثوي، ولذلك حرصت سموها على تدعيم المكتسبات النسائية والنهوض بحقوقهن، عبر الانخراط في العديد من المبادرات، حيث أشرفت الأميرة في مارس سنة 2006، على توقيع ثلاث اتفاقيات، بصفتها رئيسة الاتحاد الوطني لنساء المغرب، مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وجمعية العمل الإستعجالي ومؤسسة "ريد 5"، لتليها اتفاقيتان أخريتان في السنة الموالية، تهم الأولى تعزيز مكتسبات مدونة الأسرة لفائدة المرأة وتدعيم تجربة مراكز الاستماع، بينما الثانية تهدف إلى المساهمة في توعية النساء بمخاطر الأمراض المنقولة جنسيا.

الأميرة المتوجة

تجربتها في العمل الاجتماعي وقدرتها على تكسير حواجز البروتوكول والقرب أكثر من الناس والاستماع إلى مختلف قضاياهم، جعلت الراحل الحسن الثاني، في أواخر أيامه سنة 1999، يكلفها بمهمة رئاسة مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، وكأنه بذلك كان يريد أن يرحل إلى الدار الآخرة وقد وضع ملف أبناء المغاربة بالمهجر في أياد أكثر أمانا، وهو الذي ظل طيلة أيام ملكه يحرص على العناية بالمهاجرين.

الأميرة للامريم، الأكثر ظهورا إعلاميا من بين الأميرات، كان لها السبق في كل شيء؛ في رقتها وإنسانيتها، وفي ظهورها كأول نجلة للملك يتم زفها في عرس علني رأى فيه المغاربة لأول مرة، حرم ملكهم، الأميرة للا لطيفة، وكان السبق للأميرة أيضا في إنجاب حفيدة الملك الراحل للاسكينة، أو سندريلا القصر الملكي، التي كان الملك الراحل يضعف أمامها، وهو الملك الذي يُشهد له بالعظمة، كما كان لها السبق في تمثيل النساء المغربيات أحسن تمثيل، على المستوى الدولي، وتشهد لها بذلك الجوائز العديدة التي نالتها وآخرها جائزة "النساء الرائدات عالميا"، إنها الأميرة المتوجة وطنيا وعالميا.

منشورة في مغرب اليوم

هناك تعليق واحد:

  1. Notre charmente pricesse que nous aimons et que nous respectoons profondement

    ردحذف