الثلاثاء، نوفمبر 09، 2010

العيون...أين عيوننا التي لا تنام؟

نورالدين اليزيد

نجزم منذ البدء بأن الذي يحدث في حاضرة الصحراء المغربية، من احتجاجات وأحداث مؤسفة، هذه الأيام، ليس بسبب مطالب اجتماعية، كما أصرت الحكومة، والناطق باسمها، خالد الناصري، على تسمية ذلك منذ "اكتشاف" المخيم السري الذي آوى أزيد من 20 ألف شخص، بضواحي عاصمة الأقاليم الجنوبية للمملكة الشريفة. وأن رائحة السياسة، أزكمت الأنوف، خاصة بعد انطلاق "التفاوض" مع ممثلي المخيم، حول مطالبهم، التي ما شرعت الحكومة، ممثلة في وزارة الداخلية، في تلبيتها، حتى اتضح أن ليس لها حدودا، إن لم يكن سقفها كان هو السماء.

ولكونها مطالب سياسية، فإن المشرفين على المخيم، ومعهم بعض قاطنيه، اتضح أنهم كانوا يتلكأون ويتذرعون بهكذا مطالب "اجتماعية"، لإطالة عمر المخيم، ما أمكنهم ذلك، وهم في ذلك لم يكونوا، بكل تأكيد، يعبّرون عن مطالب شريحة مهمة من أبناء الصحراء، في السكن والشغل، تماما كما يطلب ذلك ويحتج من أجله، يوميا، مغاربة باقي المدن والجهات، وإنما كانوا يأتمرون بأمر مخابرات قيادات البوليساريو الذين يُطبقون وينفذون ما تمليه عليهم المخابرات الجزائرية، في الوقت الذي تمكن الأمين العام الأممي، بان كيمون، بشق الأنفس، من جَمع أطراف النزاع إلى طاولة التحاور، في أفق إطلاق جولة جديدة من المفاوضات يتضح أنها لن تكون في الأجل القريب.

كتحصيل حاصل، يمكن القول أن مخابرات "اشْقيقة" الجزائر، كما يحلو لأستاذ القانون الدولي الكبير، عبد الواحد ناصر، أن يسميها، تمكنت من تسجيل نقطة التعادل، في السباق المحموم مع نظيرتها المغربية، بل ورد الصاع صاعين، لها، والتي يبدو أنها لم تسعَد كثيرا بالضربة القوية، التي وجهتها إلى ساكني قصر المُرادية ومخابراتهم، عندما تمكنت من إقناع القيادي في البوليساريو، مصطفى ولد سلمى، من العودة إلى أرض الوطن، لا بل وتنظيم ندوة صحفية بمسقط رأسه اسمارة، أعلن فيها تأييده للحكم الذاتي كحل لإنهاء نزاع الصحراء، قبل أن يعود إلى مخيمات تندوف، حيث ما يزال مصيره مجهولا.

أحداث العيون، أو "الاثنين الأسود"، لا ينبغي أن يحجب عنا كمغاربة، أولا، ثم كمسؤولين، جسامة الخطأ الذي تم اقترافه، ليس بخصوص تدخل السلطات لإخلاء وتحرير الملك العمومي من طرف محتليه، فهذا ما يقع حتى في البلدان الأكثر ديمقراطية في العالم، من أجل فرض احترام السلطة وتطبيق القوانين المعمول بها، وإنما القصد بـ"الخطأ"، هو هذا التهاون، إلى درجة عدم المسؤولية، من طرف أجهزة المخابرات المغربية، بكل تلاوينها، ومنها بالخصوص، مصالح الشؤون العامة بوزارة الداخلية، التي يُطرح التساؤل عريضا، حول أسباب عدم إثارة هذا الزحف الكبير من الناس، وهم يغادرون المدينة، لانتباه "عيونها" و"آذانها" المبثوتة هنا وهناك. إنها نفس المسؤولية أيضا تلك التي تتحملها المخابرات الداخلية والخارجية، التي يبدو أن رؤساءها، على عكس مخابرات دول العالم أجمع، يُعولون أكثر على الأجهزة الأمنية الرسمية(الأمن والدرك والقوات المسلحة والمساعدة)، وبالتالي فهم ينامون قريري "العيون"، وربما يُولون وجوههم جهة الفنادق والملاهي، لاستراق لحظات سهر ومرح، في انتظار شروق شمس الغد والتمتع بقهوة الصباح، ثم انتظار نشرة المساء التلفزية، التي ترى كل شيء على أحسن ما يرام!

إنها الكارثة ومصيبتَنا في رؤساء أجهزتنا الأمنية الساهرة على أمننا ووحدة أراضينا، وهي الكارثة، التي تحمل خسائر فادحة، عندما يتهرب المسؤولون من تحمل المسؤولية. وهنا يستحضر كاتب هذه السطور، حادثة انسحاب الوفد المغربي الرسمي، من احتفالات الفاتح من سبتمبر، ونقصد احتفالات العقيد القذافي، في السنة الماضية، عندما كنت أشتغل-بعد علمي بخبرٍ- عشية توجه الوفد المغربي، إلى العاصمة الليبية، فاتصلت هاتفيا، صباحا، بوزير الاتصال المغربي، لأستفسره عن سبب مشاركة المغرب في تلك الاحتفالات، إلى جانب زعيم البوليساريو، الذي وضعه بروتوكول القذافي جنبا إلى جنب الوفد المغربي، وهو ما أجابني عنه الناصري، بموقف أقرب إلى التهكم منه إلى التحلي بروح مسؤولية المسؤول الحكومي، قبل أن تعلن وكالة الأنباء الرسمية، في مساء ذاك اليوم، وبعد نزول عدد الغد من الجريدة اليومية، التي كنت أعمل بها، مما يؤكد، على ما يبدو وللأسف، أن الصحافي المغربي، الجالس بمكتبه، يمكنه أن يأتي بالأخبار ما لم تستطع كل الأجهزة المخابراتية، أن تأتي به، حتى ولو توفر مخبرونا على خط هاتفي مفتوح، وجواز سفر دبلوماسي، وتذاكر سفر إلى مختلف دول العالم وامتيازات أخرى. إنها كارثة بحق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق