الأربعاء، ديسمبر 15، 2010

أية علاقة بين قطاع التعليم الخاص والتعليم العمومي؟


في الوقت الذي يَعتبر فيه مسؤولو قطاع التعليم الخاص ببلادنا، أن قطاعهم مستهدف من طرف "جهات معينة"، رغم أنهم شركاء للدولة في مجال التربية ويساهمون في الاستثمار الوطني، فإن قطاع التعليم الخاص ما يزال يثير العديد من الانتقادات، ويُتهم بأنه يساهم إلى حد كبير في هدم ما تبقى من المدرسة الوطنية

التعليم الخاص يسعى إلى تحقيق نسبة 20 بالمائة من الممدرسين سنة 2014


نورالدين اليزيد

كثيرا ما يُنظر إلى مؤسسات التعليم الخاص ببلادنا، على أنها السبب في تخلي المدرسة العمومية عن وظيفتها الرئيسية في تربية وتأطير المواطن، التي كانت تقوم بها أثناء الاستعمار وعند حصول المغرب على استقلاله، وفسح المجال –بالتالي-لمؤسسات التعليم الخاص من أجل استقطاب المزيد من التلاميذ والطلبة، وتلقينهم مناهج ودروس تركز بالأساس على ثقافة الآخرين ولغاتهم.

غير أن وجهة النظر هاته تحتاج إلى كثير من التوضيح، خاصة أمام الإقبال المتزايد للمواطنين، على تسجيل أبنائهم بالمؤسسات التعليمية الخاصة، في ظل "تعثر" إصلاح المدرسة العمومية ومجال التربية والتكوين عموما، حيث ما فتئت مشاريع الإصلاح متواصلة، من خلال البرنامج الإستعجالي الذي سيُطبق خلال الفترة الزمنية 2009/2012، لتدارك ما عجز عن إصلاحه ميثاق التربية والتكوين.

ويرى مهنيو القطاع التعليمي الخاص ببلادنا، بأن مبررات كون التعليم الخاص وُجد من أجل الطبقة الميسورة، وبأنه يمثل أحد مظاهر رفاه وترف هذه الطبقة فقط، في الوقت الذي يتهم فيه البعض "لوبيات" معينة بـ"تبضيع" مجال التعليم والمضاربة فيه، بأن مثل هذا الكلام فيه نوع من "التحامل" و"التآمر"، كما جاء على لسان أحد مسؤولي قطاع التعليم الخاص، خاصة أمام تزايد دوره في تكوين الآلاف من أبناء المغرب، وتوظيف المئات من حاملي الشواهد.

وحسب رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، محمد طالب، فإن التعليم الخصوصي يعتبر شريكا للدولة في ميدان التربية والتعليم، حيث بلغ عدد مؤسساته، إلى غاية صيف منتصف ماي من السنة الجارية، حوالي 2700 مؤسسة تعليمية خاصة، يلجها حوالي 700 ألف تلميذ وتلميذة، وتشغل الآلاف من الأطر والأعوان، فضلا عن أن مختلف مؤسسات القطاع الخاص قادرة على تشغيل 10 آلاف شخص من حاملي الشواهد العليا، في أفق سنة 2015.

وبرأي طالب، في كلمته خلال المؤتمر الوطني الخامس للرابطة، في ماي الماضي، أمام مسؤولي الوزارة الوصية ومدراء مؤسسات التعليم الخاص، فإن هذا الأخير يعاني من "التهميش والحيف"، ومن "التآمر"، و"التصرفات اللامسؤولة"، التي لن تمكنه من تحقيق نسبة 20 بالمائة من عدد المتمدرسين، في أفق 2014/2015، أي حوالي 2 مليون و522 ألف تلميذ وتلميذة.

لكن هذا الازدياد المضطرد لمؤسسات التعليم الخاص، حسب البعض، ليس ناتجا عن "جودة" منتوجه، كما يدعي أربابه، وإنما ذلك راجع إلى "تراجع" مستوى أداء التعليم العمومي، في أداء مهامه على أتم وجه، مما جعل حتى ذوي أصحاب الدخل المحدود فضلا عن متوسطي الدخل، يسارعون إلى تسجيل أبنائهم في المدارس والمعاهد الخاصة، إلى درجة لجوء مؤسسات بعينها إلى وضع لوائح انتظار للمسجلين الجدد.

إنه التراجع الذي جعل كل مخططات إصلاح مجال التربية والتكوين، يكون مآلها الفشل، كما تُقر بذلك الجهات الرسمية نفسها، رغم كل الميزانيات المهمة المرصودة لهذا الجانب، والتي استفاد منها القطاع الخاص، بشكل كبير، في شكل "تسهيلات" تقدمها الدولة للمستثمرين في هذا القطاع، سواء الإدارية منها أو المالية، ومن خلال قروض تمنحها الأبناك بنسب فائدة منخفضة، إضافة إلى التشجيعات الضريبية.

وفي الوقت الذي تشير فيه المعطيات إلى أن تمدرس تلميذ واحد من التعليم الأولي إلى البكالوريا يكلف الدولة 95 ألف و660 درهما، مع ارتفاع التكلفة بـ26 بالمائة، لتصبح 120 ألف و482 درهما، إذا كان معدل التكرار مرتين خلال هذه المرحلة، وهو ما يرجع بالأساس إلى رغبة الدولة في تعميم التعليم وبناء المدارس حتى في المناطق النائية، تؤكد نفس المعطيات على تمركز معظم المؤسسات والمعاهد الخاصة في المناطق الحضرية، وخاصة منها المدن ذات التواجد المكثف للطبقة الوسطى، وهو ما يوضح هاجس "الربح" المادي الذي يتحكم في أولويات المستثمرين في هذا القطاع. لذلك فإن العديد من المتتبعين يرفضون اعتبار العلاقة القائمة، بين القطاعين المدرسيين العمومي والخاص، علاقة تكامل وتشارك، لأن هناك "صراعا" بين القطاعين، باتت مظاهره غير خفية، وتتجلى بالخصوص في قيمة المناهج التعليمية المعتمدة لدى كل جانب، حيث في الوقت الذي يركز القطاع الخاص على التكوين في مجال العلوم والتكنولوجيا واللغات، ما تزال مناهج القطاع العام تعرف العديد من نقاط الضعف، مما يؤثر، بالنتيجة، على المستقبل المهني لخريجي القطاعين، وهو ما نقرؤه أو نسمعه يوميا في إعلانات التوظيف المنشورة، سواء من قبل المؤسسات العمومية أو الخاصة، والتي أصبحت في غالبيتها تشترط توفر المرشحين على دبلومات مدارس بعينها.

الوزارة الوصية تعقد اتفاقيات مع المؤسسات الخاصة للاستفادة من التكوين المستمر

يمكن لمختلف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين أن تعقد شراكات مع مؤسسات التعليم الخصوصي، من أجل "استفادة العاملين بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، من دورات التكوين المستمر المبرمجة لفائدة الموظفين العاملين بمؤسسات التربية والتعليم العمومي".

وحسب نموذج الاتفاقية الذي أنجزته مصالح الوزارة الوصية، وتفعيلا للقوانين الجاري بها العمل وخاصة مقتضيات المادة 15 من القانون رقم 06.00، بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، الصادر بتنفيذه الظهير الشربف رقم 1.00.202، بتاريخ 15 من صفر 1421 ( 17 ماي 2000)، والقاضية باستفادة العاملين بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، مجانا، من أسلاك ودورات التكوين الأساسي والمستمر المبرمجة لفائدة موظفي القطاع العمومي، فإنه يمكن إبرام اتفاقيات بين الطرفين، من أجل تطوير المؤهلات التربوية للعاملين بالمؤسسة الخاصة، وتمكينهم من تكوين بيداغوجي ملائم، يسمح لهم بمسايرة المستجدات التربوية، عبر إشراكهم في دورات التكوين المستمر، المنظمة من طرف الأكاديمية لفائدة الموظفين العاملين بمؤسسات التربية والتعليم العمومي.

الحفاظ على "المكتسبات" ومد جسور التعاون مع التعليم العمومي أبرز أهداف التعليم الخصوصي

حسب رابطة التعليم الخاص بالمغرب فإن من بين أهداف التعليم الخاص بالمغرب، المساهمة في توفير تعليم خاص عصري، يعكس الهوية الوطنية، ويستجيب للمتطلبات والتطورات التي يسعى القطاع إلى تحقيقها. وكذا خلق جو من التعاون بين جميع مؤسسات قطاع التعليم الخاص، والعمل على مد الجسور بين مؤسسات التعليم العمومي، من أجل تطوير التعليم، والرفع من مستوى مردوديته وإنشاء تعاونيات في هذا القطاع.

ومن بين أهداف قطاع التعليم الخصوصي أيضا، الاهتمام بالقضايا التي تتصل بالسير العام لمؤسسات التعليم الخاص، والعمل على إيجاد الحلول السريعة والناجعة للمشاكل التي تتعرض لها مؤسسات التعليم الخاص، في نطاق القوانين الجاري بها العمل، وفي إطار المكتسبات المخولة لقطاع التعليم الخاص، نظرا لموقع القطاع بالمجتمع المغربي. وفتح باب الشراكة في إطار القوانين والأعراف الجاري بها العمل، لخدمة قطاع التعليم والصالح العام في كل الميادين الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق