الأربعاء، أبريل 07، 2010

"الرفاق" حائرون بين الوحدة والانفتاح يمينا ويسارا!

في سياق بحثهم عن معنى الاشتراكية اليوم، اختلف "الرفاق"، مرة أخرى، حول ما إذا كانت المرحلة تقتضي وحدة وإدماجا أم مجرد تحالف؟
نورالدين اليزيد
ماذا تعني الاشتراكية اليوم؟ إنه السؤال الذي طرحه مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان، على الاشتراكيين المغاربة الذين يخوضون منذ مدة في سؤال الهوية والمرحلة ومتطلباتها، لكن هذه المرة يأتي التساؤل في إطار مشروع فكري متواصل يتدارس مختلف القضايا والإشكالات المطروحة على المغرب، المقبل على استحقاقات سنة 2012، كما قدم لذلك رئيس المركز، محمد أوجار، للخروج بنتائج بناءة، بعيدا عن الهجومات الشعبوية المجانية، كما قال القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار.

الراضي: من الثورية إلى الديمقراطية

الاشتراكية برأي الأخ أو "الرفيق" الأكبر، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تعود جذورها إلى الحقبة الاستعمارية، عندما وجد أعضاء المقاومة الوطنية كأحمد بلا فريج والوازاني ومحمد القاسمي، لدى الفرنسيين من يقاسمهم هموم الاستقلال والإصلاح في كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، عبد الواحد الراضي، لكن الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، ستعرف انخراط البعض من أعضاء المقاومة كالمهدي بنبركة ورفاق آخرين، في الأحزاب الشيوعية، ليصير هؤلاء سفراء للمقاومة الوطنية، خاصة لدى الاشتراكيين الفرنسيين الذين كانوا يتفهمون مطالب الحركات التحررية، ومن ثم كان تأثر أفراد المقاومة بالاشتراكية الثورية تحديدا، ولم يكونوا يميلون إلى الليبرالية.
إلا أن حصول وقائع من قبيل موت ستالين وأحداث بودابيست وبراغ، وكذا محاولتي الانقلاب بالمغرب، جعلت الاشتراكيين المغاربة يغيرون توجههم، يقول الراضي في ندوة المركز السالف الذكر، نهاية الأسبوع لماضي، حيث تم تبني النضال الديمقراطي والسياسي عن طريق البرلمان، كما أوصى بذلك المؤتمر الاستثنائي في سنة 1975، لحزب بنبركة، الذي يعتبر مشروع "المجتمع الديمقراطي المنبثق عن صناديق الاقتراع هو جوهره اليوم"، لتدارك "عيب" الديمقراطية ببلادنا، وهو مشروع "تشاركي وتمثيلي" كذلك، يتحقق بتبني الجهوية، يضيف المتحدث، وبضمان حقوق الإنسان والمساواة وتكافؤ الفرص أمام القانون، واحترام حقوق المرأة وكرامة الإنسان. إنها "الاشتراكية الإنسانية" التي تعني "التضامن والحماية الاجتماعية"، وهي بهذا المفهوم "اشتراكية ذات طابع مغربي تأخذ بعين الاعتبار إكراهاتنا وخصوصيتنا، دون التنكر للقيم الكونية التي نمد أيدينا لباقي التيارات السياسية الأخرى من أجل تقاسمها"، يخلص الراضي.

الخياري ولَمّ الشمل!

بعكس رفيقه الراضي، الذي بدا أكثر اعتدالا، فإن التهامي الخياري، الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية، وصف الرأسمالية بـ"المتوحشة"، وبأن الاشتراكية قدمت خير تفكير لتناقضات الرأسمالية، التي تعتبر الأزمة المالية الأخيرة، صورة واضحة لفشلها، مؤكدا بالمقابل أن فشل الاشتراكية بالاتحاد السوفياتي لا يعني فشل مبادئ عامة، وإنما فشل نموذج فقط، في الوقت الذي أكدت فيه هذه الأزمة تورط الرأسمالية في الفوارق الاجتماعية داخل نفس المجتمع، وكذا في الفوارق ما بين الدول المتقدمة والأخرى غير المتقدمة.
ويبدو أن الخياري، وجدها فرصة أخرى، ليكرر دعوته إلى باقي "الرفاق" لـ"لَم الشمل واستخلاص العبر من التجارب"، قبل دعوة الليبراليين أيضا إلى "التخلي عن كل ما يفرق بينهم وبين الاشتراكيين، كما هو الشأن مثلا في ما يخص الضرائب، وإلى تخليق الحياة العامة".
والأحزاب الاشتراكية، "ما تزال تصر على التشبث بجذورها التاريخية" رغم قول البعض بنهاية التاريخ ونهاية الاشتراكية التي تدعو من بين ما تدعو إليه، إلى تحرير الإنسان، وهي بهذا المعنى لن تكون إلا ديمقراطية، كما جاء على لسان عضو ديوان حزب التقدم والاشتراكية، سعيد فكاك، الذي حضر مكان إسماعيل العلوي المتغيب عن اللقاء، وهو ما يعني، يوضح فكاك، بأن الاشتراكية هي "التنمية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والفوارق والنهوض بدور المرأة ومحاربة كل أشكال الكولونيالية ونبذ الاستغلال"، ومعنى أن تكون اشتراكيا بالمغرب، وهذا جوهر حزب التقدم والاشتراكية، هو "الدعوة إلى التحكم في آليات الإنتاج وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي، لذلك يصبح التفكير في تحالف يساري موحد ضرورة يتطلبها تقدم البلاد".

لشكر..لا توجد أحزاب إدارية!

هل يجب أن نتحدث عن يسار أم عن يساريين أم عن يسارات؟ كما يتساءل أستاذ العلوم السياسية وعضو المكتب السياسي لحزب القوات الشعبية، حسن طارق، في ورقة قُدمت خلال الندوة، وهل المرجعية الإيديولوجية لهذا النقاش ما زالت تعطي أهمية لمقولات الاشتراكية العلمية والاشتراكية الديمقراطية والديمقراطية الاجتماعية؟ وماذا عن المشروع الاشتراكي اليوم؟
وفي غياب باقي ألوان الطيف اليساري عن هذا اللقاء، فإن أسئلة أخرى متعددة أعادت إلى الأذهان "الحنين إلى الكتلة أو الحزب الاشتراكي الكبير"، لكن الظروف التي تمر بها البلاد اليوم "تملي تحالفات حتى بين أحزاب متباينة وذات مرجعيات متقاربة"، والقول لإدريس لشكر، عضو المكتب السياسي لحزب الوردة، الذي برر ما ذهب إليه بطريقة الاقتراع المعمول به، وبأن التناوب الحكومي فرض التعامل مع ما كان يسمى "الأحزاب الإدارية"، بطريقة مختلفة تماما، وهو ما وصلت إليه كذلك خلاصات المؤتمر الثامن للحزب ومجلسه الوطني الأخير، وهي الخلاصات التي أجمعت على "أن الإصلاحات السياسية أصبحت تهم كل الأحزاب"، ومن ثم على الاشتراكيين "أن يتوحدوا ويتجاوزوا القول بالتحالف"، لأنه "في غياب الوحدة فإننا سنشهد على نهاية أرقى ما وصلت إليه البشرية"، يقول لشكر، في إشارة إلى الاشتراكية العلمية التي أصبحت اشتراكية ديمقراطية بخصوصيتها المغربية، داعيا إلى فتح حوار واسع للتصدي للفساد ومحاربة الرشوة واقتصاد الريع وتفعيل مؤسسات الدولة.

كرين: الانفتاح يمينا ويسارا

وجاء الرد على "وحدة" لشكر سريعا، من عضو الديوان السياسي لحزب الكتاب، محمد كرين، الذي قال بـ"تحالف كل مكونات اليسار والكتلة وأحزاب من الأغلبية وكل الديمقراطيين، على أساس أهداف مشتركة"، من أجل الإصلاحات السياسية، داعيا الكتلة إلى الانفتاح يمينا ويسارا، في تسابق على ما يبدو مع الاتحاديين الذين باشروا التقارب مع أحزاب يمينية بشكل انفرادي، ورافضا في ذات السياق فكرة اندماج حزب في آخر، فـ"الأفضل أن نبقى مناضلين صغارا في حزب كبير، أحسن من أن نكون قياديين كبارا في حزب صغير"، يقول كرين، الذي ختم تدخله بالدعوة إلى تجاوز "الخطاب القديم" الذي يصنف الأحزاب إلى إدارية وما إلى ذلك.
ولكن جبهة القوى الديمقراطية ترى عكس ذلك، فـ"التحالفات ضرورية في هذه المرحلة بالذات، لكن ليست تلك التحالفات الهجينة التي ظهرت في الآونة الأخيرة ببلادنا، بتحالف أحزاب من الأغلبية مع أخرى من المعارضة"، حسب العضو بحزب غصن الزيتون، عمر الحسني، الذي انتقد بشدة "الخلط" الذي تحدثه التحالفات المبينة على توجهات غير معروفة، داعيا إلى "تحالفات طبيعية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق