الثلاثاء، يونيو 09، 2009

التقرير الذي أزعج البوليساريو ومؤيدي أطروحتهم


نورالدين اليزيد

رغم أن المركز الأوروبي للاستخبارات الإستراتيجية والأمن اتهم في تقريره الصادر سنة 2008، في سابقة من نوعها، أعضاء البوليساريو بربط علاقات مع جماعات إرهابية وتحويل مسار المساعدات الإنسانية ليستفيد منه قادة الجبهة، إلا أن تقريره الصادر سنة 2005، أزعج كثيرا قيادة البوليساريو ومن ورائها النظام الجزائري، عندما أشار، في أزيد من ثمانين صفحة بالإسبانية والفرنسية والإنجليزية، إلى ما وصفه "حجم الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان"، الذي مارسته البوليساريو، ومعها ضباط جزائريون، داخل مخيمات تندوف، سواء على المحتجزين الصحراوين بالمخيمات أو على أسرى الحرب المغاربة.
وأكد تقرير المركز، الذي يترأسه كلود مونيكي، على أن جبهة البوليساريو منظمة ''بدون مستقبل''، وتشكل "تهديدا إرهابيا" للوضع في المنطقة قد يتطور نحو الجريمة المنظمة، الأمر الذي "يشكل خطرا على العديد من الدول الإفريقية وحتى على أوروبا على المدى المنظور".
وقال المركز الذي تأسس سنة 2002، والذي يوجد مقره ببروكسيل حيث مقر البرلمان الأوروبي، في التقرير الذي حمل عنوان''جبهة البوليساريو: شريك مفاوضات ذو مصداقية أم مخلفات حرب باردة وعرقلة لحل سياسي للصحراء الغربية؟''، "إن البوليساريو ظلت طيلة العقود الثلاثة الماضية من إنشائها، في منتصف السبعينات، بيد جماعة من أفراد قلائل يسيطرون عليها وتفتقد إلى الديمقراطية الداخلية، وتقوم باحتجاز''الآلاف من الصحراويين ضد إرادتهم بتواطؤ مع الجزائر''، مضيفا "أن عدة شكاوى قدمت في الماضي ضد الجبهة بسبب الانتهاكات التي تمارسها ضد الصحراويين المحتجزين، كما وجهت إليها عدة اتهامات باستغلال المساعدات الدولية الموجهة إلى المحتجزين والحيلولة دون وصولها إليهم"، داعيا إلى محاكمة المسؤولين من قيادات الجبهة عن هذه الانتهاكات والتجاوزات.
و لم يكتف التقرير بتوجيه الاتهام فقط لجبهة البوليساريو بعدم احترامها لحقوق الإنسان، بل اتهم أيضا الطرف الآخر والرئيسي في إدامة مشكل الصحراء، كما تراه الرباط، الدولة الجارة الجزائر بالوقوف وراء البوليساريو طيلة السنوات الماضية بسبب الرهانات الإستراتيجية في المنطقة، حيث اعتبر أن دعم النظام الجزائري والضغوط التي مارسها كانت وراء اعتراف بعض الدول في القارة الإفريقية بما يدعى''الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية''، متسائلا حول جدوى السعي إلى إنشاء دويلة صغيرة في المنطقة في عصر العولمة.
وأورد التقرير شهادة أحد قياديي البوليساريو الملتحقين بالمغرب، والمسمى لحامدي رباني، والتي قال فيها؛ ''إن جبهة البوليساريو توجد في مرحلة الفشل التام، لأن غالبية أعضائها القدامى قد غادروها، كما تخلى عنها العديد من قادتها التاريخيين، ولم يبق هناك سوى بعض الشباب الذي لن تجد قيادة البوليساريو شيئا تقول لهم، وما هي الآفاق التي ستضعها أمامهم، إن البوليساريو أمام طريق مسدود''.
وأضاف التقرير أن جبهة البوليساريو، ''ليست قادرة على لعب أي دور في أي حل سياسي متفاوض عليه''، بالنظر إلى عدم الاستعداد للتغيير من الداخل، داعيا، في هذا السياق، إلى إجراء انتخابات ديمقراطية داخل الجبهة، وقال بأن المغرب أبدى استعداده أخيرا لمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا، لكن البوليساريو لا يمثل في هذه المعادلة'' سوى جزءا من الصحراويين''.
ودعا التقرير، في الأخير، الجزائرَ إلى الكف عن التدخل في قضية تهم المغرب والمجتمع الصحراوي، مطالبا المجتمع الدولي ومجلس الأمن التحلي بالشجاعة والوضوح للإقرار بأن الحل المبني على الانفصال "هو حل غير قابل للحياة بل هو في جميع الحالات مستحيل"، بالنظر إلى المعارضة القوية لأحد الأطراف، وأن يدفعا الأطراف نحو حل سياسي متفاوض عليه في إطار المجموعة الدولية، داعيا في نفس السياق، الولايات المتحدة الأمريكية، للضغط في هذا الاتجاه من أجل حل قضية الصحراء التي عمرت أكثر من 30 سنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق