الثلاثاء، يوليو 27، 2010

مدنيون وعسكريون يدخلون نادي المغضوب عليهم ملكيا من بابه الواسع


نورالدين اليزيد


بين التقاعس في أداء المهام وخرق القانون واستغلال النفوذ، تتعدد الأسباب التي أدت بالسلطات العليا إلى إعفاء مدراء عامين من مهامهم، لم يقدروا حساسية مواقعهم على رأس مؤسسات وطنية استراتيجية


تقرير الميداوي "أدان" بنعلو أمام الملك


رصد تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2008، المرفوع إلى جلالة الملك والمنشور مؤخرا، "اختلالات مالية" بالجملة بإدارة المكتب الوطني للمطارات، وهو ما كان سببا للإطاحة بالمدير العام السابق عبد الحنين بنعلو.

وتضمن التقرير مظاهر عدة لسوء التدبير كلفت أموالا طائلة ناهزت 8 ملايير درهم في ظرف خمس سنوات، وأشار إلى "الثغرات" التي حصلت في إبرام صفقة بناء المحطة الثانية بالدار البيضاء، وهو ما تجلى بالخصوص في إبرام عدة صفقات مع نفس الشركة التي فازت بصفقة بناء المحطة الجديدة للمسافرين عن طريق الاتفاق المباشر.

ورصد التقرير أيضا مظاهر أخرى لهدر المال العام بهذه المؤسسة، كما هو الشأن بالنسبة لبناء مدرج ثاني بنفس المطار، وصفقة شراء نظام معلوميات ليتضح في ما بعد أن الوحدات المعلوماتية لا تُستخدم.

وأكد التقرير أن المكتب على عهد بنعلو لم يكن "يحترم" مبدأي المنافسة والمساواة في تمرير الصفقات، كم اتهمه بـ"اللجوء المفرط وغير المبرر" للاتفاق المباشر، والذي همّ31 بالمائة من صفقات المؤسسة خلال فترة 2003\2007.


اعليوة وفضائح "السياش"


لم يكن ، خالد اعليوة، الرئيس المدير العام السابق للقرض العقاري والسياحي، يعتقد أن يثير شراؤه لشقة تابعة للمؤسسة بمبلغ مليون و800 ألف درهم وسط الدار البيضاء، كل تلك الضجة الإعلامية، بالنظر إلى أنه استفاد من هذا العقار كأي إطار من أطر المؤسسة.

ولم تنجح كل المبررات التي حاول اعليوة أن يدفع بها عنه تهمة استغلال النفوذ والاستفادة من عقار بثمن يقل كثيرا عن ثمنه الحقيقي، في تجنيبه "غضب" الملك، ذلك أن ما كشفت عنه مصادر مطلعة يشير إلى أن العقار من "النوع الممتاز" بحكم موقعه وسط العاصمة الاقتصادية، وأن الثمن المدفوع من طرف اعليوة بعيد كل البعد عن قيمة العقار، حتى قبل 10 سنوات، حسب تقرير خبير، حدد القيمة في ستة ملايين و900 ألف درهم. نفس المعطيات أشارت إلى أن إدارة القرض العقاري والسياحي سبق لها أن عرضت بيع هذا العقار قبل خمس سنوات بسعر حُدد في 3 ملايين درهم، عندما طالب المالك الأصلي للعقار باسترجاع ملكه بسعر حدده في مليون و800 ألف درهم. الفضائح التي لاحقت "البروليتاري" اعليوة لم تقف عند هذا الحد، بل إن رائحة "استغلال النفوذ" و"سوء تدبير" المال العام، ظهرت من خلال ما تناقلته أخبار حول صرف حوالي 81 مليون درهم، على إعادة هيكلة فندق "الليدو"، وهو ما أدى إلى حلول لجنة تفتيش، لم يعرف ما إذا كانت تابعة لوزارة المالية أو لمؤسسة "السياش"، للتحقيق في "خروقات" طالت حتى طريقة التوظيف في الفندق، حيث لم يتردد اعليوة في تعيين شقيقته مديرة للموارد البشرية، وابن أخته مديرا لمصلحة العلاج بالماء، وتوزيع مناصب أخرى على أشخاص آخرين من الأهل والأحباب، علاوة على قيامه بزيارة إلى كل من القاهرة وجنيف، لاقتناء أثاث جديد لفندق "الليدو"، برفقة محمد زيزي مدير سلسلة فنادق القرض العقاري والسياحي المتهم من طرف مجموعة "دنيا أوطيل"

بارتكابه لخروقات عندما كان يشغل منصب المدير العام لفندق المنصور الذهبي بمراكش.


تراجع الأرباح والتضييق على الفرنسيين يساويان "رأس" الباكوري!


إقالة المدير العام السابق لصندوق الإيداع والتدبير، مصطفى الباكوري، جاءت بعد "أخطاء قاتلة" في تدبيره لهذه المؤسسة المالية، مما أدى إلى تراجع أرباحها الصافية، خلال السنتين الأخيرتين من توليه الإشراف على "السيديجي" (2008و2009)، وهو ما كشفت عنه الأرقام التي تم الإعلان عنها مؤخرا، حيث تراجعت الأرباح بأزيد من مليار درهم خلال سنة 2009 أي بنسبة 74 بالمائة، مقابل نتيجة صافية قدرها مليار درهم و545 درهما خلال سنة 2008.

وهو التراجع الذي يعزيه متتبعون إلى الاستثمار "غير الموفق" في المؤسسة السياحية المعروفة كلوب ميد (نادي المتوسط(.

غير أن مصادر مطلعة تشير إلى أن الحيثيات التي أدت إلى التغيير المفاجئ لمدير الصندوق، خلال السنة الماضية، وتعيين أنس العلمي محله، في الوقت الذي كان الملك يقضي عطلة في ضيافة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، مرده إلى بعض المواقف الشخصية للباكوري، التي تمثلت بالإضافة إلى "كثرة شكواه" للمحيطين به من حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، في كونه كان يسعى إلى شراء الأسهم الخاصة بالقرض العقاري والسياحي المتداولة ببورصة الدار البيضاء، مباشرة بعد إقالة خالد اعليوة من هذه المؤسسة، حيث كان الباكوري يسعى إلى التخفيف من تأثير الفرنسيين على "السياش"، الذي كانت مجموعة صندوق التوفير الفرنسية تساهم في رأسماله بنسبة 67.88 بالمائة.


الخطأ القاتل ليونس معمر..بيع محطة الجرف الأصفر!


ارتكب مدير المكتب الوطني للكهرباء السابق، يونس معمر، أخطاء عدة في تدبير المكتب الوطني للكهرباء، خلال الفترة القصيرة التي أشرف فيها على هذا المرفق الاستراتيجي، أي ما بين 15 فبراير 2006 و14 نونبر سنة 2008، حيث "اتُّهم" بأنه كان يمنح صفقات قدرت بالملايير، إلى شركات بعينها دون احترام المساطر القانونية، ومن هذه الصفقات، صفقة بناء محطة بالمحمدية تم تفويتها لإحدى الشركات بدون الإعلان عن طلب عروض، وكذلك برنامج المصابيح الاقتصادية التي ستعوض المصابيح الصفراء القديمة، باعتبارها مستهلِكة للطاقة، إلا أن الخبراء أكدوا على أن نتائج الصفقة لم تكن ناجعة بالنظر إلى أن المصابيح الاقتصادية تتطلب وقتا طويلا للاشتغال من أجل إعطاء مفعولها.

غير أن ما جرَّ "سُخط" السلطات العليا على معمر، على ما يبدو، هو النتائج المالية السلبية لصفقة بيع محطة الجرف الأصفر، التي تنتج حوالي 75 بالمائة من احتياجات المغرب للطاقة، لشركة أمريكية بمبلغ 350 مليون دولار، سرعان ما استرجعه الأمريكيون، بعد سنتين فقط، حين باعوا المحطة لشركة "طاقة" الإماراتية، في الوقت الذي ما يزال الغموض يلف حيثيات هذه الصفقة.


زيارة ملكية مفاجئة للمستشفى العسكري أطاحت بعرشان


أعفى الملك محمد السادس الجنرال إدريس عرشان من مهامه على رأس الهيئة الوطنية للأطباء وكمفتش للمصالح الصحية للقوات المسلحة الملكية، في صيف 2008، مباشرة بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها للمستشفى العسكري بالرباط، والتي مكنته من الاطلاع مباشرة على الوضعية "المتردية" التي تعرفها هذه المؤسسة، وكذا مباشرة بعد سلسلة إضرابات خاضها الأطباء ضد الجنرال عرشان الذي اتهموه بالتسبب في "انهيار" هيأتهم.

وإذا كان البعض يربط التخلي عن عرشان بـ"إهماله" للمستشفى العسكري، فإن مصادر مطلعة ترجع أسباب ذلك العزل أيضا إلى إمكانية ضلوع عرشان والجنرال توبان، الطبيب الرئيسي للمستشفى العسكري، الذي أُعفي هو الآخر على إثر نفس الزيارة الملكية، في أنشطة أخرى!


العنيكري: تقهقر الرجل القوي في العهد الجديد!


اعتبر الكثيرون أن إعفاء الجنرال حميدو العنيكري، في خريف سنة 2006، من مهامه كمدير عام للإدارة العامة للأمن الوطني، وتعيينه مفتشا عاما للقوات المساعدة مكلفا بالمنطقتين الجنوبية والشمالية لهذه القوات، كان بمثابة "عقاب" للجنرال، على تقاعس الأجهزة الأمنية التي يشرف عليها، وهو ما أكدته أحداث متزامنة عرفتها البلاد، وكشفت عن وجود خلل أمني ينبغي تداركه بتغيير أعلى هرمه.

ولعل أهم تحدي فشل العنيكري في رفعه هو فشله في وضع حد لتنامي المد الإرهابي، بعد توالي الإعلان تفكيك الخلايا الإرهابية في أعقاب أحداث 16 ماي بالدارالبيضاء.

وتشير المعطيات، إلى أن العنيكري، لم يكن رجل ملفات بقدر ما كان رجل مغامرات، لذلك سرعان ما انكشف فشله في تدبير ملف الإرهاب، الذي حاول أن يستعمله كفزاعة للحصول على اعتمادات مالية إضافية تم تبديد جزء منها في صفقات خاسرة.

وتزامن إعفاء العنيكري مع إعفاء عدد من المسؤولين الذين وردت أسماؤهم على لسان بارون المخدرات، محمد خراز، الملقب بالشريف بين الويدان، كما تزامن ذلك مع تداعيات التحقيق في قضية خلية "أنصار المهدي" الإرهابية، التي أطاحت تصريحات أفرادها بالعديد من المسؤولين في أجهزة الأمن والمخابرات والدرك والسلطات المحلية، كان أبرزهم عبد العزيز إيزو مدير أمن القصور الملكية، بالإضافة إلى تزامن ذلك مع اكتشاف ضابط في الاستعلامات العامة بالإدارة المركزية مِن بين أفراد خلية "أنصار المهدي".

لكن هناك من يرى أن من بين أسباب "عدم رضا" السلطات العليا على أداء العنيكري، "عجزه" على حل المشاكل الاجتماعية لصغار رجال الأمن، التي وصلت إلى حد "التذمر".