الجمعة، يناير 28، 2011

دعارة القاصرات بالمغرب...عندما تبيع فتيات أجسادهن مقابل مبالغ تافهة

تشير تقارير حقوقية ودراسات مهتمة بعلم الاجتماع إلى أن دعارة القاصرات بالمغرب أصبحت ظاهرة تتطلب تجند الجميع لمحاربتها، خاصة في ظل توجه سماسرة ومافيا الجنس إلى هذه الشريحة من المجتمع، حيث ينصبون شباكهم أمام المؤسسات التعليمية لاصطياد فتيات في عمر الزهور والرمي بهن في أحضان تجارة الجنس، مستعملين أساليب مختلفة للتغرير بهن، مما يدق ناقوس الخطر، لاسيما بالنسبة للسلطات الإدارية والأمنية التي ينبغي عليها تمشيط هذه المؤسسات التعليمية، بشكل يومي، من القوادة المتحرشين جنسيا بالقاصرات

دراسات مختلفة تشير إلى تحولها إلى ظاهرة

اتكأت "نجلاء" على نافذة السيارة، ودنت بوجهها إلى وجه محدثها الجالس خلف مِقود السيارة.. وبدأت في خوض حديث "ساخن" مع السائق، الذي ليس هو إلا أحد معارفي الذي يَهْوى "الجنس الطري"، أو "الفريش"، كما يسميه هذا "الصديق".

- "فين هاد لغبور آصّْاحب؟" سألَته.

- "غِير في الدنيا"..؟كاين شي جديد؟"، بادرها الصديق.

- "مُوجود الخير آحبيبو"..وقبل إتمام كلامها، أشار إليها بأن تأخذ مكانها في المقاعد الخلفية، ففعلت بسرعة البرق، قبل أن تطلب من صديقي أن "يُشرفها" بـ"الأستاذ" الجالس إلى جانبه، الذي هو كاتب هذه السطور..ففعل.

القَوادة القاصر

تعامُل "نجلاء"، ذات السبعة عشرة عاما، مع رجل يبدو في الخمسينات من عمره، بتلك الطريقة "الاحترافية" جعلني أبقى لحظة، غير يسيرة، مشدوها إلى هذه التلميذة، التي تتابع دراستها في السنة ثانية ثانوية، شعبة العلوم، لكنها تريد أن "تعيش حياتها"، بالطريقة التي تريد هي، كما حكت، وكما أخبرني قبل ذلك صديقي.

كانت وجهتنا نحن الثلاثة إحدى مقاهي حي أكدال بالعاصمة الرباط، كما تم الاتفاق بيني وبين "صديقي" مسبقا على ذلك، لاستكشاف عوالم هذه الفتاة القاصر وزميلات وصديقات لها، ومن هن كثيرات امتُلئت بهن ذاكرة هاتف هذا "الصديق".

في الطريق إلى المقهى، وهي المدة التي لم تستغرق أكثر من 10 دقائق، عرفتُ الكثير مما كان يحكيه لي دوما هذا العاشق للقاصرات، الذي تعرفت عليه مصدرا للأخبار، فإذا بي أكتشف فيه أنه زير نساء، بل زير طفلات لو كان قُدر له أن يتزوج لأنجب كثيرات من عُمر هؤلاء اللائي يعبث بجسدهن كلما شاء ومتى شاء، وأنّى شاء!

ببطاقة تعبئة لهاتفها النقال، سُومتها 100 درهم، ودعوة غذاء لن يصرف فيها أكثر من مائتي درهم، يستطيع هذا الشخص أن ينال من نجلاء ما يريد من استغلال جنسي لها، وكلما واظب على ذلك بشكل شبه يومي، فإنه يستطيع أن يجعل من نجلاء قوّادته التي لا ترفض له طلبا، إذا ما أومأ لها بإغراء إحدى صديقاتها أو زميلاتها اللائي تكن في الغالب في مستوى سنها أو أقل بكثير منه.

لِمَ سأتزوج إذن؟ يتساءل، هذا الزّير، ذات جلسة وجلسات، جمعتني وإياه، و"لِم سأربط مصيري بامرأة طول عمري، إن لم تقتلني بـ"الفقصة"، فإنها ستكون السبب في مزيد من الأمراض..التي تُنهك جسدي"..إنها الخلاصة التي انتهى إليها هذا الشخص..الذي مَن عليه الله بوافر المال من حيث لم يحتسب..فقد ورث عقارات مهمة ورصيدا بنكيا محترما، عن "المرحوم" والده، إضافة إلى فيلا على الشاطئ، تشهد غرفها حجم "غزواته ونزواته"، على الأجساد الغضة..وبالإضافة إلى أن هاجس الطمع الذي بات يخيم عليه، يخشاه أن يكون هدفَ كل امرأة يمكن أن يقترن بها شرعا، فإن وجود ما يسميه "الخير ديال الدّْريات"، يحول دون استمراره في أي تجربة كانت ستقوده إلى تأسيس أسرة مستقرة..فالآن لا يكلفه "تبدال الزيت" غير قليل من المال، يشرح رغبته الجنسية الشاذة، وليس هناك ارتباط مقدس لا يمكن تجاوزه، فالتي "تنام معي هذا اليوم، يمكن أن تقبض مرتين وتذهب في حال سبيلها، بعدما تكون قد أسقطت زميلة أو صديقة لها في شباكي"، وهكذا دواليك.

سمعتُ الكثير من الحكايات، وردد الجالسان معي أسماء كثيرة لقاصرات؛ ليلى، مونيا، فتيحة..وأخريات..كانت نجلاء هي الوسيطة بينهن وبين "الصديق"، الذي كلما "اشتهى" إحداهن كان يجزي العطاء لهذه القوادة القاصر، ذات الدورين في علاقته معها، فهو لم يتخل عنها كخليلة أيضا، حيث لطالما كان يغازلها ليلا بحضوري، في اتصالات هاتفية، كانت تكلفه الشيء الكثير، كما كان يأخذها في جولة بسيارته، تُختتم بـ"مْصَيْصة" في الغالب، ومنحها "صالير دُو بوش"، علاوة على تعبئة هاتفها النقال، من أجل أن تُرسل إليه رسائل قصيرة، في منتصف الليل..مع أنه كان يعلم علم اليقين، أن كل التعبئات التي كان يؤدي ثمنها، كان القسط الوافر منها يذهب في اتجاه "زَلاّلها"، الذي كان يذكرها هذا الصديق به كلما همّ بإرسال التعبئة، محاولا أن يبرر ذلك بأنه واع بما يفعل وبأنه فطن للَعبهن ومكرهن..وكذلك كان يفعل لعله يجد بعض العزاء في المبالغ المالية التي يصرفها ذات اليمين وذات الشمال..في سبيل إغواء القاصرات.

مافيا الجنس تتربص ببنات اللّيسي..

في جولة سريعة قمنا بها أنا وهو، على متن سيارته الرياضية التي يحرص على أن تكون يوميا في غاية رونقها، إلى عدد من المؤسسات التعليمية الثانوية، بالعاصمة، اكتشفتُ وجود نماذج كثيرة لهذا "الشخص"، الذين يحجون بكثرة إلى مثل هذه المؤسسات لاصطياد الطازج من الأجساد الآدمية..بل إن صدمتي كانت قوية عندما تناهى إلى علمي بأن هناك مقاهي قريبة من بعض المؤسسات التعليمية، تشهد "بيع وشراء" العشرات من الفتيات القصيرات كل يوم، من طرف قوادات وسماسرة، منهم من أصبحوا "مختصين ومختصات" في استقطاب هذا النوع من بائعات الهوى، لـ"العمل" في سوق باتت تنشط كثيرا، خاصة في صفوف بعض الفتيات اللائي يعانين الفاقة الاجتماعية.

وعندما يغيب دور الرقابة والمتابعة لتلميذات مراهقات لأسرهن، ودور مكونات المجتمع المدني والإعلام والمؤسسة التعليمية، وكذا الدور الوقائي للسلطات الإدارية والأمنية، تصبح الطريق سالكة لتجار الجنس، بصفة عامة، ولمافيا جنس القاصرات تحديدا، لتوسيع قاعدة شبكاتهم الجنسية..إنها عوامل سوسيوثقافية، تلك التي تجعل نسبة 32 بالمائة من الفتيات المغربيات، اللائي كان مصيرهن الارتماء في عالم تجارة الجنس الأبيض، مارسن أو تعرضن لعملية جنسية، بين السادسة والخامسة عشرة من عمرهن، كما أكدت ذلك دراسة هي الأولى من نوعها قامت بها، قبل سنتين، المنظمة الإفريقية لمكافحة الإيدز في المغرب، التي أكدت أيضا أن حوالي 300 من أصل 500 امرأة مارسن أو مورست عليهن أول عملية جنسية، بينما كان سن 162 منهن يتراوح بين 6 و 15 سنة فقط، فيما الباقي أكثر من 15 سنة ودون الـ18 سنة. نفس الدراسة أفادت أن حوالي 60 بالمائة من المستجوبات اللواتي ذكرن سن أول ممارسة جنسية تلقين عنها مقابلا ماديا، تتراوح أعمارهن ما بين 9 و15 سنة، وهو ما يعكس تزايد تعرض الفتيات صغيرات السن إلى الإغراء أو الاعتداءات الجنسية في وقت مبكرة جدا، مما يدق ناقوس الخطر ويرفع درجات التأهب لدى مكونات المجتمع الآنفة الذكر.

عازبة لكن..

بالرجوع إلى "صديقي" الذي لا يكاد يخلو حديثه من استعراض مغامراته الجنسية مع القاصرات، أجدني أاكتشف جانبا لم أكن أعره كبير اهتمام، ولعله يُحسب مفارقة غريبة، بالنظر إلى درجة خطورة عالم الدعارة وقدرته على إسقاط المزيد من المنتسبات إليه، لاسيما أمام استعمال إغراء المال السحري.. إنه حفاظ العديد من الفتيات على بكارتهن، وهذا أمر "طبيعي" في نظر هذا المتحدث إلي، ما دام أن معظم القاصرات اللائي يضطرن أو يُردن ممارسة الجنس، سواء تحت اشتداد الحاجة أو لمجرد الحصول على متعة جنسية زائلة، فهن يعرضن "خدماتهن" إما بمص عضو الذكر أو بالممارسة عبر الدبر..

شهادة هذا "الخبير" التي أدلى بها إلي وزكّتها أكثر من قاصر أثناء الجولة عندما كان يسأل بكم الثمن..فتأتي الإجابة.."مَصة أم مِن اللّور..لأن القُدام ديال مُواليه"، لم يستقيها من مجرد أحاديث، ولكنه عايشها ويعيشها كلما أراد ذلك. كما لم يكن هذا المتحدث على علم بأن الدراسة الميدانية المشار إليها سابقا، كشفت هي الأخرى تلك المفارقة، وأمام مجتمع بأكمله، حيث أبرزت نتائجها أن 13 بالمائة من المومسات اللائي تم استجوابهن، مازلن "عازبات عذراوات"، وهو ما يدل على أهمية العذرية في الثقافة الاجتماعية في مجتمعنا. نفس الدراسة أكدت أن "اللافت" في عيّنات المستهدفات من الدراسة، هو أن نحو 60 بالمائة قلن إنهن مارسن الجنس للمرة الأولى، بين سني التاسعة والخامسة عشرة.. نفس دق ناقوس الخطر سارت عليه أيضا شهادات باحثين في علم الاجتماع، مغاربة وأجانب منهم من نشر دراسات بهذا الخصوص، ومنهم من هو في الطريق إلى ذلك. وتشير المعطيات التي توصل إليها هؤلاء إلى أن الدعارة وإن ظلت حاضرة بمختلف المجتمعات والدول، إلا أن اقتحام عوالمها من طرف القاصرات، هو ما بات يشكل هاجسا يؤرق المواطن والباحث، على حد سواء، بل إن من هؤلاء من كان جريئا إلى حد وصف تزايد تعاطي القاصرات للدعارة، في السنوات الأخيرة بأنه أصبح "ظاهرة"، تظافرت مجموعة من العوامل في ظهورها وستتسع إذا ما لم يتم تحرك كل الفعاليات داخل، على الأقل من أجل الحد من آثارها الكارثية في صفوف اليافعات من بناتنا، إن لم يكن من أجل محاربتها نهائيا. إنها مهمة تعتبر غير يسيرة، في نظر علماء الاجتماع، الذين يعتبرون الاستعمال السيء لوسائل الاتصال، من هواتف محمولة وأنترنيت، علاوة على وجود شريحة من الرجال من يفضلون معاشرة صغيرات العمر، عدا عن عوامل أخرى اجتماعية كالفقر مثلا، كلها عوامل تسند طرح الاتجاه القائل بأن المسألة باتت أكثر من حالات منفصلة هنا وهناك، وأنها ظاهرة آخذة في مزيد من الاتساع.

الفقر ليس السبب دائما..

لكن حالة "خولة"، الفتاة التي لم يتسن لنا الحديث إليها، لكونها كانت متغيبة عن زميلاتها بسبب إجازة مرضية، والمنحدرة من أسرة ميسورة، تكاد تعطي صورة مناقضة تماما لنمطية المعالجة لهذا الموضوع الشائك، والتي ترجع الأسباب الحقيقية لانتشار دعارة القاصرات، إلى الفقر والحاجة أو الرغبة في تلبية متطلبات الفتاة المراهقة، التي تبدأ من الكتب والحاجيات الدراسية، ولا تنتهي عند الملابس و"الماكياج" ومصروف الجيب..بل هناك أشياء أخرى كعلبة السجائر مثلا وغيرها.. فـ"خولة" التي انتقلت من معهد خاص فقط للالتحاق بصديقاتها في المؤسسة العمومية، تنفق في اليوم، من المال، ما لا يستطيع حتى موظف ذو أسرة ومصنف في السلم 11، أن ينفقه. وتحكي زميلاتها أنها تريد أن "تعيش حياتها"، وتعشق لحد الجنون الكهول الذين تجاوزا عتبة الستين، لغاية في نفسها تخفيها حتى على زميلاتها، اللائي خمنت بعضهن بكونها تريد(ه) أن يكون "كبيرا". ليبقى السؤال مطروحا حول ماهية باقي الأسباب التي تجعل فتيات في عمر الزهور يرتمين في أحضان كهول في أعمار أجدادهن أحيانا؟

صورة قاتمة إذن تخيم على مستقبل بنات هذا "البلد الآمن"، وهي الصورة التي رسمت معالمها حتى تقارير أجنبية صبت في نفس اتجاه توجيه نداء الاستغاثة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، من أجيال المستقبل، حيث أشارت دراسة بعنوان "الدعارة في المناطق السياحية بتطوان"، أعدها الباحث في علم الاجتماع بجامعة غرناطة الاسبانية، أنطونيو مارتين، في نفس الفترة تقريبا لصدور الدراسة المشار إليها أعلاه، إلى أن 22 بالمائة من العاملات في الجنس، بالمنطقة، هن فتيات قاصرات، وأن نسبة 16 بالمائة منهن عذراوات (يلاحظ وجود هامش ضيق بين هذه الدراسة والدراسة السابقة بخصوص هذا المعطى)، جميعهن طالبات وتلميذات لم يفقدن بكارتهن بعد. وما أدلى به "الصديق" يجد له الصدى أيضا في دراسة الباحث الاسباني، حيث تفيد نتائجها بأن هؤلاء القاصرات يمارسن الجنس مقابل مبالغ مالية لا تتجاوز 200 درهم، مما يشير إلى أن هناك نقاط تشارك بين معظم القاصرات البائعات لأجسادهن، وإن اختلفت الرقعة الجغرافية المتواجدات بها على امتداد التراب الوطني، حيث أن دراسة مارتن، التي استغرق إنجازها ثلاثة أشهر، شملت فتيات من مدن مارتيل والمضيق والفنيدق، وأن الخلاصات التي توصل إليها تفيد بأن القاصرات المتعاطيات للدعارة يقنعن فقط بدعوات لتناول وجبات أكل، مقابل بيعهن أجسادهن، أو بتلقي بطائق تعبئة لهواتفهم المحمولة، أو بمقايضة الجسد الغض ببضائع عينية كعلبة سجائر أو صندوق مساحيق تجميل، تفاديا للفت نظر عائلاتهن إلى مداخليهن المالية، كما تشير الدراسة، بينما هن مازلن طالبات أو تلميذات..وبالرغم من أن ليس هناك أرقام رسمية تحدد أعداد الناشطات في هذا النوع من تجارة الجنس، أو حجم المبالغ المالية التي يتم صرفها في هذا المجال، الذي بات يسيل لعاب السماسرة والقوادة ومافيا الجنس، إلا أن الأرقام التي تتوصل إليها من حين لآخر فعاليات المجتمع المدني، وبعض جهات البحث ذات المصداقية، تكشف بما لا يدع مجالا للتردد في مواجهة الظاهرة، أن المسألة باتت تفرض على الجميع التحلي بالجرأة اللازمة للوقوف في وجه مروجي جنس القاصرات.

"ما تقيش بنتي.."

إنها الجرأة التي جعلت جانبا من المجتمع المدني، رغم تحفظه، يعلن كسر جدار الصمت وتجاوز ما ظل يُتهم به من عدم قدرته على ملامسة مواضيع تدخل في نطاق "الطابوهات". الأمر هنا يعني "منتدى الزهراء للمرأة المغربية"، ذي التوجه الإسلامي، الذي أطلق في ماي الماضي مبادرة قافلة "ما تقيش بنتي"، على غرار مبادرات أخرى شبيهة تطلقها جمعيات حقوقية أخرى ليبرالية. المبادرة التي تتزيى بالحجاب هذه المرة، تدق هي الأخرى ناقوس الخطر، وتنبه جميع الجهات المعنية، من حكومة ومؤسسات تمثيلية، ومجتمع مدني، وجمعيات نسائية، ووسائل إعلام عمومي وصحافة حرة، وغير ذلك من الفاعلين، إلى ضرورة العمل من أجل "إطلاق نقاش وطني حول هذه الظاهرة، والتفكير في مقاربات استباقية، تستند إلى التحصين التربوي والتحسيس الثقافي من جهة، كما تستند إلى الزجر القانوني، وتطوير التشريعات الجنائية من جهة أخرى"، لمواكبة التطورات المرافقة لظاهرة الاستغلال الجنسي، وخاصة ما يتعلق بالاستغلال الجنسي بواسطة الانترنت".

رئيسة المنتدى، بثينة قروري، وأثناء الندوة المعلنة عن انطلاق المبادرة التحسيسية بخطورة تزايد ظاهرة الاستغلال الجنسي للقاصرات، أعلنت عن أهداف محددة للقافلة التي امتدت أسبوعين وجابت العديد من المدن المغربية، التي تعتبر بؤرا سوداء لهذا النوع من التجارة الجنسية التي ينبغي استئصالها، وهي أهداف أربعة؛ أولها تكوين جبهة وطنية لمناهضة هذه الظاهرة، تتكون من مختلف الجمعيات النسائية والحقوقية الفاعلة في الميدان، وثانيها تقوية التماسك الأسري، من خلال التصدي للظاهرة وتداعياتها على المجتمع والأسرة، وثالثها تحسيس الأوساط التربوية والتعليمية، بخطورة تفشي ظاهرة الاستغلال الجنسي، في أوساط القاصرات، والهدف الرابع للقافلة، استعراض الأساليب والأدوات المعتمدة للتغرير بالقاصرات، واقتراح أساليب التغلب عليها، بالنظر إلى مجموعة من التقارير الدولية، تؤكد أن المغرب بات من بين الدول التي تتصدر قائمة الدول المصدرة للنساء، اللواتي يتعاطين للدعارة من بينهن العديد من القاصرات، وهو ما أثر بشكل سلبي على صورة المرأة المغربية في الخارج، بحسب رئيسة المنتدى، التي أكدت أيضا أن استراتيجية المنتدى في تنفيذ عمله سيعتمد على نسيج جمعوي متكون من 50 جمعية منضوية تحت لواء الزهراء، وسيتم نصب خيام تواصلية مع العموم، وتعرض مسرحيات وأنشطة ثقافية أخرى ذات علاقة بالموضوع، وكذا توزيع ملصقات توعوية بالظاهرة.

وعندما لا يتردد الباحثون وناشطو المجتمع المدني، وكذا تقارير الجهات الدولية بمختلف مشاربها، في وصف تعاطي الجنس من طرف القاصرات، بأنه أصبح ظاهرة لها أسبابها المتعددة، ومنها بالخصوص الظروف الاجتماعية، عدا عن وسائل الإغواء والتحريض من لدن بعض آكلي اللحوم البشرية، ولاسيما منها الغضة، وكذا بسبب التزايد المضطرد لاستعمال وسائل التكنولوجيا، التي تسهم في تقريب المسافة وتسهيل التعارف بين الجنسين، فإن الجهات الرسمية، وخاصة منها الجهات الأمنية، تتحفظ كثيرا على الوصف/ الظاهرة؛ واستنادا إلى تصريحات استقتها "ما وراء الحدث"، من مصدر أمني، فإن الأمر لا يعدو يكون "تضخيما" لحالات استثنائية تحدث في هذه المدينة أو تلك، والتي يصعب "رصدها"، على الأقل من الناحية القانونية، يقول المصدر الأمني، الذي أكد أيضا في سياق إجابته عن سؤال حول "تسامح وتساهل" رجال الشرطة مع المترددين على المؤسسات التعليمية من أصحاب السيارات الذين يتحرشون بالقاصرات والقاصرين، أن توقيف شخص لمجرد الشبهة، خاصة في حالة التحرش، يصعب تنفيذه لصعوبة إثبات فعل التحرش، ما لم يشتك أحد بأنه تعرض لذلك.

وتظل المقاربة الأمنية "عاجزة" إذن على محاربة الظاهرة، كما يشير إلى ذلك فاعلون جمعويون، وعندما تكون "الإرادة" ثابتة لدى القاصرات في امتهان الدعارة، وإن عرَضا، لتلبية بعض الأغراض التافهة أحيانا كشراء قارورة عطر أو علبة مساحيق تجميل، فإن هذا العجز يصبح مضاعفا، لتصبح "المقاربات الشمولية"، التي عمودها "المقاربة القيمية الأخلاقية"، المستندة إلى الثقافة والتقاليد، الطريق القويم للوقوف في وجه هذه الظاهرة الجارفة لمستقبل أمهات الغد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق